هل تتحول المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لحرب قبلية؟
بعد مرور نحو ستة أسابيع من الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بات الخطر الماثل الذي لا يتمناه السودانيون هو أن تأخذ الحرب بعداً قبلياً وإثنياً.
وتستند تلك المخاوف والقلق وسط معارك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى أكثر من مؤشر، على سبيل المثال لا الحصر، إعلان قبائل أو من يدعون تمثيلها، على الأصح، مساندتهم لطرف من الأطراف واستعدادهم لتجهيز المقاتلين للمشاركة معه في القتال باسم القبيلة.
وحدث ذلك في دارفور، حيث دعمت قبائل كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث أعلنت قبيلتان تأييد “الدعم السريع” التي يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي”، فيما ظهر أفراد في تجمهر يحملون أسلحة نارية ويؤكدون استعدادهم للقتال مع الجيش في مناطق أخرى وسط السودان، عدا عن مسيرات قبلية داعمة للجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان في عدد من ولايات البلاد.
كما عمدت قوات الدعم السريع إلى تكرار الحديث عن استهداف للمواطنين على أساس عنصري يتم في الخرطوم، مثل التوقيف في نقاط ارتكاز على أساس الهوية.
وفي مدينة الرهد غربي البلاد، وبعد معارك طاحنة بين الجيش و”الدعم السريع” وما تلا ذلك من عمليات نهب وسلب للممتلكات خرجت واحدة من القبائل في بيان عدّت ما جرى بأنه استهداف لها كقبيلة، وتوعدت بالرد.
وحذرت لجنة محامي الطوارئ، في بيان، من “التجييش القبلي والعرقي ودعت المجتمع المدني والأهلي لإدانة ومحاصرة مثل هذه الدعوات المسمومة”، كما دانت صمت طرفي النزاع عن تلك الدعوات، “ما يشي بقبولهما لها، الأمر الذي يهدد السلم المجتمعي ويأخذ الحرب إلى مربعات لا يمكن العودة منها”، بحسب ما جاء في بيان لجنة محامي الطوارئ.
قالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية، عن الإشتباكات القبلية بغرب دارفور أثناء الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إن 52 على الأقل قتلوا في هجمات "ميليشيات" مسلحة تسليحا قويا على الأحياء السكنية في مدينة الجنينة، بالإضافة إلى مستشفاها الرئيسي وسوقها الرئيسية والمباني الحكومية، وعدة ملاجئ للنازحين الداخليين.
قام رجال ميليشيات من قبائل عربية بدوية دخلوا مدينة الجنينة، حيث تسبب القتال بين قوات الدعم السريع والجيش في فراغ أمني في الأيام القليلة الماضية، وسط مخاوف من أن تسوء الأوضاع الأمنية أكثر، ومسلحون من قبيلة المساليت تصدوا لهم، وامتدت الاشتباكات عبر المدينة، وتجدد الإشتباكات القبلية بغرب دارفور مما تسبب في موجة نزوح جديدة.
تقع الجنينة التي تشهد الإشتباكات القبلية بغرب دارفور في أقصى غرب السودان، أثناء معارك الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وشهدت نزاعات قبلية متكررة في السنوات القليلة الماضية مما أدى إلى طرد سكان من منازلهم مرات كثيرة.
يبدو أن التركيبة السكنية في مدينة الجنينة بأكملها هي محفزٌ اساسيٌ لتنامي ظاهرة العنصرية، حيث أن منطقة “احياء الجبل” التي تشهد الاشتباكات القبلية بغرب دارفور، يبدو انها تم تخطيطها على اساس قبلي، ففي كل مربع تسكن قبيلة معينة، حيث تتمركز قبيلة المساليت في مربعات “2 ،5 ،7 ،15” اما القبائل العربية فيكثر تواجدها في مربعات “1 ،3 ،4 ،6 ،8” وبهذه التوزيعة السكنية، أصبحت بعض المناطق وكأنها معزولة تماماً عن سيادة حكم السودان، والدخول إليها والخروج منها محكوم بقوانين المسلحين القبليين.
قرر الاجتماع الطارئ الذي عقده حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي بالفاشر مع ولاة دارفور ان يقوم الولاة برئاسة حاكم الإقليم بزيارة عاجلة إلى الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور بإستصحاب المتطوعين من الكوادر الطبية والإدارات الأهلية والمنظمات الوطنية والمبادرون للوقوف ميدانيا علي الأوضاع الأمنية والإنسانية، والعمل مع سلطات الولاية لنزع فتيل الازمة واستتباب الأمن وتحقيق السلام بعد الأحداث الدموية التي شهدتها الولاية على مدار الأيام الماضية .