العلاقات المصرية السعودية.. تاريخ طويل وشراكة استراتيجية لاستقرار المنطقة
تعد العلاقات المصرية السعودية ركيزة أساسية من ركائز العمل العربي المشترك، وشهد البلدان تطورًا ملحوظًا مع زيادة التعاون الاستراتيجي والتنسيق، وارتقاء العلاقات الثنائية إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية.
ومنذ نشأة العلاقات المصرية السعودية؛ أصبح التنسيق بين البلدين حجر الأساس في حماية الأمن القومي العربي، وشكل البلدان قاطرة الاعتدال والتحديث في المنطقة.
العلاقات الثنائية وآفاق التعاون
زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السعودية زيارة سريعة، حيث التقى مع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية رئيس مجلس الوزراء.
وأكد محللون أنها تصب في صالح تعزيز العلاقات بين البلدين وتعمل على تقوية أواصر العمل العربي المشترك.
تأتي الزيارة التي قبيل انعقاد مرتقب للقمة العربية المقررة في مايو/أيار المقبل ستسهم في وضع رؤية مشتركة لحل القضايا العربية وترميم العلاقات العربية.
وتستضيف السعودية القمة العربية الثانية والثلاثين في 19 مايو/أيار المقبل، حيث تعد القمة الثانية التي ستجمع القادة العرب خلال 6 أشهر، بعد قمة الجزائر التي عقدت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
واستعرض الرئيس المصري وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، العلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية بين البلدين الشقيقين وآفاق التعاون وسبل تعزيزه.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية فإنه "جرى خلال اللقاء الأخوي، استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون المشترك وسبل تعزيزه وتطويره في مختلف المجالات، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها، بالإضافة إلى بحث مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك".
من جانبها، قالت الرئاسة المصرية إن "الزعيمين أشادا بالعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التي تربط بين البلدين الشقيقين على جميع المستويات"، مشيرين إلى "أهمية الزيارة في مواصلة تطوير هذه العلاقات الأخوية".
وأكدا "الحرص المتبادل على تعزيز التعاون المشترك في جميع المجالات بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، بالإضافة إلى مواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية".
وبالتزامن مع الزيارة، تصدر وسم "مصر _ والسعودية _ واحد " منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية، احتفاء بالعلاقات بين البلدين.
كما أشادت صحف مصرية وسعودية بقوة العلاقات بين البلدين، مشيرة إلى ما يتمتعان به من ثقل وتأثير على كافة الأصعدة ما يعزز من مستوى وحرص البلدين على التشاور السياسي والتنسيق المستمر بينهما لبحث مجمل القضايا الدولية والإقليمية والدولية في مواجهة التحديات المشتركة.
لقاءات متبادلة
بلغت العلاقات المصرية السعودية أوجها في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث تعددت الزيارات المتبادلة بين الجانبين.
وفي يوليو 2015 على سبيل المثال، صدر إعلان القاهرة في ختام مباحثات الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، وتضمن تأكيد مصر والسعودية على تطوير التعاون العسكرى والتكامل الاقتصادى والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
وأبرم البلدان - في عهد الرئيس السيسي والملك سلمان - عدداً من الاتفاقات المهمة..ففي عام 2016، وقع الرئيس السيسي والملك سلمان بقصر عابدين، 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين.
كما وقع البلدان - بعد ذلك - اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية التعاون الجمركي بين مصر والسعودية، واتفاقية بشأن استثمارات صندوق الاستثمارات العامة السعودي في مصر.
وشمل التنسيق والتعاون بين البلدين مختلف المجالات من الشئون السياسية إلى الاقتصادية، وهو التعاون الذي عزز حالة الشراكة الكبيرة القائمة أصلاً بين البلدين، وهو ما ظهر واضحاً في التبادل الاقتصادي الكبير بين البلدين، حيث تشير إحصاءات لوزارة التجارة والصناعة المصرية إلى أن السعودية تعد أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط.. فقد قفز حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2021 مسجلا 4.3 مليار دولار مقابل 3.2 مليار دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 34%، فيما تتصدر المملكة، الدول العربية المستثمرة في مصر.
وهناك زيارات متبادلة ومتعددة بين البلدين:
زار الرئيس السيسي في يوليو 2022، السعودية للمشاركة في "قمة جدة للأمن والتنمية"، بمشاركة قادة العراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مشاركة السيسي مميزة ومهمة، حيث حملت كلمتها خطوطا عريضة لاستقرار الأمة بكاملها.
وعقد الرئيس خلال تلك الزيارة عددا من اللقاءات الثنائية لبحث سبل تعزيز الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، وكذلك مزيد من التنسيق للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
استبق الزيارتين زيارة قام بها ولى العهد السعودي لمصر، في يونيو 2022، حيث استقبله الرئيس السيسي، وبحث الجانبان مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها فضلًا عن التباحث حول القضايا السياسية الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتم خلالها توقيع 14اتفاقية بقيمة استثمارات تتجاوز 29 مليار ريال.
وصدر بيان مشترك في ختام الزيارة، حيث أكد الجانبان على وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما أكدا عزمهما على تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعي إلى بلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين الشقيقين أمنهما واستقرارهما.
وزار الرئيس السيسي - فى مارس من العام الماضي، العاصمة السعودية الرياض، حيث أكد قادة البلدين ما تتسم به العلاقات المصرية السعودية من تميز وخصوصية، وأشاد الملك سلمان بدور مصر المحوري في المنطقة العربية، وجهودها الحثيثة لمساندة ودعم الدول العربية والخليجية، كركيزة أساسية لصون الأمن والاستقرار بالمنطقة، كما بحث الجانبان سبل تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التي تشهدها بعض دول المنطقة.
التبادل التجاري
تعد مصر أكبر شريك تجاري عربي للمملكة، فهي الشريك السابع في جانب الصادرات، والتاسع في جانب الواردات على مستوى دول العالم، كما تبوأت مصر المرتبة الثانية في قائمة كبرى الدول التي تم إصدار رخص استثمارية لها بالسعودية عام 2020 بإجمالي 160 رخصة استثمارية.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، اليوم الاثنين، ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر والسعودية لتصل إلى 10.3 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 9.1 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 13.5%.
وقال الجهاز، إن قيمة الصادرات المصرية للسعودية سجلت 2.5 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 2.2 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 11.2%.
وبلغت قيمة الواردات المصرية من السعودية 7.8 مليار دولار خلال عام 2022، مقابل 6.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 14.3%.
وشملت أهم مجموعات سلعية صدرتها مصر إلى السعودية خلال عام 2022، نحاس ومصنوعاته بقيمة 246 مليون دولار، وفواكه بقيمة 227 مليون دولار، ووقود وزيوت معدنية بقيمة 215 مليون دولار، وحديد صلب بقيمة 201 مليون دولار، وآلات وأجهزة كهربائية بقيمة 167 مليون دولار.
وتضمنت أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من السعودية خلال عام 2022، وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة 4.9 مليار دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 1.8 مليار دولار، ومنتجات كيميائية عضوية بقيمة 272 مليون دولار، وألمنيوم ومصنوعاته بقيمة 175مليون دولار، وورق بقيمة 109 ملايين دولار.
وسجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالسعودية 11.2 مليار دولار خلال العام المالي 2020 - 2021 مقابل 9.6 مليار دولار خلال العام المالي 2019 - 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 17%، بينما بلغت قيمة تحويلات السعوديين العاملين في مصر 18.5 مليون دولار خلال العام المالي 2020 - 2021 مقابل 17.6 مليون دولار خلال العام المالي 2019 - 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 4.9%.
وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في مصر 491.6 مليون دولار خلال العام المالي 2021 - 2022، مقابل 325.3 مليون دولار خلال العام المالي 2020 - 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 51.1%.
وسجل عدد سكان مصر 104.5 مليون نسمة عام 2022، بينما سجل عدد سكان السعودية 35.9 مليون نسمة عام 2022.
وبلغ عدد المصريين المتواجدين بدولة السعودية طبقاً لتقديرات البعثة 4.4 مليون مصري حتى نهاية 2021.