رمضان في الجزائر.. طقوس "الوزيعة وقلب اللوز وطلاء المنازل" أعرف الحكاية
تختلف طقوس استقبال شهر رمضان الكريم من دولة لأخرى، وعلى الرغم أن كافة الدول تجتمع في صلاة التراويح واختلاف ساعات الصيام من دولة لأخري إلا أننا نجد بدول تسيطر عليها طقوس خاصة منذ نشأتها، ونتحدث في السطور الأتية عن طقوس شهر رمضان الكريم في دولة الجزائر.
طلاء المنازل وشراء الأواني
حافظ الجزائريون على عادات استقبال شهر رمضان الفضيل، ومنها طلاء المنازل بالأبيض ، وأنّ العادة الحقيقية المستمدة من تراث المدينة هو استخراج أوانٍ خاصة بشهر رمضان مثل القدر والصحون، و"ليس شراء أوان جديدة"، مع اقتناء أغطية جديدة للمائدة.
أما عن طلاء المنازل من الداخل باللون الأبيض، فقد يحرص المواطنين على طلاء المنازل وخاصة المطبخ باللون الأبيض عشية كل شهر رمضان، ويعد في موروثهم "استقبال رمضان باللون الأبيض".
صلاة التراويح
أما صلاة التراويح فلها اهتمام بالغ من قبل معظم الجزائريين وفي جميع المناطق، إذ تمتلئ المساجد بعد دقائق بعد أذان المغرب.
ويفضل كثير من الجزائريين "الإفطار على مرحلتين"، الأولى بعد أذان المغرب، حيث يحتسون "الشوربة" باعتبارها الطبق الرئيسي، أما "الشوط الثاني" فيكون بعد إكمالهم صلاة التراويح.
وبعد منعها لعامين متتاليين بسبب تفشي جائحة كورونا، عادت صلاة التراويح إلى مساجد الجزائر، وهي الصلاة التي كانت منذ القدم عند أهالي الجزائر "صلاة إلزامية".
ومع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام، تفتح الآلاف من مطاعم الرحمة أبوابها في الجزائر، وحتى المطاعم الشعبية تتحول إلى مطاعم مجانية للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، فلا يكاد التنقل من مكان إلى مكان أو من منطقة إلى أخرى إلا وتصادف مطاعم إفطار تشهد إقبال عدد كبير من الناس، تترجم التضامن والتكافل الاجتماعي والرحمة في المجتمع الجزائري، في شهر الرحمة.
وتتكفل الحكومة ببعض المحتاجين عن طريق الهلال الأحمر الجزائري، إضافة إلى تعوّد كثير من الجزائريين على تحويل مطاعمهم ومحلاتهم إلى مطاعم للرحمة، وفي كل منطقة تجد جمعيات خيرية، تشرف على بعض المطاعم، أو تساهم في دعم بعضها بالمتطوعين وحتى بالمواد الغذائية.
أما عن الوجبات المقدمة، فلا فرق بينها وبين تلك الوجبات التي يتم تحضيرها في منازل الجزائريين في رمضان، حتى إن بعضا منهم يقول إن وجبات مطاعم الرحمة في الجزائر "وجبات فاخرة"، حيث توفر المطاعم لضيوفها الرمضانيين "الشوربة الجزائرية" ومختلف الأطباق التي تشتهر بها الجزائر في رمضان (البوراك، اللحم لحلو، شخشوخة الظفر، وغيرها)، إضافة إلى الفاكهة (الموز، المشمش، البطيخ، التمر، وغيرها).
الوزيعة
تشتهر الجزائر أيضا بعادة تكافل اجتماعي قديمة منذ عدة قرون تعرف بـ"الوزيعة"، خصوصاً في منطقة القبائل الأمازيغية.
إذ تنتشر بتلك المناطق عادة اسمها "الوزيعة" أو "تمشرط" أو "تيمشراط" باللهجة الأمازيغية، والتي تتكرر في كل المناسبات الدينية، إذ يولي أهل تلك المدن أهمية قصوى لشهر رمضان، الذي يعتبرونه شهرا للفرح بالتكاتف والتكافل الاجتماعي من خلال عادة "الوزيعة" التي تبقى ذلك التقليد الاجتماعي الراسخ في عدد كبير من مناطق الجزائر.
ومنطقة القبائل الأمازيغية، هي من أكثر المناطق الجزائرية التي تعد نموذجاً لـ"تمشرط"، حيث يقوم أعيان وكبار المنطقة وميسوري الحال بجمع مبالغ مالية، وبمشاركة مختلف العائلات لشراء بقرة أو عجل أو أكثر، ويتم توزيع لحمها "بالتساوي" على أهل القرية بـ'فقرائها وأغنيائها بالتساوي".
ما يعني أنه لا يمكن لأهل القبائل في كثير من قراها ومناطقها، أن يصوموا رمضان "وبينهم محتاج"، فهي عادة راقية وأصيلة ومتجذرة تهدف للحفاظ على تماسك المجتمع، ونابعة من فهمهم العميق لدينهم الحنيف.
قلب اللوز
قلب اللوز هي حلوى تقليدية جزائرية قديمة، يزداد الإقبال عليها بشكل كبير جدا في شهر رمضان، فهي الحلوى التي لا يمكن أن تكون غائبة عن مائدة الإفطار ، حيث شهدت محلات بيع حلوى قلب اللوز اكتظاظاً كبيرا، وطوابير طويلة ككل عام.
قلب اللوز هي ريحة رمضان التي لا يمكن أن تزول، بها يستقبل الضيف، وهي في الوقت ذاته هدية يأخذها أهل العاصمة في زياراتهم إلى أقاربهم وأحبابهم سواء للإفطار أو خلال السهرات الرمضانية".
السهرات الرمضانية
سهرات الجزائريين في رمضان تختلف من منطقة لأخرى، فهي تتراوح بين السهرات العائلية حول صينية شاي وحلويات رمضانية مثل "قلب اللوز" و"الزلابية" و"السيقار" و"الصامصة" وغيرها.
ومنهم من يفضل قضائها مع الأصدقاء لكن حول لعبة "الديومينو" أو "الديمينو"، وهي اللعبة المفضلة لكثير من الجزائريين في سهرات شهر رمضان.
وفي جنوب الجزائر تختلف أجواء السهرات الرمضانية، ففي ولاية ورقلة توجد عادة "الداير".
ويرتبط شهر رمضان في ولاية ورقلة الجزائرية بعادة قديمة جدا اسمها "الدَّاير"، ليست مجرد عادة اجتماعية، لازال سكان ورقلة متمسكين بها منذ مئات السنين.
وتتمثل هذه العادة في لقاء في كل أيام رمضان بعد صلاة التراويح بين سكان منطقة معينة أو حي شعبي بالمدينة أو أفراد العائلة في بيت أحدهم.
ومن هنا تبدأ مشاهد تلك العادة الاجتماعية، عندما يجد الضيوف في بيت المضيف سفرة متنوعة من أطباق وحلويات تقليدية، يكون فيها الشاي الصحراوي "ملك الجلسة" الذي لا يمكن الاستغناء عنه.
ومن أبرز الأكلات التقليدية التي يتم تحضيرها لاستقبال ضيوف "الدَّاير" أطباق متنوعة من المعكرونة و"التشيشة" المصنوعة من مادة "الفريد" وغيرها.
أما عن سر تسميتها بعادة "الدَّاير"، فيعود ذلك إلى توالي تلك السهرات طوال أيام رمضان "بشكل دائري عند كل بيت" حسب موقع الحاضرين في الجلسة التي تكون بشكل دائري، وهو الموقع الذي يحافظون عليه في كل الجلسات طوال أيام رمضان.