عبدالرحمن جعفر الكناني يكتب: نداء لبنان الأخير
هذا لبنان يطلق نداءه الأخير، دولة بلا رئيس، الجيش الوطني على حافة الانهيار، دولة داخل دولة، وميليشيات لا تخضع لقانون سيادي، أضحت هي الدولة المرسوم اسمها في خارطة العالم العربي، وشعب يقاوم الجوع بما تبقى لديه من خزين يقترب من فقدان صلاحيته.
رئيس وزراء "انتقالي" لا يمتلك سلطة القرار، وحكومة تصريف الأعمال لم تجد لها بديلا في ظل شروط دولية هدفها إنهاء هيمنة القوة "الاقليمية" الحاكمة ومن حالفها تحت شعار الـ "المقاومة"، والبرلمان لا يشرع أي قرار يتنافى مع مستلزمات وجودها.
بلد ضائع، نكاد نفقده في خارطة الشتات العربي، وجامعة الدول العربية مازالت تلتزم الصمت إزاء ما يجري في لبنان، وكان ما يجري فيه لا يعني أي نظام عربي لم يعد مهتما بتطورات وقائع الأحداث القابلة للتمدد في طريق وصولها إلى عاصمته.
الصمت العربي كارثة، تكاد تفوق كارثة لبنان، صمت يجر إلى إشعال كوارث في عواصم ومدن أخرى، لن تقف عند حدود كوارث العراق وسوريا واليمن وليبيا وغزة، فإستراتيجية الخراب يحركها نهج توسعي امتلك وسائله وأدواته التي لا يقف في مواجهتها أحد.
لبنان بلد أعلن إفلاسه من قبل، إفلاس يؤدي إلى انهيار كل مؤسساته شيئا فشيئا في ظل عجزها الراهن عن أداء دورها الطبيعي، ومؤسسة الجيش الوطني أولى هذه المؤسسات التي تشارف على الانهيار.
القوى العالمية "الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي ودول خليجية" الملف اللبناني مركون في أرشيف مكاتبها، بشقه السياسي والاقتصادي المؤثر على مستقبل مؤسسة الجيش الوطني التي تعد القاعدة الكبرى لوحدة البلاد وشرط بقائه في خارطة العالم .
أخذ قائد الجيش اللبناني المسؤولية على عاتقه في مخاطبة القوى العالمية كاشفا لها أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان وهي الأسوأ في تاريخه، أثرت بشكل كبير على الجيش وأضعفت قدراته في أداء مهماته العملياتية وأثرت على معنوياته العسكرية، وتجر إلى انهيار مؤسسات الدولة بأكملها.
القوى العالمية التي تسعى لإخفاء دورها في مأساة لبنان، وتغض النظر عن عبث بعض القوى الإقليمية فيه، تخلت عن خططها لإنقاذ البلاد قبل السقوط من حافة الانهيار، ولم تلتزم بما يؤدي لإنقاذها من مخاطر الإفلاس والتهديدات الأمنية، مكتفية بالرؤية الفرنسية التي تشترط تشكيلا حكوميا جديدا "تكنوقراطيا" لا تمثيل للقوى السياسية النافذة فيه.
باريس فقدت القدرة على ترتيب الوضع اللبناني، أمام تعنت القوى السياسية الرافضة للشرط الفرنسي في تشكيل حكومي، يفتح الأبواب لتدفق المال والمساعدات إلى لبنان "المفلس"، واستعانتها بالقوى العالمية لم يغير في الواقع شيء، طالما كان مصدر القرار السياسي خارج بيروت، وتتحكم به طهران عبر وكلائها المتحكمين بمفاصل الدولة الواقفة على حافة الإنهيار.
أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان، وقفوا بقوة في وجه المشاريع الإقليمية التخريبية، قبل أن يتحول إلى قاعدة إرهاب عالمي يفتح حدوده مع قندهار ويمد جسور العلاقة مع بوكو حرام في نيجيريا وتنظيم القاعدة في دول المغرب الإسلامي بمالي... هذا مرادهم !!!