مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

“ملف الإرهاب في الدول العربية”.. مناطق انتشاره وتحركات لمواجهته

نشر
الأمصار

هناك تحركات عربية في الأيام الأخيرة بشأن ملف الإرهاب وحماية الأمن القومي العربي ولقد تمثلت هذه التحركات في في زيارة وزير الخارجية الجزائرى رمطان لعمامرة إلى مصر تعقبتها زيارة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى مصرثم زيارة رسمية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الإمارات تضامنًا مع دولة الإمارات في الحدث الإرهابي التذي تعرضت له جرّاء هجوم الحوثيين في أبو ظبي، تلك الزيارات حملت في طياتها رسائل مهمة وخطط عمل للحفاظ على الأمن القومي العربي؛ نظرًا لأن ملف الإرهاب يبقى من أخطر الملفات التي تواجه الدول العربية على حد سواء وعلى هذا الضوء يناقش التقرير تناول تلك الزيارات لملف الإرهاب كالتالي:

التهديدات الإرهابية للدول العربية

تعاني الدول العربية من هجمات إرهابية تشكل خطورة كبرى على أمنها فربما لم تخلُ دولة عربية من خطر التهديدات الإرهابية على أراضيها فمؤخرًا ثمة العديد من الهجمات الإرهابية التي استهدفت دول الخليج العربي وهجمات في العراق وسوريا وتمثلت تلك الهجمات الإرهابية في:

  • دول الخليج العربي: حيث الهجوم على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من جماعة الحوثيين والمدعومة من إيران حيث أطماعها وتدخلاتها في المنطقة عبر دعم الميليشات المسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن فوجود الحوثيين في اليمن يمثل خطرًا أساسيًا لدول الخليج العربي وهذا ما دفعها للتدخل في اليمن في 2015 عبر عملية “عاصفة الحزم” لطرد الحوثيين، وترتبط الهجمات الإرهابية في دول الخليج بحجم الخسائر التي تتكبدها ميليشا الحوثي في اليمن حيث بعد عملية “اليمن السعيد” التي دعمتها الإمارات والتي أخرجت الحوثيين من شبوة والسيطرة على مأرب أدت إلى خسارة ميليشا الحوثي كثيرًا وذلك دفعها للهجوم على مناطق ومنشآت مدنية في الإمارات والسعودية.

كما شهدت منطقة الخليج العربي سلسة من الهجمات الإرهابية السابقة على منشآت شحن ونفط كاحتجاز الحوثي للسفينة الإماراتية “روابي” قبالة مدينة الحديدة في اليمن كما تعرضت السعودية لهجمات صواريخ باليستية وطائرات مسيرة في مدن جازان ونجران، وقد أكدت بقية دول الخليج العربي تضامنها مع السعودية والإمارات.

وبالنسبة إلى الكويت والبحرين فإن حزب الله التابع لإيران يعمل على هجمات إرهابية في تلك الدول وتمويل أوضحت إدارة التحريات المالية أن ثمة تحويلات إرهابية من أذرع حزب الله المصنف على قائمة الإرهاب من مجلس التعاون لدول الخليج العربي من عام 2016 لشركات عقارات في البحرين.

بعض الدول العربية التي تعاني من الإرهاب
  • ليبيا: تنتشر الجماعات الإرهابية المسلحة في ليبيا بكثر حيث توجد المئات من الميليشات والتنظيمات المسحلة وأشهرهم تنظيمي القاعدة وداعش، وتكمن هذه التنظيمات الإرهابية في الجنوب الليبي نظرًا لأن تلك المنطقة تعد ملاذًا آمنًا ودعمًا لوجيستيًا لها ويسهل عليها التواصل مع الجماعات الإرهابية الأخرى في تشاد والنيجر والسودان ومناطق أخرى من الساحل ووسط أفريقيا، ووجود تلك الجماعات من شأنه تعطيل عملية إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا بسبب تهديدات مباشرة من الجماعات بعدم إجراء الانتخابات، كما يشن تنظيم داعش هجومًا من حين لآخر في سبها وبرقة وطرابلس والقيام بعمليات تهريب السلاح عبر الحدود والمخدرات والسلع حيث تشير تقارير صادرة عن الأمم المتحدة إلى أن السلاح الليبي قد وصل إلى 14 دولة أفريقية، ومؤخرًا بعد الهجوم على سجن غويران السوري تداولت أخبار من مدينة صبراتة غرب طرابلس عن بداية عودة تنظيم داعش الإرهابي إلى مناطق المدينة التي كانت معقلًا للتنظيم قبل إخراجه منها في عام 2017و ذلك وسط انفلات وعدم قدرة على المواجهة الأمنية، وقد أوضحت مصادر أمنية ليبية أن التنظيم بدأ يعد نفسه للتمركز في المنطقة حيث أسس إذاعة مسموعة له ورفع راياته على سيارات دفع رباعي.
  • الجزائر: تعاني الجزائر من تداعيات أمنية بسبب الوضع اللاأمني في ليبيا حيث تعاني من تدفق للسلاح الليبي إلى أراضيها وتعمل القوات المسلحة على ضبط الأسلحة حيث ضبط الجيش الجزائري كميات كبيرة أكثر من مرة مثال في عام 2018 كشفت وزراة الدفاع الجزائرية ظبط أسلحة في مخبأ تابع للإرهابيين في منطقة طارات في إليزي الحدودية مع ليبيا.
  • مصر: تعاني مصر أيضًا من آثار سلبية من الوضع الأمني المنفلت في ليبيا فالشريط الحدودي المصري الليبي يعد منطقة خطرة بالنسبة إلى مصر حيث تهريب الأسلحة عن طريقه، والأمر نفسه في سيناء البوابة الشرقية لمصر حيث تواجه القوات المسلحة المصرية التنظيمات الإرهابية وتحبط المخططات الإرهابية.

  • سوريا: قد هاجم تنظيم داعش الإرهابي  سجن غويران جنوب مدينة الكسحة السورية والذي يعد أكبر سجن للدواعش في العالم لمحاولة الإفراج عن سجنائه ومثلت هذه العملية خطورة بالغة لما لها من أثر بالغ من عودة النشاط الداعشي في الدول العربية وغير العربية مرة أرخى حيث الدليل على ذلك بدأ التنظيم استعادة نشاطه في صبراته وتزامن ذلك مع عودة الهجمات الإرهابية في العراق.
  • العراق: شهد العراق هجمات إرهابية من تنظيم داعش في حوض العظيم في ديالى وذلك عقب هجوم لعناصر التنظيم على أحد مقار الجيش العراقي والذي أسفر عن مقتل 11 جنديًا وتشهد هذه المنطقة على وجه التحديد هجمات متكررة للجهاديين تستهدف قوات الأمن العراقي، كما أنه نتيجة لهجوم سجن غويران هناك توجهات أمنية تم إصدارها لتشديد الحماية الأمنية على السجون التي يتواجد فيها قادة معتقلين وهى سجون التاجي، والكفل، والحوت، حيث أن هناك مخاوف عراقية من هروب عناصر داعش لأن سجن غويران هو سجن يضم أكبر وأخطر عناصر من الدواعش، وهروب تلك العناصر فيما معناه تخطيط لاستكمال عمليات هجومية من أجل تحرير باقي عناصره في العراق ومن ثم استعادة نفوذه مرة أخرى.

يقف الأمر على ذلك فقط بل تم استهداف مسقط رأس رئيس البرلمان العراقي “محمد الحلبوسي” بمجموعة من الصواريخ، كما وصلت الهجمات إلى استهداف مقار حزب “تقدم” الذي يرأسه الحلبوسي أيضًا، وتواصل القوات العراقية محاربة التنظيم الإرهابي واستهداف عناصره الخطرة.

  • لبنان: يعاني لبنان أيضًا من تنظيمات إرهابية كداعش وحزب الله حيث عمل حزب الله على الانخراط في أنشطة مشبوهة في العراق وسوريا واليمن والأمر ذاته لتنظيم داعش الذي ينفذ هجمات إرهابية، وبناء على ذلك شارك لبنان في بناء قدرات الإنذار المبكر ودعم جهود مكافحة الإرهاب في المنظمات الإقليمية ومشاركته في برامج مكافحة تمويل الإرهاب.
  • السودان: وسط الاضطرابات السياسية التي يشهدها السودان فإنه يواجه مشكلة أخرى حيث تعرضه لتهديد إرهابي وهو ما دفع مجلس الأمن والدفاع في اجتماع ترأسه الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى تشكيل قوة خاصة لمكافحة الإرهاب، نظرًا للوضع الأمني الذي يعانيه السودان.
  • الصومال: الخطر الإرهابي لم يستبعد الصومال فهو يعاني أيضًا منه وذلك في سياق الأوضاع السياسية الصعبة الموجودة في الصومال مؤخرًا حيث يوجد بالصومال جماعات إرهابية كتنظيم داعش والذي يوجد بمناطق جبلية بولاية بونتلاند شمالي شرق الصومال، وحركة “الشباب” المرتبطة بتنظيم القاعدة، ويعمل الجيش الصومال على مواجهة  تلك الهجمات الإرهابية فقد نفّذ الجيش الصومال خلال النصف الأول من عام 2021 حوالي 84 عملية عسكرية ضد حركة الشباب، وخلال النصف الثاني من العام نفسه قام الجيش بتنفيذ 70 عملية ضد الحركة نفسها ولكن هذه العمليات العسكرية تعد قليلة ومتراجعة بسبب الانسحاب الأمريكي من الصومال وعدم امتلاك القوات الحكومية لأسلحة نوعية تجعلها قادرة على مواجهة التنظيمات الإرهابية، هذا إلى جانب تهريب الأسلحة الإيرانية غلى الصومال عبر الحوثيين في اليمن.
الرئيسان المصري والجزائري

زيارة الرئيس الجزائري لمصر

تأتي هذه الزيارة في توقيت تتصاعد فيه التهديدات الإرهابية لأمن الدول العربية من عدة نواحٍ

وأكثر الأجندات أهمية هى أجندة الملف الليبي وخطر الإرهاب الذي تواجه كلا الدولتين جرّاء انتشار التنظيمات الإرهابية بكثرة في ليبيا فهناك اتفاق مصري جزائري مشترك حول ضرورة تحقيق الأمن وسيادة ليبيا وتوحيد مؤسساتها وبالأخص المؤسسات العسكرية والأمنية وأهمية خروج ليبيا من القوات المرتزقة، حيث يعد ملف مكافحة الإرهاب ذو أولوية خاصة بالنسبة إلى مصر والجزائر حيث عانا البلدان من هجمات إرهابية في الساحل والصحراء وذلك هدد الأمن القومي الجزائري بسبب نسلل تلك العناصر الإرهابية إلى ليبيا وبالطبع ذلك كان له أثر على أمن الجزائر وذلك يعد في الوقت نقسه خطرًا على الأمن القومي المصري، وقد حملت الزيارة أيضًا تأكيدات على ضرورة العمل العربي المشترك لضمان المصالح العربية.

زيارة الرئيس المصري إلى الإمارات

زيارة الرئيس المصري للإمارات

جاءت زيارة الرئيس المصري إلى الإمارات من أجل التأكيد على عمق العلاقات المصرية الإماراتية ومن أجل التنسيق جول التطورات الأخيرة للقضايا الإقليمية ومتطلبات المرحلة الراهنة لحماية الأمن القومي العربي والتصدي لمحاولات زعزعة استقرار وأمن الدول العربية

وتعكس هذه الزيارة العمل المصري والعربي ضد كل ما من شأنه يهدد الدول العربية حيث هناك عدة دلائل تبعث بها مصر من هذه الزيارة وهى أم مصر ترفض كل عمليات الإرهاب التي يقوم بها الحوثي ضد الإمارات والسعودية على حد سواء وتشتبك هذه النقطة مع رفض مصر أيضًا للهجمات الإرهابية التش شنها داعش في العراق.

إلى جانب ذلك تؤكد دعم إجراءات الإمارات في الحفاظ على أمنها القومي وتأكيد شرعية الخطوات التي تتخذها ضد الحوثي في اليمن، وفي تلك الزيارة اجتماع الرئيس السيسي بملك البحرين “حمد بن عيسى” ، ويعكس ذلك أن الأمن القومي الخليجي لا يتجزأ عن الأمن القومي المصري بصفة خاصة والأمن القومي العربي بصفة عامة، كما تكون تلك الزيارة اتصالًا لخلاصة ما حملته زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى مصر حيث تتقارب رؤية مصر والإمارات مع الجزائر بشأن ليبيا والجماعات الإرهابية بها حيث تتفق الثلاث دول على ضرورة إخراج الجماعات المرتزقة من ليبيا ودعم المؤسسات الأمنية علاوة على ذلك أهمية إجراء الانتخابات بأسرع وقت لتحول ليبيا إلى الوضع الأكثر أمنًا.

خلاصة القول: تأتي الزيارات العربية المتبادلة في توقيت في غاية الخطورة حيث تعرض العديد من الدول العربية لهجمات إرهابية متتالية حيث حملت الزيارتان رؤية مشتركة حول الملفات التي تعترض الدول العربية وأولها ملف الإرهاب والذي يعد من المعضلات التي تواجها الدول العربية كافة على مستويات  السنين السابقة، فهى تأتي في وقت هجوم إرهابي داعشي في العراق وسوريا وليبيا فضلًا عن إرهاب حوثي على دول الخليج العربي، فهى تحركات من شأنها رسائل تؤكد التضامن العربي للحفاظ على أمن الدول العربية.