في ذكرى وفاته.. لمحات من حياة المخرج الراحل يوسف شاهين
يعتبره الكثيرون أفضل مخرجي مصر في القرن العشرين، ترعرع في الإسكندرية والتحق بكلية فيكتوريا ثم سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة السينما في معهد باسادينا المسرحي لمدة عامين، وعند عودته قام بإخراج أول فيلمٍ له بعنوان “بابا أمين” سنة 1950، الذي كان فيلمًا غنائيًا استعراضيًا من بطولة فاتن حمامة وحسين رياض، يوسف جبرائيل شاهين، والذي وُلد لأسرةٍ كاثوليكيةٍ متوسطة الحال في 20 يناير 1926.
فيلم بالأبيض والأسود.. صور يوسف شاهين، حياة شخصٍ بعد الموت، واعتمد على الفانتازيا التي كانت غريبةً في عالم السينما آنذاك. ولم يكتفِ شاهين بالإخراج، فقد كان له ظهورٌ في عالم التمثيل والسينما في فيلم “اسماعيل ياسين في الطيران”، وعلى الرغم من مشاهده القليلة، إلّا أنّه حظي بشهرةٍ كبيرة لجملته المعروفة: “هايل يا سُمعة، كمان مرّة.. عايز ضرب واقعي”.
أما بالنسبة لفيلمه “إسكندرية… ليه!” الذي أُنتج عام 1978 من كتابته هو ومحسن زايد، فقد كان أول فيلمٍ يروي سيرته الذاتية، لكن لم يقتصر الموضوع على ذلك، فقد عرض الفيلم أسلوب الحياة في الإسكندرية في فترة الحرب العالمية الثانية أيضًا، تناول الفيلم قصة يحيى الذي أحب التمثيل وقصة حب إبراهيم مع سارة الفتاة اليهودية، كما تناول العديد من المواضيع الأخرى وحمل الكثير من الرسائل، وذلك من خلال القصص المختلفة التي سخّرها لإيصال فكرته.
استمر شاهين، على نفس النمط في أفلامه اللاحقة التي حملت عناوين مثل “حدوتة مصرية”، “اسكندرية كمان وكمان” و”اسكندرية نيويورك “مثّل شاهين في العديد من الأفلام التي أخرجها مثل فيلم “باب الحديد” والذي كان فيلمًا دراميًا من إنتاج جبرائيل تلحمي عام 1958، جسّد فيه شاهين دور البطولة بشخصية “قناوي” بائع الجرائد المخبول الذي كان مغرمًا بـ”هنومة” التي نوت الزواج من أبو سريع، ولإبطال الزواج قرر قناوي قتل هنومة انتقامًا منها، لكنه يقتل فتاةً أخرى عن طريق الخطأ فيحاول إلصاق التهمة بأبي سريع خطيب هنومة. وفي نهاية الأمر يُلقى القبض على قناوي باعتباره مريضًا نفسيًا.
حقّق الفيلم نجاحًا كبيرًا وتلقى مراجعاتٍ ممتازة من قبل النقاذ الذين صنفوه في المرتبة الرابعة بين أنجح مئة فيلمٍ في السينما المصرية.
عمل يوسف شاهين خلال عامي 1964 و1968 خارج مصر وذلك بسبب خلافه مع بعض رموز النظام، فقد كان معارضًا لحكم جمال عبد الناصر. ظهر موقفه جليًا في الكثير من أفلامه مثل فيلم “العصفور” سنة 1973، والذي يتحدث عن مرحلة الهزيمة بعد حرب 1967، وتدور قصة الفيلم عن رؤوف أبو خطوة وعصابته التي طاردتها الشرطة في صعيد مصر
في عام 1992، عرض شاهين مسرحيته “كاليجولا” لألبير كامو بعد أن عرض عليه جاك لاسال أن يقدم مسرحيةً من اختياره من الكوميديا الفرنسية وحققت نجاحًا كبيرًا. وفي عام 1994 ألهمته شخصية النبي يوسف ابن يعقوب لكتابة فيلم “المهاجر” وكان الفيلم أمنيةً تتحق لشاهين الذي رغب بشدةٍ في صنع عملٍ كهذا ومُنع لاحقًا من العرض بسبب تناوله لقصةٍ مقتبسةٍ من حياة يوسف الصديق.
ورفض الزعيم عادل إمام، العمل معه مبررًا ذلك في حوار أرشيفي لجريدة الأهرام عام 1990 قائلًا: “صعب أن أعمل مع يوسف شاهين لأنه لا بد وأن أفهم ماذا أعمل؟ وجمهوري عريض ومن حقه علي أن يفهم ماذا أقدم أو أنا باعمل إيه.. ويوسف شاهين لم يأت لي بأي أوراق كي أدرسها، فكيف أقدم عملا من وجهة نظر واحدة؟ أعتقد أنه صعب”.
أُصيب يوسف شاهين بنزيف في المخ ودخل بتاريخ 16 يونيو 2008 في غيبوبة في مستشفى الشروق في القاهرة، نقله صديقه المخرج خالد يوسف، بواسطة طائرة خاصة إلى فرنسا لمتابعة علاجه في مستشفى الجامعة الأمريكية في باريس، ولكن بسبب حالته الحرجة أعيد إلى مصر وعانى من غيبوبةٍ لمدة ست أسابيع حيث توفي في فجر يوم الأحد في 27 يوليو 2008 عن عمر يناهز الـ82 عاماً في مستشفى المعادي للقوات المسلحة في القاهرة ودفن جثمانه في مقابر الروم الكاثوليك بالإسكندرية.
حصل على جائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي عن فيلمه “إسكندرية… ليه!” عام 1979
حصل على جائزة أفضل تصوير من مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم “إسكندرية كمان وكمان” في عام 1989.