تفاصيل زيارة القادة الليبيين صالح والمشري واللافي إلى تركيا
فتحت زيارة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، إلى تركيا، الباب أمام اجتماعات ومشاورات موسعة بين قادة ليبيين وأتراك، في خطوة تعكس نشاطاً تركياً جديداً، يأتي بعد ما يمكن وصفه بفشل دولي في حلحلة الأزمة الليبية.
ووصل صالح، أمس الاثنين، إلى العاصمة التركية أنقرة، والتقى نظيره التركي، مصطفى شنطوب، فيما لحق به نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، قبل أن يتبعهما أيضاً رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، اليوم.
دلالة على أهمية الزيارة
وفي دلالة على أهمية الزيارة، ارتفع مستوى اللقاءات، إذ دخل صالح واللافي في اجتماع مغلق مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وعدد من كبار المسؤولين الأتراك، وفقاً لتأكيدات مصادر ليبية مقربة من رئاسة مجلس النواب لـ"العربي الجديد".
وعلى الرغم من أن المصادر ذاتها لم تؤكد انضمام المشري للاجتماع حتى الآن، فإنها أكدت أن زيارته على علاقة بالمشاورات الدائرة بين الجانب التركي وصالح واللافي.
وحول أجندة المشاورات الحالية، توافقت معلومات مصادر مقربة من مجلس النواب والمجلس الرئاسي أنها تدور حول ثلاثة ملفات، هي الإطار الدستوري للانتخابات، وتجسير هوة الخلافات بين مجلس النواب والدولة، وحل مختنق الأزمة الحكومية الدائرة بين الحكومة المكلّفة من مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية.
وفي وقت لاحق، كشف نائب رئيس المجلس الرئاسي، أنه اللقاء الذي أجراه برفقة عقيلة صالح مع الرئيس التركي رجب تناول التطورات السياسية، مؤكداً أن وجهات النظر اتفقت خلال اللقاء "على الحفاظ على وحدة ليبيا، والإسراع في إجراء الانتخابات من خلال التشريعات اللازمة، عبر حكومة واحدة قوية، والتأكيد على استبعاد الحل العسكري"، بحسب تغريدة على حسابه الرسمي.
وكانت الرئاسة التركية قد أعلنت عن لقاء أردوغان بصالح واللافي، دون ذكر تفاصيل أخرى.
من جانبه قال المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي إن اللقاء الذي جرى في قصر الرئاسة التركية في أنقرة تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات العملية السياسية في ليبيا.
وأضاف أن وجهات نظر المجتمعين اتفقت على "أهمية الحفاظ على وحدة التراب الليبي، والإسراع في إجراء العملية الانتخابية، عبر التشريعات اللازمة، المتوافق عليها، والتأكيد على استبعاد الحل العسكري، وإيقاف كافة التصعيدات التي تعرقل بناء الدولة المدنية الديمقراطية".
وأكد صالح في أكثر من تصريح عزمه على زيارة تركيا، وكان آخر هذه التصريحات في العشرين من يوليو/ تموز الماضي، عندما أشار إلى أن هناك "لقاء قريباً لوفد من مجلس النواب التركي مع رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا"، معلقاً بأن "السياسة مرنة وقابلة للتطوير والتغيير، وليست هناك خصومة دائمة"، كما أن "مصالح الأتراك مرتبطة بمصالحنا".
وتثير هذه الزيارة عدة أسئلة، خصوصاً أنها تأتي في خضم أحداث سياسية وأمنية ساخنة في ليبيا، أبرزها فشل الأطراف الليبية في الاتفاق على إطار دستوري للانتخابات المؤجلة، والصدام المسلح الذي شهدته العاصمة مؤخراً بين عدد من مجاميعها المسلحة.
وتعكس تصريحات صالح رغبته في إنهاء ملف الانتخابات العالق، وذلك عبر التوافق مع المشري، على النقاط الخلافية في القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات، ولعل هذا ما يفسر لحاق المشري بصالح اليوم في أنقرة، بعد أن تم تجديد انتخابه أمس رئيساً للمجلس، ولولاية خامسة على التوالي، متفوقاً على المرشح الداعم لباشاغا، عبد السلام الصفراني.
هدف آخر لصالح
من جهة أخرى، كشفت المصادر المقربة من مجلس النواب عن هدف آخر لصالح من زيارته لتركيا ممثلاً في الاستعانة بالنفوذ التركي في الغرب الليبي، من أجل إقناع قادة المجموعات المسلحة الداعمة للدبيبة بسحب دعمها، وتأييد حكومة باشاغا الراغبة في دخول العاصمة واستلام المهام الرسمية فيها، بعد 5 أشهر من تكليفها من قبل مجلس النواب.
وأشارت المصادر نفسها لـ"العربي الجديد"، مفضلة عدم نشر اسمها، إلى أن المشري التحق بصالح بعد أن وصلت المحادثات مع الجانب التركي في هذا الاتجاه إلى مستوى كبير من الأهمية والجدية. وأوضحت أن عقيلة يحمل في جعبته رسائل طمأنة للمجموعات المسلحة في طرابلس ليترجمها الجانب التركي وليكون طرفاً ضامناً فيها، مؤكدة وجود ملامح للتقارب أيضاً بين باشاغا والمشري.
وكلف مجلس النواب باشاغا بتشكيل حكومة بناء على توافق مع المجلس الأعلى للدولة، إلا أن المشري تراجع عن خطوة تأييده لباشاغا بعد المخاوف من إمكانية وجود تقارب حقيقي بينه وبين حفتر.