مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الانتخابات الصومالية.. هل تحقق العملية الديمقراطية؟

نشر
الأمصار

فرضت الولايات المتحدة، قيودًا على إصدار التأشيرات للمسؤولين الصوماليين الحاليين والسابقين والأفراد المتهمين بتقويض العملية الديمقراطية في الصومال.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إنه “من المقرر تطبيق هذه القيود على الذين شجعوا وشاركوا في العنف ضد المتظاهرين وترهيب الصحفيين وأعضاء المعارضة والتلاعب بالعملية الانتخابية”، مؤكدا أن أفضل طريق نحو تحقيق سلام مستدام في الصومال هو من خلال الانتهاء سريعا من انتخابات ذات مصداقية، مضيفا أن (واشنطن) أعربت مرارًا عن قلقها إزاء التأخيرات والمخالفات الإجرائية في العملية الانتخابية في الصومال والآثار الأوسع لهذه المخالفات على ديمقراطية البلاد واستقرارها.

الولايات المتحدة
بلينكن

وأضاف أنه “يتعين على زعماء الولايات على الصعيدين الوطني والاتحادي في الصومال الوفاء بالتزاماتهم تجاه استكمال العملية البرلمانية بطريقة تتسم بالمصداقية والشفافية بحلول 25 فبراير” مشددا على دعم الولايات المتحدة للشعب الصومالي وبقوة، مشيرا إلى التزام واشنطن بالعمل مع مقديشو لتعزيز الديمقراطية والأزدهار، مشددا أيضا على دعم الولايات المتحدة للشعب الصومالي وبقوة، كما أشار إلى التزام واشنطن بالعمل مع مقديشو لتعزيز الديمقراطية والازدهار.

ولم يكشف الوزير الأمريكي عن أسماء المسؤولين الذين اتخذت ضدهم الإجراءات، لكن الأوساط السياسية والإعلامية في الصومال تتحدث عن أن المقصود هو الرئيس محمد عبدالله فرماجو، وأفراد من الجيش، والأمن متهمون بعرقلة مسار العملية الانتخابية التي يقودها رئيس الوزراء محمد حسين روبلي.

محمد حسين روبلي

الخطوة الأمريكية سبقتها تهديدات صادرة من وزارة الخارجية لمعرقلي الانتخابات وعملية السلام في الصومال يناير/كانون الثاني الماضي.

وتزامنت الخطوة مع إتمام عبدالله فرماجو الرئيس المنتهية ولايته عاما كاملا دون سلطة شرعية عقب انقضاء ولايته الرسمية في 8 من فبراير/شباط 2021 .

الانتخابات الصومالية
توصل قادة ورؤساء الولايات بالصومال – في الحادي عشر من يناير الماضي- إلى اتفاق جديد، ينص على استكمال الانتخابات التشريعية في البلاد خلال 40 يوما، وسط مخاوف من عوائق وتحديات أمنية وسياسية واقتصادية قد تتسبب في فشل الاتفاق وإنهاء الفراغ الدستوري.

جاء ذلك في ختام مؤتمر تشاوري استمر أسبوعا في العاصمة مقديشو، بحضور جميع رؤساء الولايات الإقليمية الـ5 وعمدة مقديشو، فيما كان يرأسه رئيس الوزراء محمد حسين روبلي، وتطرق المجتمعون خلال المؤتمر إلى عدة ملفات، منها سبل إكمال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتحديد سقف معين للانتخابات، إلى جانب الملف الأمني خلال المرحلة الانتقالية التي يمر بها الصومال.

ووفق البيان الحكومة، فإن “المجتمعين في المؤتمر التشاوري توصلوا بعد اجتماعات مكثفة استمرت لـ7 أيام مع شركاء الصومال الدوليين والمجتمع المدني والمرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية، إلى عدة بنود”.

وتضمنت البنود “الانتهاء من انتخابات البرلمان باستكمال انتخابات الغرفة الأولى منه (مجلس الشعب) خلال 40 يوما بداية من 15 يناير الماضي إلى 25 فبراير الجاري”.

وشدد على “أهمية إعطاء فرص متساوية لجميع المرشحين في الانتخابات البرلمانية، وعدم الانحياز لمرشح على حساب مرشح آخر”.

ودعا المؤتمر التشاوري اللجان الانتخابية للحفاظ على حصة المرأة بنسبة 30 بالمئة في انتخابات مجلس الشعب، مطالبا لجان الانتخابات بـ”حماية الاتفاقيات حول الانتخابات التي توضح مسار العملية الانتخابية في البلاد”.

وأشار إلى أنه “يجب على الولايات الفيدرالية السماح للمراقبين المستقلين والإعلام وشيوخ القبائل، بالإشراف على الانتخابات من أجل تحقيق نزاهتها”، داع ا المؤتمر التشاوري الجيش إلى “عدم الانخراط بالعملية السياسية في البلاد وأداء واجباته المتمثلة بحماية أمنها”.

وحث البيان بعثة الاتحاد الإفريقي لدى الصومال (أميصوم)، على تعزيز أمن القصر الرئاسي الذي يضم مقرات ومكاتب حكومية، بما فيها مكتب رئيس الحكومة.

المؤتمر يأتي بعد أزمة سياسية بين رئيس الحكومة ورئيس البلاد، محمد عبد الله فرماجو، تطورت إلى تبادل اتهامات بين الجانبين بفشل مسؤولية إجراء الانتخابات في البلاد.

واتخذت الأزمة مسارا تصاعديا بعد إعلان فرماجو عن توقيف عمل رئيس الحكومة وتقليص صلاحياته، ليرد الأخير بأن خطوة الأول “محاولة للانقلاب على الشرعية”.

وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ الغرفة الثانية من البرلمان، والمكون من 54 عضوا في منتصف نوفمبر الماضي، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب المكون من 275 نائبا في بعض الولايات الفيدرالية، حيث تم انتخاب 34 نائبا حتى الآن، كما لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.

وتتواصل الجهود الدولية لإنهاء حالة الجمود وإنقاذ البلاد من فراغ دستوري يضر مساري بناء الدولة والمصالحة الوطنية الشاملة، بعد انتهاء ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو في فبراير الماضي.

ومن المتوقع، أن يكون الاتفاق خطوة مهمة وانفراجة كبيرة نحو استقرار جزئي للصومال، خاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها الفترة الماضية بين روبلي وفرماجو، وقد يكتب له النجاح في حال توافر الدعم الدولي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعرقل إتمام أطول انتخابات يشهدها العالم، وهي الانتخابات الصومالية.

التحديات التي تواجه الانتخابات الصومالية:
تتمثل التحديات الاقتصادية في الشركاء الدوليين الذين لم يعطوا الحكومة الصومالية حصتهم في تمويل الانتخابات، رغم طلب الحكومة مبلغا إضافيا على الميزانية الكلية المقترحة بـ27.2 مليون دولار.

وكانت حصة الشركاء الدوليين حوالى 7 ملايين دولار، ولم يدفعوا إلا 3.7 مليون دولار، مطالبين بشفافية ونزاهة وإنجاز الانتخابات في مواعيدها، وهو ما لم يحدث حيث تغيرت الجداول الانتخابية أكثر من مرة.

أما التحديات الأمنية، فإن خطر حركة الشباب الإرهابية يتنامى في جميع البلاد حتى بالعاصمة مقديشو، كما أنها وجهت تحذيرا للمواطنين بعدم المشاركة، وأن الانتخابات لا تمثل الصوماليين، فباتت هناك حالة خوف من أي عمليات إرهابية قد تعرقل سير الانتخابات.

التحديات السياسية، فانتخابات مجلس النواب تمثل ركيزة مهمة جدا للحكومة والأحزاب ورؤساء الولايات كون أعضائه الـ275 هم من سينتخبون رئيس البلاد، لذلك هناك صراع كبير إقليمي وداخلي لتوجيه دفتها عبر التحالفات القبلية وديناميات العشائر والتوازنات وحسابات المال السياسي.

يأتي ذلك مع وجود رئيس منتهية ولايته حصل على تمديد بالبرلمان، وتم التراجع عنه، ومجلس وزراء قائم بالأعمال، وهذا وضع سيستمر حتى مجيء رئيس جديد، وهناك ضغوط دولية لإنهاء هذا الفراغ الدستوري، مؤكدا أن شكل البرلمان الجديد هو الذي يحدد بدرجة حاسمة من هو الرئيس القادم المقرر انتخابه.

ومطلع العام الماضي، شهد الصومال أزمة سياسية أخرى بعد فشل خطط إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في فبراير الماضي، بسبب عدم الاتفاق بين القوى السياسية داخل البلاد على كيفية تنظيمها، ثم انهيار المحادثات بين حكومة مقديشو والقادة المحليين في أبريل الماضي.

وشهد الصومال في العام الجاري أزمة سياسية، بعد فشل خطط إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في فبراير الماضي بسبب عدم الاتفاق بين القوى السياسية داخل البلاد على كيفية تنظيمها، ثم انهيار المحادثات بين حكومة مقديشو والقادة المحليين في أبريل الماضي.

وطلب فرماجو في هذا السياق من المشرعين تمديد ولايته لمدة عامين ما أدى إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية واشتباكات في مقديشو، واضطر الرئيس المنتهية ولايته إلى التخلي عن خططه وكلف رئيس الوزراء بقيادة الاستعدادات لإجراء انتخابات غير مباشرة هذا العام، وفقا للاتفاق المبرم في 17 سبتمبر 2020.

وفي مطلع نوفمبر، انطلقت انتخابات مجلس الشعب الصومالي في مقديشو والأقاليم الشمالية دون شروع باقي الولايات في الانتخابات النيابية لإنجاز المجلس الذي سينتخب رئيس الجمهورية.

وأقرت في السابق ثلاثة جداول زمنية للانتخابات الفيدرالية منذ 29 يوليو ثم تعثر المسار، وسط ضغوط خارجية وداخلية لإنهاء حالة الفراغ الدستوري.

تسريع الانتخابات
وفي يناير الماضي، كشفت لجنة الانتخابات الفيدرالية الصومالية، أن العملية الانتخابية النيابية ستستمر بشكل سريع مابين 15 يناير ولغاية 25 من فبراير، حيث يتم انتهاء انتخاب جميع مقاعد مجلس الشعب للبرلمان الفيدرالي.

ومن المقرر أن ينتخب أعضاء لجنة الانتخابات الفيدرالية، رئيسا جديدا لهم خلفا للرئيس السابق محمد حسن عيرو الذي أقيل من منصبه.

وكان رحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، بالمؤتمر الوطني التشاورى بين القادة الصوماليين إلى جداول زمنية محددة لإجراء الانتخابات فى البلاد.

وأعرب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي عن تفاؤله بمخرجات المؤتمر التشاوري لقادة الصومال من أجل إجراء انتخابات مجلس النواب بحرية وشفافة بحلول 25 فبراير المقبل.

وقال إن الانتخابات ذات المصداقية هي خطوة حاسمة وضرورية نحو سلام دائم في الصومال وأن تحقيق هذه الخطوة وحل القضايا المعلقة على نحو مستدام لا يأتي إلا من خلال التفاعل السلمي والحوار.

وحث رئيس المفوضية، القادة السياسيين الصوماليين على ممارسة ضبط النفس وتعزيز الحوار السياسي التفاعلي من أجل الاستقرار السياسي، وأن الاتحاد الأفريقي على استعداد لزيادة دعمه لجميع هذه الجهود التي ستؤدي إلى السلام والتقدم والازدهار للصومال.

الصومال
الصومال كانت تعرف فيما قبل باسم جمهورية الصومال الديمقراطية، هي دولة عربية تقع في منطقة القرن الأفريقي في شرق أفريقيا ويحدها من الشمال الغربي جيبوتي، وكينيا من الجنوب الغربي، وخليج عدن من الشمال والمحيط الهندي من الشرق وأثيوبيا من الغرب، وتملك أطول حدود بحرية في قارة أفريقيا. تتسم تضاريسها بالتنوع بين الهضاب والسهول والمرتفعات. مناخها صحراوي حار على مدار السنة مع بعض الرياح الموسمية والأمطار غير المنتظمة.

كان شمال شرق الصومال قديماً أحد أهم مراكز التجارة العالمية بين دول العالم القديم، حيث كان البحارة والتجار الصوماليون يتاجرون في البخور واللبان (المستكة) ونبات المر والتوابل والتي كانت تعتبر من أقيَم المنتجات في المنطقة الجنوبية من جزيرة العرب وسقطرى بالنسبة للمصريين القدماء والفينقيين والمايسونيين والبابليين، الذين ارتبطت بهم جميعاً القوافل التجارية الصومالية وأقام الصوماليون معهم العلاقات التجارية.

ومع ميلاد الإسلام على الجهة المقابلة لسواحل الصومال المطلة على البحر الأحمر تحول التجار والبحارة والمغتربين الصوماليين القاطنين في شبه الجزيرة العربية تلقائياً إلى الإسلام وذلك من خلال تعاملهم مع أقرانهم من التجار العرب المسلمين.

ومع فرار العديد من الأسر المسلمة من شتى بقاع العالم الإسلامي خلال القرون الأولى من انتشار الإسلام بالإضافة إلى دخول أغلبية الشعب الصومالي إلى الإسلام سلمياً عن طريق المعلمين الصوماليين المسلمين الذين عملوا على نشر تعاليم الإسلام في القرون التالية، تحولت الدويلات القائمة على أرض الصومال إلى دويلات ومدن إسلامية مثل مدن مقديشيو وبربرة وزيلع وباراوا ومركا والذين كونوا سوياً جزء من الحضارة البربرية. وقد عرفت مقديشيو بعد انتشار الإسلام في الصومال باسم “مدينة الإسلام” كما تحكمت في تجارة الذهب في منطقة شرق أفريقيا لقرون طويلة.

وخلال القرن التاسع عشر وبعد انعقاد مؤتمر برلين عام 1884، أرسلت الإمبراطوريات الأوروبية العظمى جيوشها إلى منطقة القرن الإفريقي بغية السيطرة على هذه المنطقة الإستراتيجية في العالم مما دفع الزعيم محمد عبد الله حسان، مؤسس الدولة الدرويشية، إلى حشد الجنود الصوماليين من شتى أنحاء القرن الأفريقي وبداية واحدة من أطول حروب المقاومة ضد الاستعمار على مدار التاريخ.

استطاعت الصومال في البداية مقاومة الاستعمار، حيث تمكنت دولة الدراويش من صد هجوم الإمبراطورية البريطانية أربع مرات متتالية وأجبرتها على الانسحاب نحو الساحل. وهزمت دولة الدراويش في عام 1920 عندما استخدمت القوات البريطانية الطائرات خلال معاركها في أفريقيا لقصف “تاليح” عاصمة الدولة الدرويشية وبذلك تحولت كل أراضي الدولة إلى مستعمرة تابعة للإمبراطورية البريطانية. كما واجهت إيطاليا نفس المقاومة من جانب السلاطين الصوماليين ولم تتمكن من بسط سيطرتها الكاملة على أجزاء البلاد المعروفة حالياً بدولة الصومال إلا خلال العصر الفاشي في أواخر عام 1927 واستمر هذا الاحتلال حتى عام 1941 حيث تم استبداله بالحكم العسكري البريطاني. وظل شمال الصومال مستعمرة بريطانية في حين تحول جنوب الصومال إلى دولة مستقلة تحت الوصاية البريطانية إلى أن تم توحيد شطري الصومال عام 1960 تحت اسم جمهورية الصومال الديمقراطية.

ونتيجة لعلاقاتها الأخوية والتاريخية مع مختلف أقطار الوطن العربي، تم قبول الصومال عضواً في جامعة الدول العربية عام 1974. كما عملت الصومال على توطيد علاقاتها بباقي الدول الأفريقية، فكانت من أولى الدول المؤسسة للاتحاد الإفريقي، كما قامت بدعم ومساندة المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، وكذلك دعم المقاتلين الإيرتريين خلال حرب التحرير الإيريترية ضد إثيوبيا.

وكان الصومال واحداً من الأعضاء المؤسسين لمنظمة المؤتمر الإسلامي وذلك لكونها إحدى الدول الإسلامية وكذلك عضواً في منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، وبالرغم من معاناته جراء الحرب الأهلية وعدم الاستقرار على المستوى الداخلي، نجح الصومال في إنشاء نظام اقتصادي حر يفوق العديد من الأنظمة الاقتصادية الأفريقية الأخرى حسب دراسة لمنظمة الأمم المتحدة.