عالم جيولوجي عراقي يكشف أسباب حدوث زلزال تركيا وسوريا
قال أستاذ الجيولوجيا في جامعة البصرة بالعراق، الأستاذ الدكتور واثق غازي عبد النبي، إن الهزات الأرضية التي حدثت مؤخراً في تركيا تعد هزات طبيعية (تكتونية) حدثت نتيجة لحركة صدع الأناضول الشرقي.
وأضاف غازي، في تصريحات خاصة للأمصار، أن هذه الحركة نتيجة طبيعية لحركة الصفيحة الاناضولية باتجاه الغرب وحركة الصفيحة العربية باتجاه الشمال تقريباً، مشيراً إلى أن صدع الأناضول يمثل الحد الفاصل بين الصفيحتين المذكورتين.
وأوضح أستاذ الجيولوجيا في جامعة البصرة بالعراق، أن تحليل ميكانيكية بؤرة الهزات الأرضية تشير إلى أن الحركة من النوع الذي تزحف فيه الكتلتين الواقعتين على جانبي الفالق بموازاة بعضهما البعض لكن باتجاهين متعاكسين (حركة قصية أو مضربية كما يسميها أصحاب الاختصاص).
وتابع غازي: "ليس للنشاط البشري أي دور في توليد الهزات الأرضية ولا يمكن لأي نشاط بشري (بناء السدود، استخراج النفط أو الغاز، حقن الماء في الآبار، استخراج المياه الجوفية، حفر المناجم) أن يكون قادراً على توليد هزة أرضية بمقدار يزيد عن ستة، والهزات التي حدثت تجاوزت هذا الرقم كثيراً".
سبب زيادة عدد الهزات الأرضية
وأشار إلى أن ذلك العدد الكبير للهزات الأرضية خلال فترة زمنية قصيرة والذي لا يحدث في الهزات الصناعية (البشرية) لأنها تعبر عن وجود طاقة كبيرة ناتجة من ضغوط عالية، لا يمكن لأي نشاط بشري أن يوفرها، منوهاً أن عمق البؤر الزلزالية المسجلة لهزات تركيا يزيد عن 8 كم لجميع الهزات الأرضية، وهو عمق لا يمكن لتأثير النشاط البشري أن يصل إليه.
وأكد غازي:"أن السدود وجميع المنشئات الكبيرة تصمم وفقاً لمعامل البناء الزلزالي لمنطقة البناء، لافتاً أنه يعتمد على ما يسمى بخريطة المخاطر الزلزالية، وهي بتبسيط شديد خريطة تبين معدل اهتزاز الأرض الذي يحدث عند اعلى هزة أرضية متوقعة في هذه المنطقة. تركيا تملك خريطة مخاطر زلزالية ممتازة ومعامل بناء زلزالي يراعي حدوث هزات أرضية بمقدار يفوق ما تم تخمينه، وذلك لضمان جودة البناء، كما يراعى في معامل البناء الزلزالي الجمع بين سلامة المنشأ وكلفة انشاءه".
ونوه أن السدود في تركيا تحظى بدرجة امان عالية، وهي تحت المراقبة الدورية، إذ ان كل سد له أجهزة رصد زلزالي خاصة به تحسب أصغر هزة أرضية يمكن أن تحدث. الخلاصة، السدود في تركيا (وفي أغلب دول العالم) مصممة لتكون مقاومة للنشاط الزلزالي حتى العالي منه.
وأضاف أن الهزة الأرضية التي حدثت بتاريخ 6 / 2 / 2023 في الساعة الواحدة وسبعة عشر دقيقة بالتوقيت العالمي وبمقدار 7.8 على مقياس العزم الزلزالي (وليس مقياس ريختر)، هي الهزة الأرضية الرئيسية التي تحررت خلالها أغلب الطاقة المخزونة في الصخور على جانبي صدع الأناضول، مشيرا إلى أن ما يتبعها من هزات أرضية والتي تسمى بالتوابع (وليس الارتدادية) يجب أن تكون ذات مقدار أقل، وهو ما تؤكده التسجيلات الزلزالية للتوابع، حيث يطلق على الهزة الأرضية وما يتبعها من هزات والتي تحدث في مكان واحد تقريباً وفترة زمنية محددة بالسرب الزلزالي (Earthquake swarm) وهي التسمية العلمية لما حدث من هزات في تركيا.
وأكد غازي، أن المنطقة الممتدة على طول الحدود العراقية الإيرانية من مندلي (ديالى) مرورا ببدرا (الكوت) والغاية الطيب (ميسان) هي المنطقة الأكثر نشاطاً زلزالياً في العراق، حيث أن المنطقة هي مكان صدع يعرف بصدع (مندلي – بدرا – الطيب) ناتج من حركة انضغاطية تحدث بسبب تصادم الصفيحتين العربية والإيرانية.
أبرز مناطق الزلازل بالعراق
وتابع:" خلال المائة وعشرون سنة الماضية (1900 – 2020) حدثت مئات الهزات الأرضية على طول هذا الصدع، وبمقدار لم يتجاوز الستة درجات، لكن هذا لا يمنع من حدوث هزة أرضية تتجاوز هذا المقدار، وذلك بسبب (1) موقع الصدع من نطاق التصادم، (2) الطول الكبير للصدع (يتناسب مقدار الزلزال طردياً مع طول الصدع المسبب له)، (3) الحركة المعكوسة عليه".
ولفت:"المنطقة الثانية في شدة المخاطر الزلزالية هي المنطقة الواقعة ضمن النطاق الجبلي للعراق (محافظات دهوك، أربيل، السليمانية، كركوك، الموصل)، بينما المنطقة الثالثة هي منطقة سهل وادي الرافدين. والمنطقة الرابعة والأخيرة هي منطقة الصحراء العراقية الممتدة من أسفل نهر الفرات في الأنبار لغاية غرب البصرة".
وأوضح غازي، أنه توجد أجهزة رصد زلزالي في العراق موزعة على شبكتين رئيسيتين هما: أولاً، شبكة الرصد الزلزالي العراقي والتابعة إلى هيئة الأنواء الجوية والرصد الزلزالي، وزارة النقل، وتتألف من خمسة أجهزة موجودة في محافظات الموصل وكركوك وبغداد والكوت وذي قار، ثانياً، شبكة وادي الرافدين التي يديرها أساتذة مختصين من عدد من الجامعات العراقية ومركز جمع بياناتها هو مختبر الرصد الزلزالي في قسم علم الأرض، كلية العلوم، جامعة البصرة، حيث تتألف هذه الشبكة من اثنا عشر جهاز رصد موزعة على محافظات دهوك والسليمانية وكركوك وديالى وبغداد والانبار وكربلاء والكوت وذي قار والمثنى وميسان والبصرة.
وأكد أن هناك معامل بناء زلزالي حديث تم اعداده من قبل لجنة مختصة تابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ضمت اشخاص من كافة الوزارات ذات العلاقة (تم اكماله عام 2017 )، مدونة الزلازل العراقية (م. ب. ع. 303) والكود متوفر في كافة الوزارات ذات العلاقة مثل وزارة النقل ووزارة الاسكان والاعمار ووزارة التخطيط ووزارة الصناعة والمعادن ويتم اعطاءه لكل الشركات التي تقوم ببناء منشئات حيوية كبيرة (جسور، سدود، مباني شاهقة) وكذلك المجمعات السكنية الحديثة.