في الذكرى الـ 60 للاستقلال.. احتفالات غير مسبوقة في الجزائر
تحتفل الجزائر في كل عام بذكرى الاستقلال في الخامس من يوليو، وهي المناسبة التي تكتسي طابعا خاصا هذا العام بعد ستين سنة من البناء والتشييد.
وتدشّن الجزائر الثلاثاء احتفالات عيد الاستقلال باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة، يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي.
استعراض عسكرى ضخم فى الجزائر احتفالا بالذكرى 60 للاستقلال
انطلقت، اليوم الثلاثاء، في منتزه الصابلات بالعاصمة الجزائرية أضخم استعراض عسكري منذ 33 عاما، وذلك احتفالا بمرور 60 عاما على ذكرى استقلال الجزائر.
ويشهد الاستعراض حضور كبار المسؤولين، يتقدمهم رئيس جمهورية الجزائر عبد المجيد تبون، والفريق الأول رئيس أركان الجيش الجزائرى السعيد شنقريحة.
وفي البداية، قدم رئيس جمهورية الجزائر عبد المجيد تبون، مع الفريق الأول السعيد شنقريحة، التحية لمختلف القوات الجزائرية على غرار القوات البحرية، الجوية البرية، الخاصة وأيضا أشبال الأمة.
كما قامت القوات الجزائرية، بإطلاق المدافع، معلنة انطلاق الاستعراض العسكري الأضخم من نوعه منذ 33 عاما.
ووضع الرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون الثلاثاء، إكليل من الزهور على النصب التذكاري المخلّد لأرواح شهداء الثورة التحريرية المجيدة بمقام الشهيد بالعاصمة الجزائرية.
كما تشهد العاصمة الجزائرية منذ الساعات الأولى من يوم الثلاثاء حضور أعداد كبيرة ممن أرادوا حضور ومشاهدة الاستعراض العسكري الذي تنظمه قوات الجيش احتفالا بعيد الاستقلال.
عفو رئاسي يشمل 14 ألف سجين في عيد الاستقلال الجزائري
وفي مناسبة الذكرى الستين لاستقلال البلاد عن فرنسا، أعلنت الجزائر عن عفو رئاسي شمل 14 ألف سجين
وأصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون 5 قرارات تتضمّن إجراءات العفو وفقًا لما ينصّ عليه الدستور.
إصدار طابع بريدي جديد بمناسبة عيد الاستقلال
أصدرت مؤسسة بريد الجزائر، طابعا بريديا جديدا، بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الجزائر.
ويتكون هذا الطابع من أربعة طوابع متماسكة، تحمل دلالة على التلاحم والوحدة ورمزية الجزائرية المستقلة، بالإضافة الى الشارة الرسمية التي صُمّمت احتفالا بستينية الاستقلال بشكل إطار دائري يحمل 60 نجمة. ترمز إلى الاتحاد والوحدة الوطنية وسنوات الاستقلال.
ويوجد بداخله العلم الجزائري، رمز السيادة، وصفحات كتاب ترمز إلى سجل الذاكرة الوطنية، تمثل الصفحة الأولى والذهبية منه الرابطة المتينة والاستمرارية بين جيش التحرير الوطني والجيش الوطني الشعبي وإسهامه في تعزيز اللحمة الوطنية.
ويرمز الشعار إلى احترافية الجيش الجزائري، سليل جيش التحرير الوطنى، ودفاعه عن السيادة الجزائرية وصون حرمتها الترابية برا و جوا و بحرا.كما يحوز أيضا على رمز يجسد العلم والتطور التكنولوجي الذي تشهده الجزائر الجديدة.
تهنئات
هنأت لجنة الأخوة البرلمانية الأردنية مع دول المغرب العربي، جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية الشقيقة بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال.
وأعربت في رسالة بعثتها إلى سفير الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى المملكة، عن أسمى آيات التهاني والتبريكات لحكومة وبرلمان وشعب الجزائر بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال، مشيدة بطيب العلاقات وأواصر المحبة والمودة التي تربط البلدين الشقيقين.
وقال رئيس اللجنة النائب مجحم الصقور إن ذكرى الاستقلال عزيزة على قلوبنا جميعاً، مستذكرا تضحيات الشعب الجزائري ضد الاستعمار.
وتمنى باسم اللجنة، للشعب الجزائري الشقيق مزيداً من التقدم والازدهار.
وبعث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالة إلى نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون هنّأه فيها بمرور 60 عاما على استقلال الجزائر عن فرنسا.
وأعرب ماكرون، في بيان للرئاسة الفرنسية، عن أمله "بتعزيز العلاقات القوية أساسا" بين البلدين، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه.
وقالت الرئاسة الفرنسية، إنّ "إكليلاً من الزهر سيوضع أيضا، الثلاثاء، باسم ماكرون على النُصب التذكاري الوطني لحرب الجزائر والمعارك في المغرب وتونس" في رصيف برانلي في باريس إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 يوليو/تموز 1962.
وأضاف الإليزيه، في بيانه، أنّ "الذكرى الستّين لاستقلال الجزائر، في 5 يوليو/ تمّوز 2022، تشكّل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبّون رسالة يعبّر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر".
العلاقات بين البلدين
ورغم مرور ستة عقود على انسحاب الجيوش الفرنسية، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم تصل بعد إلى طبيعتها،على الرغم من المبادرات الرمزية التي تقوم بها فرنسا.
وبعد حرب استمرت ثماني سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية في 18 مارس 1962 التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو من العام نفسه.
وتمّ إعلان استقلال الجزائر بعيد أيام من استفتاء لتقرير المصير وافق فيه 99.72% من الناخبين على الاستقلال.
إبادة
وانتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في إفريقيا في سنوات 1960 التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.
لكن بعد 60 عاماً من نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه الى تهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم "الاعتذار".
وردّاً على هذه المبادرات قال رئيس مجلس الأمة وأحد قادة حرب الاستقلال، صالح قوجيل "لا يمكن أن ننسى أو نمحي، لأي إجراء كان، مسؤولية فرنسا الاستعمارية عن الإبادة الإنسانية (التي تعرّض لها الشعب الجزائري) والإبادة الثقافية وإبادة هويته".
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أكد في آذار/مارس أن "جرائم الاستعمار" الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم، داعياً إلى "معالجة منصفة ونزيهة لملف الذاكرة والتاريخ في أَجواء المصارحة والثقة".
وبدا أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في تشرين الأول/أكتوبر عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، ما أثار غضب الجزائر.
وتحسنت العلاقات تدريجياً في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون في مكالمة هاتفية في 18حزيران/يونيو عن رغبتهما في "تعميقها". وفي نهاية نيسان/أبريل، هنّأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه "الباهر" ودعاه لزيارة الجزائر.
هدوء زائف"
وأوضح المؤرخ عمّار محند عمر، لوكالة فرانس برس أن "العودة السريعة إلى وضع طبيعي في أعقاب الأزمة الخطيرة في الأشهر الأخيرة (...) مرتبطة بالتوترات الإقليمية، لا سيّما في ليبيا، ولا ينبغي تجاهل ذلك أو التقليل من شأنه".
وأضاف أنّ "الجغرافيا السياسية الإقليمية غير المستقرة تتطلب مواقف قوية على المديين المتوسط والبعيد، وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين".
من جهته، أشار رئيس حزب التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض عثمان معزوز الى أن "العلاقات بين نظام السلطة في الجزائر وفرنسا الرسمية تخلّلتها أزمات وهدوء زائف منذ استقلال البلاد".
وقال معزوز: "في المرحلة الحالية، لا يمكن لأحد أن يراهن درهماً واحداً على الحديث عن إعادة بناء (هذه العلاقات). لأن استغلال العلاقة من هذا الجانب أو ذاك لا يخفى على أحد".
ولا يخفي محند عمر خشيته من أن تخضع سياسة ماكرون للمصالحة مع الذاكرة للانتقاد، خصوصاً بعد النجاحات الانتخابية الأخيرة لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف برئاسة مارين لوبن.