أزمة الخيَم.. توتر على الحدود اللبنانية- الإسرائيلية
تشهد الحدود اللبنانية الآن مع الاحتلال الإسرائيلي حالة من التوتر والاستنفار الأمني بين الجانبين؛ حيث أجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أعمال تجريف في منطقة كفر شوبا جنوبي لبنان، وسط انتشار القوات اللبنانية والإسرائيلية على جانبي الحدود.
تاريخ من الصراعات بين لبنان وإسرائيل
اندلعت حرب لبنان الأولى مع إسرائيل عام 1982، وفي العام 2000 انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان بعد 22 عامًا من الاحتلال، ولكنها لم تستسلم لمتطلبات لبنان بشأن الحدود البحرية والبرية.
وفي عام 2006، اندلع صراع بين البلدين بعد اختطاف حزب الله لجنديين إسرائيليين وقصفها للأراضي الإسرائيلية، واستمر الصراع لمدة 34 يومًا، وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا ودمر الكثير من البنية التحتية في البلدين.
منذ ذلك الحين، حافظت إسرائيل على احتلال جزء من الأراضي اللبنانية المتنازع عليها، واستمرت الخلافات بين البلدين حول الحدود البرية والبحرية، وعلى الرغم من الجهود الدولية لتسوية النزاع، إلا أن الخلافات ما تزال قائمة بين البلدين.
هذا وكان حزب الله نصب خياماً في مزارع شبعا اعتبرتها إسرائيل على أراضيها التي احتلتها عام ١٩٦٧ من سوريا وطالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل لإزالتها إلا أن الأمر تفاقم الى حد إطلاق حزب الله صاروخ مضاد للدروع قرب قرية الغجر على الحدود والتي اعتبرتها اسرائيل تحذيراً لها نظراً لأعمال إقامة سلاح وجدار حول البلدة المسومة بالخط الأزرق من عام ٢٠٠٠ الى شق يقع ضمن سيادة إسرائيل والثاني في الأراضي اللبنانية علماً أن إسرائيل احتلت البلدة من سوريا في حرب الأيام الستة وسكان البلدة بشقيها يحملون الهويات الإسرائيلية.
وتوجد دائمًا توترات وتطورات في العلاقات بين لبنان وإسرائيل.
وفي أبريل الماضي، شهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية تطورًا غير مسبوق منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، على خلفية إطلاق عدد من الصواريخ من لبنان في اتجاه إسرائيل تتجاوز 40 صاروخًا، بينما ردت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف المدن اللبنانية بالمدفعية الثقيلة وبشكل غاشم.
"أزمة الخيَم"
وحاليًا، أبدى لبنان استعداده لترسيم الحدود البرية مع إسرائيل فورا، على أثر توترات ما أصبح يٌعرف بـ"أزمة الخيَم"، التي نصبها حزب الله.
هذا ما أكده رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الذي قال إن بلاده على استعداد لترسيم الحدود مع الجانب الإسرائيلي، وتسعى لحل قضية الخيم دبلوماسياً.
وأضاف أنه أبلغ الأمم المتحدة استعداد حكومته للقيام بالترسيم الكامل لكل الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
ودخلت، أول أمس الإثنين، توترات الحدود الجنوبية دائرة الاتصالات الدبلوماسية برعاية الأمم المتحدة، وتولتها مع الجانب اللبناني قيادة قوات الطوارئ العاملة في الجنوب "يونيفيل".
وأشارت "نداء الوطن" إلى أن قيادة قوات "يونيفيل" نقلت مطلباً من إسرائيل بإزالة خيمة نصبها "حزب الله" قبل أسابيع في منطقة الخط الأزرق في مرتفعات شبعا.
ووفق الصحيفة، ردّ لبنان مطالباً بانسحاب إسرائيل من الجزء اللبناني من بلدة الغجر التي تقع على سفح مرتفعات الجولان المحتل، لافتة إلى أنّ "هذه التوترات فتحت نافذة على مفاوضات يجريها وسيط دولي إلى ترسيم الحدود".
من جانبها، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، أن الحراك الدبلوماسي والأمني تكثف باتجاه بيروت، لتخفيف حدة التوتر الناتج عن إجراءات إسرائيلية جديدة في القسم الشمالي من بلدة الغجر المحتلة بجنوب شرقي لبنان، وعن خيمتين نصبهما "حزب الله" في منطقة مزارع شبعا المتنازع عليها.
وبعد تسريبات إعلامية إسرائيلية تحدثت عن أن "حزب الله" أزال إحدى الخيمتين، قالت مصادر أمنية إن تلك المعلومات غير صحيحة، ولا تزال الخيمتان في موقعهما.
وتطالب إسرائيل، لبنان، عبر موفدين دوليين، بإزالة الخيمتين، وهو ما حمله رئيس بعثة قوات "يونيفيل" العاملة بجنوب لبنان وقائدها العام اللواء آرولدو لاثارو إلى المسؤولين اللبنانيين أمس.
وقالت مصادر لبنانية مواكبة للقاءات لاثارو لـ"الشرق الأوسط"، إن الواضح من حركته أنه يحمل رسالة إسرائيلية إلى بيروت تتضمن طلباً بإزالة الخيمتين اللتين نصبهما "حزب الله"، لكنه قوبل بردّ لبناني بأن الخيمتين تقعان على أراضٍ لبنانية.
وأضافت المصادر: "أُبلِغَ بأنه بدلاً من البحث في الخيمتين، فليتم الشروع بعملية ترسيم كاملة للحدود البرية، وإنهاء هذا الملف بالكامل".
وطبقا للصحيفة، زار الجنرال لاثارو، أول أمس الإثنين، كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي التقى مع القائد العام لـ"اليونيفيل"، بحضور وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، كما التقى قائد الجيش العماد جوزيف عون.
اقتراح أمريكي لحل أزمة خيام "حزب الله" على الحدود
وكشف تقرير صادر عن دولة الاحتلال، أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قدمت اقتراحا للاحتلال لحل أزمة الخيمة التي نصبها "حزب الله" اللبناني داخل منطقة حدودية يدعي الاحتلال أنها تقع في نطاق سيادته، في إشارة إلى منطقة مزارع شبعا.
وأفاد التقرير الذي أوردته القناة 12 العبرية، بأن العرض الأميركي يشمل إقدام "حزب الله" على تفكيك "الخيمة العسكرية"، مقابل توقف سلطات الاحتلال عن بناء سياج حدودي وعائق أمني في محاذاة قرية الغجر الحدودية، والذي يقع جزء منه في الجانب اللبناني.
ويعتبر "حزب الله" أن بناء العائق الأمني في المنطقة يشكل انتهاكًا للسيادة اللبنانية، في حين تشير تقديرات الاحتلال إلى أن موقف حزب الله من أعمال بناء الاحتلال في المكان، يفسر إطلاق قذيفتين باتجاه هذه المنطقة، يوم الخميس الماضي، سقطت إحداها في الاراضي المحتلة.
وأشار التقرير إلى أن حزب الله سيوافق على تفكيك الخيمة إذا ما أوقف الاحتلال عمليات بناء الجدار في الغجر.