المغرب: تراجع معدل نمو التضخم لأول مرة بعد ارتفاع لست فصول متتالية
رجحت معطيات وأرقام رسمية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط استمرار تنامي الاقتصاد في المغرب خلال الفصل الثاني من 2023 عقب زيادة مسجلة بـ3,5 في المائة خلال الفصل السابق؛ بينما “يُرتقب أن يشهد النمو الاقتصادي تسارعا طفيفا خلال الفصل الثالث من 2023 (بـ3,4 في المائة حسب تغير سنوي)، مدعوما بتحسن استهلاك الأسر وتقلص وتيرة انخفاض الاستثمار”.
أحدَثُ توقعات المندوبية السامية للتخطيط، المعبر عنها في “موجز حول الظرفية الاقتصادية للفصل الثاني وتوقعات الفصل الثالث من 2023″، صدَر اليوم الخميس، فسرت وضعية الفصلَيْن معا باستمرار “تباطؤ حاد للنشاط الاقتصاد العالمي خلال الفصل الثاني من 2023 تحت تأثير تشديد السياسات النقدية”، بالموازاة مع “تراجع إنتاج التصنيع واستمرار تشديد الظروف النقدية والمالية”.
وأشارت آفاق النمو، حسب المندوبية، إلى “زيادة متواضعة للطلب الخارجي الموجه نحو المغرب مع تخفيف تدريجي للضغوط التضخمية” التي عاشها العالم والمغرب تزامنا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا (فبراير 2022).
مندوبية التخطيط بسطت الأسباب الأساسية التي حسمت تطور نمو الفصل الثاني من العام الجاري، موردة “ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية” بنسبة 6,3 في المائة، و”تحسن” طال الأنشطة غير الفلاحية بنسبة 3 في المائة.
معدل التضخم.. “تراجع طفيف”
ولأول مرة منذ 6 فصول متتالية من الارتفاع المستمر، رجحت المندوبية أنه “من المنتظر أن يتراجع معدل نمو أسعار الاستهلاك خلال الفصل الثاني 2023″، ببلوغه 7,1+ في المائة حسب التغير السنوي، عوض 9,1+ في المائة خلال الفصل السابق؛ وأرجعت ذلك إلى “انخفاض أسعار المنتجات غير الغذائية بأكثر من النصف (1,4+ في المائة) عوض 3,5+ في المائة، خلال الفصل السابق، وإلى تقلص طفيف في وتيرة نمو أسعار المنتجات الغذائية إلى 15,5+ في المائة، عوض 17,6+ في المائة خلال الفصل السابق”.
تبعا لذلك، أفادت المندوبية بتراجع “معدل التضخم الكامن” الذي يستثني الأسعار المقننة والمواد ذات السعر المتقلب، ليستقر عند 6,5+ في المائة، خلال الفصل الثاني من 2023 حسب التغير السنوي، عوض 8,2+ في المائة خلال الفصل السابق، عقب انخفاض معدل تصاعد أسعار المنتجات الغذائية غير الطازجة والمصنعة.
في المقابل، تستمر أسعار المنتجات الطازجة (مثل الخضروات والفواكه) في الارتفاع لتصل مساهمتها إلى 2,5+ نقط في تطور أسعار الاستهلاك خلال الفصل الثاني من 2023″، أوردت المندوبية معددة “ارتفاعا محسوسا في أسعار الحوامض والفواكه والخضروات الطازجة” بسبب “قلة العرض المرتبط بالمنتجات الفلاحية” الناجم عن استمرار ضعف التساقطات وارتفاع تكاليف الإنتاج والتوزيع.
بدورها، ستعرف أسعار الخدمات “ارتفاعا محسوسا يهم بالأساس خدمات النقل الجوي والمطاعم والاستشارات الطبية”.
الطلب الداخلي نحو التحسن
من المنتظر أن يعرف الطلب الداخلي تحسنا خلال الفصل الثاني من 2023، لتصل مساهمته في النمو الاقتصادي الإجمالي إلى 1,2+ نقطة، عوض 0,1- نقطة بالفصل السابق. ويعزى ذلك بالأساس إلى نمو استهلاك الإدارات العمومية بحوالي 2,8+ في المائة. كما سيعرف استهلاك الأسر زيادة متواضعة ستهم، بالأساس، بعض واردات السلع الاستهلاكية.
“تحول نحو ارتفاع الطلب الداخلي” تَعكسه، وفق المندوبية، آراء الأسر المستقاة خلال بحوث الظرفية الأخيرة التي تشير إلى تحسن طفيف للتصورات حول الآفاق المستقبلية لوضع الأسر المالي واستقرار آرائهم حول فرص شراء السلع الدائمة، خالصة إلى ترجيحه بـ”ارتفاع استهلاك الأسر بنسبة 1,5 في المائة، حسب التغير السنوي، خلال الفصل الثاني 2023، عوض 0,1 في المائة خلال الفصل السابق.
أما الاستثمار، فقد رصدت الـHCP موجة “تراجُع” للفصل السادس تواليا، على الرغم من تعزيز الإنفاق العمومي حيث سيتقلص استثمار الشركات، في ظل “توقعات تباطؤ الطلب الخارجي من السلع مع ارتفاع تكاليف التمويل”، أكدت المؤشرات الرسمية ذاتها لافتة إلى أن “المعدل المتوسط للاقتراض الخاص بالاستثمار قد شهد ارتفاعا بـ50 نقطة خلال بداية السنة مقارنة مع الفترة نفسها عام 2022”.
الفصل الثالث 2023.. تأثر “الاستثمار الخاص”
عن آفاق تطور النمو الاقتصادي الوطني خلال الفصل الثالث للسنة الحالية، قالت مندوبية التخطيط إنه “من المتوقع أن يؤثر تشديد السياسات النقدية على النشاط الاقتصادي بشكل محسوس، لاسيما الاستثمار الخاص؛ “ما سينتج عنه في العموم توقعات بتحقيق الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 3,4 في المائة، خلال الفصل الثالث من 2023، حسب التغير السنوي، عوض 1,9+ في المائة خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية.
وترتقب التوقعات أن “البنوك المركزية ستحافظ على مستويات مرتفعة لمعدلات الفائدة، كما قد تشدد معظم البلدان توجهات سياستها الجبائية للبدء في تخفيف عبء مديونيتها”؛ بينما “من الراجح أن تظل القدرة الشرائية للأسر تحت وطأة الضغوط، بسبب تأخر انعكاس تراجع أسعار الطاقة والسلع الغذائية بشكل كامل على أسعار البيع بالتقسيط”، شدد المصدر ذاته.
ومع استمرار انحسار التوترات في الأسواق العالمية للمواد الأولية، رجحت الأرقام ذاتها “تراجُع التضخم على المستوى الوطني إلى 5,4+ في المائة، خلال الفصل الثالث من 2023.
ويمكن أن ينخفض مُكونُه الكامن الذي يستثني الأسعار المقننة والمواد ذات السعر المتقلب إلى 4,8+ في المائة، بفضل تقلص أسعار المواد الغذائية والمصنعة.
سيعزز هذا التراجع، خلصت المندوبية، “استمرار تحسن الطلب الداخلي الذي ستعرف مساهمته في النمو الاقتصادي الوطني زيادة، ستصل إلى 1,5+ نقط”، مقابل تسجيل ارتفاع واضح لاستهلاك الأسر بـ1,9 في المائة؛ بينما يُنتظر أن “يستغرق الاستثمار وقتا أطول للتعافي بسبب ضعف نمو هوامش الربح بالنسبة للشركات”.