“عدو عدوي صديقي”.. مبرر التواجد الإيراني في أفغانستان
يعد الوضع الأمني المتدهور للحكومة الأفغانية، والخسارة المتتالية للأراضي لصالح حركة “طالبان”، فرصة لإيران لزيادة نفوذها المحلي وتسجيل نقاط ضد الولايات المتحدة.
ففي أوائل الشهر الجارى، استضافت وزارة الخارجية الإيرانية وفدَين من الحكومة الأفغانية وحركة “طالبان” في محاولة سريعة لسد الفجوة الدبلوماسية التي أحدثها رحيل القوات الأمريكية مع التعبير أيضاً عن مخاوفها الأمنية.
التواجد العسكري الإيراني
وبالإضافة إلى الدبلوماسية، تقوم طهران بتعزيز انتشارها العسكري على الحدود الأفغانية “الحرس الثوري الإيراني” والقوات المسلحة الوطنية “أرتيش” يتم نقلها إلى الحدود، وتشمل هذه دبابات القتال الرئيسية وناقلات الجنود المدرعة وأنظمة المراقبة وأصول الدعم.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت بعض التقارير أن القوات الجوية وضعت بعض طائراتها المقاتلة المتواجدة في الجهة الشرقية من البلاد في حالة تأهب قصوى.
ورغم أن قوات “أرتيش” تولت المسؤولية الدفاعية عن الحدود مع أفغانستان التي يبلغ طولها 945 كيلومتراً منذ عام 2018، إلّا أن طهران قد تنظر أيضاً في خياراتها الهجومية هناك. وستقود وحدات مجهزة بشكل أفضل من «الحرس الثوري الإيراني» أي حملة كبيرة داخل أفغانستان، بدعم من عناصر «فيلق القدس»
حرص إيراني على المذهب الشيعي فى افغانستان
يحرص القادة الإيرانيون على حماية المجتمعات المسلمة الشيعية في أفغانستان، خاصة الآن بعد أن استولت حركة “طالبان” السنية على أول مدينتين شيعيتين لها في محافظة باميان في وقت سابق من هذا الشهر.
ومن جهة أخرى، يبدو أنه قد طُلب من عناصر «فيلق القدس» إدارة تفادي التضارب مع وحدات “طالبان” من أجل تجنب ما يشبه حادثة مزار الشريف حيث اقترب الطرفين من شن حرب مفتوحة 1998
وقُتل ثمانية من عناصر «فيلق القدس» ومراسلاً في القنصلية الإيرانية في مزار الشريف، مما أوشك على أن يقود طهران إلى شن اقتحام عسكري انتقامي. ووفقاً لخطة وضعها قائد «فيلق القدس» الراحل قاسم سليماني بالتعاون مع “التحالف الشمالي” الأفغاني، كان على القوات الإيرانية الاستيلاء على هرات وجرّ موارد “طالبان” إلى هناك، مما يمكّن “التحالف” من الاستيلاء على كابول ثم الارتباط بالإيرانيين في هرات لكن العملية توقفت في النهاية لأسباب مختلفة، شملت مخاوف لوجستية وسياسية.
النوايا الإيرانية
في الوقت الحالي، يبدو أن طهران تدرس ثلاثة خيارات رئيسية لتجنب زعزعة الاستقرار الخطيرة في أفغانستان وتعزيز مصالحها هناك، دعم سيطرة طالبان سراً أو علناً مع التوصل إلى اتفاقيات تكتيكية واستراتيجية مع الحركة من أجل احتواء أنشطتها، أو شن حرب بالوكالة ضد الجماعة أو التدخل مباشرةً.
إيران وطالبان
وتحترم طهران صمود “طالبان”؛ وعلى الرغم من اختلافاتهما الإيديولوجية، إلّا أن لديهما الكثير من القواسم المشتركة، التي تشمل وجهات نظرهما المتطرفة وعدائهما تجاه الولايات المتحدة. ويمكن أن يمهد هذا التقارب الطريق نحو تعاون استراتيجي مستقبلي، شرط أن تكون “طالبان” مستعدة لتقديم ضمانات موثوقة لحماية مصالح الشيعة الأفغان.
مخاوف إيرانية
ومن دون هذه التفاهمات، تخشى طهران على الأرجح من أن سيطرة “طالبان” الكاملة قد تمنح حرية أكبر للمزيد من العناصر السنية المتطرفة في أفغانستان – وعلى الأخص، يمكن للفصائل السلفية مهاجمة المجتمعات الشيعية علناً، مما يؤدي إلى تدفق كبير للاجئين إلى إيران. ومع ذلك، قد يقرر المسؤولون الإيرانيون ومسؤولو “طالبان” الحد من هذه المخاوف من خلال الحفاظ على عدم التضارب بحكم الأمر الواقع والتعاون على المستوى التكتيكي.
مخاوف أمريكا من التواجد الإيرانى في أفغانستان
وفيما يتعلق باحتمال شن هجمات على أهداف أمريكية، يمكن للعناصر الإيرانية الاستفادة من الفوضى في أفغانستان من خلال شن عمليات أو رعايتها ضد منشآت السفارة الأمريكية أو الدبلوماسيين الأمريكيين في كابول أو في أي مكان آخر.
وسلّطت مجزرة “طالبان” في 13 يوليو، التي راح ضحيتها 22 من القوات الخاصة الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة في محافظة فارياب، الضوء أيضاً على الحاجة المستمرة إلى الدعم العسكري المباشر.
وعلى وجه الخصوص، إن تنفيذ حملة جوية وحملة طائرات بدون طيار بصورة مستمرة، تنطلق من قواعد “القيادة المركزية الأمريكية”، يمكن أن تساعد الجيش الأفغاني على صد قوات “طالبان” في جميع أنحاء البلاد وإضعافها.