مبادرات دولية للاعتراف بروسيا "دولة إرهابية".. وأمريكا: سيؤثر سلبًا على تصدير الحبوب
أشارت وزارة الخارجية الأمريكية خلال مذكرة مقدمة للكونجرس: أن الاعتراف بروسيا "كدولة إرهابية" سيؤثر سلبا على اتفاقيات تصدير الحبوب.
وفي هذا الصدد، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية، مبادرة البرلمانيين في لاتفيا للاعتراف بروسيا "كدولة إرهابية"، عمل عدائي يتماشي مع الهستيريا المعادية لروسيا.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في وقت سابق من الشهر الجاري: "في الواقع، في 2 أغسطس من هذا العام، وافقت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللاتفي على مبادرة الاعتراف بروسيا باعتبارها "دولة تدعم الإرهاب". والخطوة التالية هي النظر في هذه المسألة في اجتماع لبرلمان لاتفيا (أقرب موعد هو 11 أغسطس من هذا العام)".
ووصفت زاخاروفا المبادرة بأنها "عمل عدائي آخر للمشرعين في لاتفيا يتناسب تماما مع الهستيريا المعادية لروسيا التي أطلقتها ريغا. وتقع المسؤولية عن هذا بالكامل على عاتق الجانب اللاتفي، الذي، أولا وقبل كل شيء، يجب أن يفكر في العواقب الوخيمة التي يمكن أن تؤدي إليها مثل هذه التصريحات الاستفزازية على لاتفيا نفسها وسكانها".
وأكدت أن "الخوف المرضي من روسيا" لدى النخبة الحاكمة في لاتفيا، على حد قولها قد تسبب بالفعل في مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة في هذا البلد المطل على بحر البلطيق، وأدى إلى انخفاض مستوى معيشة سكانه"، مشددة على أن الأمر "سوف يزداد سوءا من الآن فصاعدا. يشير العديد من السياسيين والخبراء إلى هذا، ولا سيما نيل أوشاكوف، عضو البرلمان الأوروبي، والعمدة السابق لمدينة ريغا، الذي توقع كارثة بحجم التسعينيات في لاتفيا، ودعا الى حالة طوارئ اجتماعية في البلاد".
وطرحت زاخاروفا تساؤلًا: "ألم يحن الوقت لأن يتوقف البرلمانيون اللاتفيون أخيرا ويتحولون من أتباع أسياد في الخارج إلى ممثلين حقيقيين لشعوبهم، يهتمون بمصيرهم؟".
يأتي ذلك على غرار موافقة لجنة الشؤون الخارجية في "سايما" (برلمان من غرفة واحدة) في لاتفيا، في اجتماع يوم 2 أغسطس، على مشروع بيان يعترف بروسيا "كدولة إرهابية"، والذي أعلنه رئيسه ريتشاردز كولز في وقت سابق على شبكات التواصل الاجتماعي.
استئناف إعادة تصدير الحبوب
وفي 22 من يوليو الماضي، قامت كل من روسيا وأوكرانيا بتوقيع اتفاق تدعمه الأمم المتحدة، يتم السماح بموجبه بإقامة "ممرات آمنة" من شأنها السماح بعبور السفن التجارية في البحر الأسود، وقد تعهّدت موسكو وكييف "عدم مهاجمتها"، وسيكون الاتفاق صالحًا لمدة "120 يوماً" أي أربعة أشهر، وهي المدة اللازمة لإخراج نحو 25 مليون طن من الحبوب المكدّسة في الصوامع الأوكرانية في حين يقترب موعد موسم حصاد جديد.
وجرى التوقيع في مدينة إسطنبول التركية، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال غوتيريش في تصريحات خلال توقيع الاتفاقية، إن الاتفاق سيفتح الطريق أمام كميات كبيرة من الصادرات الغذائية من أوكرانيا، ويحد من أزمة الغذاء والاقتصاد في العالم النامي، داعياً كل من روسياً وأوكرانيا إلى التنفيذ الكامل للاتفاق.
4 تحديات واجهت استئناف إعادة تصدير الحبوب
واجهت عملية نقل ملايين الأطنان من الحبوب من موانئ البحر الأسود 4 تحديات وعوائق، وأولى هذه التحديات هي عملية العثور على السفن وطاقم العمل لنقل هذه الشحنات، موضحة أنها مهمة لا يمكن إتمامها بين ليلة وضحاها.
ولكن من جانبها، قامت عدة شركات للشحن وكذلك تجار الحبوب بالترحيب بالاتفاق الذي اعتبروه خطوة إيجابية، لكنهم حذروا من وجود العديد من العقبات بما في ذلك سلامة البحارة والسفن، إلى جانب تأمين مناسب وميسور الكلفة لتغطية النقل.
إزالة الألغام
إزالة الألغام من المياه الساحلية الأوكرانية، أو تأمين ممر يمتد لعدة كيلو مترات خالياً من الألغام، هي أولى الخطوات التي يجب وضعها في الاعتبار.
ووفقا للتقارير التي صادرت من كييف تقديرات حول المدة التي سيستغرقها الأمر، حيث تتراوح من 10 أيام إلى عدة أشهر.
تأمين الحرب
بالطبع يحتاج ملاك السفن إلى الحصول على تأمين حرب مناسب على السفينة وطاقمها، خاصة في ظل الصراع الروسي الأوكراني الممتد.
وحتى في حال التأمين، قد يحجم أصحاب السفن عن إرسال أصولهم وأفرادهم للعمل وسط الصراع على الرغم من الضمانات الدولية.
تأمين أسطول الشحن
تحتاج عملية الشحن إلى أسطول من 400 سفينة شحن مصممة لنقل البضائع الزراعية بين القارات، ويمكن لكل منها استيعاب ما يصل إلى 50 ألف طن، لنقل ما يقدر بنحو 20 مليون طن من الحبوب العالقة في مخازن أوكرانيا.
وبحسب محللو الشحن فأن الأمر سيستغرق أسبوعين حتى يتم إعادة توجيه السفن إلى البحر الأسود، ويعتمد الأمر على توافر السفن في المناطق المجاورة، مثل البحر الأبيض المتوسط، وفقاً لبيتر ساند كبير المحللين في شركة Xeneta لتحليلات سوق الشحن.
وقال الأمين العام لغرفة الشحن الدولية غاي بلاتن، إن الإبحار من موانئ البحر الأسود قد لا يتم على الفور، مشيراً إلى أنه تم إيقاف السفن بشكل أساسي منذ 24 فبراير، لذلك وجب التأكد من أن تلك السفن صالحة للإبحار وإجراء عمليات الصيانة اللازمة لها.
وأضاف: أنه يجب التأكد من وجود الطاقم المناسب على متن السفينة بعد أن تم إجلاء المزيد من الطواقم، حيث كان يوجد حوالي 2000 بحار على السفن الراسية في الموانئ الأوكرانية قبل بدء الحرب، وتم إعادة غالبيتهم إلى أوطانهم خلال الأشهر الماضية ليبقى فقط 450 شخصاً من الطاقم.
ومن غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا ستكون قادرة على توفير أعداد كافية من البحارة الذين لم يشاركوا في الصراع، حيث كان الروس والأوكرانيون يشكلون حوالي خمس أفراد الطاقم.
توفير صوامع جديدة
تحتاج البلاد إلى صوامع للحبوب، وهو الأمر الذي يستغرق وقتاً، بعد حصاد المزارعون الأوكرانيون لمحاصيلهم الربيعية.
وتحتاج أوكرانيا من أجل تأمين مساحة كافية في صوامع الحبوب الخاصة بها للحصاد الجديد، إلى نقل 7 ملايين طن من الحبوب شهرياً من مخازنها على مدار الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقاً للجنة الحكومية الدولية.
وخلال الحصار المفروض على موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود، عمل المسؤولون الحكوميون والمنتجون الزراعيون على زيادة مستويات صادرات الحبوب باستخدام الطرق والسكك الحديدية والنقل النهري.
وسجلت الصادرات رقماً قياسياً في يونيو بلغ 2.3 مليون طن وفقاً لمجلس الحبوب الدولي IGC، وهي منظمة حكومية دولية تسعى إلى تعزيز التعاون في تجارة الحبوب العالمية، وعلى الرغم من أن ذلك لا يمثل سوى ثلث الكمية التي تم تصديرها شهرياً عن طريق البحر قبل الحرب.
ووسط هذه التحديات، غادرت أول سفينة محملة بالحبوب ميناء "أوديسا" الأوكراني في الأول من أغسطس، بعد توقف حركة تصدير الحبوب من أوكرانيا منذ شهور، وذلك حيث كانت أوكرانيا وروسيا قد وقعتا اتفاقات منفصلة مع تركيا والأمم المتحدة لفتح الباب أمام كييف لتصدير 22 مليون طن من الحبوب وغيرها من البضائع الزراعية العالقة في البحر الأسود بسبب العملية العسكرية الروسية.
والثلاثاء الماضي، وصلت أول سفينة محملة بالحبوب من شعير وذرة وزيت عباد الشمس وقمح إلى ميناء سوريا.
والعالم الذي بات على حافة الجوع، نتيجة تراجع الامدادات وارتفاع الأسعار جراء الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا ينتظر المزيد من السفن التي تمده بالغذاء، والتنفيذ الكامل للاتفاق…