مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ما بين المبادرات المطروحة وتشكيل الحكومة..ما القادم في السودان؟

نشر
الأمصار

لا يزال السودان يعاني من تصعيدات سياسية منذ أحداث 25 أكتوبر 2021 وشهدت الساحة السياسية السودانية تطورات حيث تعطيل الفريق أول عبد الفتاح البرهان لأجزاء من الوثيقة الدستورية وأعلن حالة الطوارئ  في البلاد .

كما حل مجلسي السيادة والوزراء وأثار ذلك الغب الشعبي فأعقبه اتفاق مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك فيما يُسمى باتفاق نوفمبر وبعد استقالة حمدوك تأزم الوضع أكثر.

كما شهدت الساحة السياسية السودانية عدة مبادرات من شأنها التهدئة والوصول إلى اتفاق يضمن حلولًا متفق عليها وفي هذا السياق يناقش التقرير التالي تطورات المشهد السياسي السوداني كالتالي:

جهود لحل الأزمة

طُرحت العديد من المبادرات الداخلية والخارجية لحل الأزمة كمبادرة الأمم المتحدة  للحوار والتي دعمتها منظمات إقليمية كالاتحاد الأفريقي وأيدتها دول عربية كما أن لأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول الترويكا والاتحاد الأوروبي أكدوا ضرورة العودة للوثيقة الدستورية التي كانت تحكم الفترة الانتقالية بالشراكة بين المكونين المدني والعسكري.

وعلى هذا الضوء ثمة مبادرات أعلن عنها تجمع المهنيين السودانيين، وأخرى تم الإعلان عنها من قوى الحرية والتغيير وحزب الأمة القومي، إضافة إلى عدد من لجان المقاومة وأساتذة الجامعات السودانية وبشكل عام ترتكز جميع تلك المبادرات على إبعاد الجيش عن الحياة السياسية وتوحيد القوات المسلحة عبر دمج قوات الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة التي يبلغ عددها نحو 7 جيوش ومن ثم الدخول في مرحلة انتقالية جديدة تمتد من 3 إلى 4 سنوات من أجل إتاحة الفرصة لعقد مؤتمر دستوري والتجهيز لانتخابات عامة تستكمل بعدها عملية التحول الديمقراطي.

ومؤخرًا ثمة جهود قادها مجموعة من الأكاديميين والسياسيين السودانيين من أجل توحيد الرؤى والخروج بقواسم مشتركة حول تلك المبادرات؛ حيث أعلنت شخصيات سياسية وأكاديمية مبادرات كالوزير السابق في حكومة عبد الله حمدوك الأولى “هاشم بن عوف” والذي أعلن عن مبادرة لتوحيد الرؤى حول تلك المبادرات على أساس وضع خارطة طريق موحدة لتشكيل هياكل الحكم المدني وإيجاد آليات لتوحيد قوى الثورة التي أسقطت نظام البشير في أبريل 2019.

في السياق ذاته أوضح: “إن من المهم الخروج برؤية موحدة تراعي الحد الأدنى من البنود المطروحة لتؤدي في النهاية إلى الدخول في مرحلة تحول متفق عليها وبما يؤدي إلى خلق الآليات الضرورية القادره على استلام مقاليد الحكم وتشكيل حكومة انتقالية بأسرع وقت وتكون قادرة على سد أوجه القصور الذي اعترى أداء هياكل الفترة الانتقالية قبل إجراءات 25 اكتوبر والأخطاء التي صاحبت تكوينها”.

تجمع المهنيين السودانيين

ومن بين المبادرات المطروحة هى تشكيل مجلس سيادة مدني شرفي مصغر ومجلس أعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى الجهاز التنفيذي والتشريعي؛ في حين أن هناك رؤى أخرى لأجهزة الحكم الانتقالي قي حكم مدني كامل بدون أي شراكة مع المؤسسات العسكرية في إدارة الشأن السياسي وتكوين برلمان ومجلس وزراء فقط بدون مجلس سيادة.

وفي السياق نفسه مساعد رئيس حزب الأمة القومي عبدالحليم تيمان أوضح أن حزبه قد أطلق مبادرة  منفتحة على كافة الأطراف المؤمنة بالتغيير وتقبل التعديل والمقترحات الجديدة وكان الحزب قد أوضح في وقت سابق حلًا في بيان موضحًا: ” أن حل الأزمة الحالية يكمن في استعادة الانتقال إلى مساره وأهدافه المنشودة عبر جملة خطوات بينها مراجعة البرنامج الكبير المستهدف إنجازه خلال الفترة الانتقالية، وفقا للتجارب الدولية والمحلية”، كما دعا إلى: “إلغاء المادة رقم واحد في الوثيقة الدستورية والعودة إلى دستور 2005 بعد حذف 52 تعديلا أجراها عليه نظام عمر البشير”.

 

وتشتمل هذه المبادرة التي أطلقها الحزب التالي:

  • تشكيل حكومة انتقالية وفق برنامج محدد وواقعي من كفاءات خدمت في الخدمة المدنية، وتعيين الأجهزة العدلية خاصة المحكمة الدستورية والمفوضيات.
  • تشكيل مفوضية الانتخابات وتكليفها بإعداد السجل الانتخابي وإصدار البطاقات الانتخابية وإبعاد الأحزاب والقوى السياسية عن السلطة الانتقالية حتى يتفرغوا لإعادة بناء تنظيماتهم استعداداً للانتخابات، على أن تقوم بعثة الأمم المتحدة بالمهام التي أتت من أجلها وفي مقدمتها تقديم الدعم الفني واللوجستي المساعد في التحول الديمقراطي بالبلاد.
  • المخرج الآمن للسودان يكمن في إعلان انتخابات رئاسية وبرلمانية قومية في البلاد في مطلع العام المقبل 2023.

ومن بين المبادرات أيضًا إطلاق حفيد مؤسس سلطنة الفور السلطان أحمد حسين أيوب مبادرة “صفر كراهية”، بهدف دعم السلام والاستقرار في إقليم دارفور، الذي يعاني منذ عام 2003 من حرب أدت إلى مقتل ونزوح الملايين من سكان الإقليم، وتقوم المبادرة على تعزيز الحوار وترسيخ ثقافة السلام بين مختلف مكونات المجتمع في إقليم دارفور.

وكان مجلس السيادة السوداني قد أعلن عن قلقه مؤخرًا عن نشاط بعض البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وذلك بعد أن قدم وزير الخارجية المكلف علي الصادق إفادة للمجلس حول “أنشطة بعض البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخرطوم والمخالفة للأعراف الدبلوماسية والمنتهكة لسيادة البلاد” خلال اجتماع المجلس والذي تضمن أيضًا تقرير من اللجنة الوطنية الخاصة بمتابعة عمل فريق الخبراء المتعلق بالأوضاع في دارفور والترتيبات الكفيلة بمعالجتها.

الفريق أول عبد الفتاح البرهان

حوار لتشكيل الحكومة

وكانت  السفارة الأميركية في الخرطوم  قد أعلنت في بيان: “أن واشنطن لن تستأنف مساعداتها الاقتصادية للسودان، التي توقفت بعد إجراءات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبرما لم يتم وقف العنف وعودة حكومة يقودها المدنيون”، موضحة: “أن الولايات المتحدة ستدرس اتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين عن تعطيل العملية السياسية في البلاد”، واتصالًا بذلك التقي  الفريق أول عبد الفتاح البرهان الوفد الأميركي، واتفق الجانبان على عدة نقاط تشمل:

  • دخول الأطراف السودانية فى حوار وطنى شامل عبر مائدة مستديرة، يضم جميع القوى السياسية والمجتمعية باستثاء المؤتمر الوطني، للتوصل إلى توافق وطنى للخروج من الأزمة الحالية.
  • تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة يقودها رئيس وزراء مدنى لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، وإجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب التطورات الجديدة، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.

وانطلاقًا من ذلك كلف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وكلاء الوزارات بالقيام بمهام الوزراء، في إطار حكومة تسيير أعمال لتمهيد الطريق لإجراء الانتخابات ولكن لم يهدأ الشارع السوادني بعد هذه التعديلات حيث تمتد احتجاجات المتظاهرين رافعين لافتات مكتوب عليها “لا للحلول القادمة من الخارج”، في رد على مبادرة الحوار التي دعت إليها الأمم المتحدة، ويرفضها الشارع، مطالباً بتسليم السلطة للمدنيين

.

الاحتجاجات في السودان

ما القادم؟

تمثل هذه المبادرات خطوة جديدة تنذر لبدء استجابة القوى السياسية السودانية للحوار الوطني الذي يعد الخطوة الأولى للوصول إلى اتفاق يضمن التحول السلمي في المشهد السياسي السوادني ومن هذا المنطلق هناك سيناريوهات كالتالي:

  • السيناريو الأول: وينطلق من كون أن تشكيل الحكومة برئيس وزراء مدني من شأنه أن يعمل على تهدئة الشارع السوادني الذي يرفض المكون العسكري بشكل قاطع، علاوة على أن اجتماع جميع أطراف الصراع على مائدة سياسية واحدة للاتفاق على حوار وطني شامل كل ذلك من شأنه يؤدي إلى إجراءات فعلية للدخول في مرحلة الانتقال السلمي وإجراء الانتخابات كما أن هذا التشكيل الحكومي من شأنه أن يدخل تعديلات دستورية.
  • السيناريو الثاني: في ظل استمرار الاحتجاجات يتعطل عمل تلك المبادرات علاوة على ذلك لن تستطيع الحكومة أداء عملها ويصبح وضعها كحكومة حمدوك السابقة والتي بسبب الاحتقان السياسي الشديد لم تستطيع أن تؤدي دورها بشكل إيجابي، ولن تصل إلى حلول نهائية.

خلاصة القول رُغم المؤشرات الإيجابية التي اتسمت بها المبادرات إلا أنه تظل هناك بعض الثغرات التي تقف دون الحيلولة للوصول إلى انتقال سلمي، فعدم استجابة الشارع السوداني للمبادرات الخارجية والداخلية تجعل التحركات السياسية بطئية ومع إعلان تشكيل الحكومة السودانية تزداد الآمال حول خطوات جدية لعملية الانتقال السياسي وإجراء الانتخابات لكن في الوقت ذاته تزداد المخاوف من أن تكون مصيرة تلك الحكومة كالسابقة لها.