القمة الروسية الإيرانية التركية.. هل جاءت النتائج بما تشتهي الدول الثلاث؟
انعقدت القمة الروسية الإيرانية التركية الأخيرة والمسماة قمة طهران، في ظروف استثنائية لأنها أول زيارة للرئيس الروسي فيلاديمير بوتين خارج روسيا بعد الحرب الأوكرانية، وتأتي بعد فشل افتفاق النووي بين إيران والغرب، وبعد إعلان تركي عن عملية عسكرية في سوريا توقف بعد تصريحات علنية من واشنطن بعدم السماح بذلك، فما هي نتيجة القمة على الدول الثلاثة.
الفشل التركي في عملية بسوريا
كشف إبراهيم كابان، الباحث الكردي ورئيس موقع الجيوإستراتيجي، أن القوات الأمريكية علاقتها بقوات سوريا الديمقراطية وطيدة، ولكنها تركز دورها على منطقة شرق الفرات، ولكن منطقة غرب الفرات هي نفوذ روسي سواء أكانت مدينة منبج أو تل رفعت، وبالتالي حدوث عملية عسكرية في شرق الفرات مستبعد لأن لا الأمريكيين يرحبون بذلك ولا الروس.
وأكد كابان لـ"الأمصار"، أن التفكير التركي يتجه نحو غرب الفرات، ولأن مدينة منبج بعيدة عن الحدود التركية بنحو 35كم، فما يطمع به الأتراك هو احتلال جزء من مدينة تل رفعت وكانت تعتقد أنها ستحصل على ضوء أخضر في القمة الروسية الإيرانية التركية لشن هجوم ولكنها أصيبت بخيبة أمل
وأضاف الباحث الكردي، أنه يوجد حاليًا محورين الأول محور روسي إيراني وحزب الله اللبناني والحوثي في اليمن، وحور أخر يتمثل في ناتو عربي، وتركيا حاليًا واقعة بين فكي كماشة فهي إما أن تختار أن تنضم للمحور العربي الأمريكي أو للمحور الروسي الإيراني، وهي في كلا الحالتين خاسرة فهي إذا أنضمت للمحور العربي الأمريكي ستخسر روسيا والتي بدورها ستدعم الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية ضد تركيا ، وإذا مالت وأصبحت حليف استراتيجي للروس ستخسر الجانب الأمريكي.
نتائج كارثية لأنقرة
بينما كشف كارنيك سركسيان، ورئيس الهيئة التأسيسية للمجلس الوطني الأعلى لأرمينيا الغربية، أنه جاء مضمون كلمتي الرئيسين الروسي والإيراني خلال المؤتمر الصحفي الختامي بالقمة الروسية الإيرانية التركية ليؤكد تجانس مواقف البلدين في التركيز على وجوب إنهاء حالة عدم الاستقرار في سوريا وإغلاق ملف الحرب الكونية الإرهابية المستمرة فيها منذ 2011.، وكان من اللافت تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة بسط سيادة الدولة السورية على كامل أراضي الجمهورية العربية السورية وعدم المساس بسلامة ووحدة أراضيها، وأن ذلك لن يجلب الأمن والاستقرار للدولة السورية فقط "بل للمنطقة برمتها".
وأكد سركسيان لـ"الأمصار"، أن روسيا الاتحادية، رافعة راية سقوط النظام العالمي أحادي القطب وصعود النظام العالمي متعدد الأقطاب، قد قررت وضع نهاية لقرن من حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بشكل نهائي ورغم انف الغرب المستفيد من هذه الحالة والمتسبب بها من خلال أدواته المتمثلة بكلٍ من فكي الكماشة الاصطناعيتين والمزروعتين في المنطقة: النظام التركي والكيان الصهيوني.
نهاية سياسة القفز على الحبل
وأضاف رئيس الهيئة التأسيسية للمجلس الوطني الأعلى لأرمينيا الغربية، أنه ما من دلالة أفصح من الوجوه المتجهمة للوفد التركي في القمة الروسية الإيرانية التركية ورئيسه أثناء المؤتمر الصحفي الختامي قبيل مغادرته لطهران للكشف عن عمق المأزق التركي، إذ أدرك جميعهم أن ما بعد قمة طهران لن يكون أبداً كما قبلها، وزمن "سياسة السعادين" قد ولى وأن تركيا لن تعود قادرة على القفز من غصن لآخر بين أن تكون دولة عضو في حلف الناتو مع كل ما تعني هذه العضوية من معنى من جهة، وأن تلعب دور "الحليف اللدود" لروسيا وإيران ومحاولاتها الحثيثة لحجز مقعد لها على طاولة رسم سياسات وملامح المنطقة في حقبة النظام العالمي متعدد الأقطاب.
وبين سركسيان، أن تركيا اليوم أصبحت مجبرة، وربما لأول مرة بهذه الجدية والحتمية، لاتخاذ قرار مصيري بين أن تفضح وجهها الشيطاني القبيح وتعلن ولائها الأبدي والمصيري لسياسات حلف الناتو ومن خلفها، وبين أن تعلن الطلاق الأبدي معه وإعلان قرارها النهائي في نبذ أسيادها الحقيقيين وحماة وجودها المصطنع في المنطقة منذ 1923. وهنا تكمن أزمتها الحقيقية، فهي لا قادرة على اتخاذ هذا القرار ولا ذاك، ففي الحالتين يصبح وجودها ضمن صيغتها الحالية مهدداً بشكل لم يكن جدياً بهذا القدر أبداً، والسبب الرئيسي هو أن الأمن القومي التركي قد تم تصميمه منذ اليوم الأول لتأسيسه في 1923 على أساس ضرورة الحفاظ على حالة عدم الاستقرار المستمر في المنطقة، وهي اليوم لن تستطيع التأقلم مع حالة الاستقرار التي ستفرضه موسكو في المنطقة، والحفاظ على أمنها القومي معاً.
دور أكبر لإيران في سوريا
بينما يرى عارف الكعبي أنه جاء الإعلان عن القمة الر وسية الإيرانية التركية بعد الإعلان عن قمة جدة بفترة طويلة، وهدفها استباق أي نتائج وأي توصيات تصدر من قمة جدة، حتى تختلط الأوراق على الإدارة الأمريكية والعربـ وكل دولة من الدول الثلاثة لها اجندة خاصة بها، فالأجندة الروسية لا تتطابق مع الإيرانية والاثنان يختلفان مع أجندة الأتراك.
واكد الكعبي في تصريحات خاصة لـ"الأمصار"، أن القمة الروسية الإيرانية التركية كان الهدف الأساسي منها هو إعطاء إيران دور أكبر في سوريا، باعتبار أن روسيا ارى نفسها تحارب الناتو في أوكرانيا، وكان يجب على موسكو أن تطمئن الإيرانيين في سوريا، وقد يمهد ذلك لتسليم سوريا إلى إيران، لكي يتفرغ الروس للحرب الأوكرانية.
وأضاف رئيس الهيئة التنفيذية لشرعية الأحواز، أن روسيا لا يمكنها القيام بهذا الدور أو تسليم سوريا للإيرانيين دون وجود الأتراك، ولذلك كان أهم قضية نوقشت في طهران هي القضية السورية.
المأزق الإيراني
وأوضح الكعبي، أن إيران تريد لعب دور أكبر في سوريا، ولكن هل تعطيها روسيا هذا الدور بدون مقابل، هذا صعب جدًا، كما أن الإيرانيين ماضيين في مناقشة الاتفاق النووي مع الأوروبيين والأمريكان، لأن إيران تحاول رفع العقوبات الاقتصادية عليها، ولديها اموال مجمدة تريد التصرف بها، وأن تبيع النفط والغاز في الأسواق العالمية، وهذا لن يحدث دون وجود اتفاق مع الغرب وأمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى، ولكن هذا الاتفاق لا يرضي الروس لأن عدم بيع النفط الإيراني ساعد في أزمة الطاقة والمضي قدمُا في الاتفاق يعني إمدادات من الطاقة لأوروبا وأمريكا وهو ما لا تريده موسكو.
وبين رئيس الهيئة التنفيذية لشرعية الأحواز، أن إيران لا تستطيع المضي قدمًا في الاتفاق النووي مع الغرب لأن هذا ارفضه روسيا، ولا تستطيع أن تنخرط في المشروع الروسي بشكل علني وواضح لأن هذا يقلق الغرب وقد يكون له آثاره السلبية على الاتفاق النووي مع الغرب، وإيران في هذه القضية توجد بورطة.
وأردف الكعبي، أن حضور الأتراك كان رغبة روسية، لأن موسكو لا تريد تسليم سوريا للإيرانيين دون وجود تركيا في المعادلة، وذلك لأن تركيا طرف كبير داخل سوريا.