الخميس المقبل.. السوداني يزور فرنسا لدعم استقرار وسيادة العراق
دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الى زيارة فرنسا الخميس المقبل.
وأفاد مسؤول فرنسي رفيع بأن مشاركة السوداني في مؤتمر بغداد -2 في الأردن الذي شارك بترؤسه ماكرون وزيارته لفرنسا تشيران الى رغبته في ضمان سيادة العراق، وإدراكه أن هذه المهمة تحتاج إلى شراكة جيرانه في المنطقة وشركاء آخرين في العالم يريدون العمل معه منهم فرنسا.
وكان قد بحث وزير الخارجية فؤاد حسين مع السفير الفرنسي، الأحد الماضي الاستعدادات الجارية لزيارة السوداني إلى باريس.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان أن "نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين بحث مع السفير الفرنسي لدى بغداد إيريك شوفالييه الاستعدادات الجارية لزيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى باريس نهاية الشهر الحالي".
وأضافت أن "زيارة السوداني تهدف إلى مناقشة التحديات الإقليمية والدولية وتحقيق المصالح المشتركة والتأكيد على دور العراق الحيوي لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة".
وأشارت الوزارة إلى أنه "جرى خلال اللقاء أيضاً بحث المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين بغداد وباريس بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين". وأردفت، "كما تناول اللقاء التنسيق والتعاون لتحقيق الزيارات المتبادلة عالية المستوى بين مسؤولي كلا البلدين في إطار التعاون الثنائي المشترك بين البلدين الصديقين".
فرنسا واستقرار العراق
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مشاركته في قمة بغداد بالأردن، على ضرورة السماح للعراق باختيار طريق لا تمليه عليه قوى أجنبية.
وقال ماكرون "هناك طريقاً ليس شكلاً من أشكال الهيمنة أو الامبريالية أو نموذجاً يُملى من الخارج".
وأضاف ماكرون، أن "العراق اليوم يعتبر مسرحاً للتأثيرات والتوغلات وعمليات زعزعة الاستقرار المرتبطة بالمنطقة برمتها".
وكانت فرنسا، تضغط بقوة لعقد المؤتمر قبل نهاية العام الجاري بعد حلحلة الوضع السياسي الداخلي في العراق، حيث كان يصعب الدعوة إلى قمة قبل أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للحكومة، وتأمل باريس طرح مسائل تشغل جميع بلدان المنطقة مثل أمن الطاقة والغذاء والاحتباس الحراري والربط الكهربائي والتغيرات المناخية.
ركائز التحرك
لم يكن التوجه الفرنسي نحو العراق ودعم سيادته الوطنية وشعبه حديث العهد، ولكنها جاءت مرتكزة على عدد من آليات التحرك التي تتجسد أبرزها على النحو التالي:
سياسيًا: تتجلى في رفض التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي دعمًا لسيادته الوطنية، والحفاظ على استقرار النظام من الانهيار مرة ثانية لما له من مآلات سلبية على منطقة الشرق الأوسط بل وفرنسا والأمن الأوروبي، وذلك من خلال تقديم كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني؛ حيث تعد فرنسا من أكبر الدول المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة “داعش” من حيث عدد القوات، بجانب مشاركتها في بعثة حلف شمال الأطلسي المتواجدة في العراق. كما وقع وزيرا خارجية الدوليتين في مايو 2019 خارطة طريق استراتيجية لتعزيز العلاقات بين البلدين اقتصاديًا وثقافيًا وتعليميًا وتنمويًا
إرساء الاستقرار: عملت فرنسا على دعم المناطق المحررة من قبضة “داعش” حتى لا تستطيع العودة إليها مرة ثانية؛ حيث حصلت بغداد في عام 2020 على عشرة مليون يورو من مركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشئون الخارجية لتحتل بذلك المركز الثاني في قائمة الدول المستفيدة من المساعدات المقدمة من فرنسا. وقد تم توجيه المبلغ لصالح إعادة تأهيل قسم العمليات الجراحية في المركز الصحي في منطقة سنجار التي تم تحريرها في عام 2017، كخطوة لبناء مستشفى جديدة بتمويل فرنسي.
اقتصاديًا: تجسدت في المشاركة في إعادة الأعمار، وزيادة الاستثمارات وشراكته الاقتصادية، وهو ما تجلى في التوقيع على مذكرة تفاهم بين الجانبين في نوفمبر 2019، لزيادة حصة فرنسا في السوق العراقي التي تصل إلى 1%، من خلال تقديم تمويل يبلغ قدره مليار يورو على مدار أربع سنوات لتشجيع إعادة الإعمار عبر القروض السيادية، والتأمين على العقود الكبيرة التي تشارك فيها شركات فرنسية، علاوة على قروض لمشاريع تقوم بها الوكالة الفرنسية للتنمية. ويذكر أن قيمة التبادلات التجارية بين البلدين في عام 2019 ما يقرب من 1.31 يورو، كما تتواجد الشركات الفرنسية في السوق العراقي، مثل (توتال وبيرينكو في مجال الطاقة)، و(إيرباص، وآ دي بي إي، ورينو تراكس، وتاليس، وسي إم آ-سي جي إم في النقل)، و(سانوفي في مجال الصحة). والجدير بالذكر إن الحكومة العراقية قد أعلنت في نهاية شهر مارس 2021، إن العراق وقع اتفاقًا مع شركة “توتال” الفرنسية يشمل أربعة مشاريع في الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية وإعادة معالجة مياه البحر، كما ستبني الشركة منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي في خمسة حقول نفطية جنوبية.
جيوستراتيجيًا: تعد العراق من أهم القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط التي تسعى لاستعادة مكانتها في النظام الدولي من خلال تبني عدد من الإجراءات والاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإعادة بناءها مرة ثانية، بما يتوافق مع مصالحها الوطنية، هذا بجانب اضطلاعها بدور خارجي يساهم في خفض التوتر وحالة عدم الاستقرار في محطيها الإقليمي، عبر انتهاج جهود الوساطة بين القوى الإقليمية غير المتوافقة لتقريب وجهات النظر حول إدارة الملفات محل الاهتمام المشترك مثل السعودية وإيران، فضلاً عن تعزيز علاقاتها مع شركائها الإقليمين وفي مقدمتهم مصر والأردن. لذا تمثل العراق قوة صاعدة إقليميًا وشريك يمكن الاعتماد عليه في مكافحة الإرهاب، وخاصة في إطار تغير المشهد السياسي والأمني في المنطقة، الذي أسفر عن معطيات جديدة فرضت نفسها على طاولة صانع القرار الإقليمي والأوروبي.