وزير خارجية قطر: لم نزعم أبدًا أن ظروف العمال المهاجرين مثالية
قال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، إن الدوحة تعرضت لانتقادات غير مسبوقة بسبب تنظيمها لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، لافتا إلى أن الهجوم على الدولة بدأ منذ تقديم ملفها في عام 2010 لاستضافة أكبر حدث كروي في العالم.
وشدد في حديث مع صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، نشرته وكالة الأنباء القطرية «قنا»، على أن موقف وسلوك بعض وسائل الإعلام تجاه قطر كان سلبياً ومخيباً للآمال من وجهة نظرنا»، قائلا: «كانوا يحاولون الحكم على قطر ليس بناءً على حقائق أو بناء على المجيء إلى هنا، والتحقق من الحقائق على أرض الواقع».
ورأى أنَّ هذه البطولة هي الأكثر شمولاً، حيث هناك الكثير من الأشخاص من مختلف البلدان ومن خلفيات مختلفة لم يتمكنوا من الحضور والاستمتاع بكأس العالم، قائلاً في سياق متصل: «إذا نظرت إلى التركيبة السكانية للجماهير، ستجد المشجعين الهنود والمشجعين من باكستان وجنوب شرق آسيا والشرق الأقصى والمنطقة العربية وأوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا الوسطى.. كلهم جاءوا إلى هنا للاستمتاع بكرة القدم».
كما نوه بالطابع الفريد الذي تميز به مونديال قطر، لافتا إلى أنه «في بلد صغير جدا، أمكن للناس حضور أربع مباريات في يوم واحد، وهذا ما جعل كأس العالم في متناول الكثير من الأشخاص الذين لم يحلموا أبدا بالقدوم إلى البطولة، ناهيك عن حضور مباريات متعددة».
وتابع: «أفضل مكافأة لنا في قطر هي الطريقة التي استمتع بها المشجعون بهذه البطولة، نحن نرى، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في بعض وسائل الإعلام التي تحاول الإبلاغ بحيادية، أن معظم الزوار يمرون بتجربة إيجابية للغاية.. وأنا متأكد من أنه ربما تكون هناك بعض الملاحظات السلبية هنا أو هناك، لكن معظمهم يتحدثون عن مدى كرم البلاد وشعبها، ولطفهم الشديد، وهو أمر نفخر به، ونريد أن نظهر للعالم أن الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط ليست فقط معنية بالحروب والصراعات، بل يتعلق الأمر أيضاً بالاحتفال بهذه اللعبة الجميلة».
وبخصوص حقوق العمال، عقب: «دولة قطر لا تقول إن بلدنا كامل، ولم تزعم أبدا أن ظروف العمال المهاجرين مثالية، وبمجرد تسليط الضوء على هذه المخاوف، اعترفت قطر بها وأخذتها على محمل الجد.. وتم تنفيذ إصلاحات كبرى في هذا الصدد على مدار السنوات الـ12 الماضية»، مشدداً على أنه «تم تصوير القضية على أن قطر تتجاهل حقيقة وجود مشكلة، وهذا غير صحيح».
وأوضح أنه في السنوات الثماني الماضية، تم جلب مجموعة من المحامين المستقلين لمعاينة وضع العمل في الدولة، وتحديد الثغرات سواء في التشريعات المحلية أو بالنظام الموجود لديها هنا، وتم أخذ التقرير على محمل الجد، حيث كان هناك 120 توصية في ذلك الوقت، وتم التعامل مع الكثير من هذه التوصيات في دول العمال المهاجرين، وجزء منها كانت مسؤولية حكومة قطر.
وأشار إلى أن قطر فتحت أبوابها للمنظمات غير الحكومية، حيث لا توجد دولة في المنطقة تتبنى سياسة الباب المفتوح كما فعلت قطر، قائلا في هذا الخصوص: «منظمات مثل (هيومن رايتس ووتش) أو منظمة العفو الدولية.. يمكنهم المجيء إلى هنا، ويمكنهم نشر تقاريرهم.. إذ لا يمكنهم فعل ذلك في بعض الأماكن الأخرى».
وشدد في حديثه لصحيفة (واشنطن بوست)، على أن قطر أضحت مثالاً يحتذى به في مجال حقوق الإنسان في المنطقة وتقود التغيير في هذا المجال، معقبًا: «لكن للأسف، وبالرغم من كل هذا، كانت بعض المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام تحاول فقط مهاجمة قطر دون الاعتراف أو تقدير كل هذه التطورات التي حدثت».
وأضاف: «إنه إنجاز أن يتغير نظام حكومي خلال 10 سنوات.. فأوروبا لم تتغير في 10 سنوات، والولايات المتحدة لم تتغير في 10 سنوات، نحن قمنا بتسريع هذه التغييرات، وإننا ممتنون لكأس العالم التي ساعدتنا في تسريع هذه الأنواع من التغييرات».
وتابع: «لكن النقاد كانوا يشيرون دائما إلى مسؤولية الحكومات والحكومة.. إنهم لا يشيرون أبدا إلى الشركات، إذا كان هناك وضع يحدث في أوروبا يتم من خلاله استغلال العمال المهاجرين، فإنهم سيلومون الشركة المعنية، وليس الحكومة أبداً».
وفيما يتعلق بأعداد وفيات العمال المهاجرين، لفت نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى نشر معدلات الوفيات كل عام، وهي على أساس الجنسية، مستطردًا: «نحن لا نصنف حسب الوظائف، لكن هذا هو التصنيف الذي كنا نستخدمه، وهذا قسم تم إنشاؤه قبل بضع سنوات فقط، ولا يمكن أن نتوقع منهم أن يكون لديهم خبرة ونشر كل شيء بكل التفاصيل. هذه رحلة ستحتاج إلى وقت.. لكن منتقدينا لا يريدون الاستماع إلى الجانب الآخر.. هذه هي مشكلتنا.. هناك اتساق في مجرد مهاجمة البلد».
كما أعرب عن ترحيب دولة قطر بالجميع، مستكملًا: «ما كنا نطلبه هو أن يأتي الزوار إلى هنا للاستمتاع بكرة القدم، والتركيز على كرة القدم والاستمتاع بثقافتنا وبالبلد وكرم الضيافة، واحترم القوانين، وهو أمر متوقع من القطريين عندما يسافرون إلى بلدان أخرى.. احترم قوانينا وتقاليدنا».
وبين أن «قطر كانت واضحة للغاية، إذ ليس من شأنها ما هي خلفية الأشخاص القادمين، فقط هي طالبت بالحرص على ضمان كافة الأسباب التي لا تؤثر على السلامة العامة، وهذا ينطبق على الجميع وليس موجها لفئة معينة»، معتبرا أن ما يحدث على أرض الملعب تابع لقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وليس لقوانين قطر.
وكشف أن دولة قطر قدمت شيئا تاريخيا مع مجيء كل هؤلاء الأشخاص إلى هنا في الشرق الأوسط، وهي على يقين بنسبة 100 بالمئة أنه سيساعد كثيرا في تغيير نظرة الكثير من الناس حول العالم تجاه المنطقة، لافتا إلى أن كل هذه البنية التحتية خططت قطر لها حتى قبل تقديم طلب الاستضافة كجزء من رؤية قطر الوطنية 2030، وساعد كأس العالم في تسريع ذلك، وسوف تستمر هذه البنية التحتية في خدمة هذه الرؤية للتنويع الاقتصادي ولاستمرار ازدهار قطاع السياحة في الدولة.
وأبرز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، في ختام حديثه مع صحيفة «واشنطن بوست»، أن دولة قطر تشعر بفخر كبير من خلال قدرتها على جمع كل العرب معاً.
واختتم بقوله: «هذا هو جمال وسحر اللعبة نفسها، إذ كيف لها أن تجمع الناس من خلفيات مختلفة، عربا وغيرهم معا، لا يمكنك أبدا رؤية هذا يحدث في الغرب، لكنك ترى أنه يحدث هنا لأن هناك قاسما مشتركا يجمعنا جميعا، حيث نعتقد أننا جميعا ننتمي إلى بعضنا البعض.. فما رأيناه هنا في قطر، الطريقة التي اندمج بها الناس والمشجعون معا، إنه حقا شيء رائع لا أعتقد أننا رأيناه من قبل.. وربما لن نتمكن من رؤيته مرة أخرى».