ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل..هل يحلها الوسيط الأمريكي؟
دعت السلطات اللبنانية واشنطن لاستكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك غداة إرسال إسرائيل سفينة إنتاج وتخزين للغاز في حقل كاريش، الذي يقع في منطقة يدعي كل طرف أنها تدخل ضمن سيادته.
توقف المحادثات
توقفت مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها، وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومتراً مربعة، بناء على خريطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقًا أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعة وتشمل أجزاء من حقل "كاريش".
وتعتبر إسرائيل أن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها وليس في المنطقة المتنازع عليها، وخارج ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل
وأكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنه تمّ الانتهاء من الحفر الفعلي قبل أشهر عدة وأن عملية الاستخراج ستكون التالية، معتبرة أن وصول السفينة هو خطوة في هذا الاتجاه.
وندد مسؤولون لبنانيون عدة الأحد بما وصفوه بـ"التحدي" الإسرائيلي، فيما لم يصدر بعد أي تعليق رسمي عن حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد والتي سبق وأعلنت أنها لن تتدخل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أكد في كلمة في التاسع من أيار/مايو أن حزبه قادر على منع إسرائيل من التنقيب واستخراج النفط من المنطقة المتنازع عليها.
وقال إنه "لن تجرؤ شركة في العالم أن تأتي إلى كاريش أو إلى أي مكان في المنطقة المتنازع عليها إذا أصدر حزب الله تهديداً واضحاً جدياً في هذه المسألة".
ويشكل ترسيم الحدود البحرية أولوية للبنان الغارق في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. ومن شأن إحراز أي تقدم في هذا السياق أن يسهّل عملية استكشاف الموارد النفطية ضمن مياهه الإقليمية. وتعوّل السلطات على وجود احتياطات نفطية من شأنها أن تساعد لبنان على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي.
نبيه بري
كشف رئيس برلمان لبنان، نبيه بري، أن الوسيط الأمريكي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أموس هوكشتاين، سيصل إلى بيروت الأحد أو الإثنين المقبلين للبحث بموضوع الترسيم.
وأمس الاثنين، بحث الرئيس اللبناني، ميشال عون، مع رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة محاولات إسرائيل "توتير الأوضاع على الحدود البحرية الجنوبية".
وفي هذا الصدد، أصدر المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، بيانا قال فيه: "في إطار متابعة تطورات التحركات البحرية التي تقوم بها سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال "Energean power" قبالة المنطقة البحرية المتنازع عليها في جنوب لبنان، بحث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي صباح اليوم في الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة محاولات العدو الاسرائيلي توتير الأوضاع على الحدود البحرية الجنوبية".
وأضاف البيان: "وقد توافق فخامة الرئيس ودولة الرئيس على دعوة الوسيط الأمريكي، آموس هوكشتاين، للحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة".
وتابع البيان: "كما تقرر القيام بسلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان، وللتأكيد على تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، واعتبار أن أي أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازا وعملا عدوانيا يهدد السلم والأمن الدوليين، وتعرقل التفاوض حول الحدود البحرية التي تتم بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة، وفق ما ورد في المراسلات اللبنانية الى الأمم المتحدة والمسجلة رسميا".
وصباح الأحد الماضي، أكدت صحيفة "النهار" أن السفينة الإسرائيلية لاستخراج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه دخلت حقل "كاريش" وتجاوزت الخط 29 وأصبحت على بعد 5 كلم من الخط 23، بالمنطقة المتنازع عليها مع لبنان.
وأفادت "النهار"، وفقا لمعلوماتها، بأن "العمل بدأ على دعم تثبيت موقع سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه "ENERGEAN POWER" في حقل كاريش"، لافتة إلى أنه "توازيا، يتم العمل على إرساء سفينتين على متنها: الأولى خاصة بإطفاء الحرائق "Boka Sherpa" و"الثانية Aaron S McCal الخاصة بنقل الطواقم والعاملين".
نجيب ميقاتي
تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، نتائج الاتصالات الدبلوماسية الجارية بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، وما هو متوقع على صعيد مهمة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين.
وجدد الرئيس ميقاتي تأكيد أن "الدولة اللبنانية تتابع معطيات هذا الملف السيادي بامتياز، والذي تجري معالجته بالطرق الدبلوماسية للخروج بنتائج ايجابية، وتحرّك المفاوضات غير المباشرة مجددا".
وشدد ميقاتي على أهمية أبعاد هذا الملف عن السجالات الداخلية والحسابات السياسية، كونه يخص جميع اللبنانيين، ويحفظ حقوق لبنان في مياهه وثرواته الطبيعية واستقراره.
مطالب لبنانية بتعديل مرسوم ترسيم الحدود البحرية
في سياق متصل، طالب نواب "قوى التغيير" في لبنان، السلطة التنفيذية بتعديل المرسوم رقم 2011/6433 الذي يحدد مساحة المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، واعتماد الخط 29 بدلاً من الخط 23، تحت طائلة المسائلة، وإيداع المرسوم الأمم المتحدة. وطلب النائب ملحم خلف، المتحدث باسم "نواب قوى التغيير" وعددهم 13 نائبا، في مؤتمر صحفي عقد في مجلس النواب اليوم الإثنين، من السلطة التنفيذية أن تقوم فوراً ومن دون إبطاء، بتعديل المرسوم رقم 2011/6433 وفق مقترحات قيادة الجيش اللبناني، واعتماد الخط 29 بدلا من الخط 23 "المحدد اعتباطاً ومن دون أي سند قانوني". وقال النائب خلف: "في حال التقاعس عن تعديل المرسوم :2011/6433 سنقوم كنواب قوى التغيير مع من يرغب من الزملاء النواب بتقديم اقتراح قانون معجل مكرر لتعديل القانون رقم 163 تاريخ 2011/8/18 بغية اعتماد الخط (29) كخط رسمي لتحديد الحدود الجنوبية للمناطق البحرية اللبنانية".
إسرائيل: النزاع حول الغاز سيحل دبلوماسيا
من جهته، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس بأن النزاع مع لبنان بشأن مخزون الغاز الطبيعي قبالة السواحل هو قضية مدنية سوف يتم حلها دبلوماسيا بوساطة أمريكية. وأضاف في تصريحات تليفزيونية لكتلته البرلمانية "أي شيء يتعلق بالنزاع سوف يتم تسويته في إطار المفاوضات بيننا ولبنان بوساطة الولايات المتحدة"، بحسب صحيفة "يديعوت آحرونوت" الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني.
وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار لمحطة إذاعة تل أبيب 103 إف.إم إنه لم يكن هناك أي تعد "على الإطلاق" من جانب إسرائيل. ويعرقل خلاف بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحرية التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط ويخاطر بتفاقم التوترات بين البلدين.