المغرب.. الهجرة السرية تنتعش بشواطئ الحسيمة
تواصل قوارب الموت تحدي عواصف الشتاء بنقل عشرات المهاجرين المغاربة من مناطق مختلفة بشمال المملكة؛ إذ أفادت مصادر من الحسيمة أن قاربين وصلا بأمان إلى ميناء مورتيل الإسباني.
وانطلق القارب الأول، الجمعة، من ساحل تمسمان بنواحي الحسيمة، ووصل صباح الأحد إلى ميناء مورتيل، بعدما قامت قوات الحرس الملكي الإسباني باعتراضه وسط البحر، وقد كان على متنه 14 شخصا جلهم من الحسيمة.
أما القارب الثاني فكان يضم أكثر من ثلاثين شخصا، وانطلق من جماعة قروية قريبة من امزورن. وقد حددت قوات الخفر الإسباني منطقة تواجده في عرض المتوسط، وأرسلت فرق الإنقاذ إلى المكان المحدد، قبل أن يتم نقل المسعفين إلى ميناء مدينة مورتيل الإسبانية.
وأكدت المصادر ذاتها أن نشاط الهجرة غير النظامية زاد في مختلف سواحل الريف، لاسيما في تمسمان وغرب الحسيمة، مبرزة أن هؤلاء المهاجرين يستخدمون في بعض الأحيان وسائل تقليدية للوصول إلى الضفة الأخرى.
الأمن الوطني
وتكللت جهود مصالح الأمن الوطني لمكافحة شبكات تنظيم الهجرة غير الشرعية في بعدها العابر للحدود الوطنية بتوقيف 32 ألفا و733 مرشحا، من بينهم 28 ألفا و146 من جنسيات أجنبية مختلفة.
كما قامت السلطات الأمنية بتفكيك 92 شبكة إجرامية، وتوقيف 566 منظما ووسيطا، بنسبة زيادة فاقت 36 في المائة مقارنة بالسنة الفارطة، التي عرفت توقيف 415 منظما للهجرة.
وبلغت وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة خلال محاولات الهجرة غير النظامية 832 وثيقة، فضلا عن حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة.
ويشير نبيل الأندلوسي، وهو فاعل مدني من الحسيمة، إلى أن ظاهرة الهجرة السرية لعدد من الشباب المنحدرين من منطقة الريف عادت بقوة بعدما عرفت انكماشا في السنوات الأخيرة، وهذا راجع إلى عدة اعتبارات، من بينها، يقول المتحدث، “الوضعية الاجتماعية والاقتصادية التي باتت تعرفها المنطقة، وتفشي البطالة في صفوف الشباب”، لافتا إلى أنه “لأول مرة في تاريخ المنطقة أصبحت أسر بكاملها تهاجر، مما يستدعي الانتباه إلى الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة ومعالجتها”.
وأوضح الأندلوسي أن “هذه الظاهرة عادت بقوة بعد الحراك الذي عرفته المنطقة، والاعتقالات التي شملت عددا من الشباب، مما خلق حالة من العزلة الشعورية لدى هؤلاء في علاقتهم بمؤسسات الدولة، وولد رغبة متنامية عند فئات عريضة للبحث عن آفاق أرحب في الضفة الأوروبية، على مستوى حرية التعبير وضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وأضاف المتحدث أنه يدعو الدولة إلى “التفكير في مصالحة ثانية مع المنطقة، وفتح نقاش عمومي في القضايا ذات البعد الهوياتي، وكيفية التعامل الرسمي مع خصوصيات منطقة الريف، عبر رؤية سياسية دامجة تحترم هذه الخصوصيات في إطار التنوع المكون للذات الوطنية”.