رغم إعلان جدة.. أسرار استمرار المعارك بين الجيش السوداني والدعم السريع
تجددت اشتباكات بأسلحة ثقيلة وخفيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع “القوات شبه العسكرية” في العاصمة الخرطوم مما يفاقم معاناة السكان، رغم توقيع الطرفين “إعلان جدة” بالسعودية مساء الخميس.
وأبلغ شهود عيان بأن مناطق في مدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب) شهدت إطلاق نار كثيف ودوي انفجار، فيما استهدف طيران حربي تجمعات لـ”الدعم السريع”.
ومع استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع، يعيش سكان الخرطوم أوضاعا معيشية بالغة التعقيد بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وخدمة الإنترنت والمياه وشح المواد الغذائية.
وكشف المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية عن الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع، أن الموقف العملياتي مستقر في جميع ولايات البلاد عدا تدخل المليشيا المتمردة كطرف في الصراع القبلي في ولاية غرب دارفور وقيامها بقصف عدد من قري المواطنين مما تسبب في إزهاق عدد كبير من الأرواح وخسائر في الممتلكات .
تستمر عمليات القصف العشوائي للمتمردين على أجزاء من العاصمة ، بجانب إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم قسرا لاستخدامها في الأغراض الحربية بعدة أحياء في شرق النيل ووسط الخرطوم وبحري
، بجانب استمرار عمليات نهب الممتلكات العامة والخاصة وتخريب المرافق الخدمية .
في خرق فاضح لاتفاق جدة ، مازال المتمردون يستخدمون المواطنين كدروع بشرية ويتخذون من المساكن والمرافق العامة منصات للهجوم علي قواتنا، فقد ازدادت الإعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة ، حيث قاموا اليوم بنهب المنطقة الحرة في قري ونهب أكاديمية الدراسات الأمنية والاستراتيجية بسوبا.
مازالت المليشيا المتمردة تحتل (٢٢) مستشفى ومرفقا صحيا حولت معظمها لقواعد عسكرية في خرق غير مسبوق للقانون الدولي الإنساني وأعراف الحرب وأخلاقيات القتال.
نصبت قواتنا عدد من الكمائن لمجموعات من المليشيا المتمردة بوسط الخرطوم نتج عنها الاستيلاء على عدد من العربات المسلحة وأسلحة تركها المتمردون ولاذوا بالفرار.
وأوضح الجيش السوداني، أنه قامت عناصر من قوات الجيش السوداني بعملية تمشيط لمنطقة وسط السوق العربي وتم استرداد حافلة تتبع لشركة لولي كان المتمردون قد قاموا بسرقتها ، بجانب الاستيلاء على عدد من الأسلحة تركها المتمردون لدى هروبهم.
تم القبض والقضاء على عدد من قناصة الدعم السريع بمواقع متفرقة في بحري والخرطوم .
جاري رصد تحركات مجموعات مليشيا الدعم السريع المتمردة داخل العاصمة وحركة التعزيز القادمة من خارج الحدود من إتجاه الغرب إلى العاصمة .
تثمن القوات المسلحة السودانية وقفته الصلبة إلي جانبها ، وصبرهم الطويل علي الأوضاع غير الإنسانية التي تسبب بها المتمردون بانتهاكاتهم البشعة بحقهم والتي لا علاقة لهابقوانين الحرب ولا بأعراف وتقاليد السودانيين ولم تشهد لها بلادنا مثيلاً في تاريخها الطويل ، ونعدهم ببذل قصارى الجهد لوضع حد لهذه المليشيا المتمردة في أقرب وقت ، كما تشيد بقوافل الدعم الشعبي التي تنطلق كل يوم من مختلف مناطق البلاد تعبيراً عن تلاحم الشعب مع قواته المسلحة.
تجدد القوات المسلحة الدعوة لأفراد المليشيا المتمردة بعدم جدوى التمادي في مغامرة التمرد الخاسرة ، والإستفادة من عفو السيد القائد العام بالتبليغ لأقرب وحدة عسكرية بجميع أنحاء البلاد ، كما نشير لاستعداد القوات المسلحة بتسهيل ترحيل المرتزقة الأجانب منهم إلى بلادهم في حالة تسليمهم بسلام.
والخميس اتفق الجيش السوداني والدعم السريع على “إعلان جدة”، وهو يتضمن التزامات إنسانية تُنفذ وفرا وجدولة لمحادثات مباشرة جديدة مستمرة في السعودية على أمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ومن بين تلك الالتزامات: تمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والسماح بدفن الموتى.
وأودت الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بحياة 530 مدنيا وأصابت ألفين و948 وفقا لنقابة أطباء السودان السبت، فيما شردت مئات الآلاف داخل البلاد ولجأ نحو 200 ألف آخرين إلى دول مجاورة، بحسب الأمم المتحدة الجمعة.
ومنذ 15 أبريل/ نسان الماضي، اندلعت في عدد من مدن السودان اشتباكات واسعة بين الجيش، بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات “الدعم السريع” بقيادة نائب رئيس المجلس محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وبين القائدين خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش، وهو بند رئيسي في اتفاق مأمول لنقل السلطة في المرحلة الانتقالية إلى المدنيين، بعد أن فرض البرهان، حين كان متحالفا مع حميدتي، إجراءات استثنائية في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 أبرزها حل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ.
واعتبر الرافضون تلك الإجراءات “انقلابا عسكريا”، بينما قال البرهان إنها تهدف إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، وتعهد بتسليم السلطة إلى المدنيين عبر انتخابات أو توافق وطني.