سفير فلسطين بالقاهرة يشهد ندوة حول واقع الأسرى في السجون الإسرائيلية
قدم السفير دياب اللوح سفير دولة فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية ندوة حول واقع الأسرى في السجون الإسرائيلية بمناسبة يوم الأسير في ذكرى يوم الأرض الخالد، برعاية معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية.
وجاءت في نص كلمة السفير الفلسطيني بالقاهرة: "معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية
سعادة السفير د.سعيد أبو علي، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة معالي الوزير قدري أبو بكر، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين
أصحاب السعادة مندوبي وممثلي الدول الشقيقة والصديقة أهالي الأسرى والأسرى المحررون الفلسطينيون والعرب الحضور الكريم كلُ باسمه ولقبه، بداية يشرفني أن أنقل إليكم تحيات السيد الرئيس محمود عباس، الذي يقدر عاليا دوركم ودور جامعة الدول العربية في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. كما واسمحوا لي أن أبرق باسمي وباسمكم خالص التحيات وأصدقها إلى الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي والذين يتابعون هذه الفعالية ويتطلعون إلى مزيد من الجهود الداعمة والمساندة لحقوقهم في مواجهة التصعيد الإسرائيلي الخطير.
وتابع: "نلتقي بكم اليوم، الذي يُصادف، الثلاثين من آذار، الذكرى السادسة والأربعين ليوم الأرض الفلسطيني، لنُنطلق سوياً، من هنا، من بيت العرب، برعاية معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد/ أحمد أبو الغيط، باكورة فعاليات إحياء الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني التي تُصادف في السابع عشر من نيسان المقبل، ولنسلط معاً الضوء على واقع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة يصل بعضها إلى حد وصف الجريمة عليها وفقاً للقانون الدولي.
وليس من باب المصادفة اختيار يوم الأرض، ليكون يوماً لأسرى فلسطين، فهم الأحق بإحياء يوم تأكيد فلسطينية الأرض وهويتها العربية، فالترابط ما بين الأسرى والأرض الفلسطينية، كان وما يزال وثيقاً. وهم من انتموا إلى الأرض ودافعوا عنها وضحوا لأجلها فأفنوا بزهرات شبابهم وسنوات أعمارهم خلف القضبان، كما وساهموا في تكوين الشخصية الفلسطينية وتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ الارتباط بالأرض الفلسطينية، فكان لهم دوراً بارزاً مبجلاً في مقاومة المُحتل على مدار تاريخ النضال الفلسطيني والسعي نحو حرية الأرض والإنسان، من هنا يمكن القول: أن دعم الأسرى وإسنادهم، ليس واجباً فلسطينياً وعربياً فحسب، أو أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً فقط، وإنما هو مسؤولية دولية، خاصة وأن القانون الدولي منح الشعوب الحق في تقرير المصير".
وأضاف: "كذلك الحق في مقاومة المُحتل، وإن هذا الحق في النضال، يُسمى أصحابه (محاربو الحرية)، على اعتبار أنهم لا يحاربون من أجل العنف، بل لأن قوى أكبر منهم قد أجبرتهم على خوض الحرب لانتزاع الحرية والسلام وتحرير أرضهم المُحتلة، لذا أضحت قضية الأسرى عنواناً رئيسياً من عناوين القضية الفلسطينية، وجزءاً أساسياً من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، وقضية محل إجماع وطني بين الكل الوطني الفلسطيني".
واستطرد: "لقد أقر المجلس الوطني الفلسطيني-باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية– خلال دورته العادية عام1974، السابع عشر من نيسان/ابريل يوماً وطنياً للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وفاءً لقضيتهم العادلة، وتقديراً لنضالاتهم وتضحياتهم، وتكريماً لمن ارتقوا شهداء خلف القضبان، واستمراراً لإبراز معاناتهم وعذاباتهم، وسعياً لحشد الرأي العام العربي والدولي لدعم حقوقهم وضمان الإفراج عنهم، ومنذ إقراره، والشعب الفلسطيني، في الوطن والشتات، ومعه مناصرو الحرية في العديد من الدول والعواصم العربية والأوروبية يحيونه سنوياً، بأشكال ووسائل عديدة، مما جعل منه مناسبة عربية وعالمية، وفاءً لأسرى فلسطين، وتأكيداً على الدعم العربي للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أقرت القمة العربية التي عُقدت في دمشق في آذار/مارس عام2008، اعتماد السابع عشر من نيسان يوماً عربياً تعبيراً عن التضامن العربي مع قضيتهم العادلة، وهانحن نحيي هذه المناسبة هذا العام في بيت العرب، جامعة الدول العربية، التي كان لها ومازال دوراُ أساسياً في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة بشكل عام، وقضية الأسرى والمعتقلين بشكل خاص. حيث كان لجامعة الدول العربية وقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة الكثير من القرارات والفعاليات واللقاءات والمؤتمرات والإصدارات الخاصة بقضية الأسرى، وفي ذات السياق لا يسعنا إلا أن نسجل احترامنا وتقديرنا لكافة الجهود العربية والدولية المبذولة لدعم ومساندة قضية الأسرى والمعتقلين، وتدويلها انسجاماً مع توجيهات السيد الرئيس محمود عباس الذي أكد مرارا وتكرارا على أهمية تدويل القضية".
وأضاف: "لقد أيقن الشعب الفلسطيني منذ أن أُقتلع من دياره واحتل الإسرائيليون أرضه وسلبوا حريته، أن مقاومة المُحتل، خيار لابد منه. وفي سياق مقاومته المشروعة للاحتلال، قدم الشعب الفلسطيني أرقاماً خيالية من الأسرى والمعتقلين، لاسيما وأن الاحتلال الإسرائيلي لجأ إلى الاعتقالات كوسيلة للعقاب الجماعي وأداة لقمع الفلسطينيين وترهيبهم والانتقام منهم ووأد ثورتهم وإخماد مقاومتهم، كما ولم تقتصر اعتقالاته على المقاومين فحسب، وإنما شملت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، ولم تَعد هناك عائلة فلسطينية واحدة، إلا وقد ذاق أحد أفرادها مرارة السجن، بل هنالك من الأسر الفلسطينية التي تعرضت بكامل أفرادها للاعتقال. كما ولم يمر يوماً واحداً إلا ويُسجل فيه اعتقالات والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، حتى أضحت الاعتقالات الإسرائيلية ظاهرة يومية وسلوكاً ثابتاً، وجزءاً أساسياً من سياسة الاحتلال في التعامل مع الشعب الفلسطيني، لذا كانت الأعداد صادمة، إذ يُقدر عدد من مروا بتجربة الاعتقال بنحو مليون فلسطيني، منهم سبعة عشر ألف من النساء، وأكثر من خمسين ألفاً من الأطفال. وما من فلسطيني مرّ بتجربة الاعتقال، إلا وتعرّض -على الأقل- إلى واحد من أحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي، هكذا تُفيد الوقائع وتُؤكد شهادات المعتقلين، بمن فيهم الأطفال والفتيات والنساء وكبار السن، وحتى المرضى والجرحى".
معطيات إحصائية واستهداف إسرائيلي متصاعد للمقدسيين
تحل ذكرى "يوم الأسير" هذا العام في ظل تزايد الاعتقالات وارتفاع أعدادها، ووفقا لإحصائيات فلسطينية رسمية، فلقد سُجل العام الماضي2021 اعتقال نحو (8000) فلسطيني، منها (2000) معتقل من المناطق المحتلة عام48، ومن بينها (1300) طفل و(184) فتاة وامرأة. هذا واعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الربع الأول من العام الجاري 2022 قرابة (1400) فلسطيني/ة، منهم ما يزيد عن (200) طفل وأكثر من (30) فتاة وامرأة.
وفي سياق الاعتقالات العامة، نلحظ استهدافاً إسرائيلياً متصاعداً بحق مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين خلال السنوات الأخيرة، وتحت ذرائع متعددة اختلقتها سلطات الاحتلال اعتقلت الآلاف من الفلسطينيين هناك.
فعلى سبيل المثال: اعتقلت خلال العام المنصرم نحو 2784 فلسطينياً من القدس، وهؤلاء يشكلون قرابة 35% من إجمالي الاعتقالات في كافة المناطق الفلسطينية خلال العام نفسه، وزيادة قدرها 41% عمّا سُجّل من اعتقالات في القدس خلال العام الذي سبقه، وكان من بين المعتقلين المقدسيين نحو(750) طفلاً و(120) فتاة وامرأة، وفقا لإحصائيات فلسطينية رسمية.
وتشير المعطيات الإحصائية إلى أن سلطات الاحتلال ما تزال تحتجز في سجونها قرابة 450 أسير مقدسي، منهم 45 طفلاً و14 فتاة وامرأة، و42 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، وبينهم مَن مضى على اعتقالهم ما يزيد عن عشرين عاماً ، بل ثلاثين عاماً وأكثر، وهؤلاء جميعا يحتجزون في ظروف صعبة أسوة بالآخرين ويتعرضون لذات المعاملة القاسية.
هذا بالإضافة إلى صدور مئات قرارات "الحبس المنزلي" والتي باتت تشكل ظاهرة آخذة بالاتساع في القدس، الأمر الذي حوّل مئات البيوت الفلسطينية في القدس إلى سجون، وجعّل من الأهالي المقدسيين سجّانين على أبنائهم القُصّر، تنفيذاً لشروط الإفراج التي فرضتها عليهم المحاكم الإسرائيلية، الأمر الذي أدى ويؤدي إلى بروز الكثير من المشكلات الاجتماعية والنفسية لدى الأطفال وذويهم.
وعلى الرغم من ذلك، فإن المقدسيين أبدوا إصراراً على التمسك بحقوقهم التاريخية وانتمائهم الوطني ويخوضون ملحمة تاريخية للدفاع عن هوية القدس ومكانتها التاريخية والقانونية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، ولمنع تهويدها وسرقة تراثها، وقدَّموا وما زالوا يقدمون نماذج كثيرة شكّلت أعمدة أساسية لكفاح الشعب الفلسطيني. وهم جزء أصيل من الحركة الأسيرة، وارتقى منهم ثمانية عشر أسيراً شهداء خلف القضبان منذ سنة 1967.
واليوم وأمام هذا الاستهداف الإسرائيلي وتصعيد القمع وصعوبة الواقع الذي يعيشه فلسطينيو القدس وإصرارهم على التمسك بحقوقهم وانتمائهم، وعدم التخلي عن عمقهم الوطني والإسلامي، يتوجّب علينا جميعا العمل على تعزيز صمودهم وتحرير المعتقلين منهم، وتثبيت حقوقهم وحماية أطفالهم ونسائهم من بطش المُحتل.
الأسرى والمعتقلون في أرقام:
ووفقاً لأحدث الإحصائيات الفلسطينية، فإن سلطات الاحتلال ما تزال تحتجز في سجونها ومعتقلاتها نحو (4400) فلسطيني، موزعين على نحو 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، منهم (160) طفلاً، و(32) فتاة وسيدة، و(490) معتقلاً إداريا، دون تهمة أو محاكمة، ومن بين أولئك الأسرى يوجد (548) أسيراً، يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد المفتوح (مدى الحياة)، لمرة واحدة أو لعدة مرات، وأعلاهم حكماً الأسير عبد الله البرغوثي، المحكوم لـ(67) مؤبّداً، ومن بين الأسرى عشرات من كبار السن وأكبرهم، "شيخ المعتقلين" كما يحلو لرفاقه الأسرى مناداته، الأسير القائد فؤاد الشوبكي "أبا حازم" الذي يبلغ من العمر (82عاماً) وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه بالرغم من أنه قضى في السجن 16سنة من مدة حكمه البالغة 17سنة.
وتفيد ذات الإحصائيات الرسمية أنه ومع نهاية مارس 2022، ارتفع عدد الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة على التوالي ليصل إلى (152) أسيراً فلسطينياً، وهؤلاء يُطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح "عمداء الأسرى". ومن بينهم (35) أسيراً مضى على اعتقالهم ربع قرن وما يزيد، وهؤلاء يُطلق عليهم "جنرالات الصبر" بينهم(25) أسيراً معتقلين منذ ما قبل اتفاق "أوسلو" وقيام السلطة الوطنية في الرابع من آيار/مايو1994، ويعرفون فلسطينياً بالدفعة الرابعة، وهم الذين كان من المفترض الإفراج عنهم أواخر آذار/مارس من العام 2014 وفقا لتفاهمات فلسطينية _ إسرائيلية برعاية أمريكية، أي قبل ثماني سنوات، إلا أن حكومة الاحتلال تنصلت من الاتفاق وتراجعت عن الإفراج عنهم وأبقتهم في سجونها حتى يومنا، مما رفع عدد الأسرى الذين مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين سنة ومازالوا في السجن إلى (17) أسيرا، بينهم (8) أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من خمس وثلاثين سنة بشكل متواصل، أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ كانون ثاني/يناير1983، هذا بالإضافة إلى عشرات آخرين من الأسرى الفلسطينيين الذين سبق وتحرروا في صفقة وفاء الأحرار
(شاليط) عام2011 وأعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم منتصف العام2014، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي" الذي أمضى في سجون الاحتلال-على فترتين-أكثر من 41سنة، ويُعتبر أكثر الأسرى الفلسطينيين والعرب قضاء للسنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ونلفت الانتباه هنا إلى أنه وعلى الرغم من أهمية الإحصاء، فإن ما يجب معرفته، هو أن خلف تلك الأرقام تكمن آلاف القصص والحكايات لشعب ما زال يعاني جراء الاحتلال واعتقالاته التعسفية.
الأطفال:
دولة الاحتلال لم تستثنِ الأطفال من اعتقالاتها، ولم تراعِ براءة طفولتهم واحتياجاتهم الخاصة، فواصلت استهدافهم، حيث أفادت هيئة شؤون الأسرى والمؤسسات الفلسطينية المختصة في تقريرها السنوي أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 1300 طفل خلال العام المنصرم، أغلبيتهم من القدس، نحو 750 طفلاً! وهذا يؤشر إلى تصعيد إسرائيلي خطير بحق الأطفال الفلسطينيين عامة، والمقدسيين خاصة، مما يشكل خطرا على واقع ومستقبل الطفولة الفلسطينية.
وما زالت سلطات الاحتلال تحتجز نحو (160) من المعتقلين الأطفال ضمن ظروف سيئة جداً، وتعاملهم بقسوة وتحرمهم أبسط حقوقهم، وتُخضعهم للتعذيب، وتفرض عليهم أحكاماً جائرة مقرونة بغرامات مالية باهظة، مما يشكّل عبئاً اقتصادياً إضافياً على كاهل الأسر الفلسطينية.
الأسرى المرضى:
فيما بلغ عدد المرضى قرابة (600) أسير/ة، يعانون أمراضا عديدة، وبين هؤلاء (300) أسير/ة يعانون أمراضاً خطرة ومزمنة كالسرطان والشلل مثلاً، من دون أن يحظى أيٌّ منهم بأي قدر من العناية الطبية، في ظل تردي الأوضاع الصحية واستمرار الإهمال الطبي والاستهتار الإسرائيلي، إلى أن فقد بعضهم القدرة على أداء الأنشطة اليومية الاعتيادية، ومَن لم يعد قادراً على قضاء حاجته الشخصية من دون مساعدة رفاقه في السجن، مثل: خالد الشاويش ومنصور موقدة، وناهض الأقرع، وأيمن الكرد، ومعتصم رداد، ونضال أبو عاهور، وإسراء الجعابيص، وناصر أبو حميد، وكثيرون غيرهم.
والأدهى أنه ومنذ انتشار جائحة "كورونا" في المنطقة قبل عامين تقريباً، لم توقف قوات الاحتلال اعتقالاتها للفلسطينيين، كما ولم تتخذ إدارة السجون الإسرائيلية الوسائل اللازمة لحماية الأسرى، ولم توفر سُبل الوقاية ولم تُجرِ أية تغيرات أو تحسينات على النظام الصحي أو الغذائي وقواعد المعاملة مما ساعد في وصول الفايروس إلى داخل السجون وانتشاره بين صفوف الأسرى، فأصاب وفقاً لتقديرات المؤسسات المختصة قرابة (1000) أسير فلسطيني، وهنا لابد من الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال مازالت تمنع زيارات أسرى غزة بذريعة "كورونا"، دون أن توفر لهم البدائل بما يضمن استمرار التواصل الإنساني بين الأسرى وذويهم.
شهداء الحركة الأسيرة:
لقد سقط من بين الأسرى والمعتقلين نحو 227 شهيداً منذ سنة 1967، أمثال: قاسم أبو عكر وعبد القادر أبو الفحم وعمر عوض الله وراسم حلاوة واسحق مراغة وعمر القاسم وأسعد الشوا ومصطفى العكاوي وخالد الشيخ علي وعبد الصمد حريزات، والقافلة تطول، منهم 75 نتيجة القتل العمد والتصفية الجسدية بعد الاعتقال، و73 جراء التعذيب، و7 بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بالرصاص، بالإضافة إلى 72 أسيراً منهم كان الإهمال الطبي سبباً رئيسياً في استشهادهم، كان آخرهم الأسير "سامي عابد العمور" من غزة الذي استشهد بتاريخ 18 نوفمبر من العام الماضي، هذا بالإضافة إلى مئات آخرين من رفاقهم الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن، متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
احتجاز جثامين الشهداء:
لم تقتصر الاعتقالات الإسرائيلية على الفلسطينيين الأحياء، وإنما تواصل دولة الاحتلال جرائمها باحتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، بناءً على أوامر عليا وفي إطار سياسة ممنهجة منذ العام1967، في واحدة من أبشع الجرائم
الانسانية والأخلاقية والقانونية، وما زالت تحتجز نحو 335 جثمانا لشهداء فلسطينيين وعرب، في ما تُسمى مقابر الأرقام وداخل ثلاجات الموتى، -وفقا لإحصائيات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء- بينهم حسب هيئة شئون
الأسرى والمحررين (8) جثامين لأسرى فلسطينيين استشهدوا داخل سّجون الاحتلال في سنوات مختلفة وهم: أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980م، وعزيز عويسات استشهد في العام 2018م، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السّايح، وثلاثتهم استشهدوا خلال العام 2019م، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر واللّذان استشهدافي العام2020، وآخرهم سامي العمور الذي استشهد خلال العام المنصرم 2021.
وأضاف: "الحضور الكريم:
تحل علينا ذكرى "يوم الأسير" هذا العام، والحركة الأسيرة في سجون الاحتلال تمر في ظروف صعبة وخطيرة، حيث أمعنت إدارة السجون في انتهاكاتها وصعدّت من جرائمها، ووسعت من استخدامها للقوة المفرطة، وكثفت من استخدامها لأوامر الاعتقال الإداري، وصادرت أبسط حقوقهم الأساسية كالحق في التعليم والعلاج والتواصل مع الأهل، وسحبت عشرات الأصناف من المواد الغذائية ومواد التنظيف والتعقيم التي يشتريها الأسرى على نفقتهم الخاصة من مقصف السجن، مما حوّل السجون إلى ساحات للقمع والتنكيل، وجعلها أماكن للتعذيب وزرع الأمراض والقتل البطيء، وبات الأسرى يعيشون واقعاً مأساوياً، لاسيما بعد نجاح ستة أسرى فلسطينيين من الهروب من سجن جلبوع عبر نفق حفروه بأدوات بسيطة على مدار تسعة شهور متواصلة وتمكنوا في السادس من أيلول/سبتمبر الماضي من انتزاع حريتهم مما مثّل انتصاراً عظيماً لهم وللفلسطينيين أجمع.
وبالمقابل، شكلّت عملية الهروب صدمة مذهلة لقادة الاحتلال، وفشلاً ذريعاً للمنظومة الأمنية الإسرائيلية، خصوصاً أن هذا السجن، الذي أُنشئ عام 2004، يُعتبر الأكثر تحصيناً والأشد حراسة ومراقبة في دولة الاحتلال التي تصفه بـ "الخزنة الحديدية"، ومنذ ذاك التاريخ ودولة الاحتلال بكل مكوناتها، لم ولن تستوعب ما حدث، وما تزال تُعاني هول الصدمة، وتصب جام غضبها باتجاه الأسرى، لذا فإن المتتبع لأوضاع الأسرى وتطور الأحداث في السجون، يلحظ أن الهجمة الإسرائيلية بحق الأسرى تصاعدت بشكل خطير، منذ السادس من أيلول/سبتمبر 2021، وبقرار سياسي، سعياً لاستعادة هيبة الدولة وترميم صورتها التي مرّغها هؤلاء الأسرى بالتراب من جانب، وردع الأسرى وتخويفهم وبث الإحباط في نفوسهم وتجنباً لتكرارها، من جانب آخر.
وأمام هذا التصعيد الخطير والواقع المأساوي الذي لم يعد بإمكان الأسرى تحمله أو الصمت إزاء استمراره، شرع الأسرى وبتوافق وطني قبل قرابة شهر ونصف باللجوء إلى خطوات نضالية سلمية متدحرجة تصل إلى الإضراب المفتوح عن الطعام في 25 مارس الجاري، ذوداً عن كرامتهم ورفضاً للإجراءات القمعية تنفذها إدارة السجون بحقّهم وسعيا لاستعادة حقوقهم المسلوبة، وكانت أبرز مطالبهم: إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عملية الهروب من جلبوع وإلغاء كافة الإجراءات الانتقامية والعقوبات الجماعية التي اتخذتها إدارة السجون عقب "الهروب"، إضافة إلى جملة من المطالب التي تتعلق بظروف احتجاز المرضى وتوفير العلاج المناسب لهم وتحسين ظروف احتجاز الأسيرات ووقف الاعتداءات بحقهن، وتركيب هواتف عمومية في عيادة سجن الرملة وأقسام الأسيرات، وإنهاء العزل الانفراديّ وخاصة الأسرى الستة الذين نجحوا في الهروب عبر "نفق جلبوع"، واستئناف زيارات الأهالي لأسرى غزة، وإعادة المواد التي سحبت من مقصف السجن (الكانتينا) ووقف الإجراءات الانتقامية وحركة التنقلات التي كان من المزمع تنفيذها بحق أسرى المؤبدات ومن تصنفهم إدارة السجون بالأسرى الخطيرين.
وأمام وحدة الأسرى وتماسكهم وثبات مواقفهم وإصرارهم على الذهاب إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، كخيار أخير في حال فشل الخيارات الأخرى والمفاوضات، في ظل الاستمرار بالتجهيزات والتحضيرات داخل وخارج السجون، اضطرت إدارة السجون قبل موعد البدء بالإضراب بساعات قليلة إلى تلبية غالبية مطالبهم، والتي هي جميعها إنسانية وحياتية، مما دفعهم إلى تعليق خطوتهم النضالية المتمثلة بالإضراب عن الطعام. مع إبقاء كافة الخيارات مفتوحة في قادم الأيام، إذا ما حاولت إدارة السجون التراجع عما أتفق عليه.
لقد شكلت وحدة الأسرى السد المنيع والصخرة التي تحطمت عليها مؤامرات إدارة السجون، ولولا وحدتهم هذه لما حققوا الانتصار، مما يدفعنا دوما إلى التأكيد على أن سر قوتنا يكمن في وحدتنا، الأمر الذي يتطلب الذهاب نحو تحقيق المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية واستعادة الوحدة الفلسطينية لمواجهة التغول الإسرائيلي وانتزاع الحقوق الفلسطينية، وهنا لابد وأن نشيد بالدور العظيم الذي تلعبه الشقيقة الكبرى مصر ورعايتها لجولات المصالحة والجهود الكبيرة التي بذلتها وتبلها في هذا السياق منذ سنوات طويلة وتمسكنا بالدور المصري لرعاية المصالحة الوطنية، كما ونثمن كافة الجهود الأخرى التي تبذل لتحقيق المصالحة".
وأكمل: "الحضور الكريم:
نجد من المناسب في هذا اللقاء التطرق إلى جريمة "الاعتقال الإداري"، دون توجيه أي تهمة محددة، ودون تقديم المعتقل إلى المحاكمة، وحيث تلجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتقال الإداري كوسيلة للانتقام وأداة للعقاب الجماعي وبديلا سهلا عن الإجراءات الجنائية لتبرير اعتقال الفلسطينيين، ذكوراً وإناثا، صغارا وكبارا، في إطار سياسة ثابتة وممنهجة منذ العام 1967 طال الكُتاب والمثقفين وأصحاب الرأي والأكاديميين والنواب والوزراء والإعلاميين والطلبة والقيادات السياسية والمجتمعية ومسؤولي مؤسسات المجتمع المدني..الخ. حتى بات السلوك الإسرائيلي يشكل جريمة وفقا للقانون الدولي، خاصة إذا ما علمنا أن سلطات الاحتلال أصدرت أكثر من 54 ألف قرار بالاعتقال الإداري بحق الفلسطينيين منذ العام 1967. فيما أصدرت نحو(1595) قرار بالاعتقال الإداري، خلال العام الماضي ، وقرابة (300) قرار منذ مطلع العام الجاري. وفقا لمؤسسات الفلسطينية المختصة.
وخلال السنوات الأخيرة لجأ المعتقلون الإداريون إلى الخيار الصعب في مواجهة الاعتقال الإداري، وخاض نحو (400) معتقل إضرابات فردية، رفضا للاعتقال الإداري، ومن بين هؤلاء (60) معتقل خاضوا إضرابات فردية خلال العام المنصرم، وما يزال المعتقل الإداري خليل عواودة، 41عاما، من الخليل، يخوض إضرابا عن الطعام منذ مطلع الشهر الجاري، فيما ما يزال المعتقلون الإداريون يقاطعون المحاكم الإسرائيلية منذ قرابة ثلاثة شهور - والبالغ عددهم نحو (490) معتقلا- مقاطعة المحاكم الإسرائيلية المختصة بالاعتقال الإداري على اختلاف مستوياتها (تثبيت، استئناف، عليا)، كخطوة احتجاجية على ارتفاع قرارات الاعتقال الإداري ورفضا لاستمرار اعتقالهم الإداري التعسفي، دون تهمة أو محاكمة، إستناداً لما يُسمى "الملف السري"، الذي لايسمح للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه، حتى أصبح الكثيرون من المعتقلين الإداريين سجناء إلى أمد غير معلوم، جراء تجديد أوامر الاعتقال بما يتنافى مع أبسط مبادئ المحاكمة العادلة، وحيث أمضى بعضهم سنوات طوال في سجون الاحتلال تصل إلى أكثر من خمس سنوات.
وقبل الختام، لابد وأن نذكر بجريمة قرصنة أموال الضرائب:
تواصل حكومة الاحتلال اقتطاع جزء من عائدات الضرائب المستحقة للفلسطينيين، تقدر بملايين الدولارات، بما يوزاي ما تدفعه السلطة الوطنية إلى عوائل الأسرى والشهداء، في محاولة إسرائيلية للمساس بقضية الأسرى والشهداء وتشويه نضالاتهم في إطار المساعي الإسرائيلية الرامية إلى وصم كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال بـ "الإرهاب".
تشكل هذه الخطوة قرصنة لأموال الشعب الفلسطيني، مما فاقم من الأزمة المالية للسلطة الوطنية وأثر على أداء أجهزتها المختلفة، وجعل الحكومة الفلسطينية غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها وواجباتها وخاصة تجاه الموظفين، كما وتعتبر حربا اقتصادية وإرهابا ماليا ضد السيد الرئيس والقيادة الفلسطينية، ومحاولة للضغط والابتزاز في ظل ثبات الموقف الفلسطيني وعدم الخضوع للإملاءات الإسرائيلية، في كافة القضايا الوطنية، وهنا نستحضر ما قاله السيد الرئيس أبو مازن: بأننا لم ولن نتخلى عنهم وسنستمر في القيام بواجبنا وسنواصل صرف المستحقات المالية لهم ولو بقي لدينا قرش واحد، فسنصرفه لعوائل الأسرى والشهداء
الحضور الكريم:
في الختام، نحن أمام دولة فصل عنصري وهذا ما أكده تقرير منظمة العفو الدولية (آمنستي) الذي نشر في وقت سابق من هذا العام، دولة احتلال تنتهك القانون الدولي أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، وتشرِّع انتهاكاتها بقوانين عنصرية من قبل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، وبمشاركة كافة مركبات النظام السياسي فيها، وتتصرف على أنها فوق القانون وخارج نطاق الملاحقة أو المحاسبة، وهي لا تعامل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وفقاً لاتفاقية جنيف الثالثة، باعتبارهم أسرى حرب، ولا تعترف بهم كمدنيين اعتُقلوا في زمن الحرب وتنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة، فهي تصرّ على روايتها الظالمة، ومعاملتها غير القانونية واللاإنسانية، وتقدمهم للعالم على أنهم (مجرمون وإرهابيون) وقد ارتكبوا مخالفات جنائية تستحق السجن والأحكام العالية، لذلك ندعوكم لأن تقرأوا وتستمعوا لشهادات الأسرى والمعتقلين ورسائلهم وما يُكتب في هذا السياق، ونتطلع إلى مزيد من الجهد والتحرك، السياسي والحقوقي والقانوني، بهدف تعزيز مكانتهم القانونية ومشروعية نضالهم وتوفير الحماية القانونية والإنسانية لهم، والتأكيد على عدالة قضيتهم ودعم حقوقهم الأساسية وفقا للقانون الدولي وصولا إلى الإفراج عنهم كشرط أساسي لإحلال الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة. فالسلام العادل يبدأ بحرية الأسرى.
وكما أكد السيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مناسبات كثيرة بأنه: لا سلام من دون الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، ولن نوقع على أي اتفاق سلام نهائي مع إسرائيل بدون تبيض السجون الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين الذي يصفهم دوما بمقاتلي الحرية ويجب أن ينعموا وشعبهم بالحرية المنشودة، لكي يأخذوا مكانتهم ودورهم الذين يستحقون في عملية البناء الوطني الشامل، وبناء مؤسسات دولة فلسطين، ذات السيادة الوطنية الكاملة المتصلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية، وفاءً لهؤلاء الأسرى، ووفاءً للشهداء وفي مقدمتهم الرئيس الرمز الخالد ياسر عرفات".