حوار|عضو المقاومة الإيرانية لـ"الأمصار": النظام قتل 120 ألف مناضل ثلثهم نساء
لا تزال الاحتجاجات المناهضة للنظام بإيران التي اشتعلت بوفاة الفتاة مهسا أميني مستمرة رغم انخفاض وتيرتها عن ذي قبل، ولكن شكلت أيقونة ثورية تعاطف معها العالم وأظهرت الوجه الحقيقي للشعب الإيراني الذي لطالما حاول النظام طمسه، ولذلك حاورت “الأمصار” حسين داعي الإسلام عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، حول الثورة الإيرانية وما وصلت إليه وإلى نص الحوار:
1- كيف تشكلت الانتفاضة الإيرانية في سبتمير 2022؟
ابتداءً من 16 سبتمبر 2022، اندلعت موجة جديدة من الاحتجاجات المناهضة للنظام بإيران بعد قتل فتاة کردیة مظلومة مهسا أمیني على يد دوریة الإرشاد وسرعان ما توسعت إلی جميع أرجاء إيران، وحتى كتابة هذا التقرير، استمرت لأكثر من 6 أشهر. انتشرت الانتفاضة في جميع محافظات البلاد بما في ذلك جميع الجامعات والمدارس الثانوية تقريبًا.
واستشهد حتى الآن أكثر من 750 من المتظاهرين نتيجة إطلاق النار من قبل قوات النظام القمعية وأصيب المئات واعتقل أكثر من 30 ألفاً، ونشرت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية حتى الآن أسماء 664 شهيداً من الشهداء الكرام للانتفاضة الوطنية للشعب الإيراني الذين استشهدوا على أيدي القوات القمعية للنظام الفاشي الديني الحاكم في إيران
وكانت الشعارات الرئيسية للمتظاهرين في الاحتجاجات المناهضة للنظام بإيران هي “الموت للديكتاتور”، و”الموت لخامنئي”، و”الموت للظالم سواء كان الشاه أو المرشد (خامنئي)”، “هذا العام هو عام الدم، سيسقط سيد علي (خامنئي)” و”نقاتل، نموت، سنستعيد إيران”.
2- كيف ترون دور المرأة في التظاهرات وهل أصبحت مهسا أميني نموذجاً يحتذى به؟
لعبت المرأة الإيرانية دورًا بارزًا خلال العقود الأربعة من حكم الملالي ضد قمع النظام وقوانينه المعادية للمرأة.
كان مقتل مهسا أميني على يد عملاء النظام القمعي بمثابة الشرارة التي انفجرت في برميل البارود.
السمة الرئيسية للفاشية الدينية الحاكمة في إيران هي القمع والكره الشديد للمرأة، ومن ناحية أخرى، لعبت النساء أيضًا دورًا كبيرًا في مقاومة هذا النظام.
في هذه الانتفاضة من الاحتجاجات المناهضة للنظام بإيران ، كان دور النساء والفتيات بارزًا جدًا، حيث أشارت السلطات ووسائل الإعلام مرارًا وتكرارًا إلى دور المرأة في قيادة وتوجيه الاحتجاجات في العديد من المدن.
هذا التحديد ليس ظاهرة حديثة أو غير مسبوقة وقد مر بعملية تطورية.
في العقود الأربعة عشر الماضية قتل هذا النظام 120 ألف مناضل أكثر من 90٪ منهم أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق.
حوالي ثلث هؤلاء الشهداء هم من الفتيات والنساء الأبطال، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ نضالات العالم. أعدم الملالي فتيات يبلغن من العمر 13 عامًا مثل فاطمة مصباح، إلى أمهات يبلغن من العمر 70 عامًا مثل الأم ذاكري.
الفتيات والنساء اللواتي بدأن الانتفاضة ووحدات المقاومة، اللواتي يلعبن حاليًا دورًا قياديًا في العديد من الانتفاضات، يشكلن استمرارًا لمسيرة هؤلاء الشهداء.
والآن داخل إيران، يتألف جزء كبير من وحدات المقاومة من نساء وفتيات شجاعات يقدمن تضحيات من أجل استمرار الانتفاضة.
اقتداءً بالسيدة مريم رجوي، تعلمت هؤلاء النساء أنهن قادرات على التغلب على أي عقبة من دون أي خوف أو شك.
3- هل تحولت المطالب الشعبية في إيران من القضايا الاقتصادية إلى الزوايا السياسية والاجتماعية في ظل حكم نظام لولاية الفقيه؟
قبل الاحتجاجات المناهضة للنظام بإيران الأخيرة، كان لمطالب الشعب مظهر اقتصادي إلى حد كبير.
حتى انتفاضة نوفمبر عام 2019 تشكلت أساسًا حول قضية زيادة سعر البنزين، وخلال هذه السنوات كانت العديد من الاحتجاجات والمظاهرات من مختلف النقابات العمالية، من العمال إلى المعلمين وأولئك الذين تعرضوا للنهب والاحتجاج والاحتجاج على طلباتهم النقابية، تتعلق بالقضايا الاقتصادية.
لكن عدم التجاوب مع هذه المطالب من جهة وقمعها وتركيز هذه الضغوط في سنوات حكم الملالي تسبب في تفاقم الضغوط ووصل وضع المجتمع الى حالة متفجرة.
هذه المرة، منذ بداية الانتفاضة، كان شعار الشعب موجهاً ضد خامنئي وهم يهتفون بإسقاط النظام.
4- ما هي وظيفة وحدات المقاومة ودورها في دعم التظاهرات وكسر أجواء الاختناق؟
بادئ ذي بدء، يجب أن أذكر أنه في هذه الانتفاضة، أثبتت استراتيجية مجاهدي خلق للإطاحة بنظام الملالي أنها تعمل.
وأهم ما تقوم عليه هذه الاستراتيجية هو أولاً أن هذا النظام غير قابل للإصلاح ولا يتغير من الداخل ولا يصبح معتدلاً أو إصلاحياً، والشعب الإيراني قال نفس الشيء خلال الانتفاضة أن هذا النظام يجب أن يُسقط. .
الأساس الثاني هو أن الملالي الذين يحكمون إيران لا يرحلون بلغة لطيفة ويستمرون في القمع والقتل بقدر ما يستطيعون. كما أنهم لا يتوقفون أبدا عن التدخل في دول المنطقة.
لذلك فإن السبيل الوحيد لمواجهة هذا النظام هو المقاومة، وبالتالي يجب على العالم أن يعترف بحق الشعب الإيراني في المقاومة وإسقاط النظام.
الفرضية الثالثة هي أن إسقاط النظام يتطلب قوة منظمة على الأرض مستعدة للتضحية ودفع الثمن.
تسير الانتفاضة الحالية في إيران في نفس الاتجاه، وتلعب فيها منظمة مجاهدي خلق ووحدات المقاومة والشبكات السرية الدور الأكبر فيها.
دور وحدات المقاومة هو كسر أجواء الاختناق وتوجيه الاحتجاجات نحو الانتفاضة واستمرار الانتفاضات لإسقاط النظام.
أعلنت الهيئة الاجتماعية لمجاهدي خلق في البلاد أنه في الأيام المائة الأولى من الانتفاضة، تم تنفيذ أكثر من 1500 عملية لكسر أجواء الاختناق الحكومية في 282 مدينة في البلاد، وتم إحراق العديد من المراكز الحكومية وصور الرموز الحكومية. وأغلقت طرق إمداد العدو.
كما قامت مراكز الثوار بأكثر من 4000 نشاط آخر لكسر جو الاختناق.
وقد دفعت هذه المراكز ثمناً باهظاً بالدم والأرواح لاستمرار الانتفاضة في المعركة مع حرس الملالي والباسيج والمخابرات والشرطة وعملاءهم باللباس الشخصي، وواجهوا بشجاعة جميع أنواع الرصاص والسواطير والسكاكين وقدموا المئات من الجرحى والآلاف من الاعتقالات على درب النضال.
لذلك، باختصار، دورهم الأساسي هو مواصلة الانتفاضة وتنظيمها وقيادتها وتوجيهها في اتجاه الإطاحة النظام.
5- كيف ترون نظرة الحكومات الغربية للثورة الإيرانية وما هي الإجراءات اللازمة لها لدعم الثورة؟
لسوء الحظ، سمحت فترة استرضاء الغرب الطويلة مع النظام الإيراني له بإساءة استخدام الأسواق والشركات والصناعات والصحافة والمؤسسات الفكرية وحتى الجامعات لأغراضه الإرهابية وإثارة الحروب واضطهاد الشعب، وخلق جماعات ضغط قوية في الدول الغربية التي كانت تعمل على دعم هذا النظام وشيطنة مجاهدي خلق.
وخلال العقود الأربعة عشر الماضية، كان للمقاومة الإيرانية نشاط واسع للغاية على المستوى الدولي لفضح انتهاكات النظام لحقوق الإنسان والمشاريع الصاروخية والنووية، وكشف تورط الملالي في تصدير الإرهاب وإثارة الحروب في المنطقة من أجل عرقلة سياسة الاسترضاء مع النظام قدر الإمكان.
أظهرت الانتفاضة الحالية في إيران للناس أن كل الدعاية التي كانت تدعيها جماعات لوبي النظام في الغرب كانت كذبة.
قالوا إن هذا النظام قوي ولن يسقط ويحظى بتأييد الشعب. لكن العالم كله أدرك الآن أن هذا النظام ضعيف وعلى وشك الإطاحة به. وهذه ضربة لسياسة الاسترضاء مع النظام تقيد أيدي المهادنين ومتبعي سياسة الاسترضاء في المساومة وتقديم التنازلات للنظام، لكن هذا لا يكفي.
إذا كانت الدول الغربية ودول المنطقة تريد السلام والأمن والتقدم والتحرر من الإرهاب والتطرف في هذه المنطقة من العالم، فعليها أن تتبنى سياسة حاسمة ضد النظام وتدعم رغبة الشعب الإيراني في إسقاط هذا النظام على يد المقاومة والشعب الايراني، والاعتراف بحق الشعب الإيراني في مقاومة هذا النظام وإسقاطه. هذا هو مطلبنا من المجتمع العالمي.
من الخطأ التفاوض وعقد الصفقات مع هذا النظام على أمل أن يتوقف الملالي عن شن الحرب في المنطقة وإطلاق الصواريخ على دول المنطقة والتدخل في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين.
أي نوع من الأمل في أن يتوقف هذا النظام عن التآمر على دول المنطقة وتصدير الإرهاب إلى هذه الدول هو أمر ساذج ولن يمنح هذا النظام سوى فرصة وكسب الوقت لفعل المزيد من الأعمال الإرهابية.
6- ما أبرز التحديات التي تواجه الانتفاضة الإيرانية الآن؟
الانتفاضة الحالية لها محركان، المحرك الأول هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحرج في إيران. تزعم سلطات هذا النظام أن أكثر من 80٪ من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر.
هذا نتاج أربعة عشر عقداً من الحكم المليء بالنهب والفساد من الملالي. ونتيجة لذلك، أصبحت إيران برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة.
المحرك الثاني هو وجود قوة معارضة منظمة داخل إيران وخارجها تتجلى في مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وشبكة قواتهم داخل وخارج البلاد.
ولأن الملالي لا يستطيعون إيقاف المحرك الأول وليس لديهم القدرة على حل مشاكل إيران، لذلك كل ما يحاولون فعله هو إيقاف المحرك الثاني، أي قمع والقضاء على مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية ووحدات المقاومة.
ولهذا، داخل إيران وخارجها، ينشغلون في شيطنة هذه المقاومة والكذب حولها.
كما يعلنون أنه إذا سقط هذا النظام ستصبح إيران مثل سوريا لتخويف الناس أو يقولون إن إيران ستتفكك. كل هذه دعاية من الملالي والناس يجيبون على هذه الأكاذيب في شعاراتهم في التظاهرات.
في الآونة الأخيرة، تحاول بعض الأوساط الاستعمارية بتعاون مع النظام تقديم فلول ديكتاتورية الشاه السابق وابن الشاه المخلوع للواجهة بهدف حرف مسار الانتفاضة الحالية في إيران، والتي تطالب بإسقاط الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية.
هذا لا يخدم إلا بقاء نظام الملالي ويزرع العراقيل في طريق استمرار انتفاضة الشعب.
ومن الشعارات المهمة للشعب في التظاهرات والاحتجاجات في الداخل والخارج "الموت للظالم سواء كان الشاه أو المرشد خامنئي".
7- كيف تنظر إلى عمليات إعدام سجناء شاركوا في الانتفاضة؟
خوفًا من انتشار الانتفاضات الشعبية وبهدف خلق جو من الرعب، تحولت الفاشية الدينية الحاكمة في إيران إلى زيادة الإعدامات الوحشية والمجرمة، بالتوازي مع تعيين رئيسي في منصب الرئاسة والجلاد إيجي إي على رأس القضاء.
حتى الآن، تم إعدام 4 شبان من أجل إرهاب المنتفضين.
إضافة إلى أن آلة إعدام وقتل الفاشية الدينية الحاكمة في إيران قد تصاعدت لدرجة أنها لم تتوقف حتى أثناء خطاب وزير خارجيتها في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وخلال الأيام الثمانية الأخيرة من شهر فبراير فقط، تم إعدام 18 سجينًا. هذا النظام غير قادر على الاستمرار في الحكم ليوم واحد دون تعذيب وإعدام.
يعتقد خامنئي أنه من خلال زيادة عمليات الإعدام وتكثيف القمع، يمكنه منع بركان غضب الشعب الإيراني، لكن الإعدام والقمع فقدا فعاليتهما. وهي عمليات تثير غضب الناس وقريباً سنشهد انتفاضات أكثر عنفاً من الانتفاضة الحالية.