سفير مصر في إسبانيا: القاهرة تلعب دورًا فعالًا في قضايا منطقة الحوض
أكد سفير مصر لدى اسبانيا يوسف مكاوي، أن مصر تلعب دورا فعالا في القضايا التي تهم دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وعلى رأسها ملفات الغاز، وتدفقات الهجرة غير الشرعية، والتعاون الأمني، إلى جانب تغير المناخ وترسيم الحدود البحرية.
وأضاف السفير مكاوي - في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش مشاركته في فعاليات النسخة السابعة للمنتدى الإقليمي للاتحاد من أجل المتوسط، اليوم الأربعاء بمدينة برشلونة الاسبانية - أن مصر تولى اهتمامًا كبيرًا لمحيطها بمنطقة البحر الأبيض المتوسط وهو ما يظهر بوضوح في تنامي العلاقات المصرية مع العديد من دول الشمال ومن بينها اسبانيا، بالإضافة للعلاقات المتميزة التي تربطها ببلدان جنوب المتوسط من الدول العربية الشقيقة.
وتابع أن مصر لديها إسهامات كبيرة فى مختلف تلك الملفات سواء من خلال دورها فى تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، ومواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو في جهود مكافحة الإرهاب وإبرام اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية للاستفادة من المناطق الاقتصادية للدول المطلة على حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأكد حرص مصر على دعم أطر التعاون متعدد الأطراف في المنطقة، لافتًا في هذا الصدد إلى الاتحاد من أجل المتوسط، الذي أسهمت مصر مع فرنسا في تأسيسه عام 2008 لتطوير وتشجيع التعاون بين دول المنطقة وتعزيز الحوار بين ضفتي المتوسط شمالًا وجنوبًا حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ونوه السفير يوسف مكاوي إلى الحرص المصري على المشاركة في كافة الاجتماعات الدورية التي تعقد في إطار الاتحاد من أجل المتوسط سواء على المستوى الوزاري أو على مستوى كبار المسؤولين، مذكرا كذلك بمشاركة مصر بفاعلية في أنشطة الاتحاد واحتضانها لعدد من الاجتماعات الوزارية لدول المتوسط، فضلًا عن دعمها لآلية العمل داخل الاتحاد بعدد من الكوادر المصرية العالية وكفاءات الدبلوماسية المصرية، وعلى رأسهم الأمين العام للاتحاد السفير ناصر كامل.
وفيما يتعلق بالمنتدى الإقليمي السنوي للاتحاد من أجل المتوسط، قال سفير مصر لدى اسبانيا إن مصر تشارك بانتظام في هذا المنتدى المهم ولاسيما في الشق رفيع المستوى لوزراء الخارجية، بجانب دورها كمنسق للمجموعة العربية في إطار المنظمة الأورومتوسية.
وعن العلاقات المصرية الاسبانية، وصف السفير مكاوي تلك العلاقات بالتاريخية الممتدة والمتميزة على مختلف المستويات، لاسيما السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية.
وأوضح أنه من الناحية السياسية، هناك تنسيق مصري اسباني مشترك وتوافق الرؤى حيال العديد من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية سواء على المستوى متعدد الأطراف في الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة أو الاتحاد الأوروبي والتكتلات الإقليمية الأخرى مثل الاتحاد من أجل المتوسط.
العلاقات السياسية المصرية الاسبانية
ونوه السفير يوسف مكاوي إلى أن العلاقات السياسية المصرية الاسبانية شهدت تطورًا إيجابيًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية خاصة عقب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة مدريد عام 2015، والتي مثلت نقلة نوعية في مستوى الزيارات المتبادلة بين البلدين، ثم زيارة رئيس الحكومة الاسبانية بيدرو سانشيز إلى القاهرة في ديسمبر 2021، وكذلك زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى مدريد في أبريل الماضي، لإجراء مشاورات سياسية مع الجانب الاسباني، بالإضافة إلى العديد من الزيارات المتبادلة بين وزراء البلدين في مجالات النقل والتجارة والصناعة والسياحة والاتصالات، كاشفًا عن أنه يجري الإعداد حاليًا لعدد من الزيارات المهمة بين مسؤولي البلدين في الفترة المقبلة.
وعلى المستوى الاقتصادي والتجاري، أكد سفير مصر لدى اسبانيا، الحرص المشترك على تطوير التعاون ودفعه إلى آفاق أوسع، موضحا أنه تم ترجمة ذلك مؤخرًا في تشكيل مجلس الأعمال المصري الاسباني المشترك والذي يشارك فيه ما يزيد على 25 شركة من كبرى الشركات الاسبانية العاملة في السوق المصري والشركات المصرية المهتمة بالسوق الاسباني، متوقعًا أن يكون للمجلس دور مهم خلال المرحلة المقبلة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين.
حجم التبادل التجاري بين البلدين
وفيما يتعلق بحركة التبادل التجاري بين البلدين، لفت إلى أنها شهدت دفعة قوية خلال العام 2022، حيث وصل حجم التبادل التجاري من يناير حتى أغسطس من العام الجاري إلى 2.7 مليار يورو، مضيفًا" أنه في ضوء هذا النمو، فمن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ثلاثة ونصف لأربعة مليارات يورو؛ ما يعني تحقيق نمو بنسبة 100% في حجم التبادل التجاري بين البلدين مقارنة بالعام الماضي".
وألقى السفير يوسف مكاوي الضوء على أهمية الصادرات المصرية إلى اسبانيا وفي مقدمتها الغاز المسال، والسلع الزراعية، فضلًا عن المنسوجات والمشتقات النفطية، مبرزًا أن التعاون التنموي والاستثماري يعد من أهم جوانب العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأشار إلى الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي والتنمية (إيسيد)، التابعة لوزارة الخارجية الاسبانية، والتي تقوم بتمويل وتنفيذ عدد من المشروعات التنموية المهمة بمصر سواء في مجالات المياه والطاقة أو تمكين المرأة وتنمية المجتمعات المحلية، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية بهذه المجالات في مصر.
أما عن الجانب الاستثماري، أوضح السفير مكاوي أنه يحظى باهتمام كبير أيضا في ظل وجود العديد من الاستثمارات الاسبانية بالسوق المصري في مجالات الطاقة الجديدة والنقل ومعالجة المياه والاستزراع السمكي والدواء والصحة، وأن حجم الاستثمارات الاسبانية في مصر وصل إلى نحو 825 مليون يورو، معربا عن تطلعه خلال المرحلة المقبلة إلى زيادة الاستثمارات الاسبانية في مصر.
وعلى المستوى الثقافي، وصف السفير المصري الحركة الثقافية بين البلدين بالنشيطة للغاية، خاصة من خلال المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد، والمركز الثقافي الاسباني في القاهرة، إذ ينظمان دائمًا العديد من الفعاليات التي من شأنها تشجيع حركة التبادل الثقافي بين البلدين.
وثمن السفير مكاوي العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين، مذكرًا بأن الجانب الاسباني قد شارك في عملية إنقاذ معبد أبو سمبل الكبير من الغرق في مطلع الستينات إبان إنشاء السد العالي، وقامت الحكومة المصرية حينها بإهداء اسبانيا معبد ديبود (من معابد مصر القديمة) الذي تم إعادة بنائه بمدينة مدريد ويعد اليوم من أهم معالم العاصمة الاسبانية.
وأضاف أن التعاون في مجال الآثار ممتد حتى يومنا هذا، حيث تعمل البعثات الأثرية الاسبانية في الأقصر وأسوان والمنيا، مشيرًا إلى التعاون الكبير في مجال مكافحة الإتجار غير الشرعي بالآثار، مذكرًا بضبط السلطات الاسبانية لعدد كبير من الآثار المصرية التي كانت مهربة إلى مدينة فالينسيا (شرقي اسبانيا) وإعادتها إلى مصر أواخر العام الماضي.
كما أكد السفير يوسف مكاوي أن أعداد الطلاب المصريين الدارسين باسبانيا شهدت زيادة خلال السنوات الأخيرة في ضوء الإقبال الكبير للاستفادة من جودة المحتوى الأكاديمي الذي توفره الجامعات الاسبانية في مختلف المجالات، فضلًا عن بدء عودة حركة السياحة الاسبانية لمصر إلى معدلاتها السابقة الطبيعية عقب انحسار وباء "كورونا".
واختتم السفير المصري لدى اسبانيا، حواره لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بأن القاهرة ومدريد لازال لديهما مجالات كبيرة للتعاون والتطوير على مختلف المستويات خلال المرحلة المقبلة، ولاسيما في ظل وجود علاقات طيبة وإرادة سياسية من الجانبين لدفع تلك العلاقات.