د. دريد عبد الله يكتب: القطار المعلق في بغداد وجدار برلين
منذ افتتاح مترو لندن عام 1863 وحتى اليوم، أصبحت شبكات النقل الجماعي وخصوصاً (المتروات والقطارات المعلقة) القلب النابض واهم انظمة النقل الناجعة داخل المدن الحديثة كونها تحل المعظلتين المزمنتين: (الكثافة السكانية) و(محدوديةالمساحة المتوفرة) لتصنع فيها شبكة نقل ذكية قادرة على الايفاء بمتطلبات تلك المدن مما ادت لنقليل الكثافة المرورية حتى الثلث مع تقليل زمن انتقال سكان المدن بين (العمل~السكن) إلى نسب متدنية وخلال آخر160سنة تم بناء وتشغل ما لايقل عن 280 شبكة (مترو وقطارات معلّقة داخل المدن) منها32٪ قطارات معلّقة.
تعود فكرة إنشاء المترو في العاصمة العراقية، بغداد، إلى منتصف الخمسينات من القرن العشرين مع مترو يؤمن من خلالها حاجة العاصمة من شبكة مترو حديثة لكن المشروع تأجل بسبب أحداث (عام58 وسقوط الملكية)
تشجع العراق على إحياء فكرة هذا المترو مجدداً بعد توقع ايران عقد تصميم وبناء أول مترو في الشرق الأوسط عام1976 وفعلاً نشر العراق عقد مناقصة لتصميم المترو في بداية 1978 لترسو على الشركة البريطانية(BDP)
وفعلاً اكملت الشركة تصميم
لمرحلة الاولى منه عام 1982 بطول 32 كم وخطينين(الثورة~الاعظمية)و(المنصور~المسبح)ومع36محطة ضمنها محطة الخلاني الضخمة بتكلفة1.8مليار دولار ووعلى شركة برازيلية لمرحلة الثانية بطول11كم وب10محطات وتكلفة(1مليار دولار) وتكلفة1.8مليار دولار والمرحلة الثالثة بخط ثالث وطول 20كم و15محطةوتكلفة1مليار دولار وقتها على ان يتم تشغيله اي1986ليكون اول مترو في الشرق الاوسط(كون مترو طهرانةسيتاخر11سنة اخرى حتى اكماله)لكن ظروف الحرب(العراقية الايرانية)وما تلاها من ازمة الكويت والحصار الاقتصادي حالوا دون البدء بتنفيذه
أعيد المشروع للاضواء
عام2008 بنفس التصميم لكن بزيادة4 محطات اخرى ليصبح عددها(40محطة)وبتكلفة7.5مليار دولار لكن الحرب على الارهاب بعد2014طوت ملفه للابد
خرج محافظ بغداد وقتها(صلاح عبدالرزاق) ومجلس محافظته بعد2017بمشروع(قطار بغداد المعلق) وهو مشروع(مساند) ثانوي لمشروع المترو من اجل توسيع خدمات النقل لمناطق خاصة كالكاظميةبطول(22كم)وليخدم 14محطة وتكلفة2.5مليار دولار(من المتوقع زيادتها الى3. 5)وبمحطات غير موجودة في المشروعين السابقين
لو اسقطت مشروعي(المترو والقطار) ستجدهما مشروعين مختلفين تماما فكل منهما يستهدف نطاق معين فالاول يربط بغداد(بصوبيها الكرخ والرصافة) بينما الثاني يعتبر كقطار سياحي ينقل الافراد الى مناطقهم الدينية الخاصة والذي اعتبرته الصحافة الالمانية (كجدار برلين الثاني) كونه يفصل كجدار عزل بين مناطق تواجد الطوائف في بغداد ليخدم بعضها دون البعض الآخر
كذلك ستكون قدرة شبكة المترو على نقل اكثر من50الف راكب في الساعة الواحدةلمرحلته الاولى فقط(بينما القطار المعلق لايمكن لسعته ان تصل سوى الى10آلاف راكب في الساعة للخط الواحد في اي مرحلة سيصلها)مع العلم ان شبكات المترو يمكن زيادة خطوطها وسعاتها باي اتجاه لكن القطار المعلق فلا(لكن يمكن بناء شبكة ثانية منفصلة له من اجل شمول مناطق اخرى بخدماته)
ختاماً:بناء القطار المعلق في بغداد سيكون مكلفاً وبلا فائدة تذكر(باتجاه تقليل الازدحام الخانق فيها)بينما المترو لديه القدرة والمرونة الكافية لتطبيق هذا الهدف(اي تقليل الازدحامات) مع العلم ان منشآته ستكون تحت الارض وستطور البنى التحتية والطرق في بغداد بشكل ملفت والذي سيكون صعباً(بالنسبة للقطار المعلق) كون مبانيه(ظاهرية) وسيتم مدّها بلا تطوير للمناطق التي سيمر بها بل سيسهم بخلق(زحام اكثر)لوقوع مرافقه في بعض مناطق الازدحام الرئيسية للعاصمة بغداد