مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

العلاقات السعودية - الروسية تاريخ من الأسس والمبادئ الثابتة

نشر
الأمصار

عرفت العلاقات الروسية السعودية في الآونة الأخيرة تطورا لافتا حيث تكررت المكالمات الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقيادة السعودية على رأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للحديث عن العديد من الملفات خاصة تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري.

وزار وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف المملكة العربية السعودية في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، وأجرى محادثات مع نظيره بالمملكة.

وبحث وزير الداخلية الروسي، مع نظيره السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود عدد من الملفات الأمنية وذلك بعد أيام من إلقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خطابا أمام قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في مدينة جدة السعودية، الجمعة فيما تتطلع المملكة وفق مراقبين للعب دور وساطة بين كييف وموسكو في خضم جهود لدفع الدبلوماسية السعودية نحو الإشعاع العالمي.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن ولوكولتسيف بحث مع الأمير عبدالعزيز "سبل تعزيز مسارات التعاون الأمني بين وزارتي الداخلية في البلدين، إلى جانب بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك".

ولم تعلن وسائل الإعلام الروسية حتى الساعة عن توجه كولوكولتسيف إلى السعودية، أو أي تفاصيل إضافية بشأن جدول زيارته لكن لا يمكن فصل الزيارة عن جهود محتملة من قبل الرياض للعب دور وساطة بين أوكرانيا وروسيا للعلاقة المتميزة التي تتمتع بها المملكة مع قيادة البلدين.

العلاقات السعودية الروسية

الزيارات المتبادلة أعطت دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن تجدّد عهدها في 17 سبتمبر 1990.

وشهدت العلاقات السعودية الروسية منذ عام 1926 تطورًا ملحوظًا جعلها تسير في تناسب طردي عبّر عنه حجم الزيارات المتبادلة بين قيادات وكبار المسؤولين في البلدين التي كانت ذات أثر إيجابي في دفع العلاقات إلى المزيد من التعاون المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية وغيرها.

وأعطت الزيارات المتبادلة دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين، بعد أن تجدّد عهدها في 17 سبتمبر/أيلول 1990 عبر صدور بيان مشترك أعلن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما على أسس ومبادئ ثابتة.

يأتي ذلك فيما يتواصل التفاهم المشترك بين السعودية وروسيا ويتطور إلى مراحل متقدمة دعمتها الشراكة الدولية التي جمعتهما في مجموعة العشرين؛ إذ حرص البلدان على استثمارها في إجراء المزيد من التشاور نحو الارتقاء بالعلاقات المتبادلة.

واستمرارًا للتشاور بين البلدين، تلقى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 13 يونيو/حزيران 2017 اتصالاً هاتفياً من بوتين، جرى خلاله تناول العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين وفرص تطويرها في جميع المجالات، وبحث الأوضاع في المنطقة والتعاون المشترك لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب سعياً لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

واستطاع البلدان تقريب وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة من خلال تفهم ظروف كل قضية، وموقف كل بلد تجاهها.

وفي 29 سبتمبر/أيلول 2016، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لبلدان الشرق الأوسط ودول أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوجدانوف، متانة العلاقة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتأكيدًا على الحرص المتبادل بين البلدين على التنسيق المستمر حول الموضوعات التي تهمهما والأوضاع في المنطقة، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 10 سبتمبر/أيلول 2017 بمكتبه بقصر السلام في جدة، وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف الذي نقل للملك تحيات بوتين.

وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 2017 بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود زيارة دولة لروسيا الاتحادية؛ استجابة للدعوة المقدمة من بوتين.

وعبر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته بزيارة روسيا الاتحادية، وعن تطلعه لأن تحقق هذه الزيارة ما يطمح له البلدان من تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير التعاون المشترك لما فيه خير وصالح البلدين والشعبين الصديقين وخدمة الأمن والسلم الدوليين.

وشهد الملك سلمان بن عبد العزيز وبوتين مراسم تبادل اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج التعاون الموقعة بين حكومتي السعودية وروسيا.

واستقبل خادم الحرمين الشريفين في مقر إقامته بالعاصمة الروسية موسكو وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، واستعرض معه مجالات التعاون العسكري بين المملكة وروسيا، كما استقبل أعضاء مجلس الأعمال السعودي الروسي.

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017 عقد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود جلسة مباحثات مع رئيس وزراء الروسي ديميتري ميدفيديف.

وألقى خادم الحرمين الشريفين كلمة قال فيها: "نحن عازمون على الدفع بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب، وفي هذا الإطار نود الإشادة بالمباحثات المثمرة مع الرئيس فلاديمير بوتين، التي تم فيها الاتفاق على تعزيز التعاون بين بلدينا في شتى المجالات".

وأضاف: "تعيش السعودية مرحلة تاريخية ومفصلية من التطور الشامل، وقد ترجمت هذه المرحلة في رؤيتها 2030، ونتطلع إلى مشاركة دولتكم الصديقة في التعاون لتنفيذ برامج هذه الرؤية بما يخدم مصالحنا المشتركة".

وقد شهدت الزيارة تسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، خلال تشريفه حفل جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية بهذه المناسبة.

كما استقبل خادم الحرمين الشريفين، خلال زيارته، المفتي الأعلى رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا الشيخ طلعت تاج الدين، يرافقه عدد من أبرز الشخصيات الإسلامية في روسيا.

وأكد خادم الحرمين الشريفين، خلال الاستقبال، أهمية العمل على التواصل والحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة لتعزيز مبادئ التسامح، ومكافحة الغلو والتطرف، وتحقيق الأمن والسلم الدوليين.

وعند زيارة بوتين للسعودية في فبراير/شباط 2007، التقى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (عندما كان أميرًا للرياض) عشية جولته في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء.

وخرجت زيارة الرئيس الروسي للمملكة بتوطيد أكثر للسعودية الثنائية بين البلدين، بعد أن أثمر عنها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادية وثقافية وإعلامية وفي مجال خدمات النقل الجوي.

وأكدت الأحداث الدولية حرص السعودية وروسيا على تعزيز العلاقات القائمة بينهما على مبدأ احترام القوانين الدولية والسيادة، علاوة على تطابق وجهات النظر الثنائية تجاه العديد من الملفات المعقدة على المستويين الإقليمي والدولي.

واهتم البلدان في العديد من المناسبات الثنائية والدولية بتبادل الآراء حول أزمات سوق النفط العالمي، مثلما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في الصين 2016 التي شاركت فيها السعودية بوفد رأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

وأكدت السعودية وروسيا في اجتماع ثنائي على هامش القمة أهمية التعاون المشترك أو بالتعاون مع منتجين آخرين؛ لبحث أوضاع السوق النفطي من خلال تشكيل فريق عمل مشترك لمراقبة ومراجعة أساسيات سوق النفط، وتقديم توصيات بالتدابير والإجراءات المشتركة التي تؤمِّن استقرار أسعاره وتجعلها قابلة للاستشراف، وأثمر هذا التفاهم في تطور التعاون بين منظمة "أوبك" وروسيا بشكل متسارع.

وزاد التقارب السعودي الروسي خلال عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ تحقيقا لمصلحة البلدين المشتركة وأمن المنطقة، فبناء على توجيهه واستجابة لدعوة الحكومة الروسية زار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع روسيا في 18 يونيو/حزيران 2015.

والتقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في مقر إقامته بسان بطرسبيرج، عددا من المسؤولين الروس، منهم: رئيس مجلس الأعمال الروسي السعودي فلاديمير يفتو شكوف، والرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميتروف، ورئيس شورى المفتين لروسيا، ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية الشيخ راوي عين الدين، وبحث معهم آفاق التعاون بين المملكة وروسيا في مختلف المجالات.

وخلال الزيارة جرى توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين المملكة وروسيا تختص بالمجالات العسكرية المختلفة، وإعداد برنامج تنفيذي لتنفيذ اتفاقية التعاون البترولي، والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإسكان، ومذكرة النوايا المشتركة في مجال الفضاء.

وفي إطار التواصل بين البلدين، التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس وفد المملكة في قمة دول مجموعة العشرين التي عقدت في مدينة هانجتشو الصينية عام 2016، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي 30 مايو/أيار 2017، زار الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز روسيا؛ استجابة للدعوة المقدمة من بوتين، وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ لبحث العلاقات الثنائية وتعزيز أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

يذكر أن متانة العلاقات السياسية بين السعودية وروسيا تجسدت منذ قديم الأزل، وعبرت عن هذه المتانة الزيارات والاتصالات المستمرة بين قيادتي البلدين على مر السنين من أجل دعم العلاقات الثنائية في جميع المجالات، وقد رصد التاريخ أول زيارة سعودية رسمية إلى روسيا عام 1932 للملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود الذي زارها بتوجيه من الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حينما كان نائبًا له في الحجاز.

كما زارها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في شهر سبتمبر/أيلول في 2003 عندما كان ولياً للعهد، وأسفرت زيارته عن التوقيع على اتفاقية تعاون في قطاع النفط والغاز، ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى.

وزار روسيا كذلك الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود في 20 نوفمبر/أكتوبر 2007، وأثمرت الزيارة عن زيادة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وزيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل، في حين أسفرت زيارات الأمير سعود الفيصل إلى روسيا عن الكثير من النتائج الإيجابية في تعزيز التنسيق بين البلدين تجاه العديد من القضايا، بالإضافة إلى دعم العلاقات الثنائية.

وخاضت السعودية تجربة تعاون جديدة مع روسيا بخلاف التعاون السياسي والاقتصادي، حيث وجهت بوصلة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي إلى أعرق الجامعات الروسية المعروفة في العالم يدرسون بتخصصات علمية وطبية دقيقة بإشراف سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى روسيا ممثلة في الملحقية الثقافية من أجل متابعة مسيرتهم الدراسية، وتلمس احتياجاتهم حتى يعودوا إلى أرض الوطن متسلحين بالعلم والمعرفة.