مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بهاء خليل يكتب: ثورة التيار والأغلبية الصامتة

نشر
الأمصار

لم تفق قوى الإطار من صدمة الاقتحام الأول  لمبنى البرلمان من قبل أنصار السيد مقتدى الصدر حتى فاجأهم الصدر باقتحام جديد واعتصام ومطالب جديدة وصلت إلى حد المطالبة بكتابة دستور جديد للبلاد وتغيير النظام السياسي في العراق.
فالصدر يريد عزل خصمه اللدود نوري المالكي من العمل السياسي ومحاكمته خصوصاً بعد التسريبات الأخيرة للمالكي التي نشرها الصحفي علي فاضل والتي خلقت حالة من الانقسام بين الكتل المنضوية في الإطار التنسيقي وبانت ملامح المواجهة بعد دعوة الصدر للمالكي باعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه للقضاء. إلا أن الصدر يعلم أن هذا غير ممكن في ظل سيطرة مطلقة للمالكي على القضاء لذلك ارتفع سقف المطالب ليشمل تغيير مجلس القضاء الأعلى.
الإصلاح الذي يبحث عنه الصدر في نظر البعض ما هو إلا صراع على المناصب بينه وبين خصومه السياسيين الذين وقفوا حجر عثرة في طريق انشاء حكومة الاغلبية السياسية التي كان يحلم بها بينما يرى البعض الآخر أنه يسعى إلى تحجيم الدور الإيراني في العراق ليتسنى له ولتياره السيطرة على زمام الأمور في العراق .
وبين هذا وذلك يقف الشعب العراقي محتاراً بين دعم المشروع الصدري أو الوقوف بموقف المتفرج على هذا الصراع السياسي والذي أظهر بصورة لا تقبل الشك أن ثورة تشرين منقسمة ومشتتة رغم التضحيات الكبيرة التي قدمها أبطالها في صراعهم ضد الطغمة الفاسدة التي تحكم البلاد  فالبعض من شباب تشرين اقتنع بما يريده الصدر واعتصموا مع أنصار التيار في البرلمان بعد دعوة الصدر للعراقيين بمساندته بينما رفض البعض الآخر معتبراً أن الصدر كان ولا يزال جزءاً من المشكلة وأن ميلشياته كانت إحدى أذرع السلطة التي قمعت الثورة.
لكنني أتساءل أين باقي الشعب ؟
الأغلبية الصامتة التي لا تؤمن بكل ما يجري في العراق ولا تعترف بالعملية السياسية برمتها  قاطعوا الانتخابات وهم بعيدين كل البعد عن المشهد السياسي العراقي ومكتفين بالتفرج على ما يحصل.
أن طريقة دخول التيار الصدري للبرلمان وتعامل القوات الأمنية معهم بانضباط اعاد للأذهان ما حصل في ثورة تشرين عندما حاول المتظاهرين عبور جسر الجمهورية باتجاه المنطقة الخضراء وعدد الشهداء المهول والطريقة الوحشية التي تم قمعهم بها وحسب رأيي كان على الأغلبية الصامتة أن تتحرك بكل ثقلها لاستغلال هذه الفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر مجدداً والاعتصام داخل الخضراء وأحاطتها من جميع الجهات إلى أن يتم تغيير النظام بالكامل ليثبتوا للجميع بأنهم الكتلة الأكبر والتيار جزء من الشعب وليس كل الشعب وأن الأغلبية لها مطالب قد تختلف كلياً عن ما يطالب به مقتدى الصدر واتباعه وهي مطالب قد تمثل جزء مشترك بين ما يريده الصدر وما يطمح إليه عامة الشعب.
في الوقت الراهن يبدو أن الجميع استمع أخيراً إلى مبادرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وسيجلس الفرقاء السياسيون على طاولة الحوار وقد تنتهي الأمور إلى عودة متظاهري التيار مع تحقيق ولو جزء بسيط من مطالبهم لكن من سيحقق مطالب الأغلبية الصامتة ؟
هل سننتظر ثورة جديدة تشبه تشرين أم سنعول على القوى الدولية للتغيير المنشود ؟
في الواقع أن الإدارة الأمريكية لا تريد التغيير في العراق حاليا لغياب البديل الحقيقي الذي يمكن أن يمكنها من مواجهة إيران وفي نفس الوقت يعيد العراق إلى شعبه وقد تكون مصالحها أكبر من ذلك وأن الوضع الراهن يتطلب أن يبقى العراق وشعبه يدورون في دوامة مفرغة من أجل استنزافه بصورة أكبر وإبقاء السيطرة الإيرانية عليه كون إيران حالياً البعبع الذي يهدد دول الخليج والذي بسببه تدفع دول الخليج المليارات للولايات المتحدة للتسلح ولدرء الخطر الإيراني عنها.
هذه الظروف الجيوسياسية هي من تتحكم بالمشهد العراقي والحقيقة أن كل ما يدور في أروقة الإدارة الأمريكية مجهول تماماً في ظل تخبط سياستها الخارجية وخصوصاً ما يتعلق بالشرق الأوسط وإدارة الصراع في المنطقة منذ استلام الديموقراطيين لزمام الأمور في البيت الأبيض ومن يدري فقد تكون انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر القادم دور في تغيير تلك السياسة التي لم تجلب للمنطقة سوى الدمار والخراب وإلى أن يحين ذلك الوقت ستبقى الأغلبية في العراق صامتة وتترقب ما سيترتب على صمتها من ثمن.