مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

البحر الأحمر والأمن البحري.. مخاطر وتأثيرات

نشر
الأمصار

يتمتع البحر الأحمر ببيئة جغرافية مهمة تزيد من أهميته الاستراتيجية والجيو- سياسية حيث يتوسط قارات العالم القديم (آسيا، أوروبا، إفريقيا)، كما أنه رابط جغرافي مميز بين مناطق إقليمية محورية وهي منطقة الشرق الأوسط، منطقة القرن الأفريقي والمحيط الهندي، منطقة الخليج العربي.

علاوة على ذلك هي النقطة الأهم وهي قريبة من منابع النفط في الخليج العربي، كما يرتبط بأمن الوطن العربي لأنه يرتبط بأمن كل دولة عربية تطل عليه، علاوة على ذلك أنه يتمتع بأهمية اقتصادية نظرًا لأنه يطل على مضيق باب المندب الذي يرتبط بالصراعات العسكرية في الدول المطلة عليه؛ مما أدى إلى جعل هذا البحر مشهدًا للنفوذ الإقليمي وساحة للتدخلات الأجنبية للسيطرة عليه، ومن هذا المنطلق يتناول التقرير دراسة أهمية الأمن البحري والمخاطر التي تواجهه وتأثيراتها كالتالي:

أسباب أهمية البحر الأحمر

إن أهم أسباب ازدياد أهمية البحر الأحمر كونه ذي موقع جغرافي استراتيجي مهم ويتعلق بخطوط الملاحة التي تمر من خلالها السفن، كما يتمتع بوفرة اقتصادية حيث توجد به العديد من الثروات وأهمها البترول والغاز الطبيعي والكبريت والفوسفات ويحتوى على معادن الحديد والذهب والرصاص والفضة، إلى جانب ذلك احتوائه على تنوع سمكي هائل ومناظر خلابة وعوامل جذب خلابة هائلة.

يعد ممرًا بين المحيطين الهندي والأطلسي، كما أنه يطل على خليج عدن ومضيق باب المندب ويحده في الشمال شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس والذي يعد طريقًا لقناة السويس المصرية، ويرتبد بالقرن الأفريقي الذي أصبح هدفًا استراتيجيًا للقوى الكبرى مؤخرًا كالصين.

ومن أسباب الاهتمام بالبحر الأحمر أيضًا أن القوى الإقليمية والدولية أدركت أهميته الجيو استراتيجية وبالتالي تسعى للاستفادة العظمى منه عبر تأجيج الصراعات في المناطق المطلة عليه، وهو ما حفز الصراعات حوله ومن ثم ازدادت أهميته وازداد الصراع عليه.

مخاطر تواجه البحر الأحمر

هناك العديد من التهديدات التي جعلت أمن البحر الأحمر في خطر وهى:

  • وجود عمليات قرصنة بحرية من الصومال أثرت على حرية الملاحة به، وجود صراع مسلح في اليمن من الناحية الشرقية، والصراع السياسي في جيبوتي من الناحية الغربية، إضافة إلى تهديدات إرهابية، والأوضاع المتأزمة في كل من السودان وإريتريا وازدياد حدة التنافس بين إيران والسعودية خاصة ودول الخليج بشكل عام، وتمركز العديد من المنظمات الإرهابية كتنظيمي القاعدة والشباب في الصومال.
  • سعي القوى الكبرى كالصين واليابان والولايات المتحدة، وقوى إقليمية كإسرائيل وإيران وتركيا لتوسيح نفوذها في منطقة البحر الأحمر، حيث:
  • القوى الدولية:

  • للولايات النتحدة استراتيجية في أمن البحر الأحمر وذلك لضمان أمن إسرائيل وضمان تأمين امدادات الطاقة لأوروبا بدلًا من الاعتماد على الغاز الروسي، والأهم من ذلك الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج العربي التي تعد المنطقة الأهم للولايات المتحدة لأسباب اقتصادية حيث وجود النفط.
  • التدخل الصيني في القرن الأفريقي حيث انتهجت الصين أسلوب القوة الصلبة في التدخل في منطقة القرن الأفريقي حيث التدخل الاقتصادي عبر تمويل القروض وبناء تحالفات القتصادية في تلك المنطقة، علاوة على ذلك تمتلك الصين انتشارًا عسكريًا عبر قوات حفظ السلام في القرن الأفريقي، وإنشار قاعدة بحرية لها في جيبوتي عام 2017 .
  • الدور الروسي: يتمثل في الحصول على تأمين لمصالحها الخارجية، واستعادة نفوذها للاتحاد السوفيتي السابق في بعض الدول العربية والأفريقية كمصر والسودان واليمن وفلسطين؛ وذلك استجابة لمساعدتها لتحقيق أهدافها في شرق أوروبا خاصة بعد الأزمة الأوكرانية.
  • الدور الفرنسي: فرنسا تستورد النسبة الأعلى من احتياجاتها النفطية من دول المنطقة المطلة على البحر الأحمر ومن ثم فهى ترغب في تأمين امداداتها من الطاقة، وضمان عدم انفراد القوى الدولية الأخرى في المنطقة، وهو ما يتضح في الوجود الفرنسي في جيبوتي.
  • الدور الياباني: تتشابه اليابان في الأهداف مع فرنسا فهى أيضًا تسعى إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة والتي تعتمد عليها بشكل رئيسي من دول الخليج العربي؛ ولهذا تعمل دائمًاعلى تعزيز احتياجاتها الاقتصادية عبر التقارب الاقتصادي مع الدول الاكثر تأثيرًا من الدول المطلة على البحر فضلًا إلى إنشار تعاونات اقتصادية مع دول المضايق والممرات الملاحية وبالأخص دول الخليج العربي.
  • التدخل البريطاني للمملكة المتحدة دافعان رئيسيان للتدخل في المناطق المطلة على البحر الأحمر حيث أن الهدف الاقتصادي ينبع في كونها تريد الحفاظ على تجارتها الخارجية التي يُوجه الجزء الأكبر منها تجاه منطقة الخليج العربي والهدف الآخر عسكري ألا وهو ضمان الوجود ضمن القوات المشتركة في منطقة الخليج والبحر الأحمر والحفاظ على دورها ضمن الجهود الدفاعية لحلف شمال الأطلنطي في المنطقة.
  • القوى الإقليمية

  • إيران: سعت إيران في التمدد في العديد من دول البحر الأحمر كالوجود الإيراني في اليمن بدعم جماعة الحوثيين، ووجودها في منطقة القرن الأفريقي، فضلًا عن تعزيز الوجود العسكري في السودان.
  • تصاعد الوجود التركي في الدول المطلة على البحر الأحمر في أفريقيا حيث تنمية العلاقات التركية الأفريقية على نطاق واسع، فضلًا عن وجود عسكري عبر تشدين قاعدة عسكرية تركية في الصومال عام 2017، وأخيرًا تدخلها عسكريًا في ليبيا.
  • ازدياد الدور الإسرائيلي حيث اعتبرت إسرائيل جزء مهم من استراتيجية الأمن القومي ومن هذا المنطلق سعت إسرائيل لتعزيز دورها في القرن الأفريقي وإقامة قواعد عسكرية في إريتريا، وقاعدة في جزيرة حالب وقاعدة في جزيرة فاطمة عند مضيق باب المندب؛ وذلك للتأثير في التوازن الإقليمي والدولي في المنطقة، وفرض وجود إسرائيل كدولة إقليمية في البحر الأحمر وتقسيم العالم العربي بوجودها إلى قسمين جزء أفريقي وجزء أسيوى ليسهل تحقيق أهدفها

تداعيات خطرة

للتنافس الإقليمي والدولي في السيطرة على البحر الأحمر وعلى الموانئ المطلة عليه والتحكم في حرية البحرية ومحاولات فرض النفوذ عليه تداعيات شديدة الأثر وهى:

  • توقعات بحدوث مواجهات عسكرية مسلحة وحروب مباشرة أو حروب بالوكالة بين القودى الدولية الكبرى، مما يؤدي إلى ظهور ما يسمى بـ”عسكرة البحر الأحمر”، وتحويل المناطق المشاطئة له إلى ساحة حروب.
  • اعتراض دوري لسفن تجارية أو ناقلات نفط لتصفية حسابات بين أطراف دولية وإقيليمية مثال اختطاف السفينة روابي من قبل جماعة الحوثيين المدعومة من إيران حيث صرّح المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف “تحالف دعم الشرعية في اليمن” العميد الركن تركي المالكي، : ” ثبت التخطيط لاختطاف السفينة من قبل المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران باعتراض مسار السفينة بالمياه الدولية واقتيادها بالقوة لميناء الصليف”.

موضحًا: ” تنفيذ عملية القرصنة والاختطاف انطلقت من ميناء الحديدة لاعتراض السفينة التجارية بالممر البحري الدولي، مما يعد انتهاكًا صارخًا لمبادىء القانون الدولي الإنساني وقوانين البحار ذات الصلة، باعتبار السفينة “روابي” سفينة تجارية تحمل على متنها معدات وتجهيزات ميدانية خاصة بتشغيل المستشفى السعودي الميداني بجزيرة (سقطرى) بعد انتهاء مهمته الإنسانية، والذي أسهم في تقديم الرعاية الصحية والخدمات الطبية لآلاف اليمنيين بالجزيرة”.

  • آثار بيئية بسبب التجارب العلمية والصناعية العشوائية علاوة على التجارب العسكرية، وازدياد مواجهات مسلحة بين القوى الإرهابية والقوات النظامية التي تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي للأوطان.
  • ازدياد محـاولات الســـــيطرة والتوســـع والنفــوذ للقوى الكبرى والقوى الإقليمية للتحــكم فـي المنطقـــة ورعايـة مصـالحها بحيـث لم يعـد هنـاك مـن دولـة مؤثــرة خاصـــة مــن خارج المنطقة إلا ولها شكل من أشكال التواجد على البحر الأحمر أو على الدول المطلة عليه .
  • استمرارالأوضاع الأمنية الغير هادئة بمنطقة البحر الأحمر ؛ وذلك بسبب التدخل الإقليمي والدولي العنيف ولحالة الاضطرابات والحروبات التي تحيط بالمنطقة، كذلك التوقعات بأن تستمر كل من روسيا والصين في توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي في ظل مؤشرات تراجع قوة الولايات المتحدة الأمريكية.

خلاصة القول ناقش التقرير المخاطر التي تحيث بمنطقة البحر الأحمر  فللبحر الأحمر أهمية خاصة من الناحية الجغرافية والجيوسياسية والجيواستراتيجية ثمة هناك صراعات إقليمية ودولية تزيد من حدة الخناق الأمني في المناطق المطلة عليه، كما أن اللهيب لن يهدأ في المنطقة ما دامت هناك مصالح مستمرة للقوى الكبرى والقوى المهيمنة، ولعل المنطقة العربية هى المتأثر الأكبر في هذه التدخلات ومن ثم يكون التحالف العربي هو الحل ليس الأمثل ولكنه على درجة عليا من التفضيل لمواجهة الخطر الذي يحيق بالمنطقة فشمال أفريقيا والمتمثل في مصر والقرن الأفريقي والذي به دولة عربية كالصومال إلى جانب دول الخليج العربي هم المتأثرون بشدة من هذه المخاطر الأمنية فالتحالف العربي ربما يزيد من المنطقة قوة في مواجهة هذه التحديات.

كما أن هذا التحالف يقوض الخطط الإسرائيلية في تقسيم الدول العربية إلى جزء أفريقي والآخر آسيوي لتسهيل تحقيق أهدافها وتفتيت الأهداف العربية المشتركة.