2022.. الدول العربية تحتضن العالم باستضافات مميزة للمحافل الدولية
يبدو أن عام 2022 كان عامًا ناجحًا على الوطن العربي، الذي استطاع أن يثبت للعالم أجمع إنه قادر على تشكيل وجدان العالم أجمع واستضافة كافة المحافل الدولية والعالمية، واستطاعت الدول العربية خلال هذا العام الذي أوشك على الانتهاء في إثبات قدرته على صناعة القرار والذي من شأنه عمد على تغيير وجهة نظر الغرب له.
ولم تكتفي الدول العربية باستضافة المحافل العالمية أو تنظيمها بشكل حضاري فحسب، بل حرصت أن يكون دورها فاعلًا في اتخاذ القرارات التي تجعل من نسختها التنظيمية عاملًا هامًا.
وشهدت مختلف الدول العربية أحداثًا عالمية فريدة فعلى سبيل المثال استضافت مصر قمة المناخ، واستضافت قطر بطولة كأس العالم للمنتخبات، وغيرها من المحافل التي أبرزت الدور العظيم للدول العربية باعتبارها محور هام في تحديد مستقبل العالم أجمع.
ولعلنا نستعرض في السطور التالية أبرز ما حدث على مدار العام بالدول العربية
قمة المناخ
استضافتها مصر في في شهر نوفمبر المنقضي، بمدينة شرم الشيخ، وسط حضور كافة زعماء العالم، وهي قمة عالمية تبحث آثار التغيرات المناخية على العالم، وتهدف إلى إيجاد الحلول للمواجهة والتكيف بهدف إنقاذ كوكب الأرض، حيث يجتمع رؤساء الدول والحكومات والمفاوضون في الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني، وقمة هذا العام الذي انعقدت في مصر هو المؤتمر السابع والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27.
وناقشت القمة عدة أهداف:
- التخفيف من انبعاث غازات الدفيئة.
- بلوغ أهداف اتفاق باريس.
- بناء المرونة والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ.
- تمويل المناخ والتزام الدول المتقدمة بدفع 100 مليار دولار أمريكي للدول النامية في عام 2023.
- إيجاد حلول لأزمة الطاقة خصوصًا في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وخلال فعاليات القمة حققت مصر مكتسبات جذرية وفارقة، في مسار التحول للمنظومة الخضراء، من خلال قمة المناخ، والعمل على تحويل أعمالها نحو مسار تنفيذي يلبي تطلعات واحتياجات الدول النامية للتخفيف وتحقيق التكيف في مواجهة التغيرات المناخية.
كما أنها عكست قدرة مصر على تنفيذ الفعاليات الدولية الهامة، بما شهدته من إشادات دولية بالتنظيم والتخطيط الج للمؤتمر، وهو ما سيكون له انعكاس إيجابي لمصر خلال الفترة القادمة.
إشادات دولية وعالمية باستضافة مصر لمؤتمر المناخ
ونالت استضافة مصر لقمة المناخ بإشادة دولية وعالمية كبيرة وقدم معظم زعماء كبار دول العالم الشكر لمصر لحسن استضافتها وحملها لراية إنقاذ العالم، ولعلنا نتذكر ما قاله العالم حينذاك بعد انتهاء فعاليات القمة:
- الرئيس الأمريكي جو بايدن
"شكراً للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى على أنه تمكن من أن يجمعنا معاً فى هذه اللحظة المحورية.. أزمة المناخ تتعلق بالأمن البشرى، والأمن الاقتصادى، والأمن البيئى، والأمن القومى وحياة الكوكب ذاتها اليوم.. نقدم دعماً بقيمة 500 مليون دولار للتكيف المناخى فى مصر ودعم تحول مصر إلى الطاقة الخضراء مقدماً من أمريكا والاتحاد الأوروبى وألمانيا".
- جورجيا ميلونى رئيسة وزراء إيطاليا
"إننا فى مرحلة مصيرية بسبب تغير المناخ، وخلال الأشهر القليلة الماضية شهدنا آثاراً مأساوية له فى أوروبا وباكستان.. كلنا مدعوون لاتخاذ جهود وخطوات بشكل أسرع لحماية كوكبنا، اقتصادنا منهك بسبب جائحة كوفيد - 19، والأزمة الروسية الأوكرانية، لكننا نعمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 55% بحلول 2030".
- محمد شهباز شريف رئيس وزراء باكستان
"نقدّر الجهود المصرية فى استضافة قمة المناخ.. ستشكل مستقبل كفاحنا ضد تغير المناخ.. أزمة المناخ تحدى القرن ومن واجبنا ترك بيئة نظيفة وخضراء للأجيال المقبلة، كما نؤكد أهمية نجاح الدورة 27 لمؤتمر المناخ.. الأحداث المناخية المتطرفة فى باكستان والقرن الأفريقى فى عام 2022 أظهرت عولمة تغير المناخ، وإذا ظللنا نغض الطرف عن ذلك، فإن الآثار المميتة ستكون إجرامية، سنسعى لحث العالم على الوفاء بالتزاماته بشأن تمويل المناخ وصندوق الخسائر والأضرار، إذ بدون دعم مالى ستظل البلدان النامية معرضة للتهديدات المتنوعة لتغير المناخ، ونحن نطالب بالعدالة المناخية".
- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
"نشيد بالنجاح اللافت لمصر فى تنظيم حدث عالمى ضخم بحجم قمة المناخ، ونؤكد حرص فرنسا على التنسيق والتشاور المكثف مع مصر كأحد أهم شركائها فى المنطقة، ونثمّن دورها فى إرساء دعائم الاستقرار فى الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط والقارة الأفريقية.. أولوياتنا مواجهة التغير المناخى، ولن نفرط فى تطلعاتنا لمواجهة التغير المناخى من جراء الأزمة الروسية الأوكرانية".
مونديال قطر 2022
نجحت دولة قطر في استضافة نسخة استثنائية من مونديال العالم وحققت به نجاحًا غير مسبوق نال إشادات دولية وعالمية واسعة، حيث استطاعت أن ترسخ الثقافة العربية في وسط حشد عالمي كبير، لتحاول من خلاله تقديم الثقافة العربية كمحور أساسي للعالم أجمع.
وأشادت وسائل إعلام دولية بجاهزية دولة قطر لاستضافة بطولة كأس العالم 2022.
ووصفت تلك التقارير دولة قطر بأنها أضحت مركزا رياضيا وسياسيا واقتصاديا في الشرق الأوسط، وحققت نهضة كبيرة في مجال الابتكار الرياضي، مما يؤهلها لاحتضان أهم الشركات العالمية في هذا المجال.
وأشادت إذاعة "مونت كارلو" (Radio Monte Carlo Italia) الإيطالية، في تقرير لها، بالتصميم الفريد لملعب لوسيل الذي احتضن أبرز المباريات خلال كأس العالم ومنها المباراة النهائية، مشيرة إلى أن أكثر ما يثير الدهشة هو فاتورة استهلاك الكهرباء في هذا الصرح الرياضي الضخم "حيث ستكون حقا قليلة التكاليف وبكل تأكيد أقل من تكلفتها لدينا".
وأضاف التقرير الذي حمل عنوان "إليكم الملعب المستقبلي في قطر الذي ستكون فاتورة استهلاك الكهرباء فيه أقل من فواتيرنا" أن الملعب ذا الهيكل الاستثنائي والذي افتتح قبل شهر، صُمّم من قبل الشركة البريطانية "فوستر أند بارتنرز" بدعم من شركتي "MANICA Architecture وKEO Consultants" وأنه سيكون محايدا للكربون بفضل النظام الكهروضوئي المذهل، كما أن الكهرباء التي تنتجها الألواح الشمسية ليست كافية فقط لاحتياجات الملعب بل تستفيد منها أيضا المباني المجاورة.
وتابع التقرير "مواد البناء المستخدمة في الملعب صديقة للبيئة، كما أن نظام المياه المعتمد ذا الكفاءة العالية قادر على اكتشاف أي تسرب وتوفير مياه عذبة أكثر بنسبة 40% مقارنة بالطريقة التقليدية، وبالإضافة إلى ذلك يتم داخل الملعب إعادة تدوير المياه واستخدامها لري النباتات في الخارج".
وجاء في تقرير الفيفا بعد انتهاء البطولة، أن هذه النسخة من كأس العالم شهدت ما وُصِف بـ"تسونامي كروي استثنائي"، وتنظيم لا تشوبه شائبة وأجواء مرحبة وشغف فريد باللعبة الجميلة عمّ الاستادات والشوارع.
أكثر من ذلك، وصف اللاعب التاريخي الألماني يورغن كلينسمان البطولة بأنها نسخة من "كأس العالم منظمة لدرجة الكمال"، ولم يكن رئيس الفيفا جياني إنفانتينو وحده من وصفها بأنها "الأفضل على الإطلاق".
اكسبو دبي
فازت الإمارات العربية المتحدة بشرف استضافة معرض إكسبو 2020 دبي، وستكون هذه المرة الأولى التي يُنظم فيها معرض اكسبو 2020 في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا. وأقيم المعرض تحت شعار: "تواصل العقول وصنع المستقبل". فمنذ أول معرض اكسبو في العام 1851 والذي عُرف باسم "المعرض العظيم"، لا تزال معارض اكسبو من أكبر وأهم الأحداث الدولية.
وحققت الإمارات نجاحًا كبيرًا، في استضافة إكسبو 2020 دبي ووصول عدد الزوار لأكثر من 24 مليون زائر انطلاقة جديدة نحو المنافسة على الصدارة العالمية لمراكز التجارة، السياحة والاستثمارات الدولية.
القمة الخليجية الأمريكية
عُقدت في المملكة العربية السعودية بمشاركة الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من قيادات الدول العربية، وتناولت العديد من الملفات وعلى رأسها ما تم عرضه في البيان الختامي لها:
1. اجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة اليوم في جدة في المملكة العربية السعودية بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية. وأشار القادة إلى مؤتمرات القمة الأمريكية-الخليجية السابقة التي عقدت في 14 أيار/مايو 2015 في كامب ديفيد وفي 21 نيسان/أبريل 2016 و21 أيار/مايو 2017 في الرياض، وأعادوا التأكيد على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات التاريخية بين دولهم والتزامهم المشترك بالبناء على إنجازات المؤتمرات السابقة لتعزيز التعاون والتنسيق والتشاور في كافة المجالات.
2. أكد القادة التزامهم بالتعاون المشترك لتعزيز جهود الانتعاش الاقتصادي العالمي ومعالجة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الوباء والحرب في أوكرانيا وضمان مرونة سلاسل التوريد وأمن إمدادات الغذاء والطاقة وتطوير مصادر الطاقة النظيفة والتكنولوجيات ومساعدة البلدان المحتاجة من خلال المساعدة في تلبية احتياجاتها الإنسانية والإغاثية.
3. ورحبت الولايات المتحدة في هذا السياق بقرار مجموعة التنسيق العربية، التي تضم عشر مؤسسات إنمائية مالية متخصصة عربية ووطنية، تقديم ما لا يقل عن 10 مليارات دولار أمريكي لمواجهة تحديات الأمن الغذائي على الصعيدين الإقليمي والدولي تماشيا مع أهداف خارطة الطريق للأمن الغذائي العالمي – دعوة للعمل، التي تقودها الولايات المتحدة. ورحب القادة بإعلان الولايات المتحدة عن تقديم مليار دولار من المساعدات الإنسانية الحادة الجديدة ومساعدات قريبة وطويلة الأجل للأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
4. أثنى القادة على الجهود المتواصلة التي يبذلها تحالف أوبك بلس للدول المنتجة للنفط لتحقيق استقرار سوق النفط العالمي لصالح المستهلكين والمنتجين ودعم النمو الاقتصادي، ورحبوا بإعلان أعضاء التحالف مؤخرا عن زيادة العرض على مدار شهري تموز/يوليو وآب/أغسطس وأشادوا بالدور الريادي الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في تحقيق التوافق بين أعضاء تحالف أوبك بلس.
5. رحب الرئيس بايدن بإعلان نية بعض الشركاء من دول مجلس التعاون الخليجي استثمار ما مجموعه 3 مليارات دولار في مشاريع تتوافق مع أهداف الشراكة الأمريكية للبنية التحتية والاستثمار العالمي، وذلك بغرض الاستثمار في البنية التحتية الحيوية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، بما في ذلك من خلال الاستثمار في المشاريع التي تعزز أمن المناخ والطاقة والاتصال الرقمي وسلاسل التوريد العالمية وتنوعها.
6. أعرب الرئيس بايدن عن تقديره لتعهد دول مجلس التعاون الخليجي بتقديم 100 مليون دولار لشبكة مستشفيات القدس الشرقية التي توفر الرعاية الصحية المنقذة للحياة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
7. أكد القادة التزامهم المشترك بالحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين ودعم الدبلوماسية بهدف خفض التصعيد الإقليمي وتعميق التعاون الدفاعي والأمني والاستخباراتي على مستوى المنطقة وضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية وأمنها. ورحب قادة دول مجلس التعاون الخليجي في هذا السياق بتأكيد الرئيس بايدن على التزام الولايات المتحدة بشراكتها الاستراتيجية مع دول المجلس واستعدادها للعمل بشكل مشترك مع شركائها في المجلس لردع كافة التهديدات الخارجية لأمنهم والتهديدات للممرات المائية الحيوية، وبخاصة مضيق هرمز وباب المندب.
8. أكد القادة دعمهم لضمان خلو منطقة الخليج العربي من كافة أسلحة الدمار الشامل وأكدوا أيضا على محورية الجهود الدبلوماسية الرامية إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي ومواجهة الإرهاب وكافة الأنشطة التي تهدد الأمن والاستقرار.
9. أشاد القادة بالتعاون المستمر بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة لتعزيز أمن المنطقة واستقرارها وممراتها المائية، وأكدوا التزامهم بالتعاون والتنسيق بين بلدانهم لتعزيز قدراتهم الدفاعية والردعية المشتركة ضد التهديد المتزايد الذي يمثله انتشار النظم الجوية بدون طيار وصواريخ كروز، وكذلك ضد تسليح المليشيات والجماعات الإرهابية في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي.
10. ناقش القادة السبل المختلفة لتعزيز التعاون المشترك بهدف تعزيز القدرات الردعية والدفاعية لدول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن تعزيز التكامل والتشغيل المتبادل في دفاعاتها الجوية والصاروخية وقدراتها الأمنية البحرية ونظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات.
11. رحب القادة بإنشاء فرقة العمل المشتركة رقم 153 وفرقة المهام رقم 59 اللتين ستعززان التنسيق الدفاعي المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي والقيادة المركزية الأمريكية لتحسين مراقبة التهديدات البحرية وتعزيز الدفاعات البحرية من خلال الاستفادة من أحدث التقنيات والأنظمة.
12. أكد القادة حرصهم على استمرار عقد القمة الأمريكية-الخليجية سنويا.
القمة الخليجية الصينية
استطاعت "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية" أن تجذب أنظار الشعوب العربية والعالمية، خاصة بعدما
دشنت عهدا جديدا للعلاقات بين الدول العربية والخليجية والصين في ظل التحديات الراهنة التي تعيشها المنطق حيث تعد القمة الأولى من نوعها بين الصين والدول العربية.
واستطاعت القمة العربية الصينية أن تخرج بالعديد من المخرجات التي تدعم وتؤكد على التعاون العربي المشترك، في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية كل منها على حد.
وذلك خلال فترة انعقادها بالسعودية من 7 - 9 ديسمبر الجاري، بحضور قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية، ومشاركة واسعة من جامعة الدول العربية، والصين، والرؤساء والأمناء العاميين لعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.
وجاء ذلك في إطار الاهتمام العربي بالعلاقات مع الصين التي تشهد تطورًا لافتًا وهادفًا إلى تحقيق مستويات عليا من التعاون والتنمية والمصالح المشتركة، وترسيخ دعائم الأمن، والسِلّم، والرفاه، والنماء للشعبين العربي والصيني.
وعلى رأس المخرجات التي استطاعت القمة تدشينها تأكيدًا منها على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل، بوصفها نموذجاً لعلاقات الصداقة والتعاون الودي.
ومع بداية عام 2023، ستشهد المغرب بطولة كأس العالم للأندية ليستمر الوطن العربي في احتضان كافة الأحداث العالمية الهامة، والتي تثبت من شأنها قوة وعظمة الدول العربية.