6 أشهر على الخلافات.. العلاقات بين إثيوبيا والسودان تصل لحائط سد
وصف نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية دمقي مكونن، الثلاثاء، علاقة بلاده بالسودان بـ “غير الجيدة” خاصة بعد أن أصبحت الخرطوم منطلقا لجبهة تحرير تيغراي ضد بلاده.
وأوضح مكونن خلال تقديم وزارته تقريرا أمام مجلس النواب أن الخرطوم استغلت الحرب في تيغراي وغزت الحدود، مشير إلى أن الوضع ازداد سوء بعد أن أصبح السودان منطلقا لجبهة تحرير تيغراي .
لكنه استدرك بالقول إنه من الأفضل حل القضية سلميا وهناك آليات قائمة يمكنها حل الخلافات بين البلدين.
وفي فبراير الماضي، أقر البرلمان الإثيوبي رفع حالة الطوارئ التي فرضت في نوفمبر 2021، في أعقاب تهديد متمردي تيغراي بالزحف نحو العاصمة أديس أبابا.
وكتبت وزارة الخارجية الإثيوبية في تغريدة أن "مجلس ممثلي شعب إثيوبيا وافق اليوم على رفع حالة الطوارئ التي فرضت قبل 6 أشهر".
وجاء تصويت النواب بعد مقترح لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد الشهر الماضي، بتخفيف حالة الطوارئ التي أعلنت في الأساس لمدة 6 أشهر.
وترافقت حالة الطوارئ مع حملة عسكرية واسعة شملت ضربات بطائرات مسيرة، تمكنت من صد مقاتلي الجبهة إلى داخل تيغراي، فيما أثار انسحاب المتمردين في ديسمبر الأمل بطي صفحة حرب مستمرة منذ 15 شهرا.
غير أن الجبهة أعلنت الشهر الماضي عن عملية عسكرية في منطقة عفر المجاورة، قالت إنها رد على هجمات لقوات موالية للحكومة، مما بدد الآمال بوقف لإطلاق النار.
دعوى من إثيوبيا لانسحاب السودان من أراضيها
ومنذ ستة أشهر، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، إن بلاده تدعو السودان مجددا للانسحاب من أراضيها وإجراء مناقشات للتوصل إلى سلام دائم وفق آليات حل النزاع القائمة.
وأضاف المتحدث في بيان للخارجية الإثيوبية "تعاملنا مع الموقف المتعلق بالنزاع الحدودي بين البلدين بأقصى درجات الصبر والتحضر".
وأتى ذلك بعد اتهام أديس أبابا للخرطوم بدعم مقاتلي تيغراي لتخريب سد النهضة، نفت السودان تلك الاتهامات جملة وتفصيلا. وقال المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة السودانية الطاهر أبو هاجة، إن على النظام الإثيوبي حل مشاكله الداخلية "بعيداً عن السودان".
ونقل بيان نشرته القوات المسلحة السودانية عبر فيسبوك عن أبو هاجة قوله "لقد تابعنا تصريحات منسوبة للجيش الإثيوبي تتحدث عن دعم القوات المسلحة السودانية لمجموعات مسلحة حاولت تخريب سد النهضة، نحن نؤكد أن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة".
كما شدد على أن "السودان وجيشه لا يتدخل في القضايا الداخلية للجارة إثيوبيا أو غيرها"، داعيا القيادة الإثيوبية إلى العمل على حل صراعاتها بعيداً عن إقحام السودان فيها، وفق تعبيره.
اتهام أديس أبابا للخرطوم
وبعد أن اتهمت أديس أبابا اللخرطوم بدعم مقاتلي تيغراي لتخريب سد النهضة، نفت السودان تلك الاتهامات جملة وتفصيلا، وقال المستشار الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة السودانية الطاهر أبو هاجة في وقت متأخر أمس الجمعة إن على النظام الإثيوبي حل مشاكله الداخلية "بعيداً عن السودان".
ونقل بيان نشرته القوات المسلحة السودانية عبر فيسبوك عن أبو هاجة قوله "لقد تابعنا تصريحات منسوبة للجيش الإثيوبي تتحدث عن دعم القوات المسلحة السودانية لمجموعات مسلحة حاولت تخريب سد النهضة، نحن نؤكد أن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة".
كما شدد على أن "السودان وجيشه لا يتدخل في القضايا الداخلية للجارة إثيوبيا أو غيرها"، داعيا القيادة الإثيوبية إلى العمل على حل صراعاتها بعيداً عن إقحام السودان فيها، وفق تعبيره.
"واقع صعب"
إلى ذلك، رأى أن التصريح السوداني عن "الواقع الصعب الذي يعيشه النظام الإثيوبي بسبب انتهاكاته المستمرة لحقوق شعبه".
أتى ذلك، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الإثيوبية، في وقت سابق، أنها أفشلت هجوما إرهابية من قبل عناصر جبهة تيغراي لاستهداف سد النهضة، واشتبكت مع المسلحين مما أدى إلى مقتل عشرات المسلحين.
محاولة تخريب السد
وأضافت في بيان أن 50 مسلحا قتلوا، وأصيب 70 آخرين من عناصر قوات جبهة تيغراي، بعدما حاولوا التسلل عن طريق منطقة المحلة على الحدود السودانية.
فيما أفادت إذاعة فانا الإثيوبية أن المجموعة حاولت التسلل إلى البلاد من السودان، مشيرة إلى أن الجيش عثر على ألغام مضادة للمركبات وأنواع مختلفة من المتفجرات مع المجموعة.
تأتي تلك الاتهامات، فيما يواجه البلدان منذ أشهر توترات مستمرة على خلفية الحدود وتدفق آلاف الإثيوبيين الهاربين من تيغراي نحو الحدود السودانية، فضلا عن ملف سد النهضة الشائك الذي لا تزال المفاوضات بشأنه متعثرة منذ سنوات.
طريق مسدود
وسابقا، أعلنت الخارجية السودانية، أن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي.
وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، محمد شريف عبدالله، في رسالة خطية بعث بها إلى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إن المفاوضات الثلاثية بين الخرطوم والقاهرة وأديس أبابا وصلت إلى طريق مسدود بسبب تعنت الأخيرة.
كما تناولت الرسالة تفعيل المقترح المقدم من السودان والذي أيدته مصر والقاضي بتشكيل وساطة رباعية تقودها الكونغو بصفتها رئيس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي وبمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وأمريكا، مؤكدا موقف بلاده الساعي للتوصل لاتفاق شامل وعادل ومتوازن وملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة.
مزيد من الضغوطات الخارجية
وكانت الخارجية الإثيوبية قد أكدت قبل أيام أن أديس أبابا تنتظر دعوة الكونغو لمواصلة استئناف مفاوضات سد النهضة، مشيرة إلى أنها تتوقع المزيد من الضغوطات الخارجية فيما يخص ملف سد النهضة، وإنها لن تكترث إليها أبدا، معتبرة أن الضغوط الأمريكية بشأن ملف سد النهضة تراجعت بعد نجاح عملية الملء الثاني لبحيرة السد.
يذكر أن وزارة الخارجية الإثيوبية كانت أعلنت أواخر الشهر الماضي (يوليو) أن الملء الثاني لسد النهضة تم وبالكمية التي كانت مقررة من قبل وهي 13.5 مليار متر مكعب، مشددة في حينه على أن هذا الملء لن يضر مصر والسودان.
ولطالما عارضت الخرطوم والقاهرة الموقف الإثيوبي الأحادي في هذا الملف الشائك والعالق منذ سنوات.
تفاوض بلا توافق
يشار إلى أنه منذ العام 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل السد الذي تعده أديس أبابا ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، بقدرة تصل إلى 6500 ميغاوات، دون التوصل إلى توافق.
وفي مارس 2015 وقع قادة الدول الثلاث في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ، إلا أن الخلافات استمرت، واستعرت مع بدء إثيوبيا الشهر الماضي (يوليو 2021) عملية الملء الثانية لخزان السد.
ففي حين ترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد، تعتبره مصر تهديداً لها ولحصتها المائية، لاسيما أن نهر النيل يؤمن نحو 97% من مياه الري والشرب في البلاد، فيما تعتبره الخرطوم خطرا على سدودها أيضاً.
تدخلات تونس
وحولت أن تتدخل تونس، وقالت الخارجية الإثيوبية، إن محاولة تونس تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن بشأن سد النهضة أمر "غير مقبول".
وأوضحت الناطق الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية السفير دينا مفتي خلال مؤتمر صحفي أنه لايوجد سبب لرفع قضية سد النهضة من قبل تونس لمجلس الأمن الدولي.
وأضافت الخارجية الإثيوبية أن أديس أبابا تنتظر دعوة الكونغو لمواصلة استئناف مفاوضات سد النهضة. مشيرة إلى أن العمل في مشروع سد النهضة يسير حسب الخطة الموضوعة له ويتم تأمينه بشكل تام .
وقالت الخارجية الإثيوبية إنها تتوقع المزيد من الضغوطات الخارجية فيما يخص ملف سد النهضة وإنها لن نكترث إليها أبدا، معتبرة أن الضغوط الأمريكية بشأن ملف سد النهضة تراجعت بعد نجاح عملية الملء الثاني لبحيرة السد.
ولفتت المتحدث الرسمي للخارجية الإثيوبية أن علاقة بلادها علاقاتنا مع الولايات المتحدة يجب أن تكون في وضعها الطبيعي.
وشددت المتحدثة قائلة: لن نساوم على سيادة إثيوبيا مهما كانت الضغوط الخارجية ولن نسمح بالمساس بسيادة إثيوبيا تحت ما يسمى المساعدات الإنسانية.
وذكرت دينا مفتي أنها تترقب ما تتوصل إليه جلسة مجلس الأمن الدولي التي تناقش الأوضاع في إثيوبيا، لافتة إلى أن مسألة الأزمة في إقليم تيغراي هو شان داخلي ويجب حله من قبل الإثيوبيين أنفسهم .
ويعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، جلسة مفتوحة بحضور السفراء تعتبر الجلسة الثامنة حول تيغراي، والجلسة الثانية المفتوحة حول النزاع في تيغراى في إثيوبيا، الذي نشب في العشرين من نوفمبر الماضي، وستتبع الجلسة مشاورات مغلقة بين أعضاء المجلس.
وتعقد هذه الجلسة بطلب من أستونيا وفرنسا وأيرلندا والنرويج وبريطانيا والولايات المتحدة، ويتوقع أن توجه الدعوة إلى إثيوبيا للمشاركة فيها.