معطيات غير دقيقة ترافق الجدل بشأن توريد المحروقات الروسية إلى المغرب
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “المغرب من بين الدول التي تحصل على المنتجات النفطية الروسية السائلة من أجل تلبية حاجيات السوق الوطنية؛ لكن بعض هذه المواد تتم إعادة تصديرها إلى الدول الأوروبية”.
ويأتي هذا في ظل حديث عن شراء النفط الروسي بأثمنة بخسة وبيعه للمغاربة بأثمنة النفط الأمريكي والخليجي، حيث وجه الفريق الاشتراكي سؤالا برلمانيا بهذا الخصوص إلى وزيرة الاقتصاد والمالية.
وقال الفريق الاشتراكي بمجلس النواب إن الشركات التي تستورد المواد النفطية تقوم بالتلاعب في شواهد إقرار مصدر استيراد هذه المواد بميناء طنجة المتوسط، موضحا في سؤاله الكتابي الذي وجهه النائب عبد القادر الطاهر أن بعض شركات المحروقات بدأت تستورد الغازوال الروسي بثمن جد منخفض وتزور وثائقه لتبيعه بثمن جد مرتفع حسب السوق الدولية.
وتضمن السؤال أن بعض الشركات التي تستورد المواد النفطية السائلة لتلبية حاجيات السوق الوطنية تعمد إلى إدخال الغازوال الروسي الذي لا يتجاوز ثمنه 170 دولارا للطن وأقل من 70 في المائة من الثمن الدولي، في المقابل تغير الشركات المستوردة في وثائق وشواهد مصدر الغازوال الروسي كأنه آت من الخليج أو أمريكا وتبيعه بالسعر الدولي داخل التراب الوطني.
ونبه الفريق الاشتراكي إلى أن هذه الشركات تحقق عبر هذه العملية أرباحا طائلة، وكل ذلك يحدث بتواطؤ صريح للشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط وبعيدا عن مراقبة الأجهزة المالية للدولة، داعيا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط مصادر استيراد الوقود الذي يباع في السوق الوطنية وضبط ثمنه.
وتزايدت تدفقات المنتجات النفطية الروسية إلى شمال إفريقيا؛ فقد شهد المغرب، على سبيل المثال، واردات بلغت مليوني برميل من الديزل الروسي في يناير، مقارنة بـ600 ألف برميل فقط للعام 2021 بأكمله، وفقا لبيانات “Kpler” التي نقلتها صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وشهدت تونس أيضا زيادة في واردات المنتجات البترولية الروسية إلى 2.8 ملايين برميل في يناير و3.1 مليون برميل أخرى في فبراير، بعد استيراد كميات ضئيلة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
تحرك الدول الأفريقية
وبدأت الدول الإفريقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وكذلك تركيا، في الحصول على المزيد من الوقود الروسي حتى قبل الحظر الغربي. ويقول محللون إن هناك دلائل تظهر الآن أن بعض هذه المنتجات يمكن أن يتجه لإعادة تصديرها إلى أوروبا؛ لكنهم أشاروا أيضا إلى أنه حتى لو كان الأمر كذلك، فمن الصعب التأكد من الأصل الحقيقي لشحنة ممزوجة بمنتجات أخرى.
وقرر الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من 5 فبراير الماضي، حظر الواردات المنقولة بحرا من المنتجات النفطية الروسية المكررة وحوالي مليون برميل يوميا من الديزل الروسي وأنواع الوقود الأخرى.
وقال مصطفى لبرق، خبير في المحروقات والطاقة، إن “أسعار الديزل الروسية التي طرحها بعض البرلمانيين ووسائل الإعلام (أي 170 دولارا للطن) خاطئة وغير دقيقة”.
وشدد الخبير المغربي على أن “أسعار الديزل تبلغ حاليا في السوق الدولية حوالي 820 دولارا للطن، وعندما يتم عرضه من روسيا يمكن أن تصل الخصومات إلى 30 دولارا إلى 40 دولارا للطن، لا أكثر، أي بمتوسط سعر 780 دولارا للطن.
واعتبر أن “الشحن من روسيا مكلف للغاية؛ لأن مالكي السفن يرفضون التنقل من أماكن نشوب الحرب. كما قامت شركات التأمين برفع أسعارها نظرا للمخاطر المتزايدة في منطقة النزاع المسلح هذه.
ونشرت وزارة الخزانة الأمريكية منشورا لمجموعة الدول السبع ودول الاتحاد الأوروبي يحدد عتبة لمشتريات المنتجات الخام عند 60 دولارا للبرميل وحدا لمشتريات المنتجات المكررة حوالي 750 دولارا للطن عندما تكون المنتجات من أصل روسي.
وقال الخبير نفسه إن “المغرب محايد تماما في هذه الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أي أنه لا يفرض أي حظر ويستخدم حياده؛ لكن البنوك المغربية التي لديها مراسلات بالأساس أوروبية تواجه، من ناحية أخرى، صعوبة كبيرة في الاعتماد أو الدفع مقابل التوريدات من روسيا، بالنظر إلى القيود التي تفرضها البنوك الأوروبية”.