مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ماذا يواجه الاقتصاد الصيني خلال عام 2022؟

نشر
الأمصار

خلّف فيروس كورونا آثار سلبية على الاقتصاد العالمي في عام 2020 بسبب سياسات الإغلاق التي اتبعتها الدول جرّاء تفشي الفيروس، وتأثرت دول عدة بهذا الإغلاق إلا أن الصين استطاعت تحقيق معدلات تعافي اقتصادي ولكن مع ظهور المتحور أوميكرون تدور علامات الاستفهام حول تأثر الاقتصاد الصيني بهذا المتحور خلال عام 2022، وفي هذا الإطار يعرض التقرير رؤية للاقتصاد الصيني و التحديات التي تواجهه  في عام 2022 كالتالي:

الاقتصاد الصيني

على مدار العقود السالفة تميز الاقتصاد الصيني بتحقيق معدلات نمو مرتفعة وهو ما دفع الولايات المتحدة من القلق تجاه هذا الأمر فالاقتصاد الصيني صُنف من أقوى اقتصاديات العالم، فالصين تتميز باقتصاد عملاق يزداد اتساعًا، وهو اقتصاد أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية، ونتاجًا لهذه ومع هذه القوة الاقتصادية المتزايدة يكون هناك قوة عسكرية متناسبة. الصين.

الصين تمثل 19% من الاقتصاد العالمي، وقد تفوقت على الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر اقتصاد في العالم على أساس القوة الشرائية، كما أنها لديها نظام سياسي واقتصادي واجتماعي مختلف عن الولايات المتحدة الأمريكية وهو حكم الحزب الواحد للصين من قبل الحزب الشيوعي ونظامها الاقتصادي المختلط “رأسمالية الدولة” وتقديمها الصالح العام على الحرية الفردية وذلك يعد غير ديمقراطي وقمعي في نظر الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بالنسبة للصين، هذا النظام ساعد في تحقيق مؤشرات تنمية اقتصادية عالية و انتشال العديد من مواطنيها من الفقر، كما أن الصين لا ترغب في تغيير نموذجها الناجح.

 

آثار كورونا 2020

جاءت جائحة كورونا بظلال سلبية على الاقتصاد العالمي تهزت فيها الاقتصاديات المتقدمة في حين أن الدول النامية غرقت في ارتفاع معدلات الانكماش الاقتصادي إلا أن المؤشرات الرسمية أوضحت ان الصين استطاعت أن تحتوى آثار الفيروس، حيث توقّع صندوق النقد الدولي بأن تكون الصين القوة الاقتصادية الرئيسة الوحيدة، التي قد تحقق نموًا في ظل تعافيها من تداعيات فيروس كورونا المستجد.

وذكر الصندوق أن:” نمو الصين وسط وباء “كوفيد-19″ يعد دفعة إيجابية للاقتصاد العالمي، ويمكن أن يفيد بشكل خاص مصدري السلع الأساسية والبلدان المرتبطة بالاقتصاد الصيني، من خلال سلاسل القيمة العالمية”.

كما أكد مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال “سي إي بي آر” في بريطانيا بأن جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية كانت لصالح الصين، مضيفًا أن: ” إدارة بكين الماهرة للأزمة ستجعلها الاقتصاد العالمي الرئيسي الذي سيتوسع في الأعوام القادمة”.

وتوقع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد العالمي في 2020، بأكثر من 4%، وأظهر بأن

اقتصاد الصين أكبر بنحو “السدس”من اقتصاد الولايات المتحدة، كما أظهرت بيانات صينية رسمية، تحقيق النشاط الصناعي الصيني نموًا بوتيرة تعد الأسرع منذ أكثر من ثلاث سنوات في نوفمبر 2020.

كما تعافى “مؤشر مديري المشتريات”، الذي يعتبر مقياسًا لأنشطة المصانع الصينية حيث بلغ 52,1 في ديسمبر 2020.

الاقتصاد الصيني 2021

دخل الاقتصاد الصيني وتيرة متسارعة في الربع الأول من عام 2021، حيث حقق نموًا بنسبة 9.8 %على أساس سنوي في الأرباع الثلاثة الأولى من العام، مما يشير إلى أنه على الرغم من الضغوط العالمية، حافظ الاقتصاد الصيني على انتعاشه مكستكملًا دوره كاقتصاد رائد في الاقتصاد العالمي.

وإضافة إلى ذلك نما الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 7.9٪ في الربع الثاني من عام 2021 ، لكن إلى جانب ذلك تباطأ معدل النمو في الاقتصاد الصيني في الربع الثالث، ولكن بشكل عام واصلت الصين إصلاحاتها لتوسيع وصول الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق، وتحسين بيئة الأعمال فيها، وتعزيز التعاون التجاري متعدد الأطراف، والدليل على ذلك توضيح المتحدث باسم الهيئة الوطنية للإحصاء فو لينغ هوي، : ” باستمرار الصين في  اتخاذ مختلف التدابير للحفاظ على عمل الاقتصاد في نطاق معقول”، وعلى هذا الضوء فإن دفع الإصلاحات قدما بالإضافة إلى مرونتها في السياسات، يجعل الاقتصاد الصيني يعزز الثقة بالانتعاش العالمي ويوفر المزيد من فرص التنمية للاقتصادات الأخرى.

القطاع العقاري الصيني

الاقتصاد الصيني 2022

وفقًا لتقرير البنك الدولي فمن المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الصيني في عام 2022 وذلك بعد انتعاش قوي في النصف الأول من عام 2021 ويتوقع أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي إلى 5.1 % في عام 2022.

وجاءت هذه التوقعات نتيجة ازدياد مخاطر الجانب السلبي على التوقعات الاقتصادية للصين، حيث يمكن أن يؤدي تفشي كورونا بما في ذلك متغير أوميكرون الجديد ، إلى اضطرابات أكبر في النشاط الاقتصادي، كما يشكل الانكماش الحاد والممتد في قطاع العقارات عالي الاستدانة مخاطر هبوط أخرى يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الاقتصاد ككل.

– تحديات متصاعدة: يواجه الاقتصاد الصيني تحديات في عام 2022 من المتوقع أن تؤثر على وتيرة النمو وهى:

  • خفض معدل الإصابات بكورونا ومواجهة متحور أوميكرون ، والوصول إلى “تصفير الإصابات”، حيث أن الصين عانت من تداعيات كورونا في عام 2020 وتراجع مؤشراتها الاقتصادية.
  • خفض مديونية قطاع العقارات: يعد قطاع العقارات هو الأهم في الاقتصاد الصيني؛ ويواجه قطاع العقارات تحديات عنيفة بعد تعثر شركة إيفرغراند العقارية؛ ولذا فإن خفض ديون قطاع العقارات أدى إلى انخفاض نسبة المبيعات، كما أن هناك توجهًا لتطبيق ضريبة عقارية في بعض المناطق، كما يواجه المطورون الآخرون مشكلة حيث تراجعت أسهم مجموعة “شيموا” ومقرها شنغهاي في هونغ كونغ، وفي هذا السياق وصف فو لينجهوي، المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء، سوق العقارات بأنه “مستقر بشكل عام”، لكن بعض المدن تواجه ضغوطًا في العقارات بسبب الصعوبات الاقتصادية. مضيفًا “مخاطر الديون آخذة في الارتفاع بالنسبة إلى بعض الشركات العقارية التي اعتمدت في السابق على نفوذ كبير للتوسع بشكل أعمى”.
  • أزمة الطاقة : حيث أن ارتفاع أسعار الفحم وانخفاض المخزون أدى إلى أزمة طاقة في الصين، مما تسبب في انقطاع الكهرباء عن المصانع والمنازل، وقد عملت الصين على حل هذه المعضلة بزيادة إنتاج الفحم، وتحرير أسعار الكهرباء المولدة بالفحم.
  • التوترات مع الولايات المتحدة: ثمت هناك توترات تجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية والتي عُرفت بالحرب التجارية بدءً من عام 2018، ومن هذا المنطلق هناك توقعات بأن ازدياد حدة التوترات الاقتصادية مع الصين يؤدي إلى تصدعات في الاقتصاد الصيني في ظل المعضلات الأخرى التي تحيط به.
المصدر: موقع الشرق اقتصاد نقلًا عن المكتب الوطني للإحصاءات

سياسات الصين لمواجهة تحديات 2022

تسعى الصين على تنفيذ خطة محفزة لتحقيق الاستقرار في النمو الاقتصادي العام2022، حيث تعهدت عدة وزارات ومصارف مالية باتخاذ المزيد من الإجراءات الاستباقية للتغلب على التباطؤ الناجم عن تدهور العقارات وضعف الاستهلاك وتفشي جائحة كورونا، حيث:

  • بنك الشعب الصيني والذي سيطبق مجموعة متنوعة من أدوات السياسة النقدية للحفاظ على بقاء السيولة في مستوى “معقول ووفير” من أجل ضمان استقرار نمو الائتمان.
  • أعلنت وزارة المالية الصينية تطبيق سياسات مالية وقائية لتحقيق الاستقرار في النمو الاقتصادي مع تطبيق تخفيضات أكبر في الضرائب والرسوم المخطط لها في عام 2022.

وكانت تصريحات الرئيس الصيني في هذا الصدد حيث أكد شي جين بينغ الرئيس الصيني في خلال ختام مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي في بكين العمل :”  أن العمل الاقتصادي خلال العام 2022 يجب أن يعطي الأولوية لتحقيق الاستقرار مع مواصلة التقدم”.

وأشار المؤتمر أيضًا إلى أن:

  • ” الصين حافظت على موقع قيادي في العالم في التنمية الاقتصادية والسيطرة على جائحة كورونا، مع تحقيق تقدم في القوة العلمية ومرونة السلاسل الصناعية، والإصلاح والانفتاح”.
  • “أن الصين تتعهد بتنفيذ سياسات جديدة لخفض الضرائب والرسوم ، وتعزيز الدعم للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، والشركات المملوكة للأفراد، والتصنيع ومنع حدوث المخاطر، مع اتباع نهج استباقي معتدل في النهوض بالاستثمار في البنية التحتية”.
  • “في عام 2022 ستطبق الصين سياسات الاقتصاد الجزئي لتحفيز حيوية كيانات السوق، وتعميق الإصلاح الهيكلي لجانب العرض مع التركيز على تسهيل دوران الاقتصاد الوطني، ودفع تنفيذ السياسات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا بقوة”.
  • “العمل على توسيع الانفتاح المؤسسي عالي الجودة، ومنح الشركات ذات التمويل الأجنبي المعاملة الوطنية، وجذب المزيد من الاستثمار من الشركات متعددة الجنسيات، وتسهيل التنفيذ المبكر للمشاريع الكبرى ذات الاستثمار”.
الرئيس الصيني

خلاصة القول استطاع الاقتصاد الصيني احتواء تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد خلال عامي 2020 و2021 رغم التأثر في الربع الأول من خلال عام 2020 نتيجة ارتفاع معدلات انتشار الفيروس إلا أنه حققت الصين نجاحًا في السيطرة على ذلك لتصبح الدولة الناجية في الاقتصاد العالمي من تداعيات الفيروس خلال عام 2020.

ليستمر تحقيق السياسيات التي حفزّت الاقتصاد ليسير بمعدل أعلى خلال العام 2021، ولكن خلال عام 2022 يقابل الاقتصاد الصيني تحديات متنوعة تزداد التخوفات من أن تشن هجومًا عاصفًا بالاقتصاد خصوصًا مع أزمة الديون العقارية حيث يعد قطاع العقاري قطاع رائد ومحوري في الاقتصاد الصيني.

ولكن الحكومة الصينية مدركة للمخاطر التي تواجه اقتصادية واتخذت حزمة من الإجراءات لاحتواء هذه الآثار ولكن يبقى عام 2022 اختبارًا حقيقيًا للصين في مدى نجاح إجراءاتها في احتواء تداعيات أوميكرون من جهة والحفاظ على المكانة الاقتصادية من جهة أخرى، وسيتم معرفة مدى إذا كانت استطاعت أن تظل في مكانة من الاقتصاديات الأقوى في العالم أم لا.