أسباب تزايد أعداد المُهاجرين السودانيين على الحدود الليبية التونسية
بدأت كُل من "ليبيا وتونس" تشعران بتداعيات الحرب الأهلية في "السودان"، إذ تتواصل تدفقات المهاجرين على حدود البلدين، وسط سجالات سياسية محلية وجدل حقوقي دولي.
وتُؤكد تقارير إعلامية دولية أن المئات من المهاجرين وطالبي اللجوء، بمن فيهم الأطفال، تقطعت بهم السبل في مناطق عسكرية عازلة على الحدود التونسية الليبية، إذ لم يعد بمقدورهم دخول تونس أو الرجوع إلى ليبيا.
ويُعاني هؤلاء اللاجئون وبينهم هاربون من ويلات الحرب السودانية من غياب المساعدات الضرورية في مناطق عازلة على الحدود.
الفارون من السودان:
ووفقًا لتقرير نشره موقع "آراب نيوز" (Arab News) الناطق بالإنجليزية، فإن "أزمة إنسانية تتكشف بسرعة" في المناطق القاحلة على الحدود بين ليبيا وتونس، مشيرا إلى أن المهاجرين الفارين من العنف والاضطهاد وجدوا أنفسهم "عالقين في طي النسيان وغير قادرين على دخول ليبيا أو العودة إلى تونس".
وزاد من حدة أوضاعهم عدم الحصول على الطعام أو الماء أو المأوى أو المساعدة الطبية، إذ "مُنعت وكالات الأمم المتحدة من الوصول إلى الموقع لتوزيع المساعدات".
وأضاف المصدر نفسه أنه "تم القبض على العديد من المهاجرين في مداهمات للشرطة في مدينة صفاقس التونسية الساحلية، جنوب شرق العاصمة تونس، ونقلهم الحرس الوطني والجيش لمسافة 300 كيلومتر إلى بن قردان، ثم اقتيدوا بعد ذلك إلى الحدود مع ليبيا".
ووفقًا للأمم المتحدة، فقد أدت الاشتباكات الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل إلى نزوح أكثر من 2.2 مليون داخليا، بينما فر نحو 700 ألف نحو البلدان المجاورة.
ويسعى المئات من الفارين إلى الوصول لأوروبا عبر ليبيا وتونس.
ونقلت الصحيفة عن مهاجر سوداني يدعى، محمد أحمد يعقوب، قوله إنه هرب من صفاقس قبل بدء المداهمات بفترة وجيزة، مردفا "جئت إلى تونس بحثًا عن الأمان، لكن بدلاً من ذلك، وجدت نفسي في مواجهة العنف والعداء".
عالقون على الحدود:
لكن ليبيا الغارقة في الفوضى الأمنية والسياسية غير قادرة على حماية المهاجرين، بينما تصاعدت التوترات بين الأهالي والمهاجرين في تونس.
وزاد من حدة هذه التوترات صدامات أودت بحياة مواطن تونسي في الثالث من يوليو، ما تسبب في طرد عشرات المهاجرين الأفارقة من صفاقس.
وتدخلت منظمة الهلال الأحمر التونسي، الأحد، في محاولة لإنقاذ المهاجرين العالقين في المنطقة العسكرية العازلة قرب رأس جدير، مشيرة إلى أنها استطاعت إجلاء "ما مجموعه 630" شخصا بين الأحد والإثنين.
ونقل العديد من المهاجرين، بينهم عدد من الأطفال، إلى مدرسة في مدينة بن قردان على مسافة 40 كيلومترا غرب رأس جدير، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية.
وانتشر خطاب الكراهية تجاه المهاجرين بشكل متزايد منذ أن أدان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، الهجرة غير النظامية في فبراير الفائت واعتبرها تهديدا ديموغرافيا لبلاده.
وناشدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، الإثنين، السلطات الليبية من أجل السماح للمنظمات المعنية - المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة - بمقابلة ومساعدة المهاجرين العالقين.
ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن دوريات حرس الحدود الليبيين أنقذت، الأحد، عشرات المهاجرين الذين عثرت عليهم في الصحراء قرب الحدود مع تونس بدون ماء وطعام ومأوى.
مذكرة أوروبية تونسية:
ووقعت تونس الأحد مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لإرساء "شراكة استراتيجية" تشمل دعما بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية.
وتنص المذكرة على "تطوير نظام لتحديد وإعادة المهاجرين غير الشرعيين الموجودين بالفعل في تونس إلى بلدانهم الأصلية".
وجاء توقيع الاتفاق على هامش زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيسة مجلس الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، والوزير الأول الهولندي، مارك روته، إلى هذا البلد المغاربي.
وقال الرئيس سعيّد "يجب أن تكون هذه المذكرة مشفوعة في أقرب الأوقات بجملة من الاتفاقيات المُلزمة انطلاقا من المبادئ التي وردت فيها"، مضيفا "ما أشد حاجتنا اليوم إلى اتفاق جماعي حول الهجرة غير الإنسانية وحول عمليات التهجير التي تقف وراءها شبكات إجرامية".
وتهدف الاتفاقية إلى منع عبور المهاجرين غير القانونيين من السواحل التونسية نحو السواحل الأوروبية، ومكافحة المهربين وتسهيل عودة المهاجرين إلى تونس من دول الاتحاد الأوروبي.
ولم تكشف السلطات عن الكثير من التفاصيل عن فحوى الاتفاق بين الطرفين.
غير أن الباحث بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (مستقل)، منير بن حسين، أشار إلى أن "بعض التسريبات تحدثت عن جعل تونس مركزا لقبول المهاجرين غير النظاميين الذين يتم اعتراضهم في البحر أو الذين يصلون إلى إيطاليا انطلاقا من سواحل البلاد".