بعد إعلان أوبك+ خفض إنتاج النفط.. العلاقات السعودية الأمريكية في مرحلة توتر
دخلت العلاقات السعودية الأمريكية في مرحلة من التوتر، بعدما أعلن تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط مليوني برميل يوميًا، بداية من نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري (2022).
وبسبب هذا القرار، هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بعدّة عواقب لم يفصح عنها بعد، كما أشار الحزب الديمقراطي الأميركي إلى تجميد التعاون مع السعودية في مجالات محددة، ما لم تغير مسارها بشأن خفض إنتاج النفط، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتناول تقرير، نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، 5 نقاط رئيسة حول العلاقات السعودية الأميركية، والخلاف الدائر بين واشنطن والرياض بشأن خفض إمدادات الخام، بالنظر لرغبة الولايات المتحدة في تعزيز الإنتاج لتعويض تكاليف الوقود المرتفعة جراء غزو روسيا لأوكرانيا، وكون السعودية من كبار منتجي النفط عالميًا.
اضطراب العلاقات السعودية الأمريكية
بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري عالميًا، زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية -منتصف العام الجاري- في محاولة منه لإقناع الرياض بزيادة الإنتاج وتعويض ارتفاع تكاليف النفط.
وفي 5 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، اتفقت دول تحالف أوبك+، بما في ذلك السعودية وروسيا، على خفض مفاجئ - حسب وصف الغارديان- في إنتاج النفط، وهو القرار الذي من شأنه رفع أسعار النفط، بعدما اتجهت إلى الانخفاض في يوليو/تموز (2022).
ومن شأن القرار أن يضر إدارة بايدن قبل الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، إذ إن ارتفاع أسعار النفط لا يصبّ في مصلحته.
ولم تكن هذه هي المعضلة الأولى بين تحالف أوبك+ وبين الإدارة الأميركية، وتحديدًا توتر العلاقات السعودية الأميركية، إذ قوبل طلب الرئيس جو بايدن بشأن زيادة إمدادات النفط بالرفض، أواخر العام الماضي (2021).
روسيا المستفيد الأكبر
تضررت روسيا بشكل كبير، بعدما قررت دول الاتحاد الأوروبي تقليل وارداتها من النفط الذي تنتجه موسكو، وما تبعه من انخفاض حجم الصادرات الروسية.
ويعني قرار أوبك+ فائدة كبيرة لروسيا دون شك -وفق تقرير الغارديان الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- في وقت يشهد ارتفاع أسعار البنزين، وبالتبعية تسارع التضخم، وسط اضطرابات اقتصادية ملحوظة.
وبما أن روسيا كانت تنتج أقلّ بكثير من حصتها، قبل إعلان أوبك+ خفض الإنتاج، فإن هذا القرار يعني السماح لموسكو بإنتاج المزيد من النفط بسعر أعلى.
وفي الجانب الآخر، فإن القرار سيضع ضغوطًا على الولايات المتحدة، إذ تكون النتيجة المحتملة -غالبًا- ارتفاع أسعار البنزين في البلاد، وهو ما يأتي تزامنًا مع انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ثقل تحالف أوبك+ في سوق النفط
بينما تأسست منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) عام 1960 -والتي تضم حاليًا 13 دولة عضوًا- في محاولة لتحقيق التوازن في أسواق النفط عالميًا، انضمت 10 دول أخرى من كبار منتجي الخام عام 2016، وشكّلت معًا ما يُعرف بتحالف أوبك+.
وتُشكّل دول أوبك+ قرابة 50% من إجمالي إنتاج النفط الخام، ونحو 90% من احتياطيات النفط المؤكدة، لذا فإن خفض الإنتاج من جانب هذا التحالف -كما حدث في وقت سابق من هذا الشهر- يؤدي إلى رفع أسعار الخام.
العواقب الأمريكية لقرار أوبك+
هدد الرئيس الأميركي جو بايدن -خلال مقابلة أُجريت يوم الإثنين (10 أكتوبر/ تشرين الأول 2022)- بعواقب محتملة للضغط من أجل زيادة إنتاج النفط، لكن هذه العواقب لم تُحدَّد بعد من جانب الإدارة الأميركية.
وطالب كبار الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة تكون ذات تأثير ملموس باقتصاد المملكة وقوّتها العسكرية، وفق تقرير الغارديان، في تصعيد العلاقات السعودية الأميركية.
ويقول المتحدث باسم الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن قرار أوبك+ بخفض الإنتاج من شأنه أن يزيد الإيرادات الروسية ويقلل فاعلية العقوبات التي اتخذها العالم ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، واصفًا ما حدث بأنه الاتجاه الخاطئ.
ومن جانبه، يقول خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، في برنامج "أنسيات الطاقة" على تويتر، إن قرار أوبك+ جاء بموافقة 23 دولة، لكنه أثار هجومًا أميركيًا ضد السعودية.
ردّ الرياض على توتر العلاقات السعودية الأمريكية
أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن آل سعود أن العلاقات السعودية الأميركية مؤسسية منذ إنشائها، مشيرًا إلى أن قرار أوبك+ كان اقتصاديًا بشكل بحت.
وقال وزير خارجية السعودية، في تصريحات سابقة، إن المملكة ملتزمة بضمان تحقيق استقرار أسواق الطاقة من خلال التعاون مع شركائها في تحالف أوبك+، مشددًا على أن إدارة سوق النفط مسؤولية الجميع، وليس بمقدور عضو واحد القيام بهذه المهمة بمفرده.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أفاد بأن قرار أوبك+ بخفض الإنتاج سيمتد حتى نهاية العام المقبل (2023).
وعلى صعيد آخر، يرى نيل كويليام من معهد أبحاث تشاتام هاوس، أن العلاقات الأميركية السعودية سوف تتحسن، وهو ما يرجع جزئيًا لصلابة جذور العلاقة بين كلا البلدين، حسب قوله الذي نقلته صحيفة الغارديان.