الانتخابات الرئاسية الفرنسية ومدي تأثرها بالأزمة الأوكرانية
أثرت الأزمة الأوكرانية على كل شيء داخل أوروبا وخارجها ومن بينها انتخابات الرئاسة الفرنسية، إذ يسعى الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون إلى فترة رئاسية ثانية حيث أظهرت استطلاعات الرأي خلال الأسابيع الأولى للحرب أن الرئيس الفرنسي يكتسب الدعم نتيجة للأزمة، ففي مطلع مارس (آذار) قالت مجموعة استطلاعات الرأي الفرنسية "بي في آي" إن "ماكرون حصل على نقاط إضافية كبيرة منذ اندلاع الحرب، مدعوماً بجهوده الدبلوماسية المحمومة لإثناء روسيا عن الغزو".
وقال الاستطلاع، إن "إيمانويل ماكرون يستفيد من وضعه الثلاثي كرئيس للدولة وحامي الشعب وقيمه وقائد الجيش والدبلوماسية الوطنية"، كما منحه استطلاع أجرته شبكة "هاريس إنتر أكشن" 27 في المئة من الأصوات، وأعطاه استطلاع المعهد الفرنسي للرأي العام نسبة 28 في المئة، متقدماً بحوالى 10 نقاط مئوية على لوبن التي احتلت المركز الثاني في انتخابات 2017.
الانتخابات الرئاسية الفرنسية
بعد فوز الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، أشتدت المواجهه مع زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في الجولة الثانية الحاسمة للانتخابات الفرنسية في 24 أبريل.
كلمة الفائزين بالجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية
إيمانويل ماكرون
دعا إيمانويل ماكرون، جميع الفرنسيين إلى التصدي لليمين وأقصى اليمين، مضيفًا أن انتخابات الجولة الثانية ستكون حاسمة لفرنسا ولأوروبا.
وتابع ماكرون: أنا أحمل مشروع استقلال أوروبا واستمرار تقدمها وانفتاحها، وشكر ماكرون أنصاره بعد تصدره الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وشكر ماكرون المرشحين الخاسرين الذين دعوا إلى قطع الطريق أمام مرشحة أقصى اليمين.
ماكرون يستعد لإنشاء هيكل جديد
وأعرب ماكرون عن استعداده لإنشاء هيكل جديد جامع بعيداً عن "الخلافات" يكون "حركة سياسية كبيرة للوحدة والعمل".وقال إنه سيطلق حملته الانتخابية الاثنين من شمال فرنسا، بينما من المقرر أن تلتقي لوبن بفريق حملتها قبل أن تستأنف جهودها على مستوى القواعد في البلدات الصغيرة والريف الفرنسي في وقت لاحق الأسبوع المقبل.
مارين لوبان
قالت مارين لوبان، المرشحة للرئاسة الفرنسية، بعد التأهل إلى جولة الإعادة في الانتخابات الفرنسية: سأكون رئيسًا لكل الفرنسيين وسأجعل من فرنسا قوة سلام وسأتصدى للهجرة.
وأضافت لوبان، أن التصويت في جولة الإعادة سيكون حاسمًا في مصير فرنسا في عدة مجالات ويعكس قواعد الديمقراطية في فرنسا.
كما دعت لوبن "كل من لم يصوتوا" للرئيس المنتهية ولايته "الانضمام" إليها، قائلة إن التصويت النهائي سيكون "خياراً للمجتمع والحضارة".
نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية
مع فرز أكثر من 90 بالمائة من الأصوات في الجولة الأولى، أظهرت التوقعات أن ماكرون حصد من 28 إلى 29 بالمائة، مقابل ما بين 22 الى 24 بالمائة للوبن.
وجاء في المرتبة الثالثة مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلينشون، الذي حصل على حوالى 20 في المئة من الأصوات.
وأظهرت الاستطلاعات الأولى حول نوايا التصويت في الدورة الثانية، تقدماً بسيطاً لصالح ماكرون بحصوله على 51 بالمئة.
وأيّد واحد من كل أربعة ناخبين شبان ماكرون، على الرغم من أن أكثر من واحد من كل ثلاثة ناخبين تتراوح أعمارهم بين 18 و 24 عاماً اختار جان لوك ميلينشون، وفقاً لاستطلاعات الرأي في "إيلاب".
وكان أداء لوبان هو الأفضل بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 64 عاماً، بينما كان الرئيس مُفَضَّلاً لمن هم فوق 65 عاماً.
وحذّر ميلينشون، الذي قد يلعب مؤيدوه دوراً حاسماً في تحديد هوية الرئيس المقبل، أنصاره قائلاً "يجب ألا نعطي صوتاً واحداً لمارين لوبان"، وكرر هذا النداء مراراً، لكنه على عكس المرشحين الآخرين، لم يدعم الرئيس ماكرون.
ويمكن للوبان الاعتماد على مؤيدي إريك زمور، إلى جانب المرشح القومي نيكولا دوبون أيغنان، ودعم معظم المرشحين الآخرين من اليسار ماكرون، كما فعلت فاليري بيكريس، لكن المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال قالت إنه كان يجب على الرئيس الآن أن "يحقق" النصر.
مؤيدي ماكرون ولوبان رحبوا بالنتائج
سُمعت هتافات عالية في مقر إيمانويل ماكرون مع صدور النتائج الأولية.
ورُفعت أعلام فرنسا والاتحاد الأوروبي بفرح بين المؤيدين في قاعة المؤتمرات الشاسعة.
وفي مقر لوبان، سمعت هتاف مشجعيها أيضاً، ما يشير إلى أنهم يشعرون أن لوبان حققت نتائج جيدة جداً وهذه هي أعلى نسبة حققتها لوبان في الحملات الرئاسية الثلاث التي شاركت فيها.
وأبرز ما سيطر على الحملات الانتخابية في هذا السباق الرئاسي هو ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل حاد، لا سيما فواتير الطاقة وتراجع قوة الناس الشرائية.
نتائج المرشحين الآخرين
لم يحقق مرشح اليمين المتطرف إريك زمور، الذي حصل على 7.2 في المئة من الأصوات، الأداء الذي كان متوقعاً.
وسجلت المرشحة المحافظة فاليري بيكريس، التي حصلت على 5 في المئة فقط من الأصوات، أسوأ نتيجة لحزب التيار الرئيسي لليمين منذ عقود، بحسب فرانس إنفو.
وينطبق الأمر نفسه على آن هيدالغو، مرشحة الحزب الاشتراكي من اليسار الوسطي، التي حصلت على 2.1 في المئة من الأصوات.
أما مرشح حزب الخضر، يانيك جادوت، فحقق أداء أفضل بشكل هامشي، لكن نتائجه بقيت أسوأ من المتوقع بنسبة 4.4 في المئة من الأصوات.
صوت المهاجرون في الانتخابات الرئاسية
تمثل قضية الهجرة أبرز القضايا التي يركز عليها المرشحون الإثنا عشر، في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتبدو المقاربات بشأنها مختلفة بعض الشئ، بين مرشح وآخر ، لكنها تتماهى في جوهرها بين معسكري اليمين واليسار، إذ تشير تقارير إلى أن الناخب الفرنسي، يجد نفسه أمام خيارين، بين معسكر يتعهد بتشديد القوانين ضد الهجرة، وآخر يطرح مقاربة اجتماعية إلى حد ما، تتوخى الإدماج دون أي حديث عن الترحيل، الذي يتنافس حوله اليمينان التقليدي والمتطرف.
وكالعادة في كل انتخابات، فإن نهج اليمين سواء كان تقليديا أم متطرفا، يبدو أكثر تشددًا حول الهجرة، باعتبار أنه الملف التقليدي، الذي يركز عليه في كل مرة وينهج فيه نهجا راديكاليا، في حين يستخدم اليسار نبرة إنسانية في معالجته له، وهو ما يعد سببا من وجهة نظر مراقبين، لخسارة اليسار خلال السنوات الأخيرة، بفعل انتشار أفكار اليمين المتطرف في المجتمع الفرنسي.
وتستخدم مرشحة الجبهة الوطنية مارين لوبان، ورقة الهجرة كالمعتاد في هذه الانتخابات،وتبقي على موقفها المتشدد من (وقف الهجرة ومحاربة النزعة الإسلامية) لكنها تواجه مزايدة ومنافسة، بشأن نفس القضية من قبل مرشح، أكثر راديكالية لليمين المتطرف، هو إيريك زمور الذي كان أسس حزبه الخاص "استعادة فرنسا" في كانون الثاني/ديسمبر 2021.
ووفقا للاحصائيات فإن عدد سكان فرنسا من أصول مهاجرة، يصل إلى حوالي 11.8 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة 19% من إجمالي السكان في فرنسا، في حين تشير الإحصاءات إلى أن نسبة السكان المسلمين في فرنسا، قد تصل إلى 10% من عدد السكان.
وتمثل أصوات المهاجرين بما فيهم المسلمون، طوال الوقت عاملًا مهمًا في الانتخابات الفرنسية، خاصة في ظل ما تشير إليه التقارير، من أن الأقليات المهاجرة في فرنسا، عادة ما تمتنع عن الإدلاء بأصواتها في أية انتخابات، بفعل ما يعتبره البعض رد فعل على احساسها بالتهميش من قبل المؤسسة الفرنسية.
وكان العديد من أبناء الجالية العربية والإسلامية في فرنسا، قد منحوا أصواتهم لإيمانويل ماكرون، في الانتخابات التي أوصلته إلى الإليزيه عام 2017، ويذكر أن ماكرون كان قد قال أمام حشد من المؤيدين المتحمسين له في باريس ، بعد وقت قصير من فوزه في الجولة الأولى من التصويت في الانتخابات الرئاسية 2017: "أريد أن أكون رئيساً لكل شعب فرنسا، رئيساً لجميع الناس الذين يتعاملون مع تهديد القومية".
المرشحون في الانتخابات الفرنسية
هناك 12 مرشحًا للانتخابات الفرنسية، هم ثمانية رجال وأربع نساء من بين المتنافسين الستة الرئيسيين، ثلاثة مرشحين ينتمون إلى اليمين السياسي الفرنسي واثنان ينتمون إلى اليسار.
إيمانويل ماكرون: ينتمي إلى تيار الوسط، وهو يمثل حزب "الجمهورية إلى الأمام" ويجتذب ناخبين من كل من اليمين واليسار.
مارين لوبان: وإريك زمور كلاهما ينتميان إلى تيار اليمين المتطرف، ويُنظر إلى زمور على أنه الأكثر تشددًا.
فاليري بيكريس: تمثل الجناح اليميني للحزب الجمهوري الذي يعد أكثر اعتدالا.
جان لوك ميلينشون: حزب اليسار المتطرف "فرنسا التي لا تنحني"، ويانيك جادو يمثل حزب الخضر.