“خارطة الطريق الليبية”.. آمال وتحديات
هناك العديد من الخطوات التي اتخذتها ليبيا على مدار الأيام السابقة إذ أن خارطة الطريق المنبثقة عن مجلس النواب الليبي توصلت إلى مسارين بشأن إجراء الانتخابات والتعديلات الدستورية حيث من المفترض أن تؤدي هذه الخطوات إلى التوصل إلى الاستحقاقات السياسية والخروج بليبيا من أزمتها السياسية إذ أنها على مدار أعوام تعاني من اضطرابات داخلية وانتشار لجماعات مسلحة وتدخل قوى إقليمية حتى أن الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن يشهدها الليبيون في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي قد تأجلت نتيجة تلك التوترات، وأيضًا مع قدوم تاريخ الرابع والشعرين من يناير من عام 2022 فإنه لم يشهد أي تقدم حيث يبقى الوضع الانقسامي كما هو عليه.
في هذا الإطار يناقش التقرير التالي تطورات الشأن الليبي وسيناريوهات التي يمكن أن يذهب لها المشهد السياسي فيما يلي:
خارطة الطريق
تمثلت خارطة الطريق التي اتخذها البرلمان الليبي مسارين تمثل المسار الأول في استكمال إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفق قوانين مجلس النواب محدد بمدة زمنية ما بين 8 أو 9 أشهر، بينما يشتمل المسار الثاني على التعديلات الدستورية، حيث العمل على تشكيل لجنة تعمل على إجراء تعديلات تكون جاهزة للتصويت من الليبيين.
وتتشكل هذه اللجنة من 24 عضوًا من أعضاء مجلسي النواب والدولة والخبراء، وفي حال فشل هذه اللجنة في تعديل الدستور، هناك عديد من الآراء المتضاربة لحل هذه المشكلة ورُغم تلك المبادرة إلا أن الشارع الليبي في حالة إصرار على إجراء الانتخابات في القريب العاجل.
وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح قد أوضح أن الحكومة انتهت ولايتها ولا يجوز إعادة تشكيلها من جديد، وإذا أراد الدبيبة الترشح من جديد فليقدم تشكيلة جديدة وتعرض على المجلس، معلنا فتح باب التّرشح لتشكيل الحكومة القادمة، داعيًا في الوقت ذاته إلى عدم مشاركة أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في لجنة صياغة الدستور المزمع تشكيلها، قائلًا «أتركوا الأمر للخبراء»، ؛ حتى تنتج دستورا يعرض على الاستفتاء وتكون شروط الترشح هى:
1- أن يكون المترشح ليبيًا مُسلمًا من أبوين ليبيين مُسلمين، وألا يكون حاملاً لجنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجًا من غير ليبية أو متزوجة من غير ليبي، وألا يقل عمره عند الترشح عن 35 عامًا، ويكون حاصلاً على مؤهل جامعى على الأقل.
2- ألا يكون محكومًا عليه فى جناية أو جُنحة مُخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يُقدم تعهدًا مكتوبًا بعدم ترشحه للانتخابات القادمة، وأن يقدم استقالته قبل الترشح حسب القوانين المنظمة لعمل المترشح، وأن يتحصل على تزكية من 25 نائبًا من أعضاء مجلس النواب.
ولكن رُغم النقاط التي عرضها مجلس النواب ظلت حالة الانقسام هى السائدة وعكست حالة الانقسام هذه ليس فقط الفشل الحكومي أو الفشل المؤسسي حول إجراء الانتخابات ولكن أيضًا الفشل داخل البرلمان وعكس أيضًا هذا الانقسام صعوبة التوصل إلى قرارات فورية وأيضًا يبعث شكوك حول ما يصدر من مصداقية البيانات أو القرارات السابقة التي يصدرها المجلس وتمثلت تلك الانقسامات حول الانقسام حول تغيير الحكومة وذلك بين من يدعو إلى إقالتها وتشكيل واحدة جديدة، ومن يدعم استمرارها في أداء مهامها حتى إجراء انتخابات، بالإضافة إلى تحديات أخرى، خاصة حول اختيار رئيس الحكومة الجديد، حيث أن الانقسام الحالي سينعكس على أي خطوة مستقبلية ترتبط بخارطة الطريق، إضافة إلى تمسك حكومة الدبيبة بعدم تسليم السلطة سوى لحكومة تترتب على إجراء الانتخابات.
والذي يعكس حالة الانقسام قول رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، خلال جلسة المجلس: “أعضاء البرلمان رفضوا مشاركة مجلس الدولة في تزكية المرشح لرئاسة الحكومة الجديدة””، مشيرًا إلى أنه تم رفض 30 نائبا مشاركة المجلس الأعلى للدولة في اختيار رئيس الحكومة الجديدة، فيما بلغ عدد المؤيدين 20 نائبا، كما يجب الإشارة إلى أن دور لجنة التعديلات الدستورية ظاهري فقط يغلب عليه طابع التهدئة أكثر وهى لن تنجح إذا ظلت حالة عدم التوافق هى السائدة
دور مصري جزائرى
تحظى ليبيا باهتمام كبير على مائدة الملفات العربية حيث تأتي زيارة الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” إلى مصر حيث أن ليبيا جارة للدولتين وتعرقل التحول السياسي من شأنه تداعيات عليهما فالزيارة تأتي مع انتهاء وقت التأجيل الثاني المقرر في 24 يناير وهذا يعد مؤشرًا للدعم العربي وتوحيد الموقف العربي للمسار الآمن في ليبيا لإجراء الانتخابات وتحقيق الأمن للدولة الليبية حيث التنسيق الأمني والاستخباراتي تجاه ملف الإرهاب في ليبيا حيث مثلت هذه الزيارة رؤية خاصة حول المرحلة المقبلة في ليبيا وهو ما تم التوضيح عنه خلال التصريحات الصحفية المشتركة للرئيسين المصري والجزائري حيث أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي توافقه مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون على ضرورة خروج المقاتلين الأجانب من ليبيا “بما يحقق الأمن لليبيا والليبيين، علاوة على تأكيده على اتفاقه مع الرئيس الجزائري على أهمية تنظيم الانتخابات الليبية الرئاسية والنيابية بالتزامن.
وتزامنًا مع ذلك تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكرى اتصالًا من وزير الخارجية الفرنسى “جان إيف لودريان”، تطرق الاتصال إلى بعض القضايا منها الملف الليبي والذي أكد في سياقه وزير الخارجية المصري على أهمية عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن مع الحفاظ على ملكية الليبيين للحل السياسى ووقف التدخلات الخارجية وإخراج جميع القوات الأجنبية، وكذا المرتزقة والمقاتلين الأجانب دون استثناء فى مدى زمنى محدد تنفيذاً للمقررات الدولية ذات الصلة ووفقاً لمخرجات مسار برلين وقمة باريس.
كما أن جامعة الدول العربية قد أعلنت ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية في أسرع وقت ممكن في سياق إطلاق القوى المدنية الليبية “المبادرة الجامعة” والتي تقضي بإجراء الانتخابات في أقرب وقت، كما أن دول الخليج العربي تدعم خطوة تسريع إجراء الانتخابات الليبية.
هل من جديد؟
الانقسام في المشهد السياسي الليبي بشكل عام لا ينذر بأن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عن قرب في ظل الأسباب المحيطة حيث وجود الجماعات المسلحة والاختلافات على بنود دستورية وقانونية والاختلاف حول بعض المرشحن، ولكن هناك بعض المؤشرات الإيجابية والتي تعكسها القمة المصرية الجزائرية حيث بالإعلان عن خطة عمل بشأن خروج المرتزقة من ليبيا يعكس أن العمل على هذا الملف له أولوية خاصة بالنسبة إلى مصر والجزائر حيث أنه من المؤكد أن خروج المرتزقة هو أهم الخطوات التي بناء عليها تبدأ ليبيا في مسار جديد فسيطرة تلك الجماعات المسلحة لا تمنح الليبيين الفرصة للحصول على حقوقهم الديقراطية فتهديداتهم الأمنية لم تساعد المفوضية الانتخابية على الإقامة النزيهة والعادلة للانتخابات حيث ثمة تهديدات مستمرة.
ومن جانب آخر فخروج تلك الجماعات المسلحة يبعد التدخل الخارجي حيث أن تلك الجماعات تعمل على تحقيق مصالح الدول التي تمولها وبالتالي فخروجها ما هو إلا وقف لتلك الحرب بالوكالة التي تحدث على الأراضي الليبية، كما أنه يمنح الفرصة قوية لتعزيز الأمن الليبي واستعادة قوة القوات المسلحة الليبية، وخروج تلك القوات هى المحطة الأولى للاستحقاقات الانتخابية الليبية، فربما الإعلان عن خطة العمل المصرية الجزائرية من شأنه أن يكون هناك خطوات على أرض الواقع الليبي وإجراء الانتخابات .
وبالتالي سيناريوهات المشهد الليبي القادمة تتمثل في:
1- السيناريو الأول وهو أنه رُغم الانقاسمات الموجودة تستطيع اللجنة إجراء التعديلات الدستورية ويطرح على الاستفتاء العام وذبك في حالة إذا توصلت اللجنة لتعديلات مرضية للأطراف السياسية الليبية، وبالتالي تكون خطة إجراء الانتخابات قريبة وهذا السيناريو يواجه عدة معضلت أولها حالة اللاتوافق.
2-السيناريو الثاني: وهو متوقع أن تساهم خطة العمل المصرية الجزائرية في إخراج التنظيمات الإرهابية والمرتزقة الأجنبية فإذا حدث ذلك تكون أكبر مشكلة في المجتمع الليبي قد حُلت وتسيطيع الوصول إلى عقد انتخابات بحرية خالية من التهديدات الأمنية.
خلاصة القول: تمثل خارطة الطريق أملًا جديدًا لليبيين تقر بضعة أشهر لوصول ليبيا إلى بر الأمان، و التي تحدد مساريين متوازيين حيث مسار إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومسار التعديلات الدستورية وذلك وسط مواجهات انقسامية داخل البرلمان الليبي حول عدة نقاط أولها تشكيل حكومة جديدة، وفي زخم تلك الأحداث تأتي خطة العمل العربية بين مصر والجزائر بعد زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون والتي من المتوقع أن يكون لها در كبير خلال الفترة المقبلة.