خلاف حميدتي والكباشي.. من يقف خلف إشعال الحريق
على نحو مفاجئ تناقلت وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة وعلى نطاق واسع قبل يومين بوادر خلاف ضرب نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو وعضو المجلس السيادي الفريق أول شمس الدين الكباشي، ومضى المغردون في المنصات الاسفيرية إلى التحليل والاشارة إلى ان زيارة حميدتي إلى اثيوبيا هي التي فجرت الخلاف بين الرجلين.. فالعديد من الاسئلة لاتزال حائرة عن ماهية هذا الخلاف ومن الذي قفز على حائط السرية وبعثر الملفات المسكوت عنها؟!.
وبحسب رأي بعض المحللين فان اواصر الصداقة القوية التي تجمع بين حميدتي وكباشي تجعل من المستحيل ان ينشب خلاف بينهما خصوصا وان الرجلين ابديا تناغماً كاملاً ضمن طاولة سلام جوبا والسوال الذي يطرح نفسه الآن بقوة من المستفيد من محاولة اشعال الحرائق بين كباشي وحميدتي..؟
الفلول على الخط
ويجيب على هذا التساؤل القيادي بقوى الحرية والتغيير عبد المطلب عطية الذي بدوره مضى نافياً وجود اي مصلحة لقوى الحرية والتغيير فيما يشاع من وقوع خلاف بين حميدتي وكباشي.
وقال إن قوى التغيير ليست لديها مصلحة في الحديث عن الانقسامات التي تضرب العسكريين بالمجلس السيادي او تداول المعلومات عن الصراعات التي تنشب بداخلها.
وأشار عطية إلي وجود قوى خفية تعمل على تدوير آلة الصراع بين المكون العسكري لافتاً الى ان هذه القوى هي صاحبة المصلحة في نشر وتداول الاشاعات عن وجود خلاف بين كباشي وحميدتي ووجه عطية اصابع الاتهام الى عناصر النظام البائد والفلول مبيناً بانهم يسعون إلى الوقيعة بين افراد المكون العسكري على الدوام لافتاً الى ان لديهم مرارات تجاه حميدتي.
وأشار الى ان مقولة “حميدتي الضكران خوف الكيزان” لاتزال حاضرة في اذهان الفلول واكد عطية ان قوى الحرية والتغيير لا تراهن على الايقاع بين الجيش والدعم السريع.. وتابع: نحن حريصون في قوى التغيير على وجوب اعادة هيكلة القوات المسلحة بكامل عتادها وعقيدتها العسكرية لكننا في ذات الوقت لانريد للخلافات ان تعصف بها.
نفي وتأكيد
وعلى الرغم من ان الفريق أول شمس الدين الكباشي قطع قول كل خطيب بنفى وجود خلافات بينه ونائب رئيس المجلس الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) واكد عدم وجود أي خلافات داخل المكون العسكري، وقال إن الجيش بكل مكوناته على قلب رجل واحد، وقال إن ما يدور من أنباء بشأن تفجر الخلاف بينه ودقلو بعد زيارته لأديس أبابا اشاعات مغرضة، لافتاً إلى أن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة إلى أديس أبابا ناقشت عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن نفيه ذاته لم يصمد كثيراً اذ خرج مكتب شمس الدين الكباشي امس بنفي لـ(النفي) عندما اصدر بياناً قال فيه ان ما تم نشره بـالوسائط الإعلامية عن نفي الكباشي لوجود خلال لا يمت للحقيقة بصلة.. ومن واقع ان نفي النفي اثبات فقد أثبت مكتب الفريق اول كباشي بنفيه لـ(النفي) الصادر من كباشي وجود خلاف بينه وحميدتي.
مجرد اشاعة
لكن تداول وجود بوادر خلاف بين افراد المكون العسكري بالسيادي يفتح شهية البعض الى ان يدلق “المديدة الحارة ” وسط العسكر سيما بعد سيطرتهم على مقاليد الاوضاع بُعيد قرارات الـ 25 من اكتوبر.. ومن هذا المنطلق يشير المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين د. عبد الله الدومة الى ان المعطيات السياسية الراهنة على ارض الواقع تشير إلى عدم رضا فاعلين كثر داخل المؤسسة العسكرية بمن فيهم الفريق الكباشي على خلفية تمدد حميدتي على كافة الاصعدة.
وتابع: ربما الخلاف بين كباشي وحميدتي مجرد اشاعة ولكنه يؤشر الى رغبة مبطنة وتململ داخل المؤسسة العسكرية على النفوذ المتصاعد لقائد قوات الدعم السريع خصماً على المؤسسة العسكرية الام، ولفت الدومة الى ان التحركات الخارجية والاتفاقيات التي ابرمها حميدتي وشقيقه عبد الرحيم مع العديد من المؤسسات العسكرية الخارجية جعلت الانظار الغاضبة تتجه اليهما بجانب زيارة دقلو الاخيرة لاثيوبيا عدها البعض طعنة من الخلف على خاصرة القوات المسلحة، وحول من قام بصناعة اشاعة الخلافات بين الرجلين.
ومضى الدومة بالقول : من الوهلة الاولى قد يعتقد البعض ان لعناصر النظام البائد من الفلول ايادٍ خفية في ذلك وتابع لا اعتقد ان للفلول العقلية الابتكارية لخلق واقعة نشوب خلاف بين كباشي وحميدتي، واشار الى ان الفلول ربما يستغلون الاحداث الجارية ولكنهم لايستطيعون صنعها .. وحول تأثير الخلاف على الحراك الثوري قلل الدومة من تأثير الخلافات التي قد تنشب بين حميدتي وكباشي على الحراك الثوري وتابع بل الخلاف يفيد الحراك.
رغبة المدنيين
وحول ماهية الجهة التي سربت الخلاف الى العلن بدأ الكاتب الصحفي شوقي عبد العظيم حديثه بالقول : لا توجد جهة عسكرية تعمل على نشر غسيلها خارج حبل القوات المسلحة وبالتالي فان اي خلافات بين قيادات المؤسسة العسكرية يتم طيها والتكتم عليها ولا تخرج الى العلن بموجب المقولة المأثورة ” ممنوع التصوير والاقتراب ” و ايضاً(ما سمعته هنا اتركه هنا)، والحكمة في ذلك ان خلافات العسكر ربما تفضي الى مواجهات دامية كاشفاً بان الخلاف بين حميدتي وكباشي يظل رغبة المدنيين الذين يرفضون سلوك هذه القيادات فيما يلي التعاطي مع الازمة السياسية الحالية.
حرب نفسية
و عن تداول اخبار خلافات العسكريين بالسيادي هل يخدم الاجندة الاجنبية التي تتربص بالمؤسسة العسكرية ؟… الخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمنية.
د. طارق محمد عمر اشار الى ان تداول اي خلافات تتم داخل المؤسسة العسكرية فانه بالدرجة الاولى يخدم اعداء الجيش، منبها الى وجود مخططات اجنبية تستهدف القوات المسلحة لاجل العمل على اعادة تكوينها من جديد بحيث يتكون اساسها من قوى الكفاح المسلح.
وأكد طارق ان الهدف من ذلك هو كسر شوكة القوات المسلحة حتى لا تقف عائقاً امام تطلعات وطموحات المخربين الذين يستخدمون كافة الوسائل المتاحة لاجل الوصول الى مبتاغهم وامانيهم من خلال تحريك اسلحة الحرب النفسية وصناعة الفتن والاشاعات للايقاع بين قادة الجيش والدعم السريع.