مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تفاصيل الانتخابات النيابية والرئاسية في تركيا

نشر
الأمصار

بدأ العد العكسي للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في تركيا يوم 14 مايو المقبل، وهي التي وصفها كثيرون بـ«الأصعب»، وقال عنها الرئيس رجب طيب إردوغان إنها تجرى على «حد السكين» إردوغان، يواجه في الواقع تحدياً قوياً في هذه الانتخابات التي تجرى في ظروف مختلفة وربما غير مسبوقة، وسط أزمة اقتصادية لم تنفع معها الحلول المختلفة التي جربتها الحكومة على مدى السنوات الخمس الأخيرة.

كما أنها تأتي أيضاً بعد كارثة زلزالي 6 فبراير، المدمّرين التي فرضت نفسها على أجندة الأحزاب المختلفة كونها الأكبر على مدى قرن من الزمان، ويضاف إلى الاقتصاد وتداعيات الزلزالين، ظهور متغير جديد يتمثل في نجاح المعارضة التركية ببناء «جبهة» قوية ومتحدة، خلافاً لما كانت عليه في السابق، وهو الأمر الذي يضيف مزيداً من التعقيد على الانتخابات التي باتت حساباتها.

ووفقا لتقرير مفصل نشرته صحيفة الشرق الأوسط، فتلك هي المرة الأولى منذ نحو 21 سنة، تجؤى تلك الانتخابات خارج سيطرة إردوغان، وبالفعل، بدا البعد الاقتصادي واضحاً في البرنامج الانتخابي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي أطلقه إردوغان من أحد استادات العاصمة أنقرة، الثلاثاء الماضي، بحضور مرشحي الحزب للانتخابات البرلمانية وجمع من أنصاره، وفيه تعهد بخفض معدل التضخم البالغ حالياً 50.5 في المائة إلى خانة الآحاد، وتحقيق نمو بنسبة 5.5 في المائة.

تحدي سياسي جدّي

الرئيس التركي يدرك تماماً أنه يواجه تحدياً سياسياً جدياً قد يبعده عن الحكم بعد 21 سنة في السلطة، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع نسبة مؤيديه بسبب السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي أضعفت الليرة التركية وأدت إلى ارتفاع التضخم إلى أكثر من 85 في المائة في أكتوبر الماضي، محلقاً في أعلى مستوياته منذ ربع قرن تقريباً.

إلا أن إردوغان أبدى إصراراً على هذا النموذج القائم على الحرب على الفائدة التي يرى - خلافاً للنظريات الاقتصادية المتعارف عليها - أنها سبب للتضخم المرتفع، قائلاً: «سنواصل تنمية اقتصادنا من خلال الاستثمار، والتوظيف، والإنتاج، والصادرات، والفائض في الحساب الجاري. سنخفّض التضخم إلى رقم في خانة الآحاد، وسننقذ بلادنا بالتأكيد من هذه المشكلة».

برنامج المعارضة

في المقابل، كانت «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة التركية، التي انضوت ضمن تحالف «الأمة» قد كشفت عن برنامجها الانتخابي في يناير الماضي، واحتوى البرنامج الواقع في 240 صفحة أكثر من 2300 هدف، أبرزها العودة إلى النظام البرلماني بعد تعزيزه، وإنهاء النظام الرئاسي، وتقليص صلاحيات الرئيس عبر إلغاء المراسيم الرئاسية، واختيار رئيس وزراء ينتخبه البرلمان، وجعل منصب الرئيس شرفياً، وهنا، نذكر أن إردوغان لطالما استخدم المراسيم الرئاسية لإقالة كبار المسؤولين مثل رئيس البنك المركزي، وبين الأهداف الأخرى ضمان استقلالية البنك وتحصينه من تدخلات السلطة التنفيذية، والعودة إلى «اتفاقية إسطنبول» التي أقرّها «مجلس أوروبا» عام 2011 لمنع العنف ضد النساء والعنف الأسري ومكافحتهما، ولكن تركيا انسحبت منها العام الماضي.

المعارضة تعهدت أيضاً بإقرار دستور جديد يعزز الحريات، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، ويلغي القيود على الصحافة، ويلغي العتبة الانتخابية، ويفرض مرور مسألة إغلاق الأحزاب السياسية عبر البرلمان، ومن خلال المحكمة الدستورية. وفي خطوة رمزية، تعتزم المعارضة، في حال فوزها بالانتخابات، إعادة مقرّ الرئاسة إلى «قصر تشانكايا» التاريخي، الذي يعد رمزاً من رموز الجمهورية التركية الحديثة التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923، وتحويل «قصر بيشتبه» الذي شيده إردوغان على هضبة على أطراف أنقرة - وهو يضم أكثر من 1100 غرفة، وقد افتُتح مع فوزه بالرئاسة عام 2014 - إلى جامعة، أو توظيفه في أي غرض آخر.

قوائم الانتخابات

المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا أغلق، الأحد الماضي، باب الترشح للانتخابات البرلمانية التي تُقام بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في 14 مايو المقبل، ولقد قدمت التحالفات والأحزاب جميعها قوائم مرشحيها للانتخابات، إضافة إلى المرشحين المستقلين. وأُعلنت القائمة الأولية للمرشحين من جانب المجلس الأعلى للانتخابات، أمس الجمعة، بينما تعلن القائمة النهائية في 19 أبريل  بعد فحص المجلس الطعون على أسماء المرشحين.

هذا، ودفع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم بوزراء الحكومة جميعاً على قائمة مرشحيه، باستثناء وزيري الصحة فخر الدين كوجا، والثقافة والسياحة محمد نوري أرصوي، اللذين أحجما عن الترشح، فيما جرى ترشيح وزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير البيئة والتحول الحضري والتغير المناخي مراد كوروم في إسطنبول، ووزير العمل وداد بيلجين، ونائب الرئيس فؤاد أوكطاي في أنقرة، ووزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى فارانك في بورصة، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في أنطاليا، ووزير الدفاع خلوصي أكار في قيصري، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز في إسكيشهر.

وفي إزمير، رُشح وزير الشباب والرياضة محمد قصاب أوغلو، وفي عثمانية وزيرة الأسرة دريا يانيك، وفي أوردو وزير التربية والتعليم محمود أوزار، وفي شانلي أورفا وزير العدل بكير بوزداغ، وفي مرسين وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي، وفي قهرمان مرعش وزير الزراعة والغابات وحيد كريتشتجي، وفي صمسون وزير التجارة محمد موش، وفي طرابزون وزير النقل والاتصالات عادل قره إسماعيل أوغلو.

أما حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، فقدم قائمته المشتركة مع أحزاب «الديمقراطية والتقدم» و«المستقبل» و«السعادة» و«الديمقراطي»، التي تضمنت تخصيص أكثر من 6 دوائر للأحزاب الأربعة التي قررت خوض الانتخابات على قائمته ضمن تحالف «الأمة»، كما تضمنت القائمة مشاركة جزئية بين «الشعب الجمهوري» وحزب «الجيد» سادس أحزاب التحالف في بعض الولايات. ورشح التحالف كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، مرشحاً توافقياً للمعارضة للرئاسة.

وأُدرج مرشحو حزبي «هدى بار» و«اليسار الديمقراطي» على قائمة حزب «العدالة والتنمية»، في حين قدمت الأحزاب الأخرى ضمن تحالف «الشعب»، وهي «الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى» و«الرفاه» بقوائمها وشعاراتها الخاصة، وتدعم هذه الأحزاب الرئيس رجب طيب إردوغان في انتخابات الرئاسة.

يذكر أنه لم ينجح تحالف «الشعب» في الاتفاق على قائمة مشتركة أو على تقاسم الدوائر، وهو ما يقلص فرص الأحزاب المنضوية تحت مظلته في الفوز بعدد كبير من المقاعد بسبب التعديلات الأخيرة على قانون الانتخابات العام الماضي.

ممثل الأكراد

من جانب آخر، تحسباً لإغلاقه، قرر حزب «الشعوب الديمقراطية»، الذي يقود تحالف «العمل والحرية» المؤلف من أحزاب يسارية، خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على قائمة حزب «اليسار الأخضر»، في حين أعلن أنه لن يقدم مرشحاً للرئاسة، وسط مؤشرات على دعمه مرشح المعارضة للرئاسة كليتشدار أوغلو.

ويحظى «الشعوب الديمقراطية» - وهو ثالث أكبر الأحزاب بالبرلمان بعد «العدالة والتنمية» الحاكم و«الشعب الجمهوري» المعارض - بكتلة تصويتية تصل إلى نحو 13 في المائة من أصوات الناخبين، لا سيما في المناطق ذات الأغلبية الكردية بشرق وجنوب شرقي البلاد. ولقد قدم حزب «اليسار الأخضر» قائمة مرشحيه للانتخابات البرلمانية إلى المجلس الأعلى للانتخابات قبل إغلاق باب الترشح، الأحد، ووضع «الشعوب الديمقراطية» أسماء مرشحيه ضمن قائمته، إضافة إلى دخول أحزاب «تحالف العمل والحرية»، وهي أحزاب «العمال» التركي و«العمل» و«الحركة العمالية» و«الحرية الاجتماعية» و«اتحاد الجمعيات الاشتراكية» ضمن القائمة بشعاراتها وقوائمها.

وفي هذه الأثناء، قررت المحكمة الدستورية العليا إحالة ملف قضية إغلاق حزب «الشعوب الديمقراطية» إلى مقرّرها المختص لإعداد تقريره حول موضوع الدعوى التي طالب فيها مقيمها، المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا في أنقرة بكر شاهين بإغلاق الحزب، وحظر النشاط السياسي لأكثر من 500 من قادته وأعضائه البارزين. وذلك لاتهامه بأنه أصبح ذراعاً سياسية لحزب «العمال الكردستاني»، المصنّف تنظيماً إرهابياً، وبأنه بات يقع في مركز الأنشطة التي تستهدف وحدة البلاد مع شعبها.

سباق الرئاسة

أما عن انتخابات الرئاسة، فيخوضها 4 مرشحين هم إردوغان عن تحالف «الشعب»، وكمال كليتشدار أوغلو عن تحالف «الأمة»، وسنان أوغان عن تحالف «أتا»، ورئيس حزب «البلد» محرم إينجه.

ويواصل مرشحو الرئاسة تحركاتهم مع بدء العد العكسي للانتخابات... وسط نقاشات حول النظام الرئاسي، وتوالي استطلاعات الرأي التي تؤكد أن حظوظ كليتشدار أوغلو في الفوز برئاسة البلاد هي الأعلى، وأن المنافسة تنحصر بينه وبين إردوغان.