مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الذكرى 132 لوفاة العقاد.. عاش بين النساء والكتابة ونظام غذائي صارم

نشر
الأمصار

الذكرى  132 على ميلاد الأديب الكبير عباس محمود العقاد، مواليد 28 حيزران يونيو 1889 وهو أديب كبير، وشاعر، وفيلسوف، وسياسي، ومؤرخ، وصحفي، وراهب محراب الأدب، ذاع صيته فملأ الدنيا بأدبه، ومثل حالة فريدة في الأدب العربي الحديث، ووصل فيه إلى مرتبة فريدة.

نساء في حياة العقاد

«عدو المرأة» هكذا كان يطلق على الأديب الكبير عباس محمود العقاد، ليس ذلك بل قضى عملاق الأدب حياته دون أن يتزوج أو تشاركه امرأة حياته الطويلة، بما فيها من مغامرات أدبية، لكن ورغم كل ذلك فحياة عدو المرأة لم تكن خالية من الحب.

تورط “العقاد” رغمًا عنه بأوامر قلبه في الحب أكثر من مرة وتعددت علاقات الحب لكن يبقى أبرزها مي زيادة، ومديحة يسري وسارة التي كتب رواية باسمها.

الحب الصامت “مي زيادة”

يقول في رسائله لمي زيادة: سيدتي.. تهنئتك هي العيد، فأشكرك شكرًا تقصر عنه عباراتي، وأهدي إليك باقة من أزكى تحيات العطف والاحترام المخلص عباس محمود العقاد.

جمع بين مي زيادة وعباس العقاد علاقات حب غريبة فكل ما في الأمر أن هناك رسائل متبادلة بين الطرفين، يبدي كل منهما المحبة دون اقتراب أو الوصول إلى نقاط اتفاق.

مديحة يسري بطلة قصائد العقاد

لم تخفي مديحة يسري في أحاديثها حب العقاد لها وتذكر الكثير من أشعاره التي كتبها عنها إحدى تلك القصائد تناولت كوفية ومعطف كانت قد نسجتها له على “التريكو”.

قصة حب عباس محمود العقاد عملاق الأدب العربي ومديحة يسري الممثلة الجميلة الساحرة وقتها انعكست سلبا على نفسية العقاد، لقد كانت السمراء الجميلة في العشرين وكان العملاق في الخمسين من العمر.

المبهمة الغامضة “سارة”

قال العقاد في الطبعة الثانية لرواية “سارة” ساخرا من النقاد: “كتبت هذه القصة ـ فيما زعم بعضهم ـ لغير شيء إلا أنني أردت أن أجرب قلمي في القصة.. لهذا السبب وحده كتبت سارة وكانت من قصص الحب الغامضة”.

وقد شغلت تلك الرواية النقاد أنفسهم بالبحث في الأسباب التي دفعت العقاد إلى أن يدخل عالم الرواية، وصدرت رواية سارة وطبعتها الأولى عام 1938 والثانية في 1943، وتوالت طبعاتها إلى اليوم.

 العقاد المثير للجدل

تم تكريم العقاد كثيرا؛ فنال عضوية “مجمع اللغة العربية” بالقاهرة، وكان عضوا مراسلا ﻟ «مجمع اللغة العربية» بدمشق ومثيله ببغداد، ومنح “جائزة الدولة التقديرية في الآداب»، غير أنه رفض تسلمها، كما رفض “الدكتوراه الفخرية” من جامعة القاهرة.

كان العقاد مغوارا خاض العديد من المعارك؛ ففي الأدب اصطدم بكبار الشعراء والأدباء، ودارت معركة حامية الوطيس بينه وبين أمير الشعراء «أحمد شوقي» في كتابه «الديوان في الأدب والنقد».

كما أسس «مدرسة الديوان» مع «عبد القادر المازني» و«عبد الرحمن شكري» حيث دعا إِلى تجديد الخيال والصورة الشعرية والتزام الوحدة العضوية في البناء الشعري.

كما هاجم الكثير من الأدباء والشعراء، مثل «مصطفى صادق الرافعي».

وكانت له كذلك معارك فكرية مع «طه حسين» و«زكي مبارك» و«مصطفى جواد» و«بِنت الشاطئ».

شارك العقاد بقوة في معترك الحياة السياسية؛ فانضم لحزب الوفد، ودافع ببسالة عن “سعد زغلول”، ولكنه استقال من الحزب عام 1933م إثر خلاف مع «مصطفى النحاس».

وهاجم الملك أثناء إعداد الدستور؛ فسجن تسعة أشهر، كما اعترض على معاهدة 1936م.

حارب كذلك الاستبداد والحكم المطلق والفاشية والنازية.

العقاد والصومعة

للكاتب الكبير العقاد عادات وأسلوب حياة خاص به حتى يمكنه الكتابة والتأليف حتى أنه كما يقول انه لم يتزوج حتى لا يشغله شئ عن الكتابة، وفي جولة لمجلة المصور عام 1954 في بيت عباس محمود العقاد للبحث عن يوم في حياته داخل صومعته الخاصة التي يفضلها والتي يخلو فيها ليس إلى السكون والراحة فحسب ولكن ليقرأ ويبحث ويحلل وينقد، وكما قال الكاتب أنيس منصور العاشق للعقاد إنه في هذه الصومعة تجود قريحته وتفيض عبقريته بما ينتجه ويقدمه لقرائه.

والتقى به مندوب مجلة المصور في بيته واستقبله العقاد بابتسامة أب حنون وكان يرتدي بالطو وكوفية وطاقية من لون واحد ويرتدي نظارة طبية على عينيه.

ما أن دخل الصحفى حجرة الصالون حتى وجد كوبا من الليمون فى انتظاره يقول مندوب المجلة: وجدت ان صومعة العقاد تحتل كل ركن من أركان بيته فيضم البيت بشارع سليم الأول بمنطقة مصر الجديدة الذى يضم أربع حجرات واسعة بها الاف المجلدات والكتب، وفى غرفة الصالون التى يستقبل زواره فيها بميعاد سابق والتأخير خمس دقائق يحرم زائره من مقابلته حتى ولو كان وزيرا، وتوجد بالصالون كتب الأدب والتاريخ فقط.

العقاد والكتابة

لم يتجاوز تعليمه الشهادة الابتدائية لكن تجاوزت مؤلفاته المائة كتاب، إضافة إلى آلاف المقالات في مختلف المجلات والجرائد، كما ترك تسعة دواوين، ويعتبر أحد أشهر مؤسسى مدرسة الديوان في الشعر العربي، وهذه المدرسة تتبنى الخروج عن التقليد في الشعر، وترجمت له العديد من كتبه إلى الكثير من اللغات الأخرى.

حكى الأديب عباس محمود العقاد لصحفي المصور عن عاداته اليومية فقال إنه يكتب في الصباح من الثامنة إلى التاسعة، ويكتب في المساء من الساعة الخامسة إلى منتصف الثامنة ليمضي بقية الوقت بعد ذلك في القراءة والبحث مع انقطاع فترات قصيرة لسماع موسيقى شرقية لسيد درويش.

وقبل الكتابة يخرج مجلداته ومراجعه الخاصة بما سيكتب من المكتبة ولا يعيدها إلى المكتبة إلا بعد الانتهاء مما يكتب فيه، وهو دائما يقول (أنا أعيش في هذا البيت عالة على الكتب) والمكتبة مصنفة ومفهرسة بعناوين مكتوبة عليها بحسب موضوعاتها حتى يسهل الاطلاع منها.

وقال العقاد لمضيفه: “يقال عني إني صارم فى تفكيرى مع أني لا أنقطع عن الضحك ورفع الكلفة لكن بيني وبين أصدقائي فقط ويقال عني إنى أحب العزلة وفي الواقع أعيش في بيتي في عزلة عن الجماعات والجماهير، لكني عكس ذلك في المجالس الخاصة وسط أصدقائي”.

العقاد والعادات

في غرفة النوم هناك مكتبة جميع الكتب التي تخص دولة السودان، أما في غرفة المائدة فتوجد مكتبة الفلسفة، وفي غرفة المكتب توجد مكتبة الدين والعلوم والاقتصاد وجهاز الجراموفون الخاص به وجميع أسطواناته، وفي البلكونة توجد مكتبة الشيوعية، وحتى المطبخ لم يخل من كتب ولكنها تخص الطباخ الخاص به الأسطى أحمد حمزة وهي تضم مصاحف وبعض الكتب الدينية.

نظام غذائي صارم

يأكل العقاد طعاما مسلوقا هو “السوتيه” فقط مع قطعة من اللحم البقري وهو ينصح دائما اصدقائه بتناوله.

ولا يستطيع العقاد الكتابة خصوصا في الموضوعات الادبية وسط الضوضاء ويختار للكتابة ورقا مسطرا في حجم صغير خاصة في كتابة المقالات.

وعندما يكتب العقاد يضع له الخادم صينية بجواره تحوي جميع أنواع الفاكهة حسب الموسم، كما أنه يتناول كوبا من عصير الليمون أو البرتقال المحلي بالعسل بين وقت وآخر وعلق على ذلك قائلا: “أنا أرحم من غيري مثلا صديقنا يوسف السباعي يضع بجواره أثناء الكتابة البسبوسة وفول السوداني والملانة الحمص الأخضر”.

«عباس محمود العقاد» مواليد محافظة أسوان، وكان والده موظفا بسيطا بإدارة السجلات، اكتفى العقاد بحصوله على الشهادة الابتدائية، غير أنه عكف على القراءة وثقف نفسه بنفسه؛ حيث حوت مكتبته أكثر من ثلاثين ألف كتاب، عمل العقاد بالعديد من الوظائف الحكومية، ولكنه كان يبغض العمل الحكومي ويراه سجنا لأدبه لذا لم يستمر طويلا في أي وظيفة التحق بها.

واتجه للعمل الصحفي؛ فعمل بجريدة «الدستور»، كما أصدر جريدة “الضياء”، وكتب في أَشهر الصحف والمجلات آنذاك، وهب العقاد حياته للأدب؛ فلم يتزوج، ولكنه عاش قصص حب خلد اثنتين منها في روايته “سارة”.