مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بين 1943 و2022.. المشهد في كييف يتكرر والنتيجة ليست واحدة

التاريخ يعيد نفسه بعد انتهاء النازية.. أوكرانيا تحت الحصار مرة أخرى

نشر
أوكرانيا
أوكرانيا

"الجيش الأحمر السوفيتي يحرر مدينة كييف"، هكذا كتبت الصحف في نوفمبر من عام 1943، وذلك بعد عامين وشهرين من سقوطها بيد هتلر وجيوش النازية الألمانية، وتحديدا في سبتمبر 1941.

يظهر في الصور الزعيم السوفيتي ستالين، وهو يُلقي خطاب التحرير في موسكو بحضور قادة السوفييت، وتظهر أيضا احتفالات موسكو بالتحرير.

النازية

ونرى في إحدى الصور الدبابات السوفييتية وهي تدخل مدينة كييف وصورة أخرى لقيام الجيش النازي بتدمير بعض الأبنية وحرقها مع انسحابه من المدينة.

التاريخ هو الذي يوضح حقيقة المشهد الحالي الذي تعيشه أوكرانيا، في ظل الهجوم الروسي عليها، وحكاية النازية الأوكرانية وهل هي حقيقة أم مجرد افتراءات روسية.

الاحتلال الألماني عام 1939

احتلت ألمانيا النازية بقيادة هتلر، عام ١٩٣٩ كامل بولندا وتشيكوسلوفاكيا والحقتها بألمانيا، وبعد عام احتلت أيضا باريس ومعظم فرنسا ونصبت حكومة موالية، وهي حكومة فيشي، وتمت السيطرة الألمانية على معظم أوروبا ماعدا بريطانيا، بحدود منتصف ١٩٤١.

بعدها قرر هتلر أن يتوسع شرقا واحتل أجزاء كبيرة من الاتحاد السوفيتي مثل روسيا البيضاء ومنسك وحاصر مدينة كييف، بين يوليو وحتى سبتمبر عام ١٩٤١، ثم دخلها بعدما هزم الجيوش السوفييتية.

هتلر

ومن الجدير بالذكر أن معركة تحرير كييف كلفت ألمانيا نصف مليون قتيل وأسير في موفمبر ١٩٤٣م.

وبين هذا وذاك قُتل وهُجر وأُسر نصف مليون أخر بين المدنيين في كييف بينهم مائة ألف يهودي على يد النازية الألمانية.

ومع وجود الاحتلال النازي الألماني لمدينة كييف، انضمت أعداد كبيرة من الأوكرانيين لهذا الفكر العنصري، وآمنت به ومارسته ببشاعة ضد المواطنين، ومازال هذا الفكر أو ما يسمى ببقايا الفكر النازي، يعود مرة أخرى ليتبناه أحفاد هؤلاء.

الفكر النازي ما زال موجود لكنه لا يبرر مطلقًا ما يجري اليوم من عمليات عسكرية من الجانب الروسي تجاه أوكرانيا، وبهذا الشكل المرعب.

تم احتلال كييف من قبل النازية، لكن مدن سوفييتية أخرى تعرضت لحصار مرير ولم تستسلم مثل ستالينجراد ولينين جراد وموسكو نفسها نجحت من الاحتلال الألماني.

ولاحقا، تمكنت روسيا وبدعم غربي كبير من أمريكا وكندا وبريطانيا، وبجسور برية وبحرية كبرى ساهمت عدة دول بينها العراق، من إرسال المساعدات التي سمحت للاتحاد السوفيتي بقلب الطاولة وإعادة تحرير مدنها والتوجه غربا لبرلين عاصمة النازية واحتلالها مع باقي الحلفاء في مايو ١٩٤٥ وإنهاء تلك الحرب.

المشهد يتكرر

واليوم وبعد ما يقرب من ٨٠ عاما، تكرر روسيا مأساة كييف مرة أخرى، وتقرر السير بنفس مبدأ النازية، إذ بدأت فى الساعات الأولى من صباح يوم الخميس الماضي، عملية عسكرية روسية فى أوكرانيا، أعلن عنها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

ودعا بوتين الجيش الأوكرانى إلى إلقاء سلاحه، مضيفا أن إراقة الدماء ستكون مسئولية النظام الأوكرانى، وأنه حال حدوث تدخل أجنبى فإن روسيا سترد على الفور، مؤكدا أنه لا يخطط لاحتلال أراض أوكرانية.

روسيا تحدثت عن تحركها بأنه عملية عسكرية، فيما أشارت أوكرانيا وحلفاؤها إلى أنه غزو، وفي بيان، أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة اتفاقهما مع 25 دولة على تزويد أوكرانيا بمزيد من السلاح في إطار القتال الدائر مع روسيا.

الاكتفاء بالأسلحة

واكتفت الدول الغربية بعد أن استفزت روسيا لخوض حربها ضد أوكرانيا في الوقت الذي تخلت فيه عن الأخيرة، بدعم كييف بالسلاح.

ووافقت الحكومة التشيكية على إرسال أسلحة وذخيرة بقيمة 188 مليون كرونة (8.57 مليون دولار) لمساعدة أوكرانيا.

والشحنة تشمل أسلحة آلية وبنادق هجومية وأسلحة خفيفة أخرى، سيتم تسليمها من الجانب التشيكي إلى موقع تختاره أوكرانيا.

وفي الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن مذكرة تقضي بتقديم 600 مليون دولار مساعدات عسكرية فورية لأوكرانيا، وفقًا لوكالة الأنباء الألمانية.

وتعهد بايدن مجددا بدعم واشنطن للرئيس الأوكراني في الوقت الذي تواصل فيه روسيا هجومها على أوكرانيا.

أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فأعلن تقديم معدات دفاعية لأوكرانيا، إلى جانب مساعدات إضافية بمقدار 300 مليون يورو.

بينما هولندا فستُسلِّم أوكرانيا 200 صاروخ "ستينجر" للدفاع الجوي، وخمسين سلاحا مضادا للدبابات من طراز بانزرفوست-3 و400 صاروخ.

أما ألمانيا، فستُرسل 400 قاذف "آر بي جي" وبألف صاروخ مضاد للدبابات و500 صاروخ ستينجر أرض جو.

الرئيس الأوكراني: الجميع خائفون

بنبرة يملؤها الحزن والأسى، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن بلاده "تُركت وحدها" في مواجهة روسيا، متسائلا "مَن هو مستعدّ للقتال معنا؟ لا أرى أحدا".
كما تساءل الرئيس الأوكراني، خلال كلمة في وقت سابق، قائلا: "مَن مستعد لضمان عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي؟ مجيبا "الجميع خائفون"، وذلك في وقت أشار فيه حلف الناتو إلى أنه لن يرسل قوات لدعم أوكرانيا.


ولغة النقد واللوم للغرب باتت سائدة في أوكرانيا حيث اعتبر زيلينسكي أن العقوبات المفروضة على روسيا "غير كافية".

ومنذ بداية الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، دعمت الدول الغربية كييف، لكنها أعلنت أنها لن ترسل قوات لمواجهة الجيش الروسي وأنها ستتصدى لتحرك موسكو عبر حزمة عقوبات غير مسبوقة.

وعلى إثر الغضب من الغرب وإلقاء اللوم، ألغى الرئيس الأوكراني متابعة حسابات كل رؤساء وقادة العالم عبر "تويتر"؛ في إشارة لمواجهته غزو روسيا بشكل وحيد، حسب تقارير محلية في أوكرانيا.

وظهر حساب رئيس أوكرانيا بـ"صفر" متابعات، حيث ألغى زيلينسكي متابعة حسابات كل رؤساء العالم، حسبما أظهرت بيانات الحساب.

واعتبر محللون أن الخطوة رسالة من الرئيس الأوكراني بأنه لم يشعر بالدعم المنشود من قِبل حلفائه الغربيين في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأنّه يواجه الغزو الروسي بمفرده.

ويقول الجنرال المتقاعد هربرت ماكمستر، المستشار السابق للأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، إنه: "كانت هناك حالة من النرجسية الاستراتيجية لدى الغرب، والفشل في تقدير العاطفة والأيديولوجية والطموح الذي يدفع بوتن والأجهزة الأمنية المحيطة به".

موقف الغرب ضعيف

ويضيف أن هجوم بوتين الشامل على أوكرانيا وضع الغرب في موقفٍ ضعيف للغاية، حيث يسعى إلى إيجاد سبل لردع عدوان الكرملين والتأثير على زعيم روسي أبدى صراحة ازدراءه للغرب وأثار الشكوك بشأن استعداده لاتخاذ إجراءات حاسمة، حسبما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأردف: "أوكرانيا تتحمل الآن تكاليف فشل الغرب في ردع روسيا، والتي ظلت على مدى 14 عاما في حالة معاناة استراتيجية كي تحصل على عضوية الناتو".