بعد الحرب الأوكرانية.. إرخبيل جزر الكوريل يجدد الصراع بين روسيا واليابان
تجدد الصراع حول إرخبيل جزر الكوريل بين اليابان وروسيا بعد الحرب الأوكرانية، حيث وصفت اليابان الجزر بـ"المحتلة"، وطلب رئيس وكالة الفضاء الروسية من بلاده تسميتها بأسماء “روسية”، لتعيد فصول من الصراع الذي لم ينتهِ منذ الحرب العالمية الثانية.
يتألف إرخبيل جزر الكوريل من أربع جزر تقع بين شبه جزيرة كامشاتكا الروسية وجزيرة هوكايدو اليابانية، وتمتد هذه الجزر على شكل قوسين تفصل بحر أخوتسك عن المحيط الهادئ. تمتد سلسلة هذه الجزر مسافة تقرب من 1200 كم، وتبلغ مساحتها الكلية 10.5 ألف كيلومتر مربع ويبلغ مجموع السكان حوالي 19.434 نسمة.
ويشكل إرخبيل جزر الكوريل سلسلتين متوازيتين هما السلسلة الكبرى والصغرى، وتضم السلسلتان 30 جزيرة كبيرة وعددا كبيرا من الجزر الصغيرة.
تقسم الجزر إلى جزر الكوريل الشمالية وجزر الكوريل الجنوبية. تدخل جميع هذه الجزر ضمن مقاطعة ساخالين الروسية.
ويعتبر إرخبيل جزر الكوريل نفسه قمم من طبقات البراكين التي هي نتيجة مباشرة لانغماس صفيحة المحيط الهادي تحت صفيحة أوخوتسك، التي تشكل خندق كوريل على بعد 200 كيلومتر (124 ميل) شرق الجزر.
تحتوي السلسلة على حوالي 100 بركان، حوالي 40 منها نشطة، والعديد من الينابيع الساخنة والداخنة. هناك نشاط زلزالي متكرر، بما في ذلك زلزال بقوة 8.5 درجة في عام 1963 وواحد بقوة 8.3 تم تسجيله في 15 نوفمبر 2006، مما أدى إلى حدوث موجات تسونامي تصل إلى 1.5 متر.
جزيرة ايتوروب
تعتبر إحدى جزر إرخبيل جزر الكوريل المجموعة الجنوبية وهي أكبرها، ويبلغ طول الجزيرة 200 كيلومتر أما عرضها فيتراوح بين 6 و36 كيلومترا، وتعد هذه الجزيرة هي أكثر الجزر التي يزورها السياح وذلك لكثرة معالمها، حيث فيها 9 براكين نشطة و7 براكين خاملة و10 بحيرات كبيرة وعدد من الشلالات. يبدأ الربيع هنا في شهر أبريل/نيسان ويستمر ثلاثة أشهر يليه الصيف الذي يستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول. مركز الجزيرة هو مدينة كوريلسك التي تعتبر أكبر مركز سكاني في الجزيرة وتتمركز فيها مصانع تعليب الأسماك ومصانع مواد البناء كما توجد فيها محطات لرصد الزلازل والتسونامي وأخرى للأحوال الجوية. كما فيها متحف تاريخ المنطقة، يقع على مسافة قريبة ميناء الجزيرة (بلدة كيتوف) وفي جنوب الجزيرة مطار بالقرب من بلدة بوريفيسنيك، كما يوجد في المدينة فندق.
جزيرة كوناشير
تقع جنوب إرخبيل جزر الكوريل الجنوبية يبلغ طولها 123 كيلومترا وعرضها يتراوح بين 4 – 32 كيلومترا. تبعد عن الجزر اليابانية مسافة تعادل عرض مضيق كوناشير، وأعلى نقطة في الجزيرة هي قمة بركان تياتيا، وفيها شبكة متشعبة من الأنهار التي بعضها ينتهي على حافة صخور مطلة على البحر مكوّنة بذلك شلالات. الجزيرة كثيرة الغابات والنباتات التي تغطي حوالي 50 % من مساحتها. أهم المعالم في هذه الجزيرة بالإضافة إلى الشلالات هو رأس الأعمدة الذي يعتبر البطاقة التعريفية لجزر الكوريل عموما، أما المَعْلم الآخر فهو بركان تياتيا.
جزيرة شيكوتان
يبلغ طول هذه الجزيرة في إرخبيل جزر الكوريل 27 كيلومترا وتمتد من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي، ويتراوح عرضها بين 5 – 13 كيلومترا ومساحتها 225 كيلومترا مربعا. أعلى نقطة في الجزيرة هي قمة جبل شيكوتان.
يوجد فيها خليجان أحدهما في الشمال والثاني في الوسط. في الجزيرة مدينتان يبلغ تعداد نفوسهما 2100 نسمة، وبلدة مالاكوريلسكايا هي المركز الإداري للجزيرة فيها مصنع لتعليب الأسماك وفيها محطة لرصد التسونامي والزلازل التي تحدث تحت سطح الماء.
ضم الجزر لروسيا
أحتلت القوات السوفيتية جزر الكوريل بعد هزيمة اليابان في شهر سبتمبر سنة 1945م، وبرغم من توقيع معاهدة سان فرانسيسكو للسلام سنة 1951 التي تنص على أن اليابان وجبت أن تتخلى عن مطالبتها لجزر كوريل إلا أن اليابان لا تعترف بالسيادة السوفيتية على كوريل، وتطالب بإسترداد جزرها
تطالب اليابان بالجزر الأربع الواقعة في أقصى الجنوب، بما في ذلك اثنتان من أكبر ثلاث جزر (إيتوروب وكوناشير)، كجزء من أراضيها بالإضافة إلى جزر شيكوتان وهابوماي، مما أدى إلى النزاع المستمر على جزر كوريل.
يذكر أنه في عام 1956، وقع الاتحاد السوفيتي واليابان إعلانًا مشتركًا، وافقت فيه موسكو على النظر في إمكانية تسليم جزيرتين إلى اليابان في حالة إبرام معاهدة سلام. وكان الاتحاد السوفياتي يأمل بأن يقتصر الأمر على هذه النقطة، بينما اعتبرت اليابان الصفقة جزءًا فقط من حل هذه القضية، ولم تتخل عن مطالباتها بجميع الجزر(جزر كوريل). ولذلك لم تؤد المفاوضات اللاحقة إلى أي نتيجة. موقف موسكو هو أن الجزر أصبحت جزءًا من الاتحاد السوفياتي نتيجة للحرب العالمية الثانية وأن سيادة روسيا الاتحادية عليها يعد أمرا لا شك فيه.
وتعرف الجزر المتنازع عليها في اليابان باسم “الأقاليم الشمالية” للبلاد، وفي عام 2018، استؤنفت المحادثات الروسية اليابانية بشأن إعادة توحيد الجزر مع اليابان.
تجدد الصراع مع الحرب الأوكرانية
بدأت المطالبات تعود من جديد مع الحرب الأوكرانية، عندما قالت وكالة "كيودو"، إن الخارجية اليابانية وصفت، في كتابها الأزرق عن الدبلوماسية، جزر الكوريل الجنوبية بأنها "أرض محتلة بشكل غير قانوني".
ووفقا للوكالة، تم استخدام هذا التصنيف فيما يتعلق بكوريل الجنوبية لأول مرة منذ عام 2003، وتؤكد الوكالة أنه تم اتخاذ القرار بذلك على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ويشار إلى أن الكتاب الأزرق للدبلوماسية هو نوع من كتب المرجعية الدبلوماسية، تنشره وزارة الخارجية اليابانية سنويا منذ عام 1957.
أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن كل الجزر الأربع في جنوب أرخبيل الكوريل على الحدود مع اليابان، ستبقى جزءا لا يتجزأ من أراضي روسيا.
وأضاف بيسكوف في تصريحات صحفية أنه من الصعب الحديث عن مواصلة محادثات السلام مع اليابان التي أصبحت "دولة غير ودية"، بعد أن انضمت إلى الدول التي فرضت عقوبات على روسيا على خلفية عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
التسمية بأسماء روسية
واقترح اليوم مدير وكالة الفضاء الروسية "روس كوسموس" دميتري روغوزين إعادة تسمية جزر الكوريل الروسية ومنحها أسماء ذات رمزية روسية.
وتساءل روغوزين في تصريح لراديو "سبوتنيك": "لماذا جزر الكوريل ليس لها أسماء روسية؟".
واقترح دراسة إمكانية إعادة تسمية الجزر تكريما على اسم سفينة "فارياج" واسم زورق "كوريتس" الحربي، وكذلك اسم الأدميرال الأسطول الإمبراطوري الروسي فسيفولود رودنيف، تكريما لهم.