بوصلة العبور الآمن ضد الإرهاب.. مؤتمر مواجهة "التطرف الديني" بالقاهرة
نحو بوصلة تقود إلى عالم معافى من أدران التطرف والإرهاب، انطلقت في القاهرة فعاليات مؤتمر يرمي إلى السلام والتسامح.
نظم مركز "سلام" لدراسات التطرف، التابع لدار الإفتاء المصرية، بمشاركة خبراء في الإرهاب، وقيادات دينية ومسؤولين، وأكاديميين من مؤسسات ومراكز بحثية عدة.
مشاركة 42 دولة
وحضر المؤتمر وزيرا العدل والأوقاف المصريان، وممثِّلون عن مجلس الأمن والأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، وجامعة الدول العربية، وعدد من الوزراء، والقيادات التنفيذية، والمفتين، ورجال الفكر والإعلام من 42 دولة حول العالم.
ومٌثلت في المؤتمر كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا وإيطاليا والهند وبولندا وسنغافورة والمغرب وتونس والجزائر، وغيرها.
فعاليات مؤتمر دار الإفتاء المصرية
وضمت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عرضًا لفيلم تسجيلي عن «مركز سلام لدراسات التطرف» فكرته ورسالته والمشروعات التي يعمل عليها، ثم كلمة لفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم-، وكلمة لوزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة نائبًا عن رئيس الوزراء الأستاذ الدكتور مصطفى مدبولي، ثم كلمة لفضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، يليها كلمة للمستشار عمر مراون وزير العدل.
كما تحدث في الجلسة الافتتاحية الدكتور جهانجير خان مدير مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والسفير أحمد سيف الدولة، رئيس قسم المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب لدى مجلس الأمن، والدكتور فيصل بن معمر المشرف العام على مشروع سلام للتواصل الحضاري.
ويشهد المؤتمر أجندة حافلة يبحثها المشاركون بدءا من ظاهرة التطرف، وجرائم الإرهاب، والرد على الأطروحات المتشددة، مرورا بترسيخ قيم السلام والتعايش والتفاهم بين الشعوب والحضارات، وصولا وليس آخرا إلى تعزيز التعاون الدولي في إطار مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله.
مطالب الأزهر
أوضح وكيل الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر، أن أحد أوجه الأزمة التي نعاني منها هذا التعمق في التنظير إلى درجة تنسينا الأسباب الحقيقية في صناعة هذا الواقع المر، وهذا هو ما دفع الأزهر إلى أن يكون أكثر واقعية، انطلاقا من مسئوليته الدينية ودوره الريادي؛ فقد تبنى علماؤه -وفي مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر- موقفا واضحا وسياسة كاشفة لمكافحة التيارات الفكرية المنحرفة كافة، أساسه الرفض التام والإدانة الفورية والعاجلة لشتى أشكال التطرف، مع التأكيد المستمر أن شرائع السماء بريئة من كل ما تقوم به هذه العصابات المنحرفة، التي تنفذ أجندات خارجية.
وعقد الأزهر مؤتمره المشهود عام ألفين وأربعة عشر «مؤتمر الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب» الذي حضره ممثلون عن مائة وعشرين دولة من أنحاء الأرض، من رجال دين، وقادة سياسيين، وكُتاب ومفكرين، من مختلف الطوائف والملل، والذي حاول فيه أن يصل إلى صيغة موحدة ضد التطرف والإرهاب، تكشف تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وختم المؤتمر بإعلان «بيان الأزهر العالمي» الذي وضع الجميع أمام مسئولياتهم، وكشف الستار عن التطرف الحقيقي الذي يغض الطرف عنه كثير من المنظرين، ودعا إلى لقاء حواري عالمي للتعاون على صناعة السلام وإشاعة العدل في إطار احترام اختلاف العقائد، وتباين الأفكار.
وأرسل الأزهر بأبنائه إلى ربوع الأرض في «قوافل سلام» تجوب الدنيا، وتمد يد التعارف والتلاقي، وجدد الأزهر الشريف دعوته إلى السلام عام ألفين وسبعة عشر فعقد «مؤتمر الأزهر العالمي للسلام»، الذي شخص فيه أسباب الإرهاب، وأعلن بلا مواربة أن الأديان بريئة من هذا التطرف، وأن أحلام الهيمنة والسيطرة على الدول، وسياسة الكيل بعدة مكاييل وعوامل أخرى مشابهة هي التي أثمرت ثمرة التطرف المرة.
وبيّن وكيل الأزهر أن مؤتمر دار الإفتاء يأتي اليوم كخطوة جديدة لهذه الرؤية الأزهرية الوطنية التي تؤكد أن مواجهة التطرف بتوضيح المفاهيم وتفنيد الشبهات، وترسيخ قيم التعايش، وإرساء دعائم المواطنة، ونبذ العنف والغلو، لم تعد مجرد شعارات جوفاء، بل تحولت إلى أعمال مؤسسية تقوي النسيج الوطني، وتعزز السلام المجتمعي، وتقيم الحجة على صانعي الفتن.
إنجاز جديد
قال المستشار عمر مروان، وزير العدل، هذا هو أول مؤتمر دولي، يدعو إليه مركز السلام لدراسات التطرف، متابعا المؤتمر يمثل خطوة هامة في مواجهة التطرف.
ويعد دار الافتاء بمثابة نموذج حقيقي للمؤسسة الوطنية التي تسابق الزمن من أجل حماية الدين، متابعا: مكافحة التطرف تتمحور حول المواجهة الفكرية لهم وتجفيف منابعه.
ويعد تدين مركز السلام لمواجهة التطرف بمثابة خطوة مميزة في هذا المجال.
والمركز يسعى إلى تحقيق الشمولية في مواجهة التطرف من خلال الوقاية والعلاج والمواجهة.
وعقد هذا المؤتمر يعد إنجازا جديدا يضاف إلى إنجازات دار الإفتاء المصرية، كما أنه يبرهن أن المؤسسات تقف في قلب المعركة ضد التطرف.
حصاد مصر فى مواجهة الإرهاب خلال 7 سنوات
أكد مرصد الأزهر، أنه منذ ثورة 30 يونيو عام 2013، وتواجه مصر والمنطقة تحديًا كبيرًا يتمثل فى الجماعات المتطرفة التى تهدف إلى إسقاط الدول، وبسط نفوذها واستقطاب العديد من الشباب إلى صفوفها؛ لتحقيق مقاصدها الخبيثة وأجنداتها المشبوهة.
وفى يونيو عام 2014، واتخذت مصر خطوات مهمة فى مواجهة التطرف والإرهاب على الصعيدين المحلى والإقليمي، الأمر الذى أخرج مصر من قائمة أكثر (10) دول عُرضة للتطرف والإرهاب، بحسب التقرير السنوى لمنظمة الاقتصاد والسلام (IEP) والذى يتضمن مؤشر الإرهاب العالمى (Global Terrorism Index).
ومن أهم مساهمات الإدارة المصرية فى مواجهة التطرف والإرهاب على الصعيد الداخلى ما يلي:
1- فرضت الدولة قوتها عن طريق بسط الأمن والأمان فى مدة وجيزة، ما أدى إلى القبض على العديد من أصحاب الفكر المتطرف سواء من جماعة الإخوان الإرهابية أو غيرهم ممن لهم انتماءات لجماعات متطرفة أخرى، وتقديمهم إلى أيدى العدالة؛ لينالوا جزاءهم فى محاكمات تضمن الشفافية والعدالة، يقودها القضاء المصري.
2- المواجهة العسكرية المباشرة مع العناصر التكفيرية والتى اتخذت أشكالًا متعددة، كان أبرزها العملية الشاملة (سيناء 2018) التى أدت إلى العديد من النتائج الإيجابية، كان من بينها مقتل العديد من قادة العناصر التكفيرية والعناصر شديدة الخطورة، كما استهدفت تدمير البؤر الإرهابية المكتشفة، إضافة إلى القبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية والإجرامية المطلوبة جنائيًّا والمشتبه فى دعمها للعناصر التكفيرية، كما تمَّ تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من مخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة، والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، إضافة لاكتشاف وضبط وتدمير عدد من الدراجات النارية والعربات الخاصة بالعناصر الإرهابية، حسبما صرّح المتحدث العسكرى للقوات المسلحة المصرية.
3- التنمية المستدامة والتعمير المتواصل والمشروعات الكبيرة التى تنفذها مصر؛ حيث أدركت الإدارة المصرية أن مواجهة الإرهاب لا تقتصر فقط على المواجهة العسكرية والفكرية، وإنما هناك محور ثالث لا يقل أهمية عن هذين المحورين، وهى المواجهة من خلال التنمية والتقدم؛ لأن الإرهاب لا ينصب شباكه إلا فى الأماكن المتوارية الخالية من التنمية والتطوير، فشرعت الإدارة المصرية فى العديد من المشاريع العملاقة، مثل: العاصمة الإدارية، وتطوير الريف، وإنشاء شبكة عملاقة من الطرق والكباري، إضافة إلى المشروعات الزراعية والصناعية والتجارية المختلفة، والتى بلغت (14762) مشروعًا فى مختلف القطاعات، جرى الانتهاء منها بتكلفة تقديرية (٢207.3) مليار.
4- اهتمت مصر بالتعليم الجامعى وما قبل الجامعي، وذلك من خلال أنظمة تعليم جديدة ومتطورة، وبإنشاء العديد من الجامعات والكليات التى تواكب التقدم التكنولوجي، ما يعنى تخريج أجيال واعية بالتحديات التى تواجه أوطانهم.
5- أولت مصر خلال السبع سنوات الماضية اهتمامًا بالغًا بسوق العمل وتوفير السلع والاحتياجات للمواطنين، عن طريق العديد من المبادرات والإجراءات، ولا شك أن هذا يقطع الطريق على من يروجون للتطرف والإرهاب تحت بند البطالة والفقر. وفى هذا الصدد أعلنت وزارة التخطيط فى تقرير لها، أن خطة العام الجديد تهدف إلى خفض مُعدّل البطالة إلى نحو 7.3٪، مع تقليص مُعدّل الفقر إلى 28.5٪، وخفض نسبة الأمية إلى نحو 17.5٪، وهذه الأمور من شأنها قطع روافد التطرف والإرهاب.
دور الأزهر الشريف في مواجهة التطرف
يعمل الأزهر بكافة هيئاته على نشر وسطية الإسلام ويبذل جهودًا حثيثة من خلال علمائه المنتشرين في كل أنحاء العالم من أجل إشاعة السلام وترسيخ الحوار ومواجهة الفكر المتطرف".
وباعتبار الأزهر الشريف جزءًا أصيلًا من أجزاء الدولة المصرية، فقد اتخذ الأزهر الشريف إجراءات شديدة الأهمية لمواجهة التطرف والإرهاب، فعلاوة على أن المنهج الأزهرى الوسطى الذى يحمى من التطرف والإرهاب، تمَّ إنشاء مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، إضافة إلى العديد من المراكز التى تهتم بقضايا التراث وتجديد الخطاب الديني.
كما تم إنشاء أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ وأمناء الفتوى، إضافة إلى العديد من المؤتمرات واللقاءات التى أشرف عليها فضيلة الإمام الأكبر وحضرها بنفسه، كان آخرها "مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي"، والذي تمَّ برعاية كريمة من السيد رئيس الجمهورية.