أوامر ملكية.. تفاصيل "الشراكة الصناعية" بين الإمارات ومصر والأردن
تسعى الإمارات ومصر والأردن إلى تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصناعي من خلال شراكة واسعة تسهم في تعزيز مزاياهم التنافسية.
وشهد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات، اليوم في أبوظبي، الإعلان عن شراكة صناعية تكاملية بين دولة الإمارات، ومصر، والأردن، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في 5 مجالات صناعية واعدة تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات.
وفي هذا الإطار تم تخصيص صندوق استثماري تديره شركة "القابضة" ADQ بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في القطاعات المتفق عليها.
وتم توقيع الشراكة بحضور الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، والدكتور بشر الخصاونة، رئيس الوزراء الأردني، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، وقام بالتوقيع عليها كل من الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ويوسف الشمالي، وزير الصناعة والتجارة الأردني، والدكتورة نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة المصرية.
وأكد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أن هذه الشراكة تُجسد رؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لتعزيز التكامل الصناعي مع الدول العربية وبقية بلدان العالم، من أجل تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصناعي ليكون رافعة أساسية للاقتصاد.
وأوضح أنّ "الصناعة تُعد العمود الفقري للاقتصادات الكبرى، وكلنا ثقة بأن دولة الإمارات، بما لديها من إمكانات وسياسات فاعلة وإرادة للتطوير وتكنولوجيا متقدمة وبنية تحتية لوجستية متطورة، قادرةٌ على بناء قاعدة اقتصادية صلبة بالاستفادة من التكامل الصناعي بين دول المنطقة".
وأضاف: "تطوير القطاع الصناعي في الدول المشاركة، سيؤدي إلى تمكين التنمية الصناعية في الدول الثلاث، وتنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي، كما أن هذه الشراكة تعكس قدرة دول المنطقة على تعزيز علاقاتها وإطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية تكاملية توفر فرصاً واعدة للأجيال المقبلة".
وتمتلك الدول الثلاث مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توفر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في دولة الإمارات، والأراضي الزراعية الخصبة في مصر، والمعادن في كل من مصر والأردن.
كما تتمتع هذه الدول بقدرات قوية في مجال الصناعات الدوائية وإمكانية تنميتها وتوسعتها وزيادة طاقتها الإنتاجية، وقدرات تصنيعية مهمة في مجالات الحديد والألمنيوم والبتروكيماويات والمشتقات .
وتشكل الدول الثلاث 26% من عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يزيد عدد سكانها على 122 مليون نسمة 49% منهم في مرحلة الشباب مما يعني وجود سوق كبيرة وأيد عاملة فتية.
كما تتميز هذه الدول بوجود بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل المطارات والموانئ وممرات النقل الاستراتيجية مثل قناة السويس، إضافة إلى توفر حلول التمويل الذكي وشركات وطنية ذات قدرات متميزة في مجالات التركيز الأساسية للشراكة.
من جهته، قال الدكتور بشر الخصاونة في كلمته في حفل التوقيع إن توقيع الشراكة بين الدول الثلاث يعبر عن شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية بين الدول الثلاث، كما أن هذه الشراكة تؤسس لفرص صناعية كبيرة بين هذه الدول، بما يعزز التكامل، ويحمي سلاسل التوريد، ويؤدي إلى الإحلال، ويعزز التنمية الاقتصادية المستدامة بما ينعكس على أرقام النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وغير ذلك من آفاق.
ووجه الدكتور الخصاونة شكره إلى قيادة دولة الإمارات، والإمارات على ما تبذله من جهود لتعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي في المنطقة، بما يؤكد عمق العلاقات والتميز في هذه العلاقات، مشيراً إلى اللقاءات على مستوى قيادات هذه الدول، والتنسيق المتواصل على كل المستويات.
وأضاف الخصاونة: "اللقاءات المتواصلة على مستوى القيادات، والتنسيق المستمر، والتوجه إلى تنمية هذه العلاقات، على كل المستويات، بما فيها المستوى السياسي والاقتصادي، يؤكد متانة هذه العلاقات، كما أن الشراكة التي تم الإعلان عنها اليوم، جاءت بوجود إرادة سياسية عليا، وستمنح القطاع الصناعي في هذه الدول المزيد من المرونة والفرص، وأود هنا أن أشير إلى القطاع الصناعي في الأردن، الذي يعد جاذباً للاستثمارات، ويساهم ب 24 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف 21 % من العمالة، وتصل صناعات الأردن المصدرة إلى دول كثيرة في العالم، في ظل قوانين وتشريعات داعمة للصناعة، حيث نحرص في الأردن على عقد الاتفاقات الثنائية، والاستراتيجية، مع دول العالم، من أجل تفعيل العلاقات، بين الدول، وتسريع وتيرة التبادل التجاري، والعلاقات مع دول العالم، خصوصاً، بعد عبور العالم أزمات كبرى مثل جائحة كورونا، ثم بدء التعافي الاقتصادي، رغم وجود المزيد من التحديات التي نراها في مواقع عدة في هذا العالم".
بدوره، توجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، بالشكر والتقدير لقيادات الدول الثلاث على التعاون في هذه الشراكة الصناعية التكاملية للتنمية الاقتصادية المستدامة، التي تأتي تجسيداً لعمق العلاقات بين هذه الدول، مؤكداً أن دعم القيادة السياسية في الدول الثلاث أسهم في فاعلية المشاورات والمناقشات بين المعنيين والمتخصصين، وأثمر عن توقيع هذه الاتفاقيات المهمة لدولنا وشعوبها.
وقال: "إن أزمة جائحة كورونا، وما أعقبها من الأزمة الروسية – الأوكرانية، كشفتا بما لا يدع مجالاً للشك، عن ضرورة التكامل بين دولنا العربية، بما يسهم في تحقيق مصالح شعوبنا، في مصر والإمارات والأردن، وهو ما يمكن أن يصبح نواة قوية لتعاون أشمل بين دولنا العربية".
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن الظروف الراهنة إقليمياً ودولياً تُحتم على الدول العربية ضرورة تعظيم فرص التعاون والتكامل بينها، كون كل دولة تمتلك ميزة تنافسية، ولديها إمكاناتها، بما يؤدي إلى تعظيم هذه الميزات، والإمكانات عبر التكامل المشترك بين هذه الدول.
وأضاف: "هذه المشروعات التي تم التوافق بشأنها ستخلق قيمة مضافة للدول الثلاث، وسيكون لها أثر إيجابي على الأمن القومي، وتعميق الصناعة المحلية، وأنشطة سلاسل الإمداد، وسوف تكون هناك متابعة مستمرة لمراحل تنفيذ هذه المشروعات، وتيسير الإجراءات، وتذليل العقبات، فهدفنا جميعاً هو سرعة جني ثمار هذه المشروعات واستفادة شعوبنا بها، خاصة أن المرحلة الأولى منها، تحقق فوائد كثيرة، من ناحية الأمن الغذائي، والأمن الدوائي، كما أن لهذه المشروعات فوائد كبرى أيضاً في جذب الاستثمار الأجنبي، وتوفير فرص العمل لشبابنا".
وفي كلمته بمناسبة توقيع الشراكة، قال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة: "تماشياً مع توجيه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، بمد وتعزيز جسور التعاون مع شركائنا للاستفادة من فرص التكامل وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات، تركز وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على الاستمرار في بناء الشراكات وتعزيز التعاون في القطاع الصناعي، وبذل أقصى الجهود لتطويره وتمكينه لتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد".
وأضاف: "نُوجه دعوة مفتوحة لأشقائنا وشركائنا لدعم هذه الشراكة من خلال تشجيع مشاركة القطاع الخاص، وتحفيز تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، وتوفير حلول التمويل الذكي، وفتح الأسواق لتشجيع نمو القطاع الصناعي في هذه الدول وغيرها".
وتابع: "تماشياً مع التوجيهات السامية لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، وبهدف تسريع تحقيق أهداف هذه الشراكة بيننا، تم تخصيص صندوق استثماري تديره "القابضة" /ADQ/ وبقيمة مبدئية قدرها 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في الخمس القطاعات المتفق عليها ..وكلنا ثقة بأن المبادرات والمشاريع المشتركة ستسهم في توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع الأشقاء في كل من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية، كما تنسجم مع أهداف مبادئ الخمسين التي أعلنتها دولة الإمارات نحو بناء مستقبل أفضل من خلال تطوير شراكات اقتصادية متميزة كإحدى أهم أولويات قيادة وحكومة دولة الإمارات، وسوف تسهم هذه الشراكة الصناعية التكاملية في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه في دولنا من خلال زيادة القيمة المضافة للمنتجات الصناعية، خصوصا في المجالات ذات الأولوية، مثل البتروكيماويات، والأدوية، والزراعة والأغذية، وغيرها ..ومن خلال التكامل بين الخبرات والموارد، سنكون قادرين على إضافة قيمة صناعية وخفض تكاليف الإنتاج، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحقيق الخير للجميع".
وتابع: "هذه الشراكة تعكس حرصنا جميعاً على بناء شراكات تنموية بنّاءة، تعزز اقتصاداتنا الوطنية، وتسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وتدعم تبادل الخبرات، وتعمق التكامل بين المزايا الفريدة لكل من الدول المشاركة، وتعزز التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الأمن الغذائي والصحي، وتكامل سلاسل القيمة، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة".
من جانبه، قال سعادة محمد حسن السويدي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ "القابضة" /ADQ/: "تماشياً مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، تم تخصيص صندوق استثماري يدار من قبل "القابضة" /ADQ/ بمقدار 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع الأساسية لتمكين الشراكة في القطاعات المتفق عليها ولتعزيز البنية التحتية لاقتصاد الدول الثلاث".
وأضاف: "تخصيص هذا الصندوق يؤكد التزام "القابضة" /ADQ/، بالاستثمار الصناعي، مباشرة أو من خلال محفظة شركاتها، لتعزيز وتمكين عملية التكامل، وذلك من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تعود بالنفع على الدول المشاركة وشعوبها، وبما يتماشى مع حرصنا الراسخ على ترسيخ مكانة دولة الإمارات، وإمارة أبوظبي كوجهة عالمية رائدة للمستثمرين والشركاء في مختلف القطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاع الصناعة".
وتابع السويدي: "إن "القابضة" /ADQ/ لديها رغبة في ضخ المزيد في الاستثمارات والبنية التحتية، وتحديداً في المجالات الصناعية التي تم التوافق عليها ضمن الاتفاقية، وهي مجالات حيوية ومهمة على صعيد التكامل، بما يؤدي إلى تمكين القطاع الصناعي، وزيادة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول والتي لها أثر كبير في التنمية وتنويع الاقتصاد لهذه الدول، وخلق الفرص لشعوبها، وذلك خلال السنوات القليلة المقبلة".
شراكات صناعية إقليمية وعالمية
وتعد "الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة" بين المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، نموذجاً لالتزام دولة الإمارات بعقد شراكات نوعية إقليمياً وعالمياً، تماشياً مع رؤيتها بتعزيز دور القطاع الصناعي، وربطه بالتكنولوجيا المتقدمة، والاستفادة من المزايا التنافسية والممكّنات التي توفرها كل دولة، بما يجعل الإمارات وجهة عالمية رائدة لصناعات المستقبل ومركزاً يستقطب أبرز الصناعات، ويجعل من الدولة منصة انطلاق للمستثمرين الصناعيين نحو الأسواق العالمية مستفيدةً من الخدمات اللوجستية والبنية التحتية المتطورة وشبكات النقل الحديثة وتوفر المواد الخام والبنية التحتية، وبما يضمن المرونة في سلاسل التوريد، ويحفز النمو الاقتصادي المستدام، ويعزز الصناعات ذات القيمة المضافة، ويزيد تنافسيتها العالمية.
كما تجسد هذه الشراكة عمق العلاقات الأخوية الوثيقة بين الدول الثلاث والرؤية المشتركة والثقة المتبادلة ..وتعد الشراكة منصة للتعاون في المستقبل، وتستند إلى أهمية التكامل وتعزيز الانفتاح وتطوير القطاع الصناعي، وتبادل المنافع الاقتصادية، والاستفادة من الموارد البشرية والخبرات من خلال إقامة مشاريع صناعية كبيرة مشتركة في أكثر من دولة، مما يوفر فرص عمل جديدة، ويسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد في كل دولة، ويدعم الإنتاج الصناعي وزيادة الصادرات.