مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د.عبدالحفيظ محبوب يكتب: تشكيل مجلس سياسي في حضرموت من أجل الحل السياسي لدولة يمنية اتحادية

نشر
الأمصار

برعاية السعودية جرى تشكيل مجلس وطني حضرمي بعد شهر من المشاورات في الرياض التي انطلقت في 19 مايو 2023 كحامل سياسي للتعبير عن طموحات المجتمع الحضرمي بغية الخروج برؤية موحدة بشأن مستقبل المحافظة النفطية في إطار ترتيبات الحل النهائي للنزاع الدائر في اليمن مع إقرار تلك المكونات والقوى الحضرمية بالتعددية السياسية والاجتماعية في حضرموت دون فرض وصاية طرف على طرف آخر، وبما لا يهدد وحدة الصف والنسيج الاجتماعي، ويعزز قيم الشراكة العادلة، مع التزام تلك المكونات بالأهداف المشتركة مع تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، مع تحييد مؤسسات الدولة الخدمية والأمنية والعسكرية عن أي خلافات بينية من شانها الإضرار بالمصالح العامة.
سبق للرياض أن رعت مصالحة بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية المدعومة من التحالف في الرياض في 5 نوفمبر 2019 بعدما سيطر الانتقالي على عدن بالقوة العسكرية، بمشاركة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي والرئيس عبد ربه منصور هادي اتفاق الجميع بالالتزام بعدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي ووقف الحملات الإعلانية المسيئة، وأن تنضم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع في أن يشارك المجلس الانتقالي في الحل السياسي النهائي لإنهاء الانقلاب المليشياتي الحوثي، وتشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب ممن لم ينخرطوا في القتال أو المشاركة في التحريض خلال أحداث عدن وأبين وشبوة.

اليمن عانى أزمات تاريخية منذ الثورة اليمنية 1962 واستمرت حرب نحو سبع سنوات

عانى اليمن أزمات تاريخية منذ الثورة اليمنية 1962 واستمرت حرب نحو سبع سنوات أطاحت بالإمامة التي قامت بعد هزيمة الدولة العثمانية منذ عام 1918- 1962 بعد ثورة 26 سبتمبر بإعلان الجمهورية العربية اليمنية وتعاقب على الحكم يحي حميد الدين ثم أحمد بن يحي حتى محمد البدر، وظلت عدن مستعمرة بريطانية 1839-1967 وحدثت حرب أهلية دموية قصيرة لمدة أسبوعين في 1986 قام حرس الرئيس علي ناصر باغتيال نائب الرئيس ووزير الدفاع ولقي نحو 10 آلاف مصرعهم في هذه الحرب الدموية القصيرة، لكن حضرموت لم تتدخل في هذه الحرب الدموية.
قامت الوحدة اليمينة بين شطري اليمن التي ارتبطت بنهاية الحرب الباردة وتم التوقيع بين علي عبد الله صالح مع أمين الحزب الاشتراكي ورئيس جنوب اليمن حينها علي سالم البيض وتم توقيع الاتفاق على وحدة الشطرين في 30 نوفمبر 1989 وتمت الوحدة في مارس 1990 وتخلى الاتحاد السوفيتي عن تحفظاته بشأن الوحدة، وتم إعلان الوحدة في 22 مايو 1990، واعتبار علي عبد الله صالح رئيسا لليمن وعلي سالم البيض نائب لرئيس الجمهورية، لكن علي سالم البيض طالب بحكم ذاتي لجنوب اليمن وتمثيل متساو في المناصب بين الجنوبيين والشماليين خصوصا بعد اكتشاف حقول نفطية في حضرموت عام 1993 ساهم في زيادة حدة الخلاف رغم وساطة الملك حسين بن طلال إلا أن الحرب تطورت في 20 مايو 1994 وانتصرت الحكومة اليمينة على عدن في يوليو 1994.
أتت أحداث ثورة الشباب اليمينة في 11 فبراير 2011 وهي سلسلة احتجاجات شعبية اندلعت في اليمن في 27 يناير 2011 منادية برحيل صالح عندها أعلن صالح أن هلن يرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية ولن يورث الحكم لابنه أحمد في 2 فبراير لكن الأمن المركزي بدأ يستخدم العنف ضد المتظاهرين في 18 مارس ما عرف بجمعة الكرامة قتل أكثر من 52 شخص برصاص القناصة رغم ذلك حاول الثوار المحافظة على سلمية ثورتهم ولم يشكلوا مليشيات مسلحة للتصدي لقوات الأمن المركزي.
تدخلت السعودية في 3 أبريل 2011 لتهدئة ثورة الشباب اليمني عن طريق ترتيب نقل السلطة في اليمن من خلال مبادرة خليجية والتي انتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير 2012، وتشكيل حكومة مناصفة بين المعارضة والحكومة المنتخبة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي رعا حوارا وطنيا في 2013 انتهى في 25 يناير 2014 بتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم فيدرالية اثنان منها في الجنوب إقليم حضرموت وإقليم عدن، وأربعة في الشمال إقليم سبأ، وإقليم آزال، وإقليم تهامة والإقليم الجند.
باعتبار أن الفيدرالية تعالج احتكار السلطة السياسية والأمنية والاقتصادية في صنعاء، وتعالج أيضا التنمية غير العادلة، ولكل إقليم حكومة وبرلمان بدلا عن نظام الحكم المركزي، بجانب حكومة اتحادية تدير الشؤون الخارجية للبلاد والدفاع، وتم التوقيع على إطار السلم والشراكة، لكن قبل إقرار مسودة الدستور تم انقلاب علي عبد الله صالح تحت عباءة الحوثي المدعوم من قبل الحرس الثوري الإيراني، وتم احتلال صنعاء ومحاصرة الرئيس الشرعي للحكومة عبد ربه منصور هادي، لكنه استطاع الهرب إلى عدن ثم إلى الرياض، الذي فرض على الرياض القيام بعاصفة الحزم لوقف انهيار اليمن، ووقف تدخل الحرس الثوري في اليمن بدعم بقرار أممي وفق البند السابع 2216 في 2015.
تستثمر السعودية توصلها إلى اتفاق مع طهران برعاية بكين في 10 مارس 2023 الذي سيضع حدا لتدخلات إيران في اليمن، باعتباره زخم إقليمي ودولي جديد لإنهاء الحرب التي بدأت عام 2015 والتي أثمرت عن تعاون سعودي عماني إلى تبادل الاسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين بقيادة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
حققت المليشيات الحوثية بسبب الفراغات التي تركتها الشرعية مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية وعسكرية لم تكن تحلم بها الجماعة بعدما دخلت في ست حروب مع علي عبد الله صالح منذ 2004 ولم تتمكن من الخروج من جبال صعدة، وهي أكبر عقبة تواجهها السعودية نتيجة تراخي الشرعية اليمنية، ولم يكن اليمن فقط صراع بين السعودية وإيران في حرب بالوكالة، بل المسألة أكثر تعقيدا بعدما اتخذ الحوثي من الصراع الطائفي العرقي وسيلة لمشروعه السياسي الذي هدد ونسف النسيج الاجتماعي الذي ظل متعايشا لقرون طويلة، فهو على غرار الثورة الخمينية يستميت في تصدير ثورته الطائفية التي هجنها بثورة الخميني، وفرض عقيدة الولاية والحق الإلهي، فهو لا يزال يظن أنه قادر على ابتلاع اليمن، ليس هذا فحسب بل واقتلاع هويته ليصبح مجرد حوزة شيعية وتحويل الشعب إلى مجرد حشد شعبي يردد خلف زعيمهم الروحي كما الخميني صرخات ثورية لتحقيق مشروع عبد الملك الطائفي.
لذلك كان تشكيل مجلس سياسي في حضرموت اختبار لتفكيك الأزمة التي يمر بها اليمن لتحقيق المرجعيات التي توافق عليها المجتمع اليمني، وبذلك تود السعودية من الحكومة الشرعية وبقية المكونات القيام بدورهم السياسي والتنموي لتحقيق عودة اليمن إلى مكانه الطبيعي والاندماج في الإقليم.
من أجل تحقيق هذا الهدف اهتمت السعودية وقف تسليح الحوثي بالأسلحة الصاروخية التي تهدد امن السعودية من أجل استقرار أمن الخليج العربي والبحر الأحمر، وهذا ما كانت تؤكد عليه السعودية خلال مباحثاتها مع طهران عبر بغداد وسلطنة عمان لأكثر من عامين، وهو هدف رئيسي من أجل التوصل لوقف كامل ودائم لإطلاق النار في اليمن وبدء العملية السياسية بين الحكومة الشرعية اليمنية والحوثيين.