ماذا قالت الصحف التركية عن "قرب" مفاوضات التطبيع بين تركيا وسوريا؟
عقدت أول محادثات منذ 11 عاما بين وزيري الدفاع التركي والسوري في روسيا في ديسمبر، ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، انحازت تركيا، التي كانت قبل هذه الأزمة على علاقات وثيقة مع دمشق، إلى جانب معارضي الرئيس السوري بشار الأسد.
والأمر الذي أدى إلى تدهور علاقات تركيا مع سوريا، وفي الأسابيع الأخيرة، تحدث الجانبان وكذلك بعض وسائل الإعلام، عن إمكانية تطبيع تدريجي للعلاقات بين البلدين.
اجتماع قريب بين وزارات دفاع تركيا وروسيا وسوريا
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أن وفودا فنية من وزارات دفاع تركيا وروسيا وسوريا، ستعقد اجتماعات في الأيام المقبلة استمرارا للصيغة الثلاثية لمحادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق.
ونقل المكتب الصحفي لوزارة الدفاع عن أكار قوله: “في الأيام المقبلة، ستعقد وفودنا الفنية اجتماعات استمرارا لتلك المفاوضات (في موسكو).. نحن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق نتائج”.
وقبل ذلك التقى وزيرا الدفاع التركي والسوري، الأربعاء، في إطار اجتماع بموسكو مع نظيرهما الروسي، في أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين أنقرة ودمشق منذ اندلاع النزاع في سوريا العام 2011.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "محادثات ثلاثية جرت في موسكو بين وزراء الدفاع في روسيا الاتحادية والجمهورية العربية السورية وجمهورية تركيا"، تناولت خصوصا "سبل حل الأزمة السورية وقضية اللاجئين".
وقبل أيام، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن عقد لقاء مع نظيره السوري بشار الأسد "أمر ممكن"، بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق منذ 2011.
وسبق لأردوغان أن قال في أغسطس الماضي، إنه "لا يمكنه استبعاد الحوار والدبلوماسية مع سوريا في المطلق"، مضيفا أن "الدبلوماسية بين الدول لا يمكن قطعها بالكامل".
كما يشار إلى أن التحول المعلن في مواقف أنقرة حيال دمشق جاء في 11 أغسطس الماضي، وذلك على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو.
وكان أوغلو قال حينها:"علينا أن نصالح المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما وإلا فلن يكون هناك سلام دائم، يجب أن تكون هناك إدارة قوية لمنع انقسام سوريا".
وفي وقت سابق، علق أكار على مسألة "الاجتماع الثلاثي المحتمل بين وزراء دفاع تركيا وسوريا وروسيا" الذي أعلنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
كما قال وزير الدفاع التركي: "كل ما يجب القيام به يتم وفقا للإجراءات على جميع المستويات من أجل حماية حقوق ومصالح بلداننا، وهناك اتصالات ضمن هذا النطاق أيضا".
منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011
واللقاء هو الرسمي الأول على المستوى الوزاري بين تركيا وسوريا منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، وما نجم عنها من توتر للعلاقات بين أنقرة ودمشق.
وكان وزيرا خارجية البلدين قد أجريا محادثة مقتضبة غير رسمية على هامش قمة إقليمية عُقدت في العام 2021، كما سبق أن أقرت أنقرة بتواصل على مستوى أجهزة الاستخبارات.
بحسب الإعلام التركي فقد كان مدير أجهزة الاستخبارات التركية هاكان فيدان حاضرا الأربعاء في موسكو.
ويأتي اللقاء بين أكار وعباس في وقت يهدّد أردوغان منذ أسابيع بشن هجوم عسكري في شمال سوريا ضد مجموعات كردية.
والأسبوع الماضي أشار أكار إلى أن أنقرة على تواصل مع موسكو من أجل "فتح المجال الجوي" السوري أمام المقاتلات التركية.
نزاع مسلح.. وفصائل سورية
وشهدت سوريا في مطلع العام 2011 تظاهرات ضد النظام، سرعان ما تحوّلت إلى نزاع مسلّح وتّر بشكل كبير العلاقات بين دمشق وأنقرة.
ومع بدء النزاع عارضت تركيا بشدة نظام الرئيس السوري بشار الأشد، ودعمت فصائل سورية معارضة واستقبلت نحو أربعة ملايين لاجئ سوري.
وتسبّب النزاع في سوريا بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
الصحف التركية: اجتماع مهم من أجل مواجهة الإرهاب وإعادة اللاجئين
ذكرت صحيفة "ملييت" التركية، حول الاجتماع، انه "رغم تأخر الاجتماع الذي كان يتوجب عقده قبل أعوام، لكن إجراءه الآن أفضل من عدم إجرائه، عُقد الاجتماع بطلب من تركيا، لكن بإشراف روسيا، وتأتي أهميته في أن يفرز نتائج إيجابية حول مسائل مهمة، على رأسها القضايا الأمنية واللاجئين".
وفي حين، أشارت صحيفة "يني أكيت" الى انه "بعد 11 عاماً، عقد أول اجتماع رفيع المستوى مع نظام الأسد في موسكو، نوقشت خلاله، عودة الاستقرار الى المنطقة، المكافحة المشتركة للإرهاب، والعودة السلمية لللاجئين، والاستمرار بالاجتماعات المشتركة".
وفي نفس السياق، كتبت صحفيفة "ملّت" ان "وزير الدفاع الروسي أشرف على اجتماع وزيري دفاع تركيا وسوريا. من المهم ان تكون النقطة الرئيسة بالاجتماع خاصة بالتعاون المشترك لمواجهة الإرهاب وإعادة اللاجئين السوريين".
وأكد الخبير في العلاقات الدولية في موسكو، إقبال دوره، لشبكة رووداو الإعلامية أن الأزمة والمشاكل السورية تحولت الى مرحلة جديدة بفعل ثلاثة عوامل. الأول، هو الحرب الروسية الأوكرانية. الثاني، الانتخابات التركية المقبلة. والثالث هو الجماعات المتطرفة الإرهابية.
حسب قول دوره، فإن "هذه الثلاثة عوامل، أدّت الى اعادة تنمية سوريا من الناحيتين الاقتصادية السياسية، وزيادة الولايات المتحدة لنفوذها وهي اتخذت بعض الخطوات المهمّة خلال الايام الماضية، من أجل إعادة تنظيم القوات الكوردية، وهذا اقلق انقرة ودمشق وموسكو".
وذكر الخبير في العلاقات الدولية الى ان "خطوات الولايات المتحدة الاميركية في سوريا، اجبرت بدمشق وانقرة وموسكو على بدء عملية جديدة تمنع الكورد من الاستقلال. وفتح طريق آمن لروسيا من أجل إرسال قوات اضافية الى اوكرانيا".