بعد اتهامات الغرب لموسكو...
تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة تفجير خط غاز نورد ستريم
في سبتمبر الماضي وقع تفجير في خط أنابيب نورد ستريم الواقع على بحر البلطيق الذي كان ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
وبدأت التساؤلات حول المتسبب في هذه الواقعة و البحث عن المتورطين في عملية التفجير.
وفي إطار البحث عن الفاعل ظهرت مجموعة تفاصيل جديدة مثيرة حول الواقعة لتحاول تفسير ما حدث والإجابة عن التساؤلات المثارة حوله.
أصابع الاتهام إلى موسكو
وكانت أصابع الاتهام الغربية كلها تتجه إلى موسكو في البداية حيث نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقرير نقلت فيه عن مسؤولي استخبارات أميركيين مجهولين ترجيحهم مسؤولية جماعة موالية لأوكرانيا عن الهجوم، ونقلا عن مسؤولين أمريكيين مجهولين، قال التقرير إنه لا يوجد دليل على تورط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو كبار مساعديه في العملية. و أشارت الصحيفة أن المسؤولون الذين درسوا المعلومات الاستخباراتية قالوا أنهم يعتقدون أن المخربين هم على الأرجح مواطنون أوكرانيون أو روس أو مزيج من الاثنين.
وردا على هذا التقرير قال ميخايلو بودولاك مستشار الرئيس الأوكراني، إن أوكرانيا "غير متورطة في هذا الأمر على الإطلاق".
فيما رفضت موسكو التقرير واصفة إياه أنه حملة إعلامية كاذبة منسقة. و تساءل ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، كيف يمكن للولايات المتحدة أن تضع افتراضات دون تحقيق. وقال لوكالة أنباء "ريا نوفوستي" الرسمية: من الواضح ان منفذي الهجوم يريدون تشتيت الانتباه".
تفاصيل جديدة
و لكن لم تتوقف الافتراضات عند هذا الحد حيث ظهرت تفاصيل جديدة مثيرة حول التفجيرات الواقعة عند بحر البلطيق تكشف اللغز وتحاول الإجابة عن هذه القضية. حيث كشفت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الطريقة التي تم بها تفجير خط نقل الغاز "نورد ستريم الذي يربط بين روسيا وألمانيا.
وبحسب المصدر، فإن التفجير نفذه فريق من الغواصين الذين انطلقوا من يخت مؤجر يصل طوله إلى 15 مترا ويحمل اسم "أندروميدا" . وبتتبع مسار اليخت في بحر البلطيق يتضح أنه بدأ من ميناء رسوه الرئيسي في روستوك بألمانيا في 6 من سبتمبر 2022، ثم عبوره جزيرة روغن الألمانية، وصولا إلى جزيرة كريستيانسو الدنماركية على مقربة من مكان التفجير، في 26 من الشهر ذاته.
وحاول خبراء استعانت بهم "دير شبيغل" أن يتأكدوا من قدرة المتفجرات المحمولة على اليخت، على تنفيذ الهجوم الذي استهدف خط "نورد ستريم".
وتشير التقديرات إلى أن مئات الكيلوجرامات من المتفجرات قد استخدمت في تفجير خط الأنابيب، ويأتي ذلك في ذروة أزمة الطاقة التي تأججت في أوروبا بسبب عقوبات فرضها الغرب على موسكو على خلفية الحرب في أوكرانيا.
ولم يركز الخبراء على وزن المواد المتفجرة فحسب، لأن الغواصين المحتملين كانوا في حاجة إلى معدات أخرى حتى تساعدهم على التنفس تحت الماء، إضافة إلى تجهيزات أخرى معقدة. ورجح الخبراء حول هذه النقطة تحديدا وجود مركبة بحرية أخرى قد ساعدت اليخت في إنجاز مهمته.
وفي حين يواصل المحققون الألمان جهودهم لتحديد جنسية الضالعين في التفجير، كما يدرسون أيضا اتهام حكومة دولة ما بالمسؤولية عما وقع. ذكرت "دير شبيغل" أن أحد أفراد طاقم اليخت كان يحمل جواز سفر بلغاريا مزورا.
وحذرت ألمانيا من الوقوع في استنتاجات خاطئة، لأن بعض عمليات التخريب تتعمد ترك علامات معينة حتى تجعل التحقيق يسير في اتجاه ما، بهدف توريط طرف من الأطراف.
ومن الجدير بالذكر أن شركة "غازبروم" المملوكة للحكومة الروسية تملك حصة الأغلبية في الخطين، اللذين لم يكونا في حالة عمل عندما وقع الهجوم، لكنهما كانا مليئين بالغاز الذي تدفق وقتئذ وخلف ما يشبه الرقعة الواسعة.
منفذي الهجوم بضعة رجال و امراة
ونقلت "دير شبيغل" عن مصدر ألماني قوله إن الغواصين الذين استأجروا اليخت كانوا يرتدون زيا شبيها بملابس الغواصين العاديين، وأضاف أنه "رآهم وهم يشترون أكياسا من الأغراض الضرورية التي يحتاجونها على متن المركبة البحرية".
وذكر المصدر أن أولئك الغواصين كانوا يتحدثون لغة تبدو مثل البولندية أو التشيكية، لكنه لم يكن يعرفها، قائلا إن المجموعة كانت تضم عددا من الرجال مع امرأة.
وأشار المصدر أن اليخت منفذ العملية من طراز "بافاريا 50"، وهو مركب إبحار تصنعه الشركة الألمانية "بافاريا ياكتس"، ويضم خمس مقصورات وغرفة تكفي لنحو 11 شخصا. وتوجد في مؤخرة اليخت الألماني منصة يمكن الانطلاق منها إلى تنفيذ مهام الغوص.
تحليل عملية التفجير
وفي موقع التفجير، حيث يصل عمق بحر البلطيق إلى 80 مترا، يحتاج الغواصون إلى مهارات متقدمة وعبوات هواء خاصة، إحداها تحتوي خليطا من الهيليوم والأكسجين، والثانية من الأكسجين الخالص، بحسب "دير شبيغل".
ووفق السيناريو الذي يرجحه الخبراء، فإن كل عملية غوص في الموقع احتاجت لأن يبقى اليخت فوق خط الأنابيب لنحو 3 ساعات.
أما وضع متفجرات على الخطين المتباعدين بنحو 4 كيلومترات، فربما تطلب 4 عمليات غوص، وهو ما يعني الحاجة إلى عدة أيام.
وبما أن عمليات الغوص قد جرت لفترة زمنية طويلة، فمن الوارد أن يكون الغواصون قد احتاجوا إلى ما يعرف بـ"غرفة تخفيف الضغط"، وهي غرفة ما كان من الممكن حملها على متن اليخت.
وثمة أسئلة طرحت أيضا حول ما إذا كانت ثمة غرفة على متن اليخت قد جرى تخصيصها من أجل نقل المتفجرات.
وكانت حكومتا الدنمارك والسويد قد رجحتا أن يكون الانفجار بقوة ناجمة عن مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، في حين يتحدث خبراء آخرون عن الحاجة إلى ألفي كيلوغرام.
ولم تخف مصادر ألمانية وجود ما يشبه "الحلقة المفقودة" أمام فهم ما وقع في التفجير.