أدهم إبراهيم يكتب: أثر الأخبار الكاذبة في زعزعة السلم الأهلي
الأخبار الكاذبة والذباب الالكتروني والحرب الإلكترونية تعبيرات جديدة ظهرت في العالم نتيجة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والحروب السيبرانية.
وهذه الحروب المعنوية المضللة ليست جديدة في العالم فقد استخدمها الانسان بأشكال مختلفة في الحروب بين القبائل والدول
وجعلها ميكافيللي في كتابه الامير من العناصر الرئيسية للسياسة المضللة حيث قال "يجب على الأمير أن يتقن بشكل مثالي فن كل من المحاكاة والتضليل".
ومع ذلك ، فإن الواقع الجديد يرجع إلى تكاثر قنوات نشر المعلومات ، وظهور شبكات التواصل الاجتماعي والانتشار السريع للمعلومات السيبرانية ، حيث اصبح كثير من الناس ينشرون ما يريدون في الفضاء الالكتروني دون حسيب او رقيب ، بما في ذلك الاخبار الكاذبة والمعلومات المضللة .
في السابق كانت إمكانية النشر محدودة ومحصورة في المجتمعات والدول وتخص الاحزاب السياسية او منظمات المجتمع المدني . واي تجاوز فيها يقع تحت طائلة العقوبة والمسائلة القضائية او الإدارية .
وبعد انتشار الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة جعل تحديد المسؤولية للاشخاص صعبا ، ولذلك انتشرت ظاهرة نشر الاشاعات والاخبار الكاذبة بشكل كبير في العالم .
عندنا في العالم العربي وفي العراق انتشرت هذ الظاهرة السلبية واخذت تمس عقائد وافكار الافراد والمجتمع بهدف توجيهها لغايات محددة ، ويجري الترويج لها بشكل واسع عند وجود الازمات او الصراعات السياسية بين الاحزاب والكتل .
ومما يزيد الطين بلة ان المتلقي لا يبحث عن مدى صحة المعلومات او مصدرها ، ويقوم بعض السذج بنقل هذه الاخبار دون دراية بكذبها ولا اضرارها ، مما اصبحت تشكل خطرا على الدولة او تماسك المجتمع ، واحيانا تبث الخوف والذعر بين المواطنين ، مما تضعف الروح المعنوية وتخل بروح المواطنة ، وكثير منها تحرض بطريقة مباشرة او غير مباشرة على العنف والفتنة بين المواطنين وبالتالي تلحق الضرر الفادح بالامن والمجتمع .
غالبا ماتكون المعلومات الكاذبة وتشويه الأخبار أسلحة لمن يريد الحفاظ على سلطته ومصالحه من خلال الأكاذيب والمعلومات المضللة .
قد يكون المتلقي مسؤولا أيضًا عن انتشار الأخبار المزيفة من خلال اعادة نشرها دون التحقق من مصداقيتها . وتكرار نشر المعلومات الكاذبة يؤدي الى تصديقها بمرور الوقت .
فكلما كثرت المعلومات المزيفة التي يتم نقلها ، زاد اعتقاد الجمهور بصحتها . . وبالتالي فإن النشر المكثف للأخبار المزيفة يؤثر سلبًا على قدرة الجمهور لمعرفة مدى زيف المعلومات المقدمة .
ان الاخبار الكاذبة او المضللة اصبحت ظاهرة خطرة حيث تؤدي الى زعزعة الامن واستقرار المجتمع، لكونها تحدث الفوضى والبلبلة في صفوف الناس ، وتثير الكراهية والبغضاء ، وتدفعهم لارتكاب الجرائم في كثير من الاحيان .
أن البيئة العربية والعراقية على وجه الخصوص تساعد على انتشار الأخبار المضللة والكاذبة لغياب المصداقية في الاعلام الرسمي وصعوبة الحصول على المعلومة الصادقة ، لكون السلطات المسؤولة غالبا ماتمنع الصحافة والاعلام من تغطية الأحداث بحجة السرية او ضمان امن الدولة .
كما ان ضعف ثقة الجمهور بالاعلام الرسمي ، واحيانا حجب الاخبار قد اعطى تلك الاهمية لشبكات التواصل الاجتماعي لملئ الفراغ او تصحيح المعلومة .
ان اصدار تشريعات تعاقب على نشر الاخبار الكاذبة والمضللة واحدة من اهم الحلول لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة . الا انها غير كافية للحد من انتشارها حيث لا يمكن للقانون وحده مكافحة الأخبار والمعلومات الكاذبة . والحل الدائم يكمن في تثقيف الصغار والكبار على الدوام في الاستخدام المسؤول لشبكات التواصل الاجتماعي .
ويجب أن تُعَلِم العائلة والمدرسة طرق كشف الرسائل والاخبار المزيفة للحصول على المعلومة الصحيحة والجيدة بدلاً من المعلومات المثيرة الكاذبة .
وكذلك معرفة مصدر المعلومات في إثبات موثوقيتها .
كما ان تاريخ المعلومات يعد مؤشرًا مهمًا لاكتشاف الأخبار المزيفة .
فغالبا" ما يقوم مؤلفو الأخبار المزيفة والمضللة بإحياء المعلومات القديمة على انها أخبار جديدة .
وكذلك من المهم جدا التحقق ما إذا كانت هناك وسائل إعلام اخرى تؤكد المعلومة او الخبر المنشور ، فإذا لم تكن هناك مصادر أخرى ، فمن المحتمل جدًا أن تكون أخبارًا مزيفة .
ان حرية التعبير من أساسيات الانظمة الديموقراطية ، ويجب ان لاتستغل بشكل يؤدي الى احداث الصراعات الاجتماعية او الفتنة . ويتوجب توعية المواطن على الدوام بالحذر عند نشر اي خبر او معلومة مالم يتم التأكد من مصداقيته ، لكون الخبر او المعلومة الكاذبة سلاح خطير يؤدي في كثير من الاحيان الى تفتيت المجتمع والتفرقة بين المواطنين .