توتر في الأقصى.. انتهاكات إسرائيلية ومخاوف من التصعيد
تنذر أحداث التوتر المستمرة منذ أيام في المسجد الأقصى شرق مدينة القدس بتصعيد أكبر وأكثر شمولية بما قد يشمل مواجهة متعددة الجبهات، بحسب مراقبين فلسطينيين.
وبشكل لافت وغير مسبوق، تعرضت إسرائيل لإطلاق قذائف صاروخية من جنوب لبنان ثم من سوريا وكذلك من قطاع غزة في وقت تواصلت فيه عمليات إطلاق نار في الضفة الغربية خلفت قتلى وإصابات.
وجاء ذلك بعد أن شهد المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان صدامات ليلية على إثر اقتحامه من الشرطة الإسرائيلية لإخراج المصلين المعتكفين بداخله بدعوى أنهم يتسلحون بالحجارة والألعاب النارية.
وأظهرت مقاطع مصورة عناصر الشرطة المقنعين والمدججين بالأسلحة والهراوات وهي تعتدي على المصلين بالضرب وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت، ما أسفر عن إصابة واعتقال المئات وأثار انتقادات عربية ودولية.
على إثر ذلك، حذرت الرئاسة الفلسطينية، الحكومة الإسرائيلية من تجاوز “الخطوط الحمراء” في الأماكن المقدسة بما يهدد بـ “انفجار كبير وإشعال الحرائق في المنطقة”.
في المقابل، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل تعمل “للحفاظ على الأوضاع الراهنة وتهدئة الأجواء في المسجد الأقصى”، مؤكدا التزامها “بصون حرية العبادة والسماح بوصول أبناء جميع الأديان إلى الأماكن المقدسة بدون عوائق”.
رسائل متبادلة
ويحذر المراقبون، من أن تصعيد الاحتلال إجراءاته وممارساته في المسجد الأقصى، أحد المواقع الأكثر حساسية لدى المسلمين، يدفع الأوضاع الأمنية نحو الأسوأ ويهدد بردود فعل وهجمات من جبهات متعددة.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض إن إسرائيل “تفاجأت من وجود وحدة ساحات وتنسيق في العمل ضدها، ولجأت إلى ردود فعل محدودة تجنبا لفتح مواجهة مع عدة جبهات بشكل متزامن”.
ويرى عوض أن الاحتلال “يعيش أزمة داخلية جعلتها مرتبكة ومضطربة والقرار السياسي فيها غير موحد وغير منسجم وهو ما يفسر ردها المدروس الذي تضمن نوعا من احتواء الردود”.
ويعتقد أن الساحة مهيأة الأيام القادمة لتوتر أكبر رغم أن كافة الأطراف لا ترغب في الدخول بمواجهة واسعة النطاق، مشيرا إلى أن جبهتي الضفة الغربية وسوريا الأكثر توقعا بمزيد من التصعيد الميداني.
وكان المسجد الأقصى شهد خلال شهر رمضان عام 2021 صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومصلين فلسطينيين تصاعدت حدتها لتتحول إلى جولة قتال في قطاع غزة استمرت 11 يوما بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويعتبر المسجد عنوانا دائما للتوتر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومن ذلك “هبة النفق” التي اندلعت في العام 1996 احتجاجا على حفر وافتتاح إسرائيل للنفق الغربي أسفل الأقصى واستمرت ستة أشهر في عموم الأراضي الفلسطينية.
وفي العام 2000، فجرت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي عرفت باسم “انتفاضة الأقصى” واستمرت عدة أعوام.
حماس
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن «استمرار اعتداءات العدو الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وخاصة الإنتهاكات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى وأنها ستزيد جذوة المقاومة اشتعالًا داخل فلسطين وخارجها، بل ستفجر المنطقة في وجه الاحتلال».
وأضافت خلال بيان، أن الاحتلال وحده من يتحمل عواقب تصاعد جرائمه ويقصد الإنتهاكات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى.
وحييت حماس الأعمال البطولية للمقاومة في الضفة وغزة ومن لبنان، كما حييت حراك شعبنا وأمتنا في مختلف الساحات.
ودعت إلى المزيد من المقاومة، فالأقصى معركة الجميع، محذرةً العدو من الاستمرار في التمادي بالعدوان على شعبنا ومقدساته.
ردود فعل فلسطينية
وقبيل شهر رمضان، عقد اجتماعان في العقبة وشرم الشيخ بمشاركة ممثلين من الولايات المتحدة الأمريكية والأردن ومصر إلى جانب إسرائيل والسلطة الفلسطينية في محاولة لوقف التدهور الأمني في الأراضي الفلسطينية.
ويقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي لـ "شينخوا"، إن الهجمات الفلسطينية ليست وليدة اللحظة وإنما رد فعل على ممارسات السلطات الإسرائيلية في بلدات وقرى ومدن الضفة الغربية والقدس.
ويعتبر الشوبكي أن نتنياهو "يجد نفسه أمام معضلة جوهرية، فهو يقدم نفسه على أنه قادر على ترتيب الأوضاع على المستوى الإقليمي ليضمن الهدوء في ساحة غزة، أو الجنوب اللبناني لكنه يفاجأ بكثافة عمليات فلسطينية غير مدفوعة تنظيميا".
ويتفق الشوبكي مع سابقيه بأن المجتمع الإسرائيلي "غير مهيأ" لاستقبال حجم ردود الفعل على جبهات عدة في وقت واحد سواء في قطاع غزة أو جنوب لبنان أو سوريا، مشيرا إلى أن إسرائيل "تجني ما زرعته في الفترة الماضية وعليها وقف التصعيد".