بعد القصف الصاروخي.. إيران تهدد استقرار كردستان العراق
دخلت مصفاة كار للنفط في إقليم كردستان شمالي العراق في مرمى الصراع حول تشكيل الحكومة العراقية، حيث حملت الصواريخ الستة التي استهدفتها رسائل "تهديد" لحماية مصالح إيران في البلد المأزوم، وفق خبراء.
وأعلنت قوات مكافحة الإرهاب في كردستان العراق أن 6 صواريخ سقطت قرب مصفاة كار بأربيل، الأحد، وأنها أطلقت من محافظة نينوى، وخلَّف القصف حريقا تم السيطرة عليه بأحد خزانتها.
وشركة كار للطاقة التي تدير المصفاة، تعود لرجل الأعمال باز رؤوف كريم برزنجي، الذي قصفت طهران منزله في أربيل 13 مارس بزعم أن المبنى تابع للموساد الإسرائيلي، وهو ما نفاه برزنجي.
مطالب أربيل إزاء القصف
وطالب رئيس الإقليم الكردي نيجيرفان بارزاني الحكومة الاتحادية في بغداد بموقف يتعدى “بيانات الإدانة” بينما تعهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ملاحقة الجناة والاقتصاص منهم، وذلك عقب القصف الصاروخي الذي تعرضت له مصفاة نفطية قرب أربيل بإقليم كردستان شمال العراق
وكانت ستة صواريخ استهدفت مساء الأحد، قضاء خبات في أربيل، حيث سقط بعضها عند مصفاة تابعة لشركة “كار” النفطية، ما أدى إلى تضرر أحد خزاناتها، علماً بأن المصفاة ذاتها تعرضت في السادس من أبريل (نيسان) الماضي، لهجوم صاروخي مماثل لم يتسبب في سقوط ضحايا أو أضرار.
ويُشتبه بأن فصائل مرتبطة بإيران قد تكون متورطة في هذه الهجمات، علماً بأن إيران نفسها شنت في مارس (آذار) الماضي، هجوماً على أربيل بأكثر من عشرة صواريخ باليستية، مبررة قصفها بأنه استهدف مركزاً مزعوماً لـ«الموساد» الإسرائيلي، وهو أمر لم تؤكده أي مصادر أخرى.
وغداة الهجوم الصاروخي الأخير في أربيل، أفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي بأن الكاظمي أكد في اتصال هاتفي مع نيجيرفان بارزاني أن “قواتنا المسلحة البطلة ستلاحق منفذي الاعتداء الجبان”.
أما بارزاني فقال في بيان، إن «الاكتفاء بإدانة هذه الهجمات لا يجدي، داعيا بغداد إلى أن تعمل من خلال التنسيق مع الجهات ذات العلاقة في حكومة إقليم كردستان على منع تكرارها».
إلى ذلك، واصل الجيش العراقي عملياته ضد عناصر “قوات إيزدخان” المعروفة بـ “اليبشة” والموالية لحزب العمال الكردستاني التركي في قضاء سنجار ذي الغالبية الإيزيدية.
وأفادت «خلية الإعلام الأمني»، بأن ناحية سنوني في قضاء سنجار “شهدت أحداثاً أمنية خلال الليلة (قبل) الماضية وصباح هذا اليوم، إذ قامت مجموعة مما يسمى عناصر تنظيم اليبشة بقطع عدد من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة ونصبت حواجز على هذه الطرق ومنعت حركة المواطنين بين هذه المناطق”.
وأضافت أن القطعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى اشتبكت مع مسلحين «مغرر بهم» وأعادت فتح الطرق.
وحمَّل مجلس أمن إقليم كردستان العراق، جماعتي "عصائب أهل الحق" و"لواء 30" التابعتين لـ"الحشد الشعبي" الذي تدعمه إيران مسؤولية الهجمات، واصفا إياهم بأنهم "إرهابيون" وسيدفعون الثمن.
ضغط اقتصادي
وتصل الطاقة التكريرية للمصفاة ما بين (80-100 ألف برميل يوميا)، وتشكل أهمية كبرى لإقليم كردستان العراق لمده بالطاقة.
وبحسب النائبة السابقة عن الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير، فإنه ليس من حق أي دولة من دول الجوار التدخل في الشؤون الداخلية، مؤكدة لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذا القصف قد يفوت على الإقليم مكاسب كبيرة لو توقف النفط الذي تشهد أسعاره ارتفاعا بعد أزمة أوكرانيا.
ويدور خلاف حول النفط بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الإقليم صاحب الحكم الذاتي، حين أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في فبراير حكما بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة كردستان العراق، الصادر 2007، وإلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي للحكومة، وهو ما رفضته أربيل.
وكانت حكومة كردستان العراق قررت 2014 بيع النفط بمعزل عن بغداد، بعد خلافات معها وأزمة مالية خانقة، فيما تحاول طهران استغلال هذا الخلاف لإبعاد أربيل أكثر عن بغداد.
وأوضحت القيادية الكردية أن المشاكل يجب أن تُحل بين أربيل وبغداد، ولا تتدخل فيها ميليشيات مدعومة من إيران.
أزمة كهرباء
ولفتت ريزان شيخ دلير كذلك إلى أن "كار" جزء من منظومة الطاقة، وإيقافها سيزيد أزمة الكهرباء.
وذكرت خلية الإعلام الأمني التابعة لقيادة العمليات المشتركة أن هذا "العمل الجبان" هدفه التأثير على إمدادات الطاقة الكهربائية.
وسبق أن اشتعلت أزمة بين العراق وإيران بعد تقليل الأخيرة إمدادات الغاز التي يحتاجها العراق لتشغيل محطات الكهرباء.
تشكيل الحكومة
وفي تقدير المحلل السياسي محمود جابر فإن استهداف مصفاة "كار" ضغط من طهران على كردستان العراق لإجبار زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني على التراجع عن دعم التيار الصدري.
وتضرب العراق أزمة شديدة نتيجة خلاف بين تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يقوده التيار الصدري الفائز الأول بانتخابات أكتوبر، ويصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية لا تضم القوى الخاسرة الموالية لطهران، وتحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى موالية لإيران، ويصر على حكومة توافقية.
وعلى هذا، يرى جابر أن إيران تضغط لعدم تشكيل حكومة إلا إذا ضمت حلفائها.
ويتفق ممثل الاتحاد الوطنى الكردستانى بالقاهرة الملا ياسين رؤوف، في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" في أن الهجمات تهدف للضغط على الأكراد ليضغطوا بدورهم على الصدر لضم "الإطار التنسيقي" في الحكومة، وهو ما لا تستبعده ريزان شيخ دلير أيضا.
أكراد إيران والتنافس التركي
رسالة رابعة وخامسة من استهداف مصفاة "كار" وأماكن أخرى في كردستان العراق وهما الضغط على الإقليم كي لا يدعم الأكراد المعارضين داخل إيران، وفقا لجابر.
ولفت كذلك إلى أن كردستان العراق يعاني من تنافس إيراني تركي، وطهران تزيد من تدخلاتها لتحجيم النفوذ التركي.
وأمس، أعلن مجلس أمن إقليم كردستان العراق، اعتقال أحد المشاركين في الهجوم الصاروخي الذي استهدف قضاء خبات، على حدود أربيل يوم أمس.
ونقلت قناة "السومرية نيوز" العراقية ـ الفضائية عن مجلس أمن إقليم كردستان - في بيان - قوله إن : "أجهزة أمن إقليم كردستان العراق ألقت القبض على أحد المشاركين بالعملية الإرهابية التي وقعت يوم أمس الأحد، على حدود أربيل"، مشيرًا إلى أن "عملية إلقاء القبض تمت في مدينة الموصل".
رئيس حكومة كردستان يدين الهجوم الصاروخي
وأمس الإثنين، أدان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني الهجوم الصاروخي الذي استهدف محافظة أربيل شمالي العراق .
وقال بارزاني، في بيان أوردته قناة (السومرية نيوز) الاخبارية الاثنين: "استنكر وأدين بشدة الهجوم الصاروخي الذي وقع الليلة الماضية على حدود قضاء خبات، وبهذا الصدد، أدعو رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإنزال العقوبات ضد المجاميع المخربة الخارجة عن القانون، وتشكيل لجنة مشتركة لاتخاذ الإجراءات اللازمة للسيطرة على تلك المناطق التي باتت تشكل تهديداً لاستقرار وأمن إقليم كردستان والعراق".
وأضاف: "يجب أن لا تستمر هذه الهجمات بعد الآن، ويتعين أن يكون هناك موقف جدي، ولا بد من اتخاذ إجراءات عملية لإنهاء هذه الاعتداءات".
وأعلنت قوات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان، يوم أمس الأحد، سقوط 6 صواريخ على قضاء خبات في أربيل، مؤكدة عدم وجود خسائر بالأرواح أو خسائر مادية.
السيطرة على مناطق تهديد كردستان
أفادت شبكة "رووداو" الكردية اليوم الاثنين بأن رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى تشكيل لجنة مشتركة للسيطرة على المناطق التي باتت تشكل تهديدا لاستقرار وأمن الإقليم.
ونقلت الشبكة عن بيان لرئيس حكومة الإقليم القول إن بارزاني "أدان واستنكر بشدة" الهجوم الصاروخي الذي وقع الليلة الماضية على حدود قضاء خبات، ودعا الكاظمي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لإنزال العقوبات على من وصفهم بالمجموعات "المخربة الخارجة عن القانون".
وكانت خلية الإعلام الأمني العراقية أعلنت استهداف مصفى شركة كار النفطي خلال الهجوم الصاروخي على قضاء خبات التابع لمحافظة أربيل.