السعودية والعراق.. فصل جديد من تاريخ مشترك وعلاقات أخوية
ينطلق مجلس التنسيق السعودي العراقي غدا الخميس في الرياض، ويترأسه من الجانب السعودي، وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، فيما سيرأسه الجانب العراقي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم، وسيشارك في الاجتماعات أعضاء المجلس من الجانبين السعودي والعراقي ورؤساء اللجان الفرعية المنبثقة عنه.
اجتماع الدورة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي العراقي
ويهدف المجلس، الذي أقره مجلس الوزراء السعودي، منتصف أغسطس الماضي عام 2017، إلى تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الاستراتيجي، وتعميق الثقة السياسية المتبادلة، وفتح آفاق جديدة من التعاون في مختلف المجالات، منها: الاقتصادية والتنموية والأمنية والاستثمارية والسياحية والثقافية والإعلامية، وتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة، وحماية المصالح المشتركة، وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدَيْن، وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية، وتبني الوسائل الفاعلة التي تساهم في مساعدتهم على استغلالها.
ويشجع هذا المجلس على تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجهات المعنية، من خلال العمل على نقل وتشجيع التقنية، والتعاون في مجال البحث العلمي، وتبادل الزيارات، والمشاركة في البرامج التدريبية، وتنمية المناطق الحدودية للعراق مع السعودية، والاستفادة من المدن الاقتصادية المتاحة، لتكون مصدرًا زراعيًّا وصناعيًّا رئيسيًّا للعراق، وتنعم بالاستقرار لتوطينها، وتكون بيئة جاذبة للقطاع الخاص والمستثمرين.
تستضيف مدينة جدة غدا الخميس اجتماع الدورة الخامسة لمجلس التنسيق السعودي العراقي لمناقشة خطة العمل المشتركة للجان الفرعية المنبثقة عنه في مختلف مجالات التعاون الثنائي بين السعودية والعراق، ودعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات المختلفة.
كما سيعقد على هامش الدورة لمجلس التنسيق، اجتماع مجلس الأعمال المشترك بين البلدين، والملتقى الاقتصادي السعودي العراقي، بحضور عددٍ من رجال الأعمال في البلدين .
العلاقات السعودية العراقية
العلاقات السعودية العراقية كبيرة فلدى العراق سفارة في مدينة الرياض كذلك السعودية لديها سفارة في مدينة بغداد.
حرب الخليج الأولى
علاقة السعودية والعراق كانت ممتازة و قوية جدا. فبعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران حاولت إيران عام 1980، تصدير الثورة الإسلامية للعراق، والسعودية مما أدى إلى حرب الخليج الأولى حيث قام العراق بصد الثورة الإسلامية عسكريا ودعمتها السعودية بقوة.
وقد قامت السعودية بتسديد ديون العراق ومد أنابيب النفط العراقي عبر أراضيها واستثمرت في العراق، وأعطت العراق أسلحة ودبابات. وسبّب هذا الدعم القوي للسعودية الكثير من الحوادث جميعها كانت من قبل ايران أو الشيعه الموالين لايران في دول الخليج أهم هذه الأحداث المحاولة الفاشلة لقصف السعودية من قبل ايران عام 1984، وقتل 400 حاج عام 1987م.، و تفجيرات مكة عام 1989، ومحاولة اغتيال الدبلوماسي السعودي عبد الرحمن الشريوي في تركيا ، ومحاولة اغتيال لاعبين المنتخب السعودي في الكويت عام 1990، في بطولة الخليج العاشرة ، وتفجير سفارة السعودية في بيروت.
في عام 1994، طلب الدبلوماسي السعودي محمد الخليوي من الولايات المتحدة اللجوء السياسي واحضر معه مستندات تثبت دعم المملكة العربية السعودية لبرنامج العراق النووي أثناء نظام صدام حسين في العراق، وقيام صدام حسين بنقل بعض الاسلحة النووية إلى المملكة العربية السعودية. لكن لم يتم تأكيد مزاعم الدبلوماسي محمد الخليوي من قبل أي مصدر آخر. وقد ذكر مسؤولون أمريكيون أن ليس لديهم أي دليل على مساعدة المملكة العربية السعودية لبرنامج العراق النووي، ونفى مسؤولون سعوديون مزاعم محمد الخليوي.
تدهور العلاقات الثنائية
في عام 1990م اتهم صدام حسين الكويت بسرقة النفط عبر الحفر بطريقة مائلة. طالبت السعودية صدام حسين بالتراجع وسحب القوات العراقية من الأراضي الكويتية لكن تم الرفض من قبل صدام حسين مما جعل السعودية ترسل 150 الف جندي وتفتح حدودوها لقوات التحالف المكونة من 34 دولة. قرر صدام حسين قصف الاراضي السعودية باسلحة كيميائية و صواريخ سكود. دمرت السعودية صواريخ سكود في الجو عن طريق صواريخ باتريوت وكانت الخسائر قتل 26 شخص و دمار في الرياض والظهران.
بعد حرب الخليج الثانية انقطعت العلاقات السعودية العراقية وتم اقفال السفارة السعودية في العراق. وقررت السعودية إنشاء مخيم رفحا للنازحين العراقيين وبنت المنازل والمدارس للبنين والبنات وافتتحت المستشفيات وتم اغلاق المخيم في 2008م.
في 2003م أعلن وزير الخارجية السعودية أن السعودية لن تقصف العراق أو تسمح باستخدام قواعدها للهجوم على العراق. مما جعل امريكا تغلق قواعدها العسكرية وتسحب قواتها الموجوده في السعودية وتنقلها إلى قاعدة العديد في قطر لتكون مقرا للقوات الأمريكية.
في عهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لم تتغير العلاقات بين العراق والسعودية للأحسن بل زادت سوءًا. اتهم المالكي الحكومة السعودية بانها تدعم الإرهاب وتزعزع الأمن في العراق، وردت السعودية بأن تهميش المالكي للسنة سبب في مشاكل العراق.
بعد دخول تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العراق ساعدت السعودية النازحين العراقيين ب500 مليون دولار أمريكي ووفرت لهم الأغذية والأدوية والمخيمات.
في أبريل 2006، وأثناء الصراع الطائفي في العراق، والمشاكل الطائفية، بدأت السعودية بإجراء مناقصة لبناء حاجز حدودي على شكل جدارأو سور عازل يصل طولة إلى 900 كيلومتر على طول الحدود لمنع دخول المتطرفين والمقاتلين إلى أرض المملكة العربية السعودية.
ولم يتم تنفيذ المقترحات حتى سبتمبر 2014، عندما تصاعدت الاضطرابات المسلحة وبزوغ الدولة الإسلامية في العراق والشام واحتلالة لقسم كبير من مناطق العراق، تم بناء الجدار العازل لمنع دخول المتطرفين إلى المملكة العربية السعودية. وهو جدار عازل يحتوي على خمسة طبقات من الاسلاك الشائكة مدعمة بـ78 برج مراقبة و سواتر رملية كذلك رادارات وكامرات مراقبة ترصد الحركة على الحدود ليلا ونهارا، وتشرف عليه 8 مراكز للقيادة والتحكم لكل مركز اتصالات منفصلة، و32 مركز للاستجابة السريعة، وثلاث فرق تدخل سريع، وأجهزة استشعار مدفونة تحت الأرض ترسل إشارات تحذيرية عن أي تحركات مشبوهة، والجدار مزودا بكابل من الألياف الضوئية طوله 1450 ألف متر، ومرتبط مباشرة مع وزارة الداخلية السعودية. و 10 مركبات متحركة للمراقبة، وتوزيع أكثر من 30 الف جندي على طول الشريط الحدودي.
تطور العلاقات بين البلدين
وبعد ان أصبح حيدر العبادي رئيسا أعلن انه مستعد أن يتنازل عن كل الخلافات وأن يتحرك إلى الأمام في العلاقات مع دول الجوار.
تحسنت العلاقة بشكل بسيط في فترة رئاسة حيدر العبادي للعراق. فبعد وفاة الملك عبدالله أرسل حيدر العبادي برقية تعزية إلى السعودية. ثم أصبح ثامر السبهان أول سفير تعينه المملكة في العراق بعدما أعادت السعودية فتح سفارتها في بغداد في ديسمبر 2015 بعد انقطاع 25 عام. وزار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بغداد في فبراير 2017، وهي أول زيارة لوزير خارجية سعودي للعراق منذ 27 عام.
وفي يوليو 2017م أكد كاظم فنجان الحمامي وزير النقل العراقي بإعادة فتح منفذي عرعر وجميمة الحدوديين مع السعودية في سبتمبر 2017م مع عيد الأضحى، كما سيتم إعادة تشغيل خط سكة الحديد بين السعودية والعراق، الأمر الذي سيعزز الحركة الاقتصادية بين البلدين، وستبدأ حركة الطيران والسفن بشكل مباشر بين السعودية والعراق والتي توقفت منذ الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990م.
وفي 30 يوليو 2017م لبى مقتدى الصدر دعوى رسمية له لزيارة السعودية هي الأولى منذ أخر زيارة قام بها للرياض قبل 11 عاماً، وقد التقى بالأمير محمد بن سلمان، في جدة تم في اللقاء استعراض العلاقات السعودية العراقية، وعدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
في أبريل 2019م زار رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الرياض وقد رافقه وفد كبير ومسؤولون حكوميون ونواب ومحافظون ومستشارون ورؤساء هيئات ورجال أعمال. جرى خلالها توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين مختلف وزارات البلدين، والتباحث في فتح المنافذ الحدودية.
العلاقات التجارية بين السعودية والعراق
18 نوفمبر 2020، افتتاح معبر عرعر الحدودي مع السعودية بشكل رسمي، أمام التبادل التجاري بين البلدين.
5 مايو، 2021، أخذت العراق إذن لافتتاح مصرف أهلي في السعودية.
24 يناير 2022: انطلاق ملتقى الأعمال السعودي العراقي في الرياض.
وتعتبر السعودية والعراق من أكبر مصدري النفط في منظمة أوبك، وقد تأثر البلدان بشكل كبير بعد الانخفاض الحاد في أسعار الذهب الأسود والذي بدأ العام 2014.